صيام الأطفال بين التجربة والاستمرار

مراقب عام المنتدى

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة 185

هاهو رمضان هل علينا بنفحاته الروحانية ، فهل استعددنا لتقديم للأطفال جزءاً ولو يسيراً من بركات هذا الشهر الفضيل؟
كم منهم دربناهم على الصوم؟ وكم صاموا؟ وكم منهم علمناهم خصوصية هذا الشهر؛ لتعويدهم على واجباتهم الدينية حتى إذا كبروا أصبحت جزءا من نظام حياتهم؟!
اجتماع الأسرة المسلمة حول مائدة الإفطار يدفع الكثير من الأطفال إلى الصيام إما بدافع التجربة أو تقليداً للكبار، أو للفت النظر إليهم بأنهم كبروا..
لقد أن الأوان لنلقي الضوء على تجربة صيام الأطفال بأبعادها المختلفة ومع الأطراف ذات الصلة.
تشجيع وتقليد
في البداية كانت لنا وقفة مع بعض الصغيرات على الأسباب التي دفعتهن إلى الدخول في تجربة الصيام:
فاطمة ، سارة، عبير، هناء ، خديجة ، صباح , إسراء, تلميذات في الصف الخامس بدأن صيامهن منذ سن 7 سنوات بتشجيع من الأسرة، فقد استخدمت أمهاتهن أساليب عديدة لإغرائهن وتشجيعهن على الصيام حيث بدأت تجربتهن بالصيام ثلاثة أيام في الأسبوع ثم أربعة أيام وهكذا حتى أكملوا أسبوعاً في نهاية الشهر الكريم. وفي السنة التالية واصلن صيامهن كل الأسبوع دون تعب أو إرهاق.
أما أحمد ، وعلي، ومروان ، وعاطف , وسعيد , ومحمد , و بهاء (في الصف الرابع) فقد أوضحوا بأنهم دخلوا تجربة الصوم تقليداً للكبار في الأسرة حيث بدأوا منذ الصف الثاني، وكانت بدايتهم تدريجية بدأت بنصف يوم وانتهت بأسبوع خلال الشهر الكريم، وتكررت التجربة في العام التالي وتواصلت باستمرارهم في الصيام طوال الشهر دون تعب رغم أنهم يذهبوا إلى المدرسة كل يوم ويؤدوا واجباتهم المدرسية على أكمل وجه، ويؤكدوا أن تحصيلهم الدراسي ازداد خلال الشهر الكريم.
للأمهات دور
سعينا إلى معرفة موقف الأسرة ودورها في صيام الأطفال، فالتقينا بالأمهات اللائي أشرن إلى تخَوفهن في البداية من تجربة صيام بناتهن في سن مبكرة خاصة وأن رمضان يأتي في وقت الدراسة مما قد يؤثر على تحصيل الطالبات وقدرتهن على استيعاب الدروس، فحاولن في البداية أن يمنعن بناتهن عن الصيام ولكنهن لم يستطعن ذلك، وأمام إلحاح بناتهن استجبن وبدأن التجربة بمتابعة يومية من الأمهات تمكن من التغلب على الإرهاق والتعب الناتج عن الصيام وواصلن الصيام فكانت تجربة ناجحة.
وعلى العكس من موقف الأمهات السابقات كان موقف أم أحمد ، وعلي، ومروان ، وعاطف , وسعيد , ومحمد , و بهاء ، فقد شجعن أولادهن بكل الوسائل لحثهم على الصيام والتعود عليه في سن مبكرة وأكدن أن هذا ما يجب أن تقوم به كل أم مسلمة تحاول أن تنشئ أبنائها على القيم والمبادئ الإسلامية منذ الصغر، حتى يدركوا واجباتهم الدينية على أكمل وجه.
وأشرن إلى أن تشجيعهم ورعايتهم كانت أسباب كافية لأن يجتاز أولادهن تجربة الصيام.

صحة الطفل الصائم
قد تقلق بعض الأمهات على صحة أطفالهن الذين يصرون على الصيام، فهل يؤثر الصيام سلبا على صحة الطفل؟ وهل يستطيع الطفل تحمل الصيام؟
فكان لنا لقاء مع بعض أطباء الأطفال في هذا الموضوع وأدلوا فيه بقولهم:
أن الأطفال دون الثانية عشرة لا يحتملون الصيام كما يحتمله الشخص البالغ ولكن إذا كانت بنيتهم قوية وتكوينهم الجسماني يسمح بذلك يمكن تشجيعهم تدريجياً على الصوم، حتى لا يلجئون إلى الغش بدافع إثبات المقدرة على الصيام بأن يمتنعوا عن الطعام والشراب أمام الناس فقط!
لذلك فإنه لا ضرر من صيام الطفل ما دام يتمتع بصحة جيدة ولكن على الآباء والأمهات متابعتهم.
وأشاروا إلى أن الصيام يقلل من السكريات في الجسم والطفل يحتاج لسكريات أكثر؛ لأن حركته أكثر من الشخص البالغ لذلك فإن صيام الطفل يفقده الكثير من السكريات فيشعر بالتعب والهزال.
وهناك شيء آخر فالطفل لا يدرك كل الجوانب المتعلقة بالصيام كتقديره لفترة الصيام وتناول كل ما يحتاجه الجسم فالشخص البالغ يتناول كل ما يحتاجه، والطفل يأكل أقل من احتياجه مما يتسبب في إرهاقه، ولكن إذا كانت هناك متابعة من الأهل وإشراف على نوعية طعامه الذي يتناوله يستطيع الطفل مواصلة صيامه دون إرهاق أو مضاعفات. وإذا اتبع الطفل كل الأسس الصحية في صيامه وتناول ما يكفيه من الطعام فإنه يستفيد من الصيام مثله مثل الكبار من حيث تعوده على تحمل المشاق والصبر.
وأضافوا أن هناك أطفالاً يعانون أمراضاً وهؤلاء لا يحق لهم الدخول في تجربة الصيام إطلاقاً؛ لأن تأثير الصيام عليهم سيكون خطيراً، ومنهم الأطفال الذين يعانون من قصور في وظائف الكلى، والمصابين بالأنيميا المنجلية وهؤلاء إذا أنقصت السوائل في أجسامهم يدخلون في نوبة من آلام المفاصل، كذلك الأطفال الذين يعانون من مرض السكر.
وقد أشاروا إلي بعض الإرشادات طبية:
إذا استطاع الطفل اجتياز التجربة وكان يتمتع بصحة جيدة تؤهله للاستمرار في الصيام يجب على الأهل تشجيعه والإشراف على غذائه خاصة وجبة السحور التي يجب أن تحتوي على كميات كافية من السكريات التي تمد جسم الطفل بالطاقة اللازمة لنشاطه الدراسي خلال النهار حتى لا يشعر بالتعب. فإذا أخذ كمية كافية من الغذاء والراحة ونام مبكراً يستطيع الاستمرار في الصيام دون التعرض لأي مشاكل صحية.
السن المناسبة لصيام للطفل
فكان للعلماء الإجلاء الذين تحدثنا معهم في هذا الأمر هذا الرأي :
قالوا: : "الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعاً فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه، وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة فإذا بلغوا الحلم وجب عليهم الصوم".
وبعضهم أشار إلى أنه يشترط البلوغ لوجوب الصوم، فلا يجب على الصغار على الراجح لقول النبي صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل". ولأنه عبادة بدنية فلم يلزم الصبي كالحج، وقد روي عبدالرحمن بن أبي ليلى في حديث مرسل: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان".
وعلى ولي الطفل أن يأمره بالصوم إذا أطاقه ويضربه عليه ليعتاده كالصلاة. وقد كان هذا هو منهج الصحابة رضوان الله عليهم فقد جاء في صحيح مسلم "جزء 2 ص799 (1136) عن خالد بن ذكوان قال: سألت الربيع بنت معوذ عن صوم عاشوراء قالت ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله في قرى الأنصار فذكر بمثله حديث أنه قال ونصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم.
وهكذا فإن تجربة الطفل للصيام يمكن أن تستمر وبنجاح دون أن تترك آثار سلبية عليه، وذلك في حال وجدت الاهتمام الكافي من الأسرة بالطفل ورعايته وتشجيعه ومتابعة واجباته بطريقة صحية وتمكينه من أخذ القسط الكافي من الراحة والنوم حتى يستطيع أن يتابع تحصيله الدراسي بكفاءة ويتحمل المشاق وأن يكون صبوراً وقوياً.
ماذا تفعل الأم عندما تفاجأ بأن أحد أطفالها لا يصوم رمضان ويخبرها بأنه صائم؟‏!‏
وفي هذا كان لنا لقاء مع أطباء متخصصين في الطب النفسي
أوضحوا أن صيام الطفل مسئولية ملقاة علي عاتق الأم‏,‏ وهي مهمة صعبة لأنه لا يدرك أهمية الصيام في هذه المرحلة‏,‏ وحين تفاجأ الأم بأن طفلها يدعي انه صائم بينما يتناول الطعام دون علمها فعليها إتباع التالي‏:‏

‏1‏ ـ تحفيز طفلها علي الصيام بطريقة عملية بإعطائه مكافأة عن كل يوم يصومه‏.‏
‏2‏ ـ عدم مواجهته بخطئه وبأنه فاطر ويكذب عليها ولكن عليها أن توضح له بشكل غير مباشر عواقب هذه السلوكيات الخاطئة مثل الكذب وعدم الصيام من خلال حكايات تحمل هذا المعني‏.‏

‏3‏ ـ فرض الصيام علي طفلها بشكل تدريجي يتناسب مع سنه‏.‏
‏4‏ ـالإكثار من الثناء عليه حين يصوم أمام الأسرة‏.‏

‏5‏ ـ تشجيعه علي الصيام بالسماح للصائمين فقط من الأسرة بالجلوس علي مائدة الإفطار حتي يعي أن الشخص الفاطر يرتكب خطأ كبيرا‏.‏
‏6‏ ـ عدم وضع الحلويات والطعام المفضل للطفل أمامه قبل الإفطار حتي لا تضعف عزيمته‏.‏

‏7‏ ـ إشاعة جو ديني وبهجة في المنزل حتي يشعر طفلك بأهمية هذا الشهر واختلافه عن باقي الأشهر‏.‏
وتنتشر فكرة جعل الأطفال يبدءون بصيام جزء فقط من النهار يزداد تدريجيا ليصل إلى النهار كله في العديد من الدول العربية مع اختلاف في الطريقة وفي المسميات. ففي الشام يطلقون عليها "درجات المئذنة"؛ لأن الطفل يتعود على الصيام تدريجيا كما لو كان يصعد المئذنة درجة درجة. فيبدأ الأطفال الذين في عمر خمس سنوات أو أقل بالصيام إلى الظهر، وإذا وجد الأهل لدى الطفل المقدرة على تحمل الجوع والعطش تتم زيادة فترة الصيام إلى العصر ومن ثم إلى المغرب.
يتبع إن شاء الله تعالي

مراقب عام المنتدى

وعندما يتمكن الطفل السوري من صيام يوم كامل أو يصوم للمرة الأولى تقيم له العائلة ما يطلق عليه "فطورية بان يشتروا له جميع الحلويات التي يحبها ,وتقدم له الحلوى ويخبروه أنه سيتمكن من تناولها بعد المغرب، وعند الإفطار نقيم احتفالا صغيرا له".
الغزالة ستطعمكم
أما في العراق فيسمون هذه الطريقة في الصوم "صوم الغزلان " وتستخدم هذه الطريقة مع الأطفال قبل سن المدرسة الذين يرغبون في الصيام حيث يقول لهم الأهل صوموا ولكن عند الظهر ستأتي الغزالة ومعها طعام لكم ولا بد أن تأكلوا". ويعتقد أن السبب الذي من أجله تمت تسمية هذا الصيام بهذا الاسم أن الغزال حيوان لطيف ومحبوب من قبل الأطفال.

وفي تونس يتبعون مع الأطفال طريقة مختلفة قليلا كما تخبرنا حيث يصوم الطفل في اليوم الأول إلى منتصف النهار، ثم في الثاني يصوم من منتصف النهار إلى المغرب ويقولون له هكذا "اتخيط" لك اليومان الناقصان ليصبحا يوما كاملا.

وفي المغرب يشجع الأطفال على الصوم بجعلهم يصومون يوم 26، ثم بعد الإفطار يرتدي الأطفال الزي المغربي التقليدي ويتزينون ويذهبون مع أهلهم للنزهة، حيث تكون هناك احتفالات بليلة 27 في الأسواق الرئيسية بكل مدينة مغربية مع العديد من الفعاليات الخاصة بالأطفال، وفي الرباط يأخذون الأطفال ليلة 27 إلى "صومعة حسان" وهي مكان أثري مدفون بجواره الملكان محمد الخامس والحسن الثاني.
تشجيع على الصدق
ويبدأ الأطفال في السودان الصيام في عمر متأخر نسبيا بسبب المشقة التي يجدها الصائم لحرارة الجو وعدم توافر وسائل التكييف، حيث "يبدأ الأطفال بصيام أجزاء من النهار مع عمر السنوات السبع تقريبا ليتمكنوا من صيام الشهر كاملا مع بلوغهم الثالثة عشرة. ويفضل الأهل طريقة صيام جزء من النهار؛ لأنها تشجع الطفل على الصدق؛ فهو ليس مطالبا بصيام اليوم كاملا، وهكذا عندما يشعر بالتعب الشديد وخاصة العطش يستطيع أن ينهي صيامه ويشرب أمام الجميع، وذلك بدلا من أن يتظاهر بالصيام بينما هو يأكل ويشرب في الخفاء. ويتبع الأهل مع الأطفال وسائل للتشجيع، منها شراء أدوات طعام خاصة بهم من إبريق وأكواب وصحون وما إليه بأحجام صغيرة ليتناولوا فيها طعام الإفطار".

وفي مصر: يصر عدد كبير من الأطفال دون الخامسة من أعمارهم علي الصوم خاصة في القرى التي تتعمق فيها أواصر العقيدة والتربية , تقليداً للكبار , خاصة وأن الأطفال الصائمين عندما يعلموا بعدم صيام أصحابهم يزفونهم بالتقريع علناً بكلمات وعبارات تحث علي شدة ما أقدموا عليه من جريمة لا يقرها العرف حيث لصغر سنهم لا يدركون فوائد الصوم وخلافه فيكون ذلك التقريع مـن الصائمين للمفطرين من منطلق العرف الذي اعتادوا عليه في القرية وبين العائلات مثل يا فاطر رمضان يا خاسر دينك , وغير ذلك , مما يثير عزيمة هؤلاء بالصوم وعدم الإفطار حتي لو أشرف بعضهم علي الهلاك وحاول الأهل إفطاره يرفض بشدة أو يندفع للهرب والاختباء بالمساجد أو في أماكن لا يعرفها غيره لحين أذان المغرب خوفاً من التقريع والمعايرة0
وقد تكرر مثل ذلك كثيراً حيث يختبئ البعض منهم تحت أسرة النوم , أو في مكان يسمي الخزانة وهو مظلم يستغل لبعض شئون البيت الريفي قليل دخوله , أو ما يسمي الحوزة , فيغلبهم التعب ويداهمهم النوم إلي ما بعد أذان المغرب ما يجعل الأهل في حيرة وقلق يبحثون عنهم مشغولين عليهم , وقد اعتاد الأهل بالقري بصعيد مصر علي هذا الأمر من أبنائهم , مما جعلهم يزودوا أماكن الخزانة أو الحوزة بالإضاءة الخافتة, وبذلك أطمئنوا عليهم , ويوقظونهم قبيل الأذان بلحظات ليجلسوا معهم علي طبلية الإفطار 0
وبذلك ينشا الطفل القروي في هذه الأناة متعوداً علي الصوم فإذا كبر فهم واجبات الصوم ومشروعيته

لقد ألقينا الضوء على تجربة صيام الأطفال بأبعادها المختلفة ومع الأطراف ذات الصلة , وضربنا الأمثال .
فهل من إقتداء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعاننا الله واياكم على صيام هذا الشهر المبارك وقيامه

شكرا لك اخي الهواري جزاك الله الجنة.

» من أحكام صيام رمضان
» كيف نقضي صيام رمضان؟؟!!!.
» فضل صيام يوم عاشوراء
» صيام التطوع
» صيام التطوع