منتديات إسلامنا نور الهدى
الهجرة أسرار وأنوار 24dhvkk
منتديات إسلامنا نور الهدى
الهجرة أسرار وأنوار 24dhvkk
منتديات إسلامنا نور الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات إسلامنا نور الهدى

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ
 
الرئيسيةمنتديات اسلامناأحدث الصورالتسجيلدخول

عن النبي صلى الله عليه وسلم : من قال في أول يومه أو في أول ليلته(بسم الله الذي لم يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة)للأستزادةوالشرح قسم الحديث الشريف بالمنتدى-مع تحيات الهوارى-المراقب العام

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين،وأصلح لي شأني كله،لا إله إلاأنت.مع تحيات الهواى المراقب العام

لا إله إلا الله العظيم الحليم،لا إله إلا الله ربّ السّموات والأرض،وربّ العرش العظيم.

يا مَن كَفاني كُلَّ شَيءٍ اكفِني ما أَهَمَّني مِن أمرِ الدُّنيا والآخِرَة، وَصَدِّق قَولي وَفِعلي بالتَحقيق، يا شَفيقُ يا رَفيقُ فَرِّج عَنِّي كُلَّ ضيق، وَلا تُحَمِلني ما لا أطيق.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ وَأَعُوذُبِكَ مِنَ التَرَدِّي،وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الغَرَق وَالحَرْقِ وَالهَرَمِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَيْطَانُ عِنْدَالمَوْتِ وَأَعُوذُبِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيِلِكَ مُدْبِرَاً.


يا أهل مصر, نصرتمونا نصركم الله،وآويتمونا آواكم الله،وأعنتمونا أعانكم الله،وجعل لكم من كل مصيبة فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا"ستظل هذه الدعوات المباركات حصنًا وملاذًا لكل المصريين فقدحظيت مصر بشرف دعاء السيدة زينب بنت الأمام على رضي الله عنها لأهل مصر عندما قدمت إليها- مع تحيات الهوارى المراقب العام بالمنتدى

عن السيدة أسماءابنةعميس قالت علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب(الله,الله ربي لا أشرك به شيئاً(


اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالعَجْز وَالكَسَلِ وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ وَضَلْع الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ وَدَرْكِ الشَقَاءِ،وَسُوءِ القَضَاءِ وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ

منتديات إسلامنا نور الهدى عن عبدالرحمن بن أبى بكرة أنه قال لأبيه:يا أبت أسمعك تدعو كل غداة:اللهم عافني في بدني ,اللهم عافنى في سمعي,اللهم عافني في بصري,لا إله إلا أنت,تعيدها ثلاثاً حين تصبح وحين تمسي فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأنا أحب أن أستن بسنته

منتديات إسلامنا نور الهدى:أرسى النبي محمد مبادئ الحجرالصحي للوقاية من الأوبئة ومنع انتشارها حيث قال في حديثه عن الطاعون: "إِذا سمعتم به بأرضٍ؛ فلا تقدموا عليه، وإِذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فرارًا منه"، كما أنّ هناك نص قرآني صريح في سورة البقرة الآية 195"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"بالإضافة للحديث النبوي"لا ضرر ولا ضرار"ومن هنا نستنتج أن الوقاية من الوباء واتخاذ الإجراءات الوقائية هي أمر شرعي لا بد منه وقد نصحنا النبي محمد باتخاذ الإجراءات الوقائية لأنفسنا وأيضًا للأدوات التي نستخدمها فحسبما ورد عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صل الله عليه وسلم )غطوا الإناء،وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء،أوسقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء)وعن أم المؤمنين السيدة عائشة،رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله إذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه، ثم يأكل أو يشرب،وعن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال:كان رسول الله إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه".إذًا فمبادئ الوقاية من الأوبئة والأمراض قد أقرها النبي محمد وهي واجب شرعي يجب على كل مسلم القيام به سواء كان اتباع إجراءات الوقاية الشخصية والحفاظ على النظافة وعدم نقل العدوى وأيضًا الالتزام بالحجر الصحي.

تٌعلن إدارة منتديات إسلامنا نور الهدى عن طلب مشرفين ومشرفات لجميع الأقسام بالمنتدى المراسلة من خلال الرسائل الخاصة أو التقدم بطلب بقسم طلبات الإشراف .. مع تحيات .. الإدارة

 

 الهجرة أسرار وأنوار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 03, 2012 1:16 pm

االهجرة أسرار وأنوار (1)

************

مع مطلع العام الهجري

***********

االحمد لله الفتاح العليم، هو الأول بلا بداية، و الآخر بلا نهاية.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أولٌ قبل كُلِّ أول، وآخرٌ بعد كُلِّ آخر.

(هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

(3-الحديد)

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، نور الله الساطع، وبرهانه القاطع، وحجته الظاهرة.

االلهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لكل فضل، والباب لكل خير، وآله وصحبه،

وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين، آمين. (أما بعد)

فيا إخواني ويا أحبابي:

فإن لكل مؤمن هجرة في مناسبة الهجرة، وهجرة المؤمن في هذه المناسبة الكريمة هي في قوله صلى الله عليه وسلم:

{ المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ، والمُؤمِنُ مَنْ آمِنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ –

يعني: شروره وآثامه - والمُهَاجِرُ مَنْ هَجرَ مَا نََهَى اللهُ عنه } .

فالمؤمن في نهاية العام وبداية عام جديد، لابد له من وقفة مع نفسه،

يقلّب صفحات العام الماضي أمام عينيه، فما وجد فيها من عملٍ حسن شكر الله عزَّ وجلَّ عليه

وسأله أن يزيده منه، وما وجد فيه من عمل فيه إثم أو وزر، أو غفلة أو جهالة -

سواء كان عن قصد أو عن غير قصد - تاب إلى الله عزَّ وجلَّ منه

وسأله أن يسعه بواسع مغفرته، وشامل رحمته عزَّ وجلَّ.

ولذلك كان دأب السلف الصالح - رضى الله عنهم - أن يجعلوا اليوم الأخير من العام كلَّه

للتوبة والاستغفار مما مضى من الذنوب والآثام، فلا تَكِلُّ ألسنتُهُم من الاستغفار،

وتقف أفئدتهم وقلوبهم على باب التواب الغفار،

تسأله بقلوب منكسرة وأبدان خاشعة غفران ما مضى، والعفو عما سلف،

ويضرعون إليه أن يوفقهم فيما بقى من الأوقات والأيام والأنفاس.

وكانوا يحرصون أن تكون نهاية العام خيراً وبدايته خيراً، فتطوى صحف العام الماضي بالأعمال الصالحة.

فيجعلون الليلة الختامية للعام مع الله .. في كتاب الله، أو في عبادة واردة في كتاب الله،

أو مأثورة عن سيدنا رسول الله، أو على الأقل يمسكون ألسنتهم في هذه الليلة عن الخنا والفجور

وقول الزور، واللغو - فضلاً عن الغِيبَةِ والنَّمِيمَة، وما شابه ذلك - لقوله صلى الله عليه وسلم:

{إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا}

فإذا ختم العام بخير لعل الله يأتي على ما فيه من ذنوب وسيئات - فيمحوها، بل ربما يبدِّلُها -

كما قال عزَّ شأنه - بحسنات:

(فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)

(70-الفرقان).

وقد قال صلى الله عليه وسلم حديثاً عظيماً، وأصلاً كريماً، وعملاً سهلاً يسيراً على كل مؤمن،

فقال صلى الله عليه وسلم :

{إذا قال العبد المؤمن: لا إله إلا الله، ذهبت إلى صحيفته فَمَحَتْ كل سيئة تقابلها، حتى تجد حسنة تقف بجوارها}

يعنى: ما بينها وبين العمل الصالح المسجل في صحيفتك تمحوه،

أي أن: لا إله إلا الله تمحو ما قبلها من الخطايا.

ويفتتحون هذا العام بالصيام لقوله صلى الله عليه وسلم:

{ أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللّهِ الْمُحَرَّمُ }

ولا شك أن العمل الذي بدايته الصيام عمل ناجح وصالح على الدوام، لما ورد فى الأثر

{إذا أحب الله عبداً وفقه لأفضل الأعمال في أفضل الأوقات}

وكان بعضهم يفتتح في هذا اليوم القرآن الكريم ولا يتركه حتى يأتي على نهايته.

ومن كان يعلم من نفسه العجز كان يقرأ في صبيحة ذلك اليوم بسم الله الرحمن الرحيم

مائة وأربع عشرة مرة - يعني بعدد سور القرآن الكريم - ويكثر من قراءة سورة الإخلاص،

لأنه ورد في الحديث الشريف: (أنها ثلث القرآن).

وكان كثير منهم يصلي في هذه الليلة أو هذا اليوم صلاة التسابيح،

لوصية رسول الله لعمِّه العباس في شأنها، حيث قال له صلى الله عليه وسلم:

{يَا عَبَّاسُ يَاعَمَّاهُ أَلاَ أُعْطِيكَ؟ أَلاَ أَمْنَحُكَ؟ أَلاَ أَحْبُوكَ؟ أَلاَ أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ

إذا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ الله لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطْأَهُ وَعَمْدَهُ،

صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلاَنِيَتَهُ، عَشْرَ خُصَالٍ:

أَنْ تُصَلِّي أَربَعَ رَكَعَاتٍ ثم وصفها له وقال له في نهايتها:

إنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيهَا في كلِّ يَوْمٍ فَافْعَلْ، فإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فإِنْ لَمْ تَفْعَل فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً،

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً } .

فكانوا يبدأون العام بهذه الصلاة طلباً لمغفرة الله، ورجاءاً فيما عند الله عزَّ وجلّ.
أ
أما الهجرة التي يهاجرونها؛ فإن كل مؤمن في هذا العام الجديد يراجع نفسه،

ويطابق أوصاف نفسه، على ما ورد عن الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم

من ناحية الأخلاق والعبادات والعادات والمعاملات،

فإن وجد في نفسه خُلُقاً لا يتطابق مع الشمائل المحمدية هَجَرَه، وكان في ذلك هجرته!!!

وانتقل إلى الأفضل والأعظم، بمعنى: إذا وجد في نفسه شيئاً من الكِبْر -

ومن صفات الحبيب صلى الله عليه وسلم التواضع - هجر الكبر،

وسارع إلى التخلق بالتواضع لله عزَّ وجلّ. ويحثه على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:

{لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ.

قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً.

قَالَ: إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ}

يعني: عدم الاعتراف بالحق مع التلبس بالباطل - يعني يرى الإنسانُ نَفْسَهُ مخطئاً ولا يعترف بخطئه

ويُصِرُّ أنه على صواب - لأن الاعتراف بالحق فضيلة. وهذا مرض قد شاع وانتشر في عصرنا وزماننا!!

فإن المرء يعرف ويتيقن أنه على خطأ، ولكنه يكابر ويجادل ويرفض الاعتراف بذلك،

وليس هذا من شرع الله ولا من دين الله - في قليل أو كثير- بل هو كما نعى على أهله الله:

(أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)

(206-البقرة)

لأن المؤمن يعترف بخطئه ولو كان مع طفل صغير، فضلاً عن امرأة أو صبي،

أو أخ أو مسلم مهما كان شأنهن فإن الاعتراف بالخطأ يمحو الضغينة في قلوب الآخرين،

ويستل الحقد من قلوب الآخرين، لأن اعتراف الإنسان يكون بمثابة غسيل لقلوب الآخرين:

(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)

(47-الحجر).

وكذا إن كان يجد في نفسه غلظة بدَّلها بالشفقة والرحمة، وجعل قدوته قول الله:

(َبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)

(159-آل عمران)

وإن وجد في نفسه شُحًّا عالجه بالكرم المحمدي، وإن وجد في نفسه عَجَلَةً عالج ذلك بالحلم النبوي.

وهكذا ينظر في أخلاقه، ويقيسها بشمائل وصفات وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتلو في ذلك -

بعمله لا بلسانه - قول الله عزَّ وجلّ:

(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)

(21-الأحزاب).

وقس على ذلك بقية الشمائل والأخلاق. ثم ينتقل إلى عباداته، فإن وجد في عباداته تكاسلاً أو تراخياً،

أو قلَّة إخبات وخشوع وخضوع، رجع إلى نفسه ليصلح من شأنه. فإن وجد نفسه يصلي الصبح بعد شروق الشمس،

فَلْيَبْكِ بدل الدمع دماً، وإذا وجد أن نفسه لا تتأسف على ذلك، ولا تحزن على ذلك -

فإن الذي يستيقظ من نومه بعد الشمس ولا يجد في قلبه لوماً، ولا توبيخاً، ولا تعنيفاً لنفسه -

فقد سقط من عين الله عزَّ وجلّ، لأن من عَظَّمَهُ الله جعله يعظم فرائضه،

ومن سقط من عين الله عزَّ وجلّ جعله يتكاسل ويتراخى عن فرائضه. وقد وصف بذلك المنافقين فقال:

(وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)

(142-النساء).

وقال صلى الله عليه وسلم:

{بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ شُهُودُ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، لاَ يَسْتَطِيعُونَهُمَا }

وقال سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه:

(أتى علينا وقت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يتخلف عن صلاة الجماعة في وقتها

إلا منافق ظاهر النفاق)

فيتخلص من أمثال هذه العادات.

وأيضاً إذا وجد نفسه يجلس يتحدث، أو يجلس - وليس له عمل - ويستمع إلى الآذان

ولا يجد من نفسه عزيمة ولا حركة لتلبية الآذان في وقته، فليعلم علم اليقين أنه في هذا الوقت

ممن باءوا بالخذلان من الرحمن عزَّ وجلّ لأن الله لا يُحضر أمام حضرته في الصف الأول

في الوقت الأول إلا من يحبُّه عزَّ وجلّ ، وفى الأثر كما أسلفنا:

{ إذا أحب الله عبداً سخره لأفضل الأعمال في أفضل الأوقات }

وقد قال له سيدنا جابر رضى الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا }

ثم بعد ذلك يكون للمسلم وقفة مع عاداته، فإن كانت عاداته توافق شرع الله حمد الله عليها،

وذلك كعاداته في أكله وفي شربه، وفي زيِّه وفي نومه، وفى مشيه وفي حديثه، وفي جلوسه مع الآخرين.

فإن كان من الذين:

(وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)

(67-الفرقان)

فرح وبشَّر نفسه لأنه من عباد الرحمن.

أما إذا كان مقتراً على نفسه وأهله - مع السعة - أو مبذراً، فإن هذه علامة أن الله لا يحبه لقوله عزَّ وجلَّ:

( إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)

(141-الأنعام)

وقوله:

(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)

(27-الإسراء)

فمثلاً إن كان يشرب دخاناً؛ فالله عزَّ وجلَّ أمرنا أن نشكره على النعم، ومن أجَلِّ النعم نعمة المال،

وهل يليق بمؤمن أعطاه الله المال أن يشكره بحرق هذا المال؟!!

هذا مع أنه يحرق مع المال صدره ورئتيه وأعضاء جسمه!!

لا يحرق المال فقط بل يضرُّ نفسه ويضيِّق على أهل بيته،

فليهجر هذه العادة الذميمة مع مطلع العام الهجري الجديد ليكون من المهاجرين

(لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاًّ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ -

ما جزاؤهم؟ - أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

( 8 - الحشر).

إذا كان يجالس بعض الغافلين الذين يخوضون بالباطل في أعراض الآخرين،

ولا يتورعون عن الغيبة والنميمة، فليمتثل لقول ملك الملوك عزَّ وجلَّ:

(فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)

(68-الأنعام)

يهجر هذه المجالس ويجالس الذين أمر الله المؤمنين أن يجالسوهم في قوله عزَّ وجلَّ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)

(119-التوبة)

وكذلك إذا كان له عادات في مشيه وفي نومه وفي حديثه لا تطابق ما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله

فليهجرها ليكون مهاجراً، وكذلك في معاملاته.

فالرجل الصالح في زماننا هو الذي يتعامل مع الخلق على سنة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم،

فلو كانت الكذبة الواحدة ستدر عليه ملايين الدولارات يرفضها ويأباها لأن فيها مخالفة لله

ومخالفة لحبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم، ويكفي أن الكاذب يدخل في قول الله:

(فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)

(61-آل عمران)

فلا يدخل في لهو ولا في مزاح ولا في جد لا مع صبيان ولا مع أهله ولا مع إخوانه

لأن المؤمن الصادق في كل أقواله وأعماله فيتحرى في تعامله مع إخوانه أن يكون من المؤمنين

وهذا يقتضي أن يتبرأ من الغش لقول سيد الأولين والآخرين:

{ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا}

فلا يغش الأمة أو أي فرد من الأمة في نصيحة أو في قول أو في عمل أو في بيع أو في شراء أو ما شابه ذلك

فلو طالبه إنسان بنصيحة وقال خلاف ما يعرف ويعلم إن ذلك خلاف الحقيقة

فهو غش يحاسب عليه يوم الدين وما أكثر الغشاشين في زماننا بهذه الطريقة.

فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

قال صلى الله عليه وسلم:

{التائب حبيب الرحمن، والتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ}

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

*********

يتبع إن شاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 03, 2012 1:24 pm

الخطبة الثانية:

**************

الحمد لله ربِّ العالمين، المنعم بجلائل النعم على مَنْ آمن بالله ورضى بما قسم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خزائن رزقه لا تنفد، وكنوز جوده لا تنتهي.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، نور الأتقياء، وسراج الأولياء، وشمس البهاء يوم اللقاء.

فاللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد الرحمة المهداة، والنعمة المسداة لجميع خلق الله،

وعلى آله وأصحابه وكل من اتبع هداه إلى يوم الدين ..آمين.

(أما بعد)..

فيا إخواني ويا أحبابي في الله ورسوله: إذاً عرفنا مَنْ هو المهاجر،

المهاجرُ هو الذي يهجر من نفسه خُلقاً ذميماً، أو عادة سيئة، أو معاملة غير طيبة.

وقد قال الإمام أبو يزيد البسطامي رضى الله عنه:

(ليست الكرامة أن تطير في الهواء لأن أي طائر يفعل ذلك، ولا أن تمشي على الماء

لأن الأسماك تستطيع ذلك، ولا أن تقطع ما بين المشرق والمغرب في لحظة لأن إبليس يفعل ذلك،

ولكن الكرامة أن تُغيِّر خلقاً سيئاً فيك بِخُلق حسن).

وهذه هي العظة الكبرى من الهجرة!! فإن النبي صلى الله عليه وسلم استطاع أن يغيِّر أخلاق العرب

- من الفسق والفجور، والظلم والكبرياء، واللهو والمجون، والفخر بالآباء والأجداد

والأحساب والأنساب، إلى:

( فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)

(88- الكهف).

قال صلى الله عليه وسلم:

{المهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه}.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
اللهم تولنا برعايتك وأمدنا بمدد قدرتك، وألهمنا بعلومك وحكمتك واحفظنا بحفظك وصيانتك.
اللهم أصلح قادة المسلمين أجمعين وأصلح أحوال المسلمين في كل وطن يا أرحم الراحمين.

( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
(90-النحل).
*************************
من كتاب: {الخطب الإلهامية - جـ 1 ؛ (الهجرة ويوم عاشوراء) لفضيلة الشيخ/ فوزى محمد أبوزيد - رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله - جمهورية مصر العربية)
**************************************
يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 05, 2012 10:23 am

لهجرة أسرار ةأنوار (2)

*******************

كفاية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم

*****************************

الحمد لله ربِّ العالمين، يتولى بنصره عباده المؤمنين وأولياءه الصادقين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في محكم التنزيل:

( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (126-آل عمران)

وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، الذي كان الحقُّ شعاره، والإخلاص دثاره، والاعتماد على الله فخاره.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على باب لطفك الخفيَ، وسرِّ كرمك الربانيّ، سيدنا محمد التَّقِيِّ النَّقِيِّ، الصفيِّ الوفيِّ،

وآله وصحبه أصحاب المقام العليّ، وعلينا معهم بجودك وكرمك يا عليُّ يا واسعُ يا وليّ.

(أما بعد)

إخواني وأحبابي: كان فيما استمعنا إليه قبل الصلاة، وَعْدٌ كريم من العزيز الحكيم

وَعَدَ فيه بالنَّصْرِ عباده المؤمنين وحزبه المفلحين، فقال:

( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) (51-غافر)

وقد أكد الوعد بـ (إنَّا)، وزاد تأكيده بلام التوكيد (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا)،

وليس الرسل وحدهم ولكنه شملنا معهم: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا)،

أي: نحن ننصر الرسل والمؤمنين الذين معهم، في أي مكان يا رب؟ قال: في الحياتين،

( فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)، في الدنيا وفي الآخرة.

أظنُّ بعد هذا الوعد، ماذا يريد الإنسان بعد ذلك؟!! عندما يكون الوعد صريحاً من الله

بأن الله يتعهد ويؤكد - وليس بأداة واحدة من أدوات التوكيد، ولكن بأكثر من أداة

- بأنه سينصر رسله والمؤمنين في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.

ماذا يريد المؤمن بعد ذلك من الله؟!!

هذا الوعد ظهر بأجلى مظهره في هجرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالكفر كله تحدى رسول الله ووقفوا جميعاً ضده، حتى كان صلى الله عليه وسلم يتجشم الصعاب

من أجل أن يبلغ دعوة الله. فقد كان العرب يأتون للحج من أول شهر شوال يعني عقب عيد الفطر،

وكان لهم ثلاثة أسواق: سوق عند مكة - وهو عكاظ، وسوق عند منى - وهو ذي المجنة،

وسوق قريب من عرفات - وهو ذي المجاز، فيخرجون من هذا السوق إلى هذا السوق إلى هذا السوق

ويذهب رسول الله لتبليغ دعوة الله فيأتي الوليد بن المغيرة عليه لعنة الله -

وكان قائد الفريق الذي يتزعم القضاء على دعوة رسول الله، وأبو لهب -

قائد فرقة المطاردة، التي تطارد رسول الله.

فيحضر الوليد بن المغيرة ليرى القبائل التي تصل إلى مكة أو إلى هذه الأسواق - وكانت تأتي من اثنى عشر طريقا

فكان يقسم أعوانه إلى اثنى عشر فريقاً، وكل فريق له أربعة، يقفون بالتناوب، اثنان يسلمون اثنين

بحيث يقفون على الطريق طوال الوقت - يصفون الرسول صلى الله عليه وسلم لهؤلاء القوم

ويصفونه بأنه ساحر، أو مجنون، ويقولون لهم: نحن قومه وأعرف الناس به فلا تسمعوا لكلامه

ويحذرونهم تحذيراً شديداً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما الفرقة الثانية بقيادة عمه أبي لهب - وكان اسمه عبد العزى -

فقد كان يسير خلفه على الدوام، وكلما يجلس الرسول مع جماعة ويكلمهم، يقول أبو لهب:

لا تسمعوا لكلامه، هذا ابن أخي وأنا أعرف به فلا تصدقوه، فيقولون له:

إذا كان عمُّك يقول فيك هذا الكلام!! عندما تتبعك عائلتُكَ وعمُّك نتبعك نحن.

هذا في الأسواق، أما في داخل مكة فكانت فرق الاستهزاء برسول الله جماعة يصفرون عليه عندما يمشي

وجماعة يصفقون ويطبلون عندما يرونه ماشياً وجماعة عندما يرونه يمشون أمامه وخلفه

ويتهكمون ويستهزءون ويتغامزون عليه !! كل هذه ألوان لمعاكسة رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤيده الله عزَّ وجل.

{ وقد استهزأ أحدهم بالنبى عليه السلام - فى بعض الاوقات - حيث سار خلفه عليه السلام،

فجعل يخلج أنفه وفمه يسخر به، فاطلع صلى الله عليه وسلم عليه، فقال له: «كن كذلك»

فكان كذلك إلى أن مات لعنه الله.

واستهزأ به عليه السلام عتبة بن أبى معيط، بصق فى وجهه فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا

ومر عليه السلام بجماعة من كفار أهل مكة فجعلوا يغمزون فى قفاه ويقولون:

هذا يزعم أنه نبىّ - وكان معه جبريل عليه السلام - فغمز جبريل بأصبعه فى أجسادهم فصاروا جروحاً

وانتنت فلم يستطع أحد أن يدنو منهم حتى ماتوا } .

أى أن الله تعالى انتقم منهم جميعاً، لكننا نرى كيف تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك!!

وكان هناك من يجعله ساجداً ويضع عليه أحشاء الحيوانات، ويضعون في طريقه الشوك.

أنواعٌ وأنواع من العذاب لا تتحملها الجبال الراسيات، تحملها رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

وكذلك تحملها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم!! مع أن رسول الله كان عمُّه يدافع عنه،

ولكن كان هناك أناس غرباء لا يجدون من يدافع عنهم.

والأعجب من ذلك أنَّهم قاطعوه وعائلته ثلاث سنوات - ومن معه من المسلمين -

لا يبيعون لهم ولا يشترون منهم، ولا يزوجونَهم ولا يتزوجون منهم.

مقاطعة كاملة!! حتى أنهم لم يجدوا ما يأكلوه!! فهناك من يأكل ورق الشجر

أو أعشاب الأرض أو لا يجد مع شدة الجوع، ومع ذلك صبروا حتى رَنَّتْ شهادة التوحيد

في آفاق العالم العلوي والسفلي، ودوت في أرجاء الكون كلِّه، ونصره الله

وأعز دينه، ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده.

هذا كلُّه - أيها المسلمون - يتجلى في قصة الهجرة. بعدما نصر اللهُ رسولَه، وأيَّده وأكرمه

واتفق مع الأنصار أن يهاجر إلى مدينتهم، فقال لأصحابه:

(لقد جعل الله لكم مكاناً)

فأذن لهم بالهجرة إلى المدينة، فذهبوا إلى المدينة فلم يبق في مكة من المسلمين المعروفين

غير سيدنا رسول الله، وسيدنا أبو بكر، وسيدنا عليّ، وبعض المستخفين بالإسلام، وهاجر الجميع.

فقال الكفار هذه فرصة لا تفوتنا، لأنه لو خرج من بيننا وذهب إلى المدينة

سوف يُجَنِّدُ هناك جيشاً ويحاربنا ولن نقدر عليه، فقاموا بعمل اجتماع عاجل في دار الندوة

- بحضور إبليس اللعين - لإعداد خطة محكمة للقضاء على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون إثارة قبيلة بني هاشم

فقال أبو البحتري بن هشام: الرأي أن نحبسه في غرفة ونمنع عنه الطعام والشراب إلى أن يموت

فقال إبليس: إن هذا ليس برأي لأنكم تعرفون مدى حُبِّهم له، ولو وضعتموه في سجن

- ومن خلفه سبعون سجناً - سوف يصلون إليه ويخرجوه وينتصرون عليكم.

وكانت هناك آراء كثيرة ورفضت، فقال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة واحداً،

ويقفون جميعاً على باب الرسول، ويحيطون بالمنزل، وعندما يخرج لصلاة الفجر يضربونه

ضربة رجل واحد، بحيث تختلط به جميع السيوف، فيشترك في قتله الجميع،

فلا تستطيع بنو هاشم محاربة الجميع فيرضون بالدية. فقال لهم إبليس:

هذا الرأي الصواب الذي ليس بعده رأي، ووافق الجميع على هذه الخطة وهذا الاقتراح

ووكلوا أبا جهل في تنفيذ هذا الأمر والقيام به، واتفقوا على أن يكون هذا الأمر سرياً للغاية

وينفذونه فوراً حتى تكون الخطة عاجلة.

وقال بعض المؤرخين: بأن الاجتماع كان في الصباح وتنفيذها في المساء في نفس اليوم

وقيل: أن أبا جهل قال لهم: لا أحد يخرج من هذا الاجتماع، ومن هذا المكان

إلى أن يأتي لكم الخبر بأننا قتلنا محمداً، لأنه لو خرج واحدٌ منكم ربما يذيع الخبر

وهذا الذي نزل فيه قول الله عزَّ وجلَّ في الحال:

( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ - يعني يحبسوك - أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ

- الثلاث خطط - وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (30-الأنفال).

وهنا وقفة: إن مكر الله ليس كمكرنا، فمكر الله: يعني تدبير الله، ومعناها: تقدير الله،

ومعناها: تصريف الله، لأن مكرنا: الكيد والحيل والدهاء، لكن مكر الله: التدبير والتقدير والتصريف منه لعباده

واختار أبو جهل سبعين رجلاً بسيوفهم حول بيت سيدنا رسول الله، والسبعون كثيرون

وغير معقول أن السبعين يشتركون في القتل، فاختار من السبعين خمسة يقفون على الباب

ويضربونه جميعاً مع بعضهم، وفي نفس الوقت يقف على جميع فتحات مكة قوات من أجل

إذا خرج تمسك به القوات. يعني حصار شديد في جميع أنحاء مكة!!

فانظر كيف ينصر الله رسله؟!! (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا) - مع أنهم يعسكرون حول البيت،

ومتيقظون وليسوا نائمين، وأبو جهل يقول لهم: إن محمداً يقول:

أن من يتَّبِعُهُ سوف يملك مُلْكَ كسرى ومُلْكَ قيصر، ويوم القيامة يكون له جنان

- يعني حدائق - مثل حدائق الأردن، والذي لم يتَّبعه سيٌقْتَلُ قَتْلَ عادٍ وإرم،

ويوم القيامة يدخل جهنم!! فيخرج عليهم رسول الله ويقول لهم:

{نعم أنا أقول هذا، وأنت منهم} -

وهذا الكلام في وجه أبي جهل - وأخذ حِفْنَةً من تراب ووضعها على رءوس الجميع.

كيف يكون ذلك؟!! ما السلاح الذي كان معه؟!!

( يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

إلى قوله: ( فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) (1: 9-يس).

ماذا حدث في هذا الوقت؟ أنزل الله سبحانه وتعالى سلاح الضباب الكثيف على أعينهم

فأصبحوا لا يرون من أمامهم - وليس ذلك فقط - ولكن الله جعل على آذانهم غشاوة

لا يسمعون حديثه أو مشيه أو رؤيته، وأيضاً أفقدهم الله الإحساس بالتراب الذي وضع على رءوسهم

وكأن هذا التراب من جهنم!! فكل من جاء على رأسه تراب قتل في غزوة بدر، أو في غزوة أحد.

وهذه إرادة الله ويقول في ذلك صلى الله عليه وسلم:

{ إذا أَرَادَ الله قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حاجَة}

ولذلك فالرسول في غزوة بدر جاء قبل المعركة ومشى وقال: هنا يموت أبو جهل،

وهنا يموت أُبَيُّ بن خلف، وهنا يموت فلان، حدَّد في كل مكان مَنْ يموت فيه منهم،

والمكان الذي حدَّده الرسول هو الذي مات فيه كل منهم!! وكان هذا قبل المعركة.

وكأنه أحضر التراب من هذه الأماكن التي ماتوا فيها!! وكل واحد وضع على رأسه التراب،

كان أجله في هذه الغزوة.

ويخرج رسول الله من مكة ولا يحس به أحد، كيف يخرج مع وجود كل هذه القوات وهذه الجنود؟

حدث عندهم ذعر وجنون!! كيف يخرج من بيننا ولم نره؟!!

ونحن فرسان العرب ونحن قادة العرب!! كيف يكون ذلك؟!!

وعلى الفور أرسلوا فوجاً إلى كل طريق، وأَجََّّرُوا أدلاَّء يعرفون الأثر من أجل أن يعرفوا

أين ذهب؟ وإلى أين توجَّه؟ ومن أجل أن يصلوا إلى مكانه - ولكن الله يتحداهم لا بالملائكة،

ولا بقوات ولا بالدبابات، ولا بالطائرات ولا بالصواريخ، ولكن التحدي كان بأضعف المخلوقات!!!

سوف أنصر حبيبي بأضعف الأشياء، من أجل أن تعلموا بأنكم ليس لكم وزن عند الله!!

وهذه إرادة الله يَذِلُّ الجبابرة بأضعف المخلوقات!! مثل النمروذ لما طغى وتجبر وقال إني إله

ووضع سيدنا إبراهيم في النار، أرسل له بعوضة دخلت في أنفه واستقرت في رأسه،

ولم يسترح إلا بضرب النعال على رأسه، لمدة أربعين يوماً إلى أن مات هذا الملك الذي عمل إلها

مات ببعوضة!! وهذه قدرة الله من أجل أن يذل الجبابرة.

وكذلك زعماء مكة أذلَّهم الله بهذه الطريقة: فهذا الوليد ابن المغيرة - من كبار قريش -

ذهب ليشتري سهاماً من أجل الحرب، فتعلق في ثوبه سيف، فاستكبر أن يبعده عن ثوبه

فوخذه السيف في قدمه فمات!! وكذلك البختري بن هشام، جالس بجوار شجرة ومعه عبد من عبيده

فنزل سيدنا جبريل وظل يضرب رأسه في الشجرة، فيقول للعبد:

ادفع عني، فيقول له: إني لا أرى شيئاً - وظل يضرب رأسه في الشجرة إلى أن مات.

وكذلك العاصي بن وائل السهمي، كان من الذين يستهزءون برسول الله وأثناء سيره مع أولاده

قال: لقد لدغت من قدمي، فلم يجدوا شيئاً، وبعد خمس دقائق مات.

وكلهم بهذه الطريقة أذلَّهم الله سبحانه وتعالى. وهذا سرُّ قوله سبحانه:

(إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (95-الحجر).

قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: { مَنْ عَادَىٰ لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ }

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

ا**********

يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 05, 2012 10:27 am

نابع: الهجرة أسرار وأنوار (2)

************************

كفاية الله لحبيبه ومصطفاه

********************

خطبة الثانية:

*************

الحمد لله ربِّ العالمين، ذو البأس الشديد على كفار عنيد.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شديد المحال، قوي الفعال.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، كريم الخصال، عظيم العطايا والنوال.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، صفوة الأنبياء، وأسوة الألباء،

ومعقد آمال الخلق يوم العرض والجزاء، وآله النجباء وصحابته البررة الأتقياء

وكل من اهتدى بهديه إلى يوم البعث والجزاء. (أما بعد)

إخواني وأحبابي: كان من عناية الله بأنبيائه ورسله، والصالحين من عباده،

أن يُعِـزَّ حبيبه وصفيَّه صلى الله عليه وسلم ويخزي الكفار بأضعف المخلوقات،

فيرسل له نباتاً وعنكبوتاً وزوجاً من الحمام في الغار-

والغار عبارة عن جحر من الجبل له باب، فيخرج النبات في وسط هذا الباب -

نبات كبير مشهور في الصحراء اسمه (أم غيلان)، يخرج منه فروع كثيرة مثل القطن

ولذلك يستخدمونه في صناعة المراتب والألحفة وغيرها - وغطى الباب كلَّه وبقى جزء صغير

وفي الحال نزل العنكبوت ونسج عليه الخيوط، وفي الحال جاءت الحمامتان على العُشِّ وتحتهما البيض

والأغرب من ذلك أرادوا أن يعرفوا إلى أين وصل الرسول؟ وقال لهم الأدلاء الذين معهم:

إلى هنا انقطع الأثر ولا نعرف إلى أين اتجهوا!!

وطبعاً المشي على الرمل يتعب، والمشي على الصخر يتعب أيضاً،

فعندما يمشي رسول الله على الرمل يتماسك حتى لا يتعب الرسول ولا يترك أثراً في الأرض

والحجر عندما يمشي عليه الرسول يلين حتى لا يتعبه ويؤثر في الحجر،

فوجدوا أن الأثر انقطع في وسط الطريق، والأعجب من ذلك أن بين هذا الجبل وبين مكة

حوالي سبعة كيلو مترات، ولكن الرسول قطعهم في لحظات، كيف ذلك؟!! لأن الأرض تُطْوَى لرسول الله.

يقول سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه:

{ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي في وَجْهِهِ،

وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَعَ في مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّمَا الأَرْضُ تطْوَى لَهُ!!

إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ!! }

ويذهب الكفار إلى الغار ويقفون على بابه في حيرة، لماذا؟

والجواب هو ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معنى حديثه الشريف:

( أن العنكبوت جند من جنود الله )، وفي ذلك يقول الإمام البوصيري رضى الله عنه:


فالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَمْ يَرِما****** وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ

ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّوا العَنْكَبُوتَ على ****** خيْرِ البَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم

وِقَايَةُ اللـه أغْنَتْ عَنْ مُضاعَفَةٍ ****** مِنَ الدُّرُوعِ وعَنْ عالٍ مِنَ الأُطُمِ

ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ به****** إلاَّ وَنِلْتُ جِواراً مِنْهُ لَمْ يُضَم


فحماه الله من الأعداء بأضعف المخلوقات!!

(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ويوم يقوم الأشهاد) (51-غافر).

اللهم انصرنا على أنفسنا نصراً عزيزًا، واهدنا صراطًا مستقيمًا، وافتح لنا وبنا فتحًا مبيناً.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واهزم الشرك والمشركين، وألحق الخزي والبوار على الكافرين.
اللهم اجعل بلاد الإسلام بلاد الأمن والسلام.

اللهم تب علينا توبة نصوحا، واغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات،
والمؤمنين والمؤمنات، مغفرة واسعة، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم واجهنا بكرمك، وأمِدَّنا بمدد لطفك، وسعنا بواسع عطفك.
اللهم أصلح أحوال المسلمين أجمعين، رجالاً ونساءًا، شباناً وشيوخاً، صغاراً وكباراً،
رؤساء ومرءوسين، إنك على كل شئ قدير، وبالإجابة جدير.

( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

(90-النحل)

***********

يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 11, 2012 12:48 pm

الهجرة أسرار .. وأنوار (3)

********************

لماذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة؟

************************************************

الحمد لله ربِّ العالمين، أعزَّ عباده المؤمنين، فاختار لهم القرآن كتاباً،

ومحمداً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، والإسلام ديناً.

سبحانه .. سبحانه!! لا يهدي إلى طريقه إلا مَنْ أحبّ، ولا يبعد عن حزبه وأحبابه إلاَّ مَنْ أبغض وطرد

فقد قال لحبيبه صلى الله عليه وسلم:

(لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)

(63-الأنفال)

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ينصر من اتَّبع هُداه، ويؤيد دينه وشرعه على من عاداه،

فَنَصَرَ حبيبه وقوىَّ دعوته وحزبه حتى جعلها عامة على هذه البسيطة،

وسيأتي اليوم - أيها المسلمون - الذي يُظهر هذا الدِّينَ على الدِّينِ كلِّه،

حتى لا يبقى على ظهر الأرض إلاَّ مَنْ يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، جمعنا الله عزَّ وجلَّ به بعد فرقة، وعلَّمنا به بعد جهالة،

وهدانا به بعد ضلالة، وأعزنا به بعد ذلة، وجعلنا بسببه وبنوره خير أمة أخرجت للناس.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين، وعلى صحابته المباركين،

من المهاجرين والأنصار، ومن اتَّبعهم بخير إلى يوم القرار، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين.

(أما بعد)

فيا إخواني ويا أحبابي: سؤال دائماً - يُرَاوِدُنا، لماذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم

من مكة إلى المدينة؟ ولماذا أمَرَ أصحابَهُ - مِنْ قَبْلُ - بالهجرة مرتين إلى بلاد الحبشة؟

إن الإجابة التي نحفظها جميعاً: فراراً من أذى الكفار، ومن شدة بطش الكافرين والجاحدين،

فراراً بدين الله وبنور الله وبالإيمان بالله عزَّ وجلّ.

قد يكون هذا ينطبق على الهجرة الأولى إلى بلاد الحبشة،

لكن الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة كان لها غايةٌ أخرى، وحكمةٌ ثانيةٌ كبرى،

ومن أجْلِها تدبَّرَ وتروَّى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يختار الله عزَّ وجلَّ له هذا المكان.

لماذا هاجر إلى المدينة؟!!

إنه كان يبحث عن مكان يقيم بين أهله وذويه مدينة فاضلة، على العقيدة الحقَّة،

والأخلاق الصادقة، والمعاملات الحسنة، والعبادات الخالصة لله عزَّ وجلّ.

ويريد أن تكون هذه المدينة نموذجاً تحتذيه كل المدن والقرى الأرضية -

- إذا أرادوا إصلاح أحوالهم، وإذا أرادوا انتعاش تجارتهم وأموالهم،
- وإذا أرادوا صلاح أخلاقهم وتهذيب نفوسهم،
- وإذا أرادوا في الآخرة السعادة عند ربِّهم عزَّ وجلّ.

ولذا نقول لإخواننا:

أنه لا سعادة لمجتمعنا، أو لأي قرية أو مدينة في بلادنا أو غير بلادنا،

إلا إذا طبَّقَتْ - من جديد - الأسس والسجايا، والقيم والأخلاق، التي أرساها رسول الله صلى الله عليه وسلم

في دار هجرته - صلى الله عليه وسلم.

وقد عبَّر عن هذا الحال جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه وأرضاه

عندما طلبه النجاشي - ملك الحبشة - استجابة للشكوى التي تقدم بها عمرو بن العاص

بالنيابة عن قريش. لقد أرسلوه بالهدايا إلى النجاشي، وطلبوا منه أن يكلِّمه

ليقبض عليهم ويردَّهم إلى السجون والتعذيب في مكة - كما كانوا من قبل.

ولكن النجاشي - كما وصفه الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم:

{ لا يُظلَمُ عنده أحدٌ، وأرضه أرض صدق }

فلم يرضَ بالحُجَّة بدون الأخرى.

فإن الدين القويم يحتم على كل مؤمن ألا يحكم على قضية من أول وهلة، ومن أول شاكٍ،

بل لابد أن يسمع إلى المشكو لأنه ربما يكون مظلوماً ومعه الحقّ،

وقد قيل لسليمان عليه السلام - عندما جاءته امرأة باكية وتدَّعي لها حقًّا على ضُرَّتِهَا

فقال مَنْ حوله: إنا نرى الحقَّ لهذه، قال: ولِمَ؟!! قالوا: لأنها تبكي.

قال: وما أدراكم بالثانية؟ ربما تكون قد فقأتْ لها عيناً!!

أو كسرت لها عضواً منعها من سرعة المجيئ!!

فلا يجب على مسلم - في قضية كبيرة أو صغيرة - أن يحكم إلا بعد أن يستمع إلى الإثنين -

الشاكي والمشكو - حتى يتبين له وجه الحقّ، وإذا كانوا يكذبون على سيد الخلق حتى قال :

{إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ - يستطيع أن يُنَمِّقَ الكلام،

ويزخرف الكلام، حتى يروق في عين السامعين، ثم قال محذراً:

فَأَقْضِي لَهُ عَلَىٰ نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً، فَلاَ يَأْخُذْهُ،

فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ } .

فطلب النجاشي جعفر -رضى الله عنه- ومن معه وقال لهم: اختاروا رجلاً يتحدث عنكم،

فأشاروا إلى جعفر، فقال: ما شأنكم؟ فقال رضى الله عنه وأرضاه:

(كنا قوماً في جاهلية، نعبد الأوثان، ونقطع الأرحام، ونشرب الخمر، ونفعل الفحشاء،

ونكذب في الحديث، حتى بعث الله عزَّ وجلَّ إلينا رسولاً مِنَّا، نعرف نسبه ونعرف صدقه،

دعانا إلى الإيمان بالله، وإلى صدق الحديث، وإلى صلة الأرحام، وإلى حسن الجوار،

وإلى الوفاء بالعهد - وأخذ يعدِّد له فضائل الإسلام التي جاء من أجلها نَبِيُّ الإسلام صلى الله عليه وسلم.


ما أردت أن أذكره في هذا الصدد: أن نبيَّكم الكريم جاء بهذه الأخلاق الكريمة، والقيم العظيمة

فوجد العرب في مكة لا يريدون أن يغيِّرُوا طباعهم، ولا أن يهذِّبُوا أخلاقهم، ولا أن يعدِّلُوا أحوالهم -

فيُصِرُّونَ على شرب الخمور، ويُصِرُّونَ على الزنا والفجور، ويُصِرُّونَ على قطع الأرحام،

ويُصِرُّونَ على إيذاء الأيتام، ويُصِرُّونَ على الجفاء بين الأنام، ويُصِرُّونَ على هذه الخبائث -

وهو يريد أن يصنع مجتمعاً للأنام، فيه القيم الفاضلة، والأخلاق الكريمة،

فكان ذلك سرُّ هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة - عندما وجد في أهلها شوقاً إلى هذه الخصال،

ورغبة في هذه الأخلاق، وحميَّة في نصرة هذه الشمائل والصفات، فهاجر إليهم -

فنشرها فيما بينهم، فأصلح هذا المجتمع - وهذا سر إصلاح أي مجتمع - وله أسس ثلاثة،

ذكرها الله في قرآنه، وجعلها دستوراً إلى أن ينتهي الزمان ينتهي المكان، ويرث الله الأرض ومن عليها.

دستور الإصلاح لأي مجتمع على البسيطة، ما هو يا رب؟

(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ

وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)

(9-الحشر).

هذه القيم وهذه المبادئ - وتحتها آلاف المبادئ الإيمانية، وآلاف القيم الإسلامية،

لكن هذه هي مجمل الآداب الإيمانية والإسلامية - التي عليها صلاح الحال، وصلاح الأفراد،

وصلاح العباد وصلاح البلاد، وصلاح كل واد وناد، فإن صلاح الكُلِّ بنشر المحبة.

وديننا أيها الأحبة هو دين المحبة،

فليس للبغضاء طريق في الإسلام، وليست للكراهية طريق بين المؤمنين،

وإنما أسس هذا الدين على الحُبِّ لله، والحُبِّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والحب لكل مَن آمن بالله عزَّ وجل

وحتى لو كان هذا الذي آمن بالله، أخطأ في حقِّ نفسه، أو أساء في حقِّ ربِّه، أو ارتكب مُحَرَّماً،

فإني لا أكرهه في ذاته - لأن هذا ينافي دين الله - ولكني أكره هذا الخلق الذي اتصف به،

وهذا العمل الذي قام به، فإذا تركه فهو أخي وحبيبي في الله ورسوله.

وقد قيل لأبي الدرداء رضى الله عنه وأرضاه: إن أخاك فلان وقع في إثم عظيم، فهل تبغضه؟

قال: لا، وإنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي. ثم قال لهم ناصحاً:

أرأيتم لو أن أخاً لكم وقع في بئر، ماذا كنتم فاعلين؟

قالوا: نأخذ بيده. قال: كذلك أخاكم إذا وقع في ذنب تأخذوا بيديه،

لتنقذوه من إبليس وجنوده إلى حزب الله، وإلى دين الله، وإلى أنصار الله عزَّ وجلّ.

وقد قال في ذلك رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم:

{أوثق عرى الإيمان ..}، لم يقل الصلاة، ولم يقل الزكاة، ولا الصيام، ولا الحج

مع أهميتهم البالغة عند الله عزَّ وجلّ، ولكنه قال:

{ أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُغْضُ في الله عزَّ وجلّ} .

إن الحب لله وفي الله - أيها المسلمون - هو المرهم الذي يداوي العاصي من المؤمنين،

وهو الشفاء الذي يشفي به الله صدور الموحدين، وهو الترياق الذي به يدخل كل مؤمن إلى رضوان رب العالمين.

مَنْ الذين يدخلون جنتك يا ربّ؟ ومن الذين ينالون رضوانك يوم القيامة يا ربّ؟

استمع إليه وهو يحدِّد صفاتهم، ويبين سماتهم فيقول:

( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)

(47-الحجر)

الذي انتزع الغل والحقد والحسد، والبغضاء والكراهية، من قلوبهم لعباد الله المؤمنين.

هو يكره اليهود، ويبغض الجاحدين، ولا يحب الكافرين،

لكن لا يجب على مؤمن أن يتصف بهذه الصفات بالنسبة للمؤمنين

وإلاَّ كان عملُه كلُّه - حتى لو ملأ البرَّ والبحر عبادة - حابطاً هالكاً يوم لقاء رب العالمين عزَّ وجلّ.

فالإسلام هو الحُبُّ - يا جماعة المؤمنين - لأن الله عندما مدح الأنصار، لم يمدحهم بالصلاة،

ولا بالزكاة، ولا حتى بالشجاعة في ميدان القتال في سبيل الله، وإنما أول صفة مدحهم بها وعليها الله:

(يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ)

(9 الحشر)

الحبّ. ولذا أكَّد عليها النَّبِيُّ الكريم فقال:

{ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ.

وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرا أَوْ لِيَسْكُتْ } .

تلك آداب الإسلام وتلك تعاليم نبيِّ الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.

فإن أبا بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه، عندما بيَّن الله فضْلَه، وبيَّن النَّبِيُّ منزلته ومكانته عند الله،

أخذ يتحدث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بينهم - عن سرِّ حصوله على هذه المنزلة،

وسرِّ عُلُوِّه إلى هذه المكانة!!!

فبعضهم قال: لقيامه الليل، وبعضهم قال: لإكثاره من صيام النهار،

وبعضهم قال: لإكثاره من تلاوة القرآن، وبعضهم قال: لتبتله بين يدي الواحد القهار،

فخرج عليهم النَّبِيُّ المختار - وهم على ذلك - فقال:

{ ما فضلكم أبو بكر بكثير الصلاة، ولا بكثير الصيام، ولكن بشئ وَقَـرَ في صدره }

وما هو؟!! هو الحُبُّ لله، والحُبُّ لرسول الله، والحُبُّ لعباد الله المؤمنين.

حتى أنه عند انتقال رسول الله إلى الرفيق الأعلى، وقد اختاره لإمامة الصلاة،

وقال لامرأة جاءت إليه في قضية، ثم رجعت وقالت: إذا رجعتُ ولم أجدك فإلى مَنْ اتَّجه؟

قال: إلى أبي بكر - وأشار إليه إشارات صريحة.

لكنه لشدة الحُبِّ في قلبه كان يتدافع الإمامة ويقدِّم عمر ويقول:

عمر أولى مني، ثم يقدم أبا عبيدة ويقول: أبو عبيدة أحقُّ بهذا الأمر مني.

ويريد أن يعطيها لإخوانه حتى يظلُّوا أحبَّاء فيما بينهم، أوفياء لبعضهم، لا تنفك المحبَّةُ عن صدورهم

لأنه يعلم أن المحبَّة هي أساس الصفاء في مجتمع المؤمنين،
وهي أساس النقاء في علاقات المؤمنين،
وهي أساس قبول الأعمال عند ربِّ العالمين عزَّ وجلّ.


قال صلى الله عليه وسلم: { ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ:
أن يكونَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،
وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لله،
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُود فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ }.

أو كما قال، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

*********
يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 11, 2012 1:19 pm

تابع: الهجرة أسرار .. وأنوار (3)

********************

لماذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة؟

***********************************************

الخطبة الثانية:

الحمد لله ربِّ العالمين، الذي هدانا للمعاني الإيمانية،

وخلَّقنا بالأخلاق الربانية، وجعلنا من عباده الصالحين.

وأشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له، يعطي الدنيا لمَنْ يُحِبّ ومَنْ لا يُحِبّ،

ولا يعطي الدين والإيمان إلا لمَنْ أَحَبّ.

وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، أسس هذا الدين على المحبة الصادقة لله،

وعلى الحب الخالص لعباد الله، فكان ديناً قيماً، قال في حقه الله:

( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)

(103-آل عمران)

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد سرِّ هذه الأخوة الإيمانية، وأجمعنا عليه

في الحياة الروحانية والدار الأخروية، واجعلنا من المنتفعين بهذه الأوامر القرآنية

في كل أنفاسنا يا ربَّ العالمين. (أما بعد)

فيا إخواني في الله ورسوله: إن المرض الأول الذي استشرى في مجتمعنا، وعكَّر علينا صفو حياتنا

ليس الغلاء، وليس قلة الرواتب، وليس كثرة المشاغل والمصالح،

إنما المرض الأول هو الأثرة والأنانية التي جعلت كل مِنَّا يحبُّ نفسه وفقط.

أما أوصاف المؤمنين فهي:

(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)

(9-الحشر) -

أصبح كل واحد مِنَّا يحبُّ الخير لنفسه فقط، وإذا زاد قليلاً فلنفسه وولده،

وبعد ذلك لا يتجاوز قيد أنملة - لكن المؤمنين يحبُّون لإخوانهم ما يحبُّون لأنفسهم.

اسمعوا معي إلى هذا الدواء النبوي، الذي يحل كل هذه المشاكل في لَمْسَةِ حنان محمدية،

ولَمْسَةِ لُطْفٍ رحمانية ربانية، يقول فيه خير البرية:

{ لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ }

لو طبقنا هذا الدواء، لزالت جميع الأسقام والأدواء!!

- فأنا لا أحب أن يغتابني رجل، فلماذا أغتاب غيري؟!!
- وأنا لا أفرح أن يسبَّني ابن أخي، فلماذا أسمح لابني أن يسبَّ أخي؟!!
- وأنا لا أرضى لزوجة جاري أن تجاهر زوجتى بالسَّبِّ والشَّتْم،
فلماذا أرضى لزوجتي أن تجاهر جارتها بالسَّبِّ والشَّتْم؟!!
وقد أنْهَرُهَا ظاهراً أمام الناس، وأُشَجِّعُهَا بعد ذلك باطناً في الخلوة بعد اختفاء الناس!!
-أنا لا أرضى أن ينقل جاري حدَّ الأرض ويأتي به عليّ، فكيف أنقل الحدَّ في أرض جاري؟!!
-أنا لا أرضى أن تَنْزِلَ بَهِيمة جاري وتقضي على زرعي، فلماذا أرضى أن تَنْزِلَ بِهِيمَتِي وتقضي على زرع جاري؟!!
وغيرها .. وغيرها!!

فالمؤمن يُحِبُّ لجاره ما يحب لنفسه، ويرضى لجاره ما يرضاه لنفسه،

وقد جعل الإسلام الجيران ثلاثة: جاراً له حقوقاً ثلاثة، وهو الجار المؤمن القريب:

له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة،

والجار البعيد المسلم: له حق الجوار، وحق الإسلام،

والجار اليهودي والنصراني: فله حق الجوار.

وحق الجوار شأنه كبير، والذي يطالب بالحقوق ملك الملوك عزَّ وجلّ.

فهذا نبيُّكم صلى الله عليه وسلم كان جاره يهودياً، وهو صلى الله عليه وسلم القائد والحاكم،

ويستطيع بإشارة أن يجعله يترك داره، ويهجرها إلى مكان آخر،

لكنه لا يروِّع أحداً - فالمسلمون لا يَغْصِبُون أرض أحد.

فعندما أخذ عمرو بن العاص أرض يهودية وضمَّها إلى مسجده الذي تعلمونه،

واشتكت إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أمر أن يرد الأرض إلى صاحبتها،

لأنه لا يجوز للمسلم أن يتعبد على أرض مغصوبة من أهلها!!!

فتركه صلى الله عليه وسلم في جواره، ولكنه زاد في إيذائه، فكان يجمع العذرات ويضعها على بابه

قبل كل صباح، فيخرج رسول الله ويزيلها بتؤدة وأناة، ويطهر المكان ويغسل الباب من الأذى ولا يقول شيئاً،

فخرج يوماً ولم يجد أثراً، فسأل عن اليهودي، فقيل: أنه مريض،

فقال: وجبت زيارته لأنه جار!! فذهب إليه وزاره، وقال: لقد عودتنا على عادة!!

فلما لم نرها سألنا عنك، فقالوا: مريض، فقلنا: حق علينا زيارتك،

فكانت النتيجة أنه أسلم لله عزَّ وجلّ عندما وجد هذه الشمائل المحمدية،

والأخلاق الربانية، في النبى صلى الله عليه وسلم.

فدين الإسلام - يا إخواني - يجعل المُؤمِنَ غَيْرَ كَامِلِ الإيمان إلاَّ إذا كان يُحِبُّ الخير لإخوانه المؤمنين أكثر من نفسه.

أما بقية الصفات التي تحدث عنها الله، فلها وقت آخر، ولكن أقرؤوها وتدبروها،

وعوها واعملوا بها، واحفظوها في قلوبكم:

(يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)

(9-الحشر).

نسأل الله بما سأل به حبيبه ومصطفاه فنقول:
اللهم ارزقنا حُبَّك الخالص لوجهك الكريم بلا شوب يشوبه،
اللهم ارزقنا حُبَّك وحُبَّ كلَّ عبد يُحِبُّك، وحُبَّ كل عمل يوصلنا إليك.
اللهم انزع من صدورنا كل شحناء وبغضاء لعبادك المؤمنين،
وأملأ قلوبنا بالحُبِّ الخالص لجميع عباد الله المسلمين.
اللهم أرنا الحقَّ حقاًّ وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم حَبِّبْ إلينا الإيمان وزيِّنْهُ في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم اغفر لأمواتنا ولأموات المسلمين أجمعين.
اللهم انصر عبادك المؤمنين المجاهدين في البوسنة وأذربيجان،
وفي بورما وكشمير والفلبين، وفي كل مكان يا خير الناصرين.
اللهم أطفأ نار الحرب المشتعلة بين عبادك المؤمنين في اليمن والصومال وأفغانستان والجزائر يا أرحم الراحمين.
اللهم أبعد عنهم طريق الغالين، ووفقهم إلى طريق الصالحين، واجعلهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلح الراعي والرعية، واجمعنا جامعة إسلامية،
ووفق ولاة أمورنا للعمل بأحكام كتابك ولتنفيذ سنة خير أحبابك،
واحفطهم من بطانة السوء واجمعهم على بطانة الخير، يا أرحم الراحمين.

عباد الله:

(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

(90-النحل)

********

يتبع إن شاء الله
يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 11, 2012 2:00 pm

لهجرة أسرار ةأنوار (4)

******************

(إلا تنصروه فقد نصره الله)

********************

الحمد لله ربِّ العالمين، ينصر رسله والصالحين من عباده في كل وقت وحين، يمدُّهم بمدده،

ويذُود عنهم بجنده، ويفتح بهم ولهم الفتح المبين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، النصير لمن نصر شرعه،

والمعزُّ لمن أعزَّ دينه وأمره، والقَاهِرُ فوق كلِّ شئٍ قَهْرُه.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسوله، الحبيب المقرَّب، الذي كان مولاه له من كل شئ أقرب،

فنصره وآواه، وأعزَّه وحماه، وجعله خير خلق الله في الدنيا ويوم لقاء الله.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، الذي كلأته بعنايتك، ونظرته بعين رعايتك،

وحفظته بحفظك وصيانتك، وارزقنا مرافقته في جنتك. آمين .. يا ربَّ العالمين.

(أما بعد)

فيا إخواني ويا أحبابي في الله ورسوله:

الحمد لله أرى في وجوه الحاضرين العلم والفقه، وذلك ينبئُ عن أننا جميعاً- والحمد لله - يحبنا الله عزَّ وجلّ.

فعلامة حُبِّ الله لأي عبد من عباد الله بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يقول فيه:

{ إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ }،

ولم يكتف بذلك - لأن العلم لابد له من العمل - فأكمل صلى الله عليه وسلم وقال:

{ إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ } .

يعني وفَّقه في العمل الذي تعلمه.

فالحمد لله أرى وجوهاً نيِّرة، اهتدت إلى رضوان الله، وتفقهت في دين الله،

فهنيئاً لكم جميعاً بفضل الله ورضوان الله عزَّ وجلّ.

وحادثة الهجرة السعيدة - أيها المسلمون الكرام - تزيد إيمان المؤمن إيماناً،

وتفاصيل الحادثة - الحمد لله - كلنا يعلمها، لكن اكتفي اليوم منها بما أبشِّر به نفسى وإخواني

بعناية الله، وكفالة الله، وتأييد الله، لكل عَبْدٍ تمسَّك بِهَدْىِ الله عزَّ وجلّ.

يكفينا جميعاً قول الله عزَّ وجلّ:

( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ)

(40-التوبة)

ولم يقل - في الآية: (فقد ينصره الله)، وإلاَّ كان النصر معلقاً وحادثاً،

لكن جاء بما يفيد أن النصر من الله مُقَدَّرٌ له صلى الله عليه وسلم قبل خلق الخلق!!

لأن القرآن كلام الله القديم. فقد نصره الله قبل خلق الخلق، وَنَصْرُ الله واضحٌ في آيات القرآن

فإن الله عزَّ وجلّ - كما أخبر القرآن - عندما خلق الحبيب صلى الله عليه وسلم روحاًَ نورانية -

قبل خلق جسمه - وخلق أرواح الأنبياء والمرسلين جميعهم، وأخذ عليهم العهد والميثاق أجمعين

أن يؤمنوا به، وينصروه ويؤازروه، ويبلغوا أمَمَهُم بصفاته ونعوته،

ويطلبوا مِمَّنْ طال به الزمن إلى عصر رسالته أن يؤمنوا به صلى الله عليه وسلم ويتبعوه:

(وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ - وهذا قبل الرسالة - لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ )

(81-آل عمران)

والرسالة لا تكون إلاَّ بعد ظهور الجسم في الحياة الدنيا، لأنها تكليف من الله لإبلاغ دعوة الله إلى الخلق.

ماذا أخذ على النبيين من الميثاق؟

(لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ)

يؤمنون به وينصروه، فأخذ الله العهد على الأنبياء أجمعين أن ينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كيف ينصروه صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا في زمانه وتنتهي آجالهم قبل مجئ أوانه؟!!

ينصروه بإظهار صفاته ونعوته وعلاماته لأممهم وأتباعهم، ويأمرونهم أن يتَّبعوه إذا حضروه.

وقد كان ذلك - والأمر يطول إذا تتبعنا السيرة العطرة -

لكن يكفي ما جاء على لسان نَبِيِّ الله موسى، وما جاء على لسان نَبِيِّ الله عيسى:

(وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)

(6-الصف)

ولم يبشروا به وبنعوته فقط، بل حتى أوصاف أصحابه كانت مذكورة في التوراة والإنجيل!!

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ)

(29-الفتح)

(مَثَلُهُمْ في التوراة .. وَمَثَلُهُمْ في الإنجيل)، مذكورين بصفاتهم.

حتى أن التاريخ يروي: أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما توجَّه للصلح مع البطارقة

واستلام مفاتيح بيت المقدس، ذهب وخادمه - ولم يكن لهم إلا مركب واحد، فكانوا يتناوبون ركوبه،

عمر يركب والخادم يمشي، ثم يركب الخادم ويمشي عمر خلفه - فلما اقتربوا من القوم

كانت نوبة الخادم في الركوب، فقال: يا أمير المؤمنين إني تنازلت لك عن نوبتي هذه،

لأن القوم على استعداد للقائك، وكيف يلقُون أمير المؤمنين ماشياً والخادم يركب؟!!

فأصرَّ عمر رضى الله عنه على ذلك، فلما دخلوا عليهم سألوا: أين عمر؟ فقالوا: الذي يمشي.

فقالوا: هكذا نجد عندنا صفته في الإنجيل:

(أنه يدخل بيت المقدس ماشياً وخادمه راكب بجواره)!!!

فأوصاف أصحابه كذلك ذكرها الله في التوراة، وذكرها الله في الإنجيل،

وذكرها الله في الزابور، وذكرها الله في كل الكتب السابقة.

وأنتم تذكرون جميعاً أنه صلى الله عليه وسلم قال:

{ أَنا دَعْوَةُ أَبي إِبْراهيمَ } ،

(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منهم)

(129-البقرة)

هذه دعوة سيدنا إبراهيم وكان هو صلى الله عليه وسلم.

فنَصْرُ الله عزَّ وجلّ لحبيبه ومصطفاه كان مِنْ قبل القبل، فقد أيَّده وأمر الرسل الكرام

بإبلاغ صفاته ونعوته لأممهم، وهيأ الكون كلَّه وأمره أن يكون رهن إشارته.

لكن العبرة التي نحتاج إليها في هذه الظروف الحالكة في حياتنا اليوم،

أن نعلم - علم اليقين، ولا نشك في ذلك طرفة عين ولا أقل - أن أي رجل منَّا لو أقبل بصِدْقٍ على الله،

وتمسك في سلوكه وهديه وحياته بشرع الله، فلم ينافق ولم يمارِ،ِ ولم يبتغِ بعمله إلاَّ وجه الله،

فإن الله عزَّ وجلّ يجعل له قسطاً مِنْ نَصْرِ الله لحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم،

فيؤيده وينصره في أي موقع، وفي أي زمان وفي أي مكان، لأن هذه سُنَّةُ الله

التي لا تتبدَّل ولاتتغيَّر على مرِّ الزمان ولا بتبديل المكان!!.

ونأخذ مثالاً واحداً - كي لا نطيل عليكم:

(إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا)

(40-التوبة)

فاسمعوا أيها الحضور الكرام: سيدنا موسى عليه السلام عندما خاف قومُهُ - بعد خروجهم من مصر-

من اللحاق بهم، فقالوا له: النَّجدة، فقال لهم: لا تخافوا،

(كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)

(62-الشعراء)

أنا مَعِي ربي لا تخافوا ... ولكن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(إِنَّ اللّهَ مَعَنَا)

(40-التوبة)

أي: معنا جميعاً - ولم يقل إن الله معي –

(ومعنا) هذه، هى بشرى لكل مؤمن إلى يوم القيامة، ولذلك أيَّده الله في كتاب الله فقال:

(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ)

(40-الحج)

فالذي يَنْصُرُ اللهَ يَنْصُرُه الله.

وهل الله يحارب لننصره؟ لا!،

ولكن يعنى مَنْ ينصر شريعته ويقيمها في نفسه، وفي بيته وفي عمله، وفي أهله وفيمن حوله.

فَنَصْرُ الله: يعني إحياء شريعة الله والعمل بها بين خلق الله.

وماذا كانت النتيجة ؟ بماذا أيده الله صلى الله عليه وسلم؟

(فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا)

(40-التوبة)

أولاً: أنزل عليه السكينة. وكيف نأتي بها؟!! لا تأتي إلا بتوفيق الله لمَنْ أحبَّه الله واجتباه:

(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ)

(4-الفتح)

وكما أنزل عليه السكينة أنزل علينا السكينة. والسكينة: يعني الطمأنينة بوعد الله،

والثقة في قدرة الله، ورعاية الله، وكلاءة الله، وصيانة الله، وحفظ الله،

لمَنْ تمسَّك بشرع الله ابتغاء وجه الله عزَّ وجلّ.

فكما أنزل الله عليه السكينة، أيضاً فتح المجال لجميع المؤمنين، وأعلمنا- علم اليقين-

أن السكينة لا تأتي إلا من عنده، وهو الذي ينزِّلُها بنفسه، حتى أنه لا ينزلها عن طريق مَلَكٍ،

ولا عن طريق أي كائن أو مخلوق، بل هو ينزِّلها!! ولم يقل: يُنْزِل (بالمضارع) بل قال:

(أنْزَلَ السكينة في قلوب المؤمنين). فيُحَبِّبُ إليهم الإيمان، ويشرح صدروهم للعمل بأركان الدين

والاهتداء بتعاليم القرآن، والتأسي بسنَّة النَّبِيِّ العدنان صلى الله عليه وسلم.

ثم ماذا؟

(وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا )

(40-التوبة)

- أيَّده بالملائكة،

- وأيَّده بالأرض، وقال له: الأرض طَوْعُ أمرك، مُُرْْهََا بما شئت!!

فيقول لها: خذيه، فتمسك بفرس الفارس الذى خرج ليلحق به وتغوص به!!

فيقول لها: اتركيه، فتتخلى عن الفرس!!

فكانت طوع أمره صلى الله عليه وسلم، وليس مرة واحدة ولكن ثلاث مرات.

- وأيَّده بالحمام،

- وأيَّده بكائن بسيط وحشرة صغيرة - وهي العنكبوت.

- وأيَّده بالأنصار، وأيَّده بالمهاجرين،

- بل وأيَّده بأناس قبله جهزوا له المكان الذي سيسكنه صلى الله عليه وسلم!!!!

فالهجرة إلى المدينة كان يعلمها من قبل - من ساعة ما نزل عليه الوحي،

وأخذته زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها إلى ابن عمها - ورقة بن نوفل - وقال له:

ليتني أكون فيها جزعاً - يعني شاباً فتياً - عندما يخرجك قومك. فقال: أو مُخْرِجِيَّ هم؟!!!!

قال: نعم، ما أُرسل رسولٌ بما أرسلت به إلا أخرجه قومه.

حتى المكان الذي هاجر إليه صلى الله عليه وسلم كان يَعْلَمُهُ مَنْ سبقه من الأنبياء والمرسلين!!

ولذلك يروي القرآن: أن اليهود تركوا بلاد الشام وجاءوا إلى المدينة مترقبين ظهور النَّبِيِّ

الذي قرُب زمانه، وعندهم صفاته، وكانوا يرجون أن يكون منهم. وقد ذكر الله ذلك:

(وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ)

(89-البقرة)

فقد كانوا عندما تحدث بينهم حرب وبين أي قبيلة، يقولون - كما قالت السيرة العطرة:

(اللهمَّ بحقِّ النَّبِيِّ الذي ستبعثه في آخر الزمان انصرنا عليهم)،

فينصرهم الله عزَّ وجلّ، وهذا معنى الآية:

(وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ)

أي: يطلبون به النصر، فينصرهم الله عزَّ وجلّ. هل كانوا يعرفونه؟!! القرآن يقول:

(يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ)

(146-البقرة)

وهل هناك أحد لا يعرف أولاده.

الذي أريد أن أصل له - وأوصى به بنفسي وإخواني - أننا جميعاً لنا نصيب في هذا الأمر

إذا استمسكنا بهدى الله، ولم تُغْرِنا مغريات الحياة!!

ما الذي جعل الله ينصر رسول الله هذا النصر العظيم؟

أنه تمسك بهدى الله رغم ما عرضوا عليه في هذه الحياة!! فقد عرضوا عليه المال، وقالوا:

(إذا كنت تريد مالاً جمعنا لك مالاً حتى تصير أغنانا،
وإن كنت تريد المُلك جعلناك مَلِكاً علينا،
وإن كنت مريضاً طلبنا لك الشفاء والدواء والأطباء)

قال: لا أريد مُلكا،ً ولا مالاً، ولا أي شئ في الدنيا:

(إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ)

(29-هود)

أريد أن تهتدوا إلى الله ولا أريد منكم شيئاً، ولذلك قيل فى الأثر:

{ كن مع الله، يكن الله معك }

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

**************

يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Ahmed Elkady
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات




الهجرة أسرار وأنوار Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهجرة أسرار وأنوار   الهجرة أسرار وأنوار I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 11, 2012 2:16 pm

تابع:

*********************

الخطبة الثانية:

************
الحمد لله ربِّ العالمين، مُذَلِّلُ الصعاب، وميسِّر الجواب، ومُلْهِمُ الصواب لمن آمن بالكتاب.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، البَرُّ التواب، العليُّ الوهَّاب،

يرزق مَنْ يشاء - مِنْ بحبوحة فضله، ومواهب كرمه - مِنْ غير حساب.

وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، خير من نطق بالكتاب، وظلَّلَتْهُ السحاب، وشملته عناية هذا الجناب.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وارزقنا معه حسن المآب، وخير المتاب في الدنيا ويوم الحساب،

آمين .. يا ربَّ العالمين. (أما بعد)

فيا إخواني ويا أحبابي:

إن الدرس العملي الذي نأخذه جميعاً من هجرة رسول الله - وما أكثر دروسها -

أن المرء منَّا لا يتوقف عند أي أمر أمره به الله، مهما لاقى في سبيل ذلك من صعاب،

فالذي أعزَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة عقيدتهم،

فكان الرجل منهم لا يُبيح لنفسه أن يخرج عن المُثُلِ والمبادئ الإيمانية - قيد أنملة،

خوفاً من الله عزَّ وجلّ - مهما تعرَّض له من صعاب.

لكن في عصرنا الآفة التي انتشرت في مجتمعنا، أن الناس قد اجتهدوا - من عند أنفسهم -

اجتهاداً خاطئاً في تبرير الزيغ، والبُعد عن المثل والمبادئ الإيمانية،

- فيبيح لنفسه الكذب بحجة أنه مضطر!!
- ويبيح لنفسه أخذ ما يريد من المال العام بحجة أن مال الحكومة مِلْكٌ للجميع، وكل واحد له فيه نصيب!!
- ويبرر لنفسه التزويغ من العمل بحجة أن أجره لا يكفي، وهذا الوقت على قدر فلوسهم - مثلما نسمع منهم!!
- ويبيح لنفسه أن يخدع في تجارته، أو يغش في بيعه وكيله وبلسانه، وإلا لن يستطيع أن يعيش أو يكسب - في زعمه!!

هذه يا إخوانى الحاجات التي سَوَّلَتْهَا لنا النَّفْسُ وعزَّزها الشطان،

وهذا الذي جعل الله يبتلينا ليذكِّرنا - وليس للانتقام منا، لأنه لا ينتقم من المؤمنين -

ولكن يذكرنا المرة تلو المرة، بالمرض أو الفقر أو الغلاء، فكل هذه ابتلاءات كي نرجع إلى الله.

لكن - واللهِ الذى لا إله إلا هو - لو تمسكنا بهدى الله، لفتح الله عزَّ وجلّ لنا الخيرات في الأرض،

وأنزلها من السماء، وكنا كأهل الجنة تأتينا أرزاقنا في أيدينا دون عناء أو تعب!!

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)

(96-الأعراف)

لم يقل فتحنا عليهم خيرات، لأن الخيرات ممكن تكون كثيرة ولكنها لا تكفي، لأنها ليس فيها بركة

لكن لو رزقنا القليل - وبارك الله فيه، لأغنى عن الكثير والكثير.

فنحن يا إخواني نشتكي في زماننا من كثرة الأمراض،
ومع كثرة المستشفيات لم تعد تستطيع أن تقوم بمهمة العلاج،
والأمراض الموجودة في الأجسام كلها لا تساوي مرضاً واحداً من أمراض الأخلاق
التي حذّر منها الكريم الخلاَّق - والتي تنخر في مجتمعنا نخر السوس - كالشّقاق والنفاق،
والحسد والبغضاء، والكراهية والأحقاد،
وغيرها من الأمراض التي نعاني منها، من الضغوط النفسية، والتوترات العصبية.
كل هذا يُسبِّبُ وجود الأمراض الجسدية. والأمراض الجسدية لو لم يوجد خلفها التوترات العصبية سوف تُشفى بإذن الله،

لكن الذي يزيد المرض هو التوترات والضغوط والمشاغل،
وكل هذا جاء من الحسد لهذا،

والكُرْهِ لهذا، حتى أن كل مؤمن بينه وبين إخوانه المؤمنين حروباً لا عدّ لها،

حروب مع الأولاد، وحروب مع زملائه في العمل، والحروب مع الأقارب،

لماذا يا إخواني؟!!!

أين الذين قال الله عزَّ وجلّ فيهم:

(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)

(47-الحجر).

الذين ملأوا المحاكم من أجل سهم في البيت!! أو سهمين في الغيط!!

والأخ وأولاده وزوجته حربٌ على أخوهم!! والثاني كذلك! وهذا يستعد وهذا يستبدّ!!

ألم يسمعوا عن القوم الذين أخذوا الغرباء عنهم في النسب - لكنهم معهم وقريبين منهم في الدين -

ويقول له: تعالَ، أَقْسِمُ بيتى نصفين، واختر أحدهما!! والمال نصفين، واختر ما يعجبك!!

وانظر إلى زوجتى الاثنتين، أيهما تعجبك فأطلقها، وبعد انتهاء العدة تتزوجها أنت على سنة الله ورسوله!!!

هؤلاء الجماعة، ماذا قال الله لهم - في الوسام الذي أعطاه لهم؟

(يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا

وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)

(9-الحشر)

ليس ذلك فقط، بل عندما جاءت الفتوحات، وجاءت الخيرات، جمعهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

وقال لهم: تعالَوْ معشر الأنصار، وتعالَوْ معشر المهاجرين.

فقال للأنصار: ما رأيكم جاءت إلينا خيرات كثيرة، أُقَسِّمُهَا بينكم أنتم والمهاجرين، ويظلون معكم؟

أم أعطيها للمهاجرين ويتركوا لكم البيوت والأموال التي معهم؟

قالوا: لا، أعْطِهَا لهم كلَّها، ولا نأخذ شيئاً خرجنا منه لله عزَّ وجلّ:

{ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءُ الْرَّاجِعُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يرجع فِي قَيْئِهِ }

أعطِ لهم الكل، ونحن - والحمد لله - يكفينا رضاء الله عزَّ وجلّ علينا.

أين هؤلاء يا إخواني؟!! هؤلاء هم أجدادنا، وهم آباؤنا، وهم قدوتنا، وهم أسوتنا، وهم الذين قال الله فيهم:

(أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)

(90-الأنعام)

فنحن جميعاً نحتاج نصر الله، وتأييد الله، ولطف الله، وتوفيق الله،

وهذا هو السبيل البيِّن، والطريق القويم له.

- اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات،
الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، يا رب العالمين.
- اللهم أصلح أحوال المسلمين أجمعين، حاكمين ومحكومين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

(90-النحل)

اذكروا الله يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، وأقم الصلاة

***************

من كتاب الخطب الإلهامية جـ1 (الهجرة ويوم عاشوراء)

لفضيلة الشيخ/ فوزى محمد أبوزيد -

رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله - مصر.

*****************

يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الهجرة أسرار وأنوار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إسلامنا نور الهدى :: الطريق الى الله-
انتقل الى: