ما هي البدعة؟

عضو نشط

الحمد لله المنزه عن كل شيء وعـَزّت معرفته فلا يُدرك بالمعقول، والصلاة والسلام
على سيدنا أحمد محمد المحمود النبي العبد الرسول، إسراء القبول، ومعراج
الوصول، وغاية المأمول، صلوات ربـّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ووراثه
ونوابه مفاتيح الوصول...
وبعد...

درس {البدعة}
لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى
الشيخ باسل صالح جرار
رضي الله تعالى عنه
شيخ الطريقة النورانية المحمدية الربانية الإلهية
ببيت المقدس ـ أرض الإسراء والمعراج

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا ًكثيرا ًطيبا ًمباركا ًفيه، ملء السماوات وملء الأرض
وملء ما بينهما وملء ما شئت مما شئت من شيء بعد، أحق ما قال العبد وكلنا
لك عبد، أنت أهل الثناء وأهل المجد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما
منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، له الحمد وله الملك، يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير،
شهادة ًمبرّأة ًمن الشك والتهم، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد
العرب والعجم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته أفضل الأمم،
الحمد لله الذي أنار الوجود بسيد الوجود - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم.
أما بعد...

ما هي البدعة ؟!

أولاً: حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (...كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار )
هذا الحديث الذي تردد على ألسن الوعّاظ كثيرا ولكن عفا الله عز وجل عنا
وعن جميع أمة حبيبه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وما نوده
من جميع الوعّاظ والمرشدين والداعين إلى الله سبحانه وتعالى أن يترووا
ويفهموا أحاديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما هي موضوعة
له، وأن يفهموها بكل جوانبها ظاهرها وباطنها، ومن ضمنها هذا الحديث الشريف
الذي يُؤخذ على غير المأخذ الذي له، إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه
العزيز: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } المائدة/٣،
إذا ديننا والحمد لله كامل مكمل جاء به النبي الكامل المكمل صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم، فديننا كامل متكامل شامل لكل جميع الجوانب الدنيوية
والاخروية إلى يوم القيامة لا ينقص ولا يزيد لأنه الدين الذي تصلح به
البشرية كلها لأن هذا الدين خاتم الأديان، كما أن النبي صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، فديننا ليس بحاجة لمن يزيده
ولا يتسنى لأي أحد أن ينقصه لأن الله عز وجل هو الذي تولى هذا الدين وحفظه
فلا يمكن لأحد أن يبتدع في الدين وإنما في غير الدين وهذا الكلام لا ينافي
واقع حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بمفهوم البدعة،
وأما مفهوم البدعة في الحديث هو: نسب شيء للدين ولا ينبني على قواعده وأحكامه
والقياس والإجماع ما ليس له، هذا هو الضلالة لأنه أتى بشيء ليس من الدين
بشيء، وكأنك تشعر من كلمة ابتداع كأنها اختلاق وهذا مرفوض بجميع جوانبه.
ولكن ربما يكون هناك شيء جديد ويكون مبنياً على القواعد والأحكام فلا يسمى
هذا بدعة وإنما هذا من شمولية هذا الدين الحنيف ولأنه يصلح لكل زمان
ومكان، فكل عصر وزمان يحتاج إلى أحكام قد تكون جديدة ولكن لها قواعد
وإستنادات تـُبنى عليها وإن لم تكن تلك الأحكام في العصر الذي قبل ذلك
العصر، فمن شمولية ديننا من قاعدة واحدة تنطلق مئات القواعد ومن حكم واحد
يؤخذ مئات الأحكام وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة المحمدية
وإلا لِمَ كانت الدعوة إلى الإجتهاد؟ فأهل الإجتهاد هم بمثابة رسل في كل
عصر وزمان ومكان، كيف سيكون ديننا شاملاً إن لم يسع كل شيء ويتعلق بكل شيء
وله حكمه في كل شيء؟! فالذي يأتي ويقول عن أي أمر من الأمور لم يتدخل فيه
ديننا وليس له حكم فيه فهذا جاهل بهذا الدين الحنيف، وعندما تسمع قول
النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (من سن سنة
حسنة عمل بها بعده ، كان له أجره ، ومثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم
شيء ، ومن سن سنة سيئة ، فعمل بها بعده ، كان عليه وزرها ، ومثل أوزارهم ،
من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) هذا الحديث يُفهم منه فهم قواعد
وأحكام هذا الدين الحنيف وكيفية الإستنباط والقياس والإجماع. وهذا الحديث
هو بمثابة حث على أن الكل يجب أن يفهم هذا الدين كما يريد الله سبحانه
وتعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. ولنعود إلى الحديث
الشريف حيث يقول كل محدثة بدعة فالأولى بالبداية أيضا أن نفهم ما هي
المحدثة التي من خلالها نقول بعدها أنها بدعة، فعندنا بالحديث ثلاثة أمور
الأولى محدثة وبعدها بدعة وبعدها ضلالة، إذا من الطبيعي أنه يجب أن تؤدي
المحدثة إلى بدعة ومن ثم يجب أن تؤدي البدعة إلى ضلالة ومن ثم تؤدي
الضلالة إلى النار فهذا شرط الحديث لأنه هكذا بيّنه النبي صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم.
والآن ما المحدثة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (...كل محدثة...) ما مفهوم المحدثة؟
أولا:
إحداث إي إيجاد شيء ليس من الدين وليس له علاقة به وليس اجتهادا أو قياسا
إو إجماعا، لا يصلح به حال الأمة، وما خرج عن قواعد الدين وديننا كالبحر
يلفظ الميت منه وكل محدثة ميتة فديننا يلفظها أصلا لأنه لا يمكن أن تكون
فيه، فأي أمر قبل أن نقول عنه بدعة يجب أن نزنه بميزان الحديث هل هو محدثة
وخرج فعلا عن الدين بكل ما فيه وما يحوي؟ ويؤدي إلى فساد بالمسلمين ويهدم
قواعد الدين، وهل يؤدي إلى ضلالة فعلا هذا الشيء؟ حتى نقول عنه عندئذ أنه
في النار هكذا يجب أن نزن الأمور، وإلا فكل كلامنا عن البدعة ليس بمكانه
الصحيح، فأنت عندما تقول أحدثت ثقبا في السفينة يُفهم من ذلك أنك خرقتها
جئت بشيء ليس فيها وهذا مناف لسلامتها وبالتالي يؤدي إلى غرقها وقتل ما
فيها، فعندئذ نقول عن الفاعل لقد جاء بمحدثة وهذه المحدثة أدت إلى ما أدت
إليه، ولكن اليوم أصبح الكل ينادي بما لا توافق به مصالحهم وأهواءهم بأي
شيء يرونه أنه بدعة، ما هذا الكلام؟؟؟ هذا ليس بعدل الدين ولا هكذا
الإسلام وليس هكذا المسلمون الحق. فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم لم يقل كل بدعة محدثة وكل محدثة بالنار إنما قال كل محدثة بدعة وكل
بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار، وهناك فرق كبير بين ما قاله النبي صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبين ما ينادون به هؤلاء من دعوة البدعة،
يكفـّرون المسلمين بذلك ولا يأبهون، فليس هناك مسلما على وجه الأرض يحب أن
يغير بالدين أي شيء أو يدخل على الدين ما ليس فيه، فالخلق إما عالِم أو
متعلم أو عام من العوام فيجب مراعاة ذلك، فالأولى أن نجعل الكل في دائرة
الإسلام لا إلى إخراجهم منها. فإن شأن الغرب والدول الكافرة والمستشرقين
ومن هم من أعداء هذا الدين الحنيف هم الذين شأنهم أن يحاولوا أن يحدثوا
بديننا ما ليس فيه ليُخرِجوا المسلمين من هذا الدين بطريقة لا يشعرون بها،
وإنهم ليسعون جاهدين لتحقيق غايتهم وهدفهم، فالأولى أن نفوّت الفرصة عليهم
لا أن نتماشى معها وننادي بها وهم الآن ينادون بها من داخل الدين بأناس لم
يعرفوا عن الدين شيء فقط أشكال إذا رأيتهم ظننت أن هؤلاء من الدين فلقد
ركبوهم بطريقة يراهم الكل أنهم من أهل الدين وبدأوا ينادون بما يريدون.
ولن يدوم حالهم هذا لأننا كما قلنا فالدين كالبحر لا يلفظ إلا الميت
وسيلفظهم إن شاء الله تعالى لأنهم أموات حقيقة عن هذا الدين الحق الذي
يحيى الإنسان به. لأن ديننا شامل كامل متكامل دخل بكل شيء وفيه كل شيء
فالله سبحانه وتعالى قال: {وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ } يوسف/١١١، وقال
أيضا: { مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ } الأنعام/٣٨، فهذا
يجعلك تفكر كيف تأتي البدعة وديننا كامل؟ البدعة تأتي على الناقص بظنهم
لتكمله وديننا كامل فلا تأتيه البدعة، فديننا لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه. فقول الله سبحانه وتعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } المائدة/٣
فديننا كامل حاوٍ لكل شيء فلا يمكن لبدعة أن تحل به وفيه وأن تكون منه،
فإلى الذين يبدِّعون الناس أقول قفوا فإنكم بذلك كمن ينادي بأن ديننا ناقص
ويمكن للبدعة أن تكون فيه وللباطل أن يأتيه، الأولى أن ننزه هذا الدين
العظيم عن كل ذلك، فالحذر الحذر، فإذا وجهت الخطأ إلى كل صحيح فأين الصح
إذا؟ إذا دعوت الكل ونسبت الكل بالخطأ فأين الصح والصواب إذا؟ إذا بدعت
الكل فأين هم الذين ليسوا على البدعة أيعني أنهم هم الذين ينادون بذلك؟
إذا أصبحوا بذلك يدعون لأنفسهم وينادون لهم للفت النظر لهم، ليس هناك من
حياة التي تقوم على تمويت الآخرين، وإن من وسائل الغرب في ذلك إيجاد من
ينادي بأن الكل على خطأ وهناك أناس على صواب لكي يلفتوا الناس نحو هذه
الفرقة لكي ينفذوا مختطاتهم من خلال هذه الفرقة، فالأولى أن نفهم حديث
النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما أراد النبي صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم لا أن نغير ونبدل ونحرّف المعنى ونستبدله بمعنى آخر
فهذا هو الإحداث بعينه.
إن كل عصر من العصور وكل زمان فيه من
التغيرات الكونية واليومية في الحياة البشرية الشيء الكثير فديننا من
عظمته يتماشى مع كل الأزمنة وكل العصور لأنه الدين الذي يصلح به كل زمان
ومكان، وهناك متغيرات تكون تبنى على قواعد الدين الصحيحة السليمة فهي من
الدين، فلو أردنا أن ننسب لكل جديد خالف زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم البدعة إذا لما بقي هناك شيء وإلا ستنسبون البدعة له وهذا قمة
الخطأ والعدل عن الصواب والحكمة. وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد)
نعم صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولكن أتعلم أنت ما
في الدين لكي تحكم بذلك؟ فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ما
ليس فيه فيجوز لك الحكم عندما تعلم علم ما فيه أي في ديننا، ألا وإن كل
شيء في ديننا ولكن المهم أن نعلم كيف نضعه على القواعد الصحيحة السليمة مع
الإجماع والقياس وكل الأحكام لذلك، فالمجتهد الرباني هو الذي عنده القدرة
على معرفة الإحداث من غيره فلمَ نرى ألسنة كثيرة تتشدق بكلمة بدعة وترمي
الكل بها؟ أليس هذا بالنقص والعيب على مثل هؤلاء؟! فليتقوا الله سبحانه
وتعالى في ذلك. فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال من أحدث في
ديننا انتبهوا لكلمة أحدث أوجد شيئاً بعيدا وغريبا في الدين ليس منه، بنية
فاسدة مريضة وقلوب كافرة وقوالب فاجرة تريد هدم الدين وتفريق المسلمين
عنه. ولقد جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على عادات فأقرها
وجعلها من ضمن هذا الدين وعلى عادات سيئة رفضها ولم يقبلها الدين فمن لم
يكن كالنبي بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يمكن له أن يعرف
المحدثة والبدعة التي تؤدي إلى ضلالة وبالتالي تكون في النار. وهنا سؤال
يطرح نفسه ما الفائدة المرجوّة من وراء تكفير الناس ورميهم بالبدعة؟ هل
هذا يخدم الدين أم أعداء الدين؟ وهل هذا يجمع الأمة أم يفرقها ويمزقها؟ إن
الذين يقومون برمي الناس بالبدعة حجروا وضيقوا ديننا وجعلوه كالأديان
الأخرى المحرّفة وجعلوا المسلمين كغيرهم وحكموا عليهم والله سبحانه وتعالى
يقول: { أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ۞ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } القلم/٣٥،
الرحمة الرحمة بهذه الأمة العظيمة كرامة لله عز وجل ولنبيها صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم الذي وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأنبياء/١٠٧ .
فيجب أن تكون هذه صفتنا كصفة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
التي خلَّقه وحقَّقه الله سبحانه وتعالى بها. فَرَمْي الناس بالكفر لا
يساعد على بناء صرح الإسلام وهدم صرح الكفر إنما العكس يفعل بهذه الأمة،
فإن ديننا فيه الإسلام وفيه الإيمان وفيه الإحسان وفيه الصديقية وفيه
النبوة وأمور الإيمان لا يدركها أهل الإسلام وأمور الإحسان لا يدركها أهل
الإيمان وكذلك الأدنى لا يدرك الأعلى إلا إذا تحقق فيه وكله من الدين فكيف
يحكم من يكون في دائرة الإسلام على من يكون في دائرة الإيمان وهو لا يدرك
عن هذه الدائرة شيءّ وهكذا لا يجب أن يحكم من يكون بدائرة على أهل دائرة
أعلى منهم فالحكم للأعلى دائما يكون، والله سبحانه وتعالى يقول:
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة/٥٠ فإن
لم تفهم الأمور على حقيقتها وعلى ما هي مبنية عليه فلا يجب التسرع والحكم
عليها ورميها بالبدع والكفر هذا هو الصواب الذي يجب أن يكون عليه الأمر
وتبنى عليه الأحكام.

أسأل الله عز وجل أن يرد هذه الأمة إلى دينها ردا جميلا وأن يصحح مفهومها
ويرحمنا برحمته وأن يوفقنا للحق ويبعدنا عن الباطل ويبعث الله عز وجل في
هذ الأمة من يجدد لها دينها إنه ولي ذلك وهو القادر عليه إنه على ذلك قدير
وبالإجابة جدير.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين

عضو سوبر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام علي خاتم النبيين والمرسلين
سيدنا محمد رسول الله
وعلى آله وأهل بيته وأزواجه وذريته وأصحابه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي البدعة؟ 3d1aadc9c2ax9

» نقد شريط البدعة وأثرها فى محنة المسلمين
» حكم المولد , تعريف البدعة, أدلة على جواز الاحتفال بالمولد