الحمد لله: الذى لا يُحمد على مكروهٍ سِواه

مراقب عام المنتدى

الحمد لله: الذى لا يُحمد على مكروهٍ سِواه

سناء البيسي

النفس تواّقة هذه الأيام إلى المستحيل. إلى الحمد الذى أصبح بعيد المنال. إلى ما غدا العزيز النادر الغائب المُغيَّب. إلى من عادى الكلام وخاصم اللسان وهجر اللغة. إلى من يعد الآن فى حكم العنقاء والخلّ الوفى والخروج الآمن. إلى من ترك الساحة وغاب عن الميدان وأخطأ العنوان واستُبعِد من الإطار وتلاشى من القرب والبعد وأُلقىَ عليه يمين الطلاق بالثلاثة بلا محلل فلملم هدومه وأخذ أجازة مفتوحة ورحل. إلى من تم فصله تعسفًا،وأصيب فى مقتل جهلاً، واستُبعد من التكريم تنطعًا، وشُطب من القائمة تعنتًا، وأُخِذَ على حين غِرَة انتقامًا، واستُعين بغيره صلفًا، وحُدِّدت إقامته قسرًا، ووقع من قعر القُفّة بفعل فاعل، ومُسِح بأستيكة من على وجه البسيطة، وشُيَّع بلا جنازة، وسافر بلا رجعة، وتلاشى بلا خطبة وداع، وأخذ نياشينه بيساره سرًا. و.مشى من حياتنا تاركًا للدنيا الصراع. نحيا بدونه، وبدونه الدنيا نسور مهيضة الجناح. استُشهد ــ الحمد ــ بين أيدينا بلا دمعة شجن تنعى منزلته، ووأدناه فى منقلب زرى ولم نلبس عليه السواد، ولم نتقبل فيه العزاء، ولم نقم له سرادق تلاوة، ولم ننعه فى جرنال، ولم نعد نذكر محاسنه خشية وتملقًا، ولم نقرأ الفاتحة ترحمًا، ولم نطلع عليه القرافة، ولم نصرخ ونولول ونعدِد عليه فى خرجِته، ولم نفرق على روحه القُرص والمنين والشريك،ولم نضع على قبره المجهول باقة من جريد النخل والصبار
بل ومن الإجحاف والبطر وقفنا نتفرج عليه وهم يكسرون من ورائه القلّة. راح وأخذ معاه كوكبة كانت ملء السمع والبصر نزل عليهم سهم الله على حين بغتة ــ أو كما خُطط للبغتة ــ راحوا كلهم فى الوبا!.
الحمد راح. والشكر راح. والرضا راح. والسلام مع النفس راح.والإيثار راح،وحتى القناعة راحت هى الأخرى وراحت اللقمة الهنية التى تكفى ميّة،وراحت قيم نبيلة وإيمان بآيات تحض على الشكر لله ونعمائه رغم قوله تعالى في سورتى آل عمران والنساء «وسيجزى الله الشاكرين»، و«لئن شكرتم لأزيدنكم» وقال فى وصف النبى نوح فى سورة الإسراء «إنه كان عبدًآ شكورًا»، وقوله تعالى «بل الله فاعبد وكن من الشاكرين»، وفي سورة البقرة «يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله»، وفى لقمان تنزيله «أن اشكر لى ولوالديك إلىّ المصير»، وفى قرآنه «فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له»، وفى سورة النساء يقول المولى القدير عن نفسه «وكان الله شاكرًا عليمًا».
راح للأسف من كلامنا حِكَمْ وأمثال مثل الجواهر تُكتب بماء الذهب كانت تنزل على الصدور المغلولة بردًا وسلامًا فتطفئ أوار نارها، وتلطف من قيظ غضبها مثل: «مطرح ما ترسى دق لها. و. اجرى يا ابن آدم جرى الوحوش غير رزقك ما تحوش. و. ربك ربك العطا يدى البرد على قد الغطا. و. اللى خلق الأشداق متكفل بالأرزاق. و. كل شىء نصيب، واللى من نصيبك يصيبك. و. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. و. واللى يبص لفوق يتعب وتوجعه رقبته. و.نص العمى ولا العمى كله. و.الأعور وسط العميان ملك، وشىء أهون من لا شىء، والحمد لله اللى جت على قد كده، وآدى الله وآدى حِكمته، وكده رضا قوى، وما كل ما يتمنى المرء يدركه، والقناعة كنز لا يفنى، والقناعة مال وبضاعة، وعصفورة فى اليد ولا عشرة ع الشجرة، وبيضة النهاردة أحسن من فرخة بكرة، واقنع بالحاضر على ما ييجى الغايب، ومن رضى بقليله عاش، وعزّ من قنع وذّل من طمع، وأقلّه أبركه، وأقلّ موّال ينزه صاحبه، واللى عنده عيش وبلّه عنده الفرح كلّه، وبخمسة قهوة تقضى السهرة، وافتكاره رحمة، وله فى ذلك حِكَم، ويا سلام عليه اللى يشم ضهر إيده يشبع، واللى عايش فى بلد أبوراضى المشنّة مليانة والسر هادى، وشعيرنا ولا قمح غيرنا، وقُطع الطشت الدهب اللى أطرش فيه الدم، ولقمة جنب الحيطة ولا خروف بزيطة، وما ضاقت إلاّ ما فُرجَت، وإذا اشتد الكرب هان، وطولة البال تبلَّغ الأمل، ومن صُبر نال ومن لحّ مالوش، والله جاب الله خد الله عليه العوض،وفرجه قريب، وإن صبرتم أُجرتم، وأمر الله نافذ، واتقل ع الرز يستوى، وفات الكثير ما بقىَ إلا القليل،وإيييه اللى قبلنا خدوا إيه،وما ينفع ابن آدم إلاّ عمله،والكفن مالوش جيوب، واللى يصبر على المُر لابد وأن يدوق الشهد. و.الدنيا فانية وغرورة وقلاّبة وعلى كف عفريت وما يتبكيش عليها وملعون أبوها وما حدش واخد منها حاجة، وإن كان بِدَك تشوفها بعد عينك شوفها بعد غيرك، وهى زى الغازية ترقص لكل حد شويّة، وهى مسرح كبير، وهى أشغال شاقة وآخرتها إعدام، وهى لا بتخلى الماشى ماشى ولا الراكب راكب، ويوم عسل ويوم بصل، ويوم تدّى ويوم تاخد. ساقية. يوم فى العالى ويوم فى الواطى. دنيا. اللى متغطى بيها عريان. دنيا. أخذ وعطا، وكذاب اللى يقول الدهر دام لى، ويا مستكثر الزمان أكثر، وجفن العين جراب ما يملاه إلا التراب، ومن رضى بقليله عاش، وكل برغوت على قد دمه. وانتظروهم دائمًا في كل ما لا يُنتظر. وكل الناس عارفين مين اللى خان بهية ومين قتل ياسين ومين بهدل بلدنا ومين ومين ومين. وحتفكّر تتعكر ومزاجك يتكدر. وآهى عيشة ولاّ أكثر.!
راحت أمثال تهوِّن علينا الحال وأصبحنا ولا حد دريان بحد ولا سبت مستنى حد وبكرة طلّع لسانه وسحب على رقابنا حد، ولم يعد هناك من حولنا سوى الوش العِكر والبطر ورفس النعمة وعدم الرضا والسمك اللى بياكل بعضه، واللى يعرف أبويا يروح يقول له، واللى كاتب كتابى يحل الرباط، واللى يبان منى زكاة عنى، وضربوا الأعور على عينه قال خسرانة خسرانة، وكله محصل بعضه، والرشوة حلّت عمة القاضى، وقالوا للقِردة اتبرقعى قالت ده وشى واخد ع الفضيحة، وقطيعة تقطع مثل بيقول إن البلد دى أحسن من غيرها، وبفلوسك بنت السلطان عروسك، والبلاش كتّر منه، وكسبنا صلاة النبى، وياما جاب الغراب لأمه، والشيخ البعيد سره باتع، واللي تملكه اليد تزهده النفس، ورزق الهِبل ع المجانين، وزبّال وفى إيده وردة، وأقرع ونُزهى، ومكسحة وتقول للصايغ تقّل الخلخال، واجرى يا مشكاح للى قاعد مرتاح، والحظ لما يآتى يخلى الأعمى ساعاتى، وعيشتك حلوة يا خالتى قالت من سوء بختى يا ابن أختى، وخدى بختك من حجر أختك، وباضت له فى القفص، وشبع بعد جوعة، واللى يعاشر التعابين لازم يشتغل حاوى، وناس تاكل البلح وناس يترموا بالنوى، وناس لهم العنب وناس لهم الحصرم، ومن حفرة لطوبة يا قلبى لا تحزن، وفي حزنهم مدعية وفي فرحهم منسية، وهو فيه حد بيقول يارب اتعسنى يا أختى، وحد يبقى القلم فى إيده ويكتب نفسه شقى، وقسِّموا القسايم خدت أنا كومى قالوا مسكينة قلت من يومى، وخطّوا علىّ كلكم ياللي الزمان خلاّنى تحتكم، وأصل السبع لما يعجِّز تلعب على ضهره القرود، وأصفر ومعلول ويغدِّى ولاد الأصول، وأحمد زى الحاج أحمد، والحسن أخو الحسين، والأكلانة تِولِد مية وتقول يا قلّة الذرية. و.يا تفهم الفرق بين الملك والملكوت يا تحل لغز البيضة والكتكوت، والطبع يغلِب مادام عجز البشر يحميه واتمكسن لمّا تتمكن، ولازم نطاطى نطاطى نطاطى عشان ما نعلا ونعلا ونعلا، وكله علي كله وسايح عبِّى صفايح ح تدارى إيه الحال فاضح والناس عارفين!
ألتقطها. أسمعها. أشوفها. أحسها. أراقبها. أرصدها حولى فى كل مكان. فى البيت والغيط والشارع والميدان والعمل والمحيط العائلى. علامات عدم الرضا. الأفُ المتضخمة. والهلضمة والبرطمة والكلضمة والتلحمة والفرهدة والشَقورة والنَقوَرة والنقرزة، والآهة الوارمة والأنَّة المستخبية والتنهيدة العميقة. الزفرة الوالعة. النار القايدة. المحتوى البركانى. الكل غير راض. معدوم الانسجام. مذبوح الانبساط. مكسور الفؤاد. مشنوقة الضحكة، مكتومة التهنئة، مسجونة المشاركة. مدغوم السلام. الكل محبط مكتئب متأفف زهقان نعسان حرّان بردان زعلان قلقان غضبان قرفان روحه فى مناخيره وسبابه على طرف اللسان. حقده من قبل حمده. غِلّه من قبل شكره. من يمتلك لا يشكر، ومن فى حوزته المزيد يبتغى التخمة، ومن يزلط لا يشبع، ومن فى البدروم طالب سكن فى الروف، ومن أخذ العلاوة اليوم قطع الطريق تحسبًا لعلاوة الغد، ومن نجحت له مليونية أدمنها، ومن قالوا له ده ثور قال برضه احلبوه، ومن رفعه والده لمنزلة الصديق رفع صوته عليه وحط جزمته فى وشه، ومن سكتت على سهر جوزها فى فرح صاحبه بات تانى يوم برّه، ومن رفعت الكلفة إنسانيًا بينها وبين الشغالة نامت لها التانية على كنبة الصالون تشوف المسلسل، ومن تركت دورها ترحمًا فى صالة انتظار لطبيب قعدت لآخر العيادة ومشى الدكتور، ومن أعارت فستانها لجارتها قصرّت لها ذيله بحجة إن سرفلته مش حلوة، ومن عزمت حماتها على وليمة فى رمضان صارحتها أمام ابنها المحروس إن مؤكد الفرن كان حامى والسمنة مزنَّخة يا روحى والباشميل نىّ، ومن غير علام الشوربة ناقصة شَعرِة ملح والبامية كانت عايزة تتقمّع كويس وصينية الكنافة مِشعوَطَة حبتين ولزومه إيه حشو الصنوبر المولع يا بنتى يا حبيبتى. ومن ترفع له تليفون تسأل عليه من باب الصداقة والود أول ما يرد يخبطك بطوب الكلام: «خير. مش عوايدك». ومن أرسلت صينية الشربات تهنئة لجيران أول دور رجعوا لها الصينية من غير الكاسات. ومن سهرت الليالى تمرِّض الزوج علي رمش عينها قايدة له صوابعها العشرة شمع أول ما شد حيله قال لها غورى من وشى. ومن فكّت أزمة المزنوق رجع لها ربع الفلوس على فص عينه وقسّط الباقي وكأنه يعطيها من حُر ماله، ومن صلّى وصام لأمر كان، ومن تقسم بحياته يحبطك بجواب: «يا بكاش يا ضلالى يا بتاع التلات ورقات آهين وآه منك». ومن يقول لها يا حلوة ترد عليه طيب ما أنا عارفة، ومن كتر عرسانها اتبطرت، ومن تأتيه النعمة فيرفصها، ومن يضربك على خدك اليمين وتعطيه الشمال يقلع جزمته وفين يوجعك، ومن سكتناله دخل بحماره، والليث ليث وإن قُلمت براثنه والكلب كلب وإن طوقته ذهبًا. ومن قلنا لهم عايزين نعيش قالوا لنا طفّوا النور واتلموا فى أودة واستحموا فى كنكة!
من لا تخفى عليه خافية. الله. يعرف أن الجاحدين كُثُر وأن الشاكرين قِلَّة، وهو الذى قال فى سورة الأعراف «ولا تجد أكثرهم شاكرين». من القليل الشاكر الحامد الراضي بقليله معلمى وأستاذى فى زمن الطفولة الذى أغيب وأنسى، وأذكر فأعود، أسأل عمن كاد أن يكون رسولاً، الذى علمنى فى الصغر مقولات حُفرت على جدران ذاكرتى، أهدانى فيها مفتاح الفرج بنصيحة غالية قال فيها إذا ما حّل بك الضيم وتلبد الغيم أو وقعت فى شرك أو أصابتك نائبة أو جد جديد الكرب أو تشابكت خيوط البصيرة وأُسقِط فى يدك فاجعلى تكالك عليه. ارمى حِملك على الله. سيبيها للى خلقك. لمولاك. لمنقذك ونصيرك. حيحلها بإذن منه أفضل منك مائة ألف مرة، وهو الذى قال فى حديثه القدسى: «ما خافنى من خاف فوات الرزق وما توكل بى عبدإلاّ كفيته وبيدى كل مهمة»، وقال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تروح خماصًا ــ جائعة ــ وتعودوا بِطَانًا ــ ممتلئة».
معلمى المقعد فى السن الكبيرة عندما عاد لذهن تليفونى أن أسأل عن أحواله أجابنى مغردًا كمن تلقى فى صهد الصحارى جرعة ماء:
- ألف حمد وشكر. بمب. الآشية معدن وأكتر من كده يبقى بطر، وزيادة فى الطلب يبقى كُفر. افتكاره رحمة. الواحد يبوس إيده وش وضهر إنه نايم تحت سقف داره، ومعاشه يسدد إيجاره، والتأمين بيصرف دواه، والذهن لسه حاضر، والنظر من بعد المية البيضاء بيطالع الجرنال، والسمع بالسماعات الجديدة يستقبل محطة القرآن، واللى مامعهوش ما يلزموش، وشعرة من هنا وشعرة من هنا يعملوا دقن، والعمر ولله الحمد امتد لغاية ما جانى الحفيد ابن أحمد يشد دقنى ويلبس نضارتى ويرقص بعصاتى ويلعب استغماية ورا مخدتى ويأمرنى قوم يا جدو حالاً هات لى من المهلبية بتاعتك.
وأسأله عن الأبناء فيشرق صوته الهادئ المريح وكأنى أستفسر عن منابع غبطته:
- أحمد. تعيشى انت ربنا افتكره أخد وديعته وأولاده ما شاء الله زى السكر. و.كوثر. متغربة مع جوزها من سنين فى السعودية أرض الرسالة والرسول، ربنا يساعده، ومين عارف يمكن المولى يأذن وأطوف وأشوف من عندهم بيت الله والحضرة الشريفة. و.كامل. الله يكرمهم أصحاب مصنعه بعدما أكلت الماكينة ذراعه فى المصنع أعطوه عمل مكتبى، وسمير دخل الجيش وبكرة يتعايق بالبدلة الكاكى ويحمى حدود بلده من بعد دك الأنفاق، وعلى رأى المثل. الباب اللى يجيلك منه الريح سدُّه واستريح. وسلوى الله يخليها ويخلى لها ولادها وبيتها وجوزها ويخلف عليها من وسع ويسبل عليها ستره ويعطيها من جزاء عملها. بنت بارّة ولله الحمد والشكر عندها سرطان فى مصارينها قطعوا لها النص والباقى النص. طب إيه بتاع اليومين دول. عظمة وعبقرة. لله الحمد عندها استجابة للعلاج والكيماوى والدكاترة طمنونا وقالوا لنا بقت زى الفل بس ادعوا لها. النهاردة الخلبوصة طلع فى مخها تعمل لى ملوخية على الأرانب قال وإيه فتة بالخل والتوم. قالت لى إزلط يا بابا العيا مُر وبالهنا والشفا ودوس على ضراضيرك وبلاش منه الطاقم الرذل اللى بيوجعك. كان عندها فى وش العدو خمس عيال كلهم «عبده». عبدالسميع وعبدالحميد وعبدالمجيد وعبدالمتعال وآخر العنقود عبدالفتاح. ربنا افتكر اثنين عنده بقوا ملايكة فى الجنة يسقونا من حوض النبى ويشفعوا لنا يوم الحساب. وفضل تلاتة اسم النبى حارسهم وضامنهم على وش الدنيا. إنما إيييه العيون خضر زى البرسيم، والتقاطيع مسمسمة منمنمة تقوليش مرسومة رسم زى اللوحات والشعر أصفر بلون الدهب نازل على الجبين بقصة ناعمة زى الخواجات، والواحد منهم بالترنج الجديد فشر البرنس. كانت أمهم أخدت فى حملها هرمونات نزلوا وراء بعضهم خرس وطرش إنما إيييه سكر. الحمد لله على عطيته واللهم أبدا أبدًا لا اعتراض، وله فى خلقه شئون، ومين عارف كان ممكن يصيبهم غير كده أكتر من كده، ولابد وأن تكون هناك حِكمة فى ذلك، والمؤمن مبتلى والابتلاء امتحان. و.بلدنا معدنها طيب يا بنتى وأنا من رأيى نعطى للرجل فرصة. و.سيبينا من اللى مدوخينا. المهم إزيك يا بنتى وعاملة إيه فى شغلك وكويس إنك مرتاحة من حكاية الشورى والشقلباظات. لازم ووعد بمشيئة الله لو ربنا كتب لى عُمر أول ما أشد حيلى واعرف أحرَّك صوابعى آخد التاكسى الأبيض اللى بيقولوا عليه وآجى أطل عليكم ونقعد نستعيد الماضى ونضحك وأسألك لسّه عقدة حياتك القسمة المطولة وجذر التربيع وتصريف جمع المؤنث السالم.
أترك معلمى الحامد الشاكر لألتقى مع الجانب الآخر على ذبذبات اللاسلكى بواحدة من الكثير الخضم من عباد الله الذين لا يشكرون رغم الفيللا والديكورات ومارينا والتراس وديور وشانيل ولوران. أقول لروحى على الله يكون عندها حاجة تبسط فى الكلام وتفتح مراوح الصدر غير خيبة الأمل والنكد والاكتئاب والبلاوى الزرقاء والمصيبة السوداء والخيبة القوية والزفت والقطران والهباب والزهقان والطهقان، واللى نعيده نزيده، وأف، واشمعنى أنا يا ربى، وأصل أنا الحيطة الواطية، ومن يوم ما ولدونى فى الهم حطونى، وعلى ما يسعد المتعوس يكون فرغ عمره. ويا غُلبِك يا ريرى كل هم فى البلد ييجى لقلبلك وينسند. و.مرعوبين مرعوبين مرعوبين مش بقولك يا حبيبتى مرعوبين. خلاص حيغطونا؟! حيرجعونا الحرملك وتبقى عيشتنا حرام في حرام. حيجيبوا ضلفها من تسعة؟! ولا فُرجة ولا شوبنج ولا سيتى ستار ولا كافيه ولا مول ولا ولا ولا. يا خرابى يا أختى. حندخل سرايرنا فى الضلمة وننام زى الكتاكيت علشان نصحى قبل الشمس الشموسة ما تطلع ونحلب لبن الجاموسة ونِخبِز المرحرح للى مايتسماش.
ذلك ما رصدته من مظاهر التدنى والتدهور والتصحر فى أمور الحمد والشكر، أما عن الإيثار أى تفضيل الغير على النفس فقد أصبح تاريخا نحكيه فى الكتب ونكتبه فى الروايات، ونقوله لعيالنا حدوتة قبل النوم: «كان فيه مرة اتنين فى غزوة أحد استشهد الاثنان من العطش لأن كل واحد منهم رفض يشرب قبل الآخر». و. أبدًا لن نجنى الثمار إلا بالسعى والعمل وها هى مريم عليها السلام بذاتها وقدرها يحثها تعالى بقوله: «وهزى إليك بجذع النخلة تُساقِط عليك رطبًا جنيًا» أى لابد من هز الجذع كى نجنى رُطبًا!. وأموت ونفسى فى واحد أقابله بطول بلادى وعرضها اسأله عن الأحوال يرد: «الحمد لله». حتى ولو أعقبها بالشطر المنتظر: «الذى لا يُحمد على مكروهٍ سِواه».