الحمد للّه القديم فلا أول لوجوده، الدائم الكريم فلا آخر لبقائه ولا نهاية لجوده، الملك حقاً فلا تدرك العقول حقيقة كنهه، القادر فكلّ ما في العالم من أثر قدرته، المقدّس فلا تقرب الحوادث حماه، المنزَّهِ عن التغيير فلا ينجو منه سواه، مصرّف الخلائق بين رفع وخفض، وبسط وقبض، وإبرام ونقض، وإماتة وإحياء، وإيجاد وإفناء، وإسعاد وإضلال، وإعزاز وإذلال، يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذلّ من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير
والصلاة والسلام علي سيدنا محمد النبي الأمي وعلي آله وأزواجه وذريته وأصحابه
الشيخ / حسن الهوا ري
جامعة تخرج فيها العلماء
محبوب من جميع الأقباط
مقبول الشفاعة لدي الحكام
المصدر: كتاب اليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة -- طبعة 1324هـ
هو: حسن بن أحمد الرفاعي بن أحمد سالم الشهير بالهواري العدوي شيخنا عالم الصعيد بل علامة العصر الفقيه المحدث الحجة الكامل
مولده: ولد شيخنا عالم الصعيد الشيخ / حسن بن أحمد الرفاعي بن أحمد سالم الشهير بالهواري العدوي ليلة الاثنين 27 من شهر رجب 1257هجرية بقرية بنى عدي القبلية – مركز منفلوط
نشأ بها وحفظ القرآن الكريم وقرأه بالروايات العشر علي العلامة الشيخ/ حسن خلف الحسيني
أتقن علم القراءات وتفنن فيه ومهر
سافر إلي مصر طلباً بالأزهر الشريف وأقتبس به العلوم , وحاز الفنون علي فطاحل ذلك العصر من مشايخ الإسلام كالعلامة الشيخ/ محمد عليش شيخ المالكية , والعلامة الشيخ/ يونس البلتاني , والعلامة الشيخ / محمد الحداد العدوي , والعلامة الشيخ/ محمد قطة العدوي , والعلامة الشيخ/ منصور كساب العدوي , والعلامة الشيخ / أحمد الأجهوري وغيرهم
واجتهد في حضور الدروس وواظب , وما الفت نفسه البطالة , فحصل علوماً وافرة وبرع في الفنون المتداولة بالأزهر الشريف . وأجازه أشياخه وشهدوا له بالبراعة والتبحر في العلوم وصار علماً يهتدي به ورجع إلي بلده فلازم في أسيوط درس خاتمة المحدثين الإمام الشهير المجتهد البارع المدقق سيدي الشيخ/ علي بن عبد الحق القوصي , تلميذ الإمام السنوسي الشهير , فحضر عليه صحيح الإمام البخاري وغيره وأجازه بمروياته وأسانيده وما تلقاه عن أشياخه وانتفع به , حيث وجهه إلي علم الحديث الشريف وحوله من جمود المقلدين فطالع كتب الحديث التي هي أصل السنة ومادة الدين وعرف الأدلة فصار يتتبع الراجح من الأقوال وما صح من الأحاديث وتهذيب نفسه بنور السنة
أخذ الطريقة الخلوتية علي المرشد العارف المحقق الشيخ محمد الحداد العدوي الخلوتي , وسلك مسالك أهل الحقيقة وعادت عليه بركات شيخه , ثم عكف علي لإفادة الطالبين , وتصدر لإلقاء العلوم في بلده بنىعدي فنجب علي يده كثير من العلماء الذين صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين , وكل من حضر عليه يفتح الله عليه لخاصية فيه , فمن أمثال تلاميذه الذين تخرجوا به وكرعوا من منهل علومه العذبة :
الشيخ العلامة / علي يوسف صاحب جريدة المؤيد الغراء , الشيخ العلامة / محمد حسانين العدوي , والشيخ العلامة / أحمد محمد نصر العدوي , والشيخ العلامة/ أحمد خرا شي , والشيخ العلامة/ حميد فزاري العدوي , والشيخ العلامة / عبدالهادي مخلوف العدوي , والشيخ العلامة / علي لإدريس العدوي , والشيخ العلامة/ علي الهواري العدوي , والشيخ العلامة , والد المترجم الشيخ أحمد الدردير العدوي , والشيخ العلامة / أحمد حماد من قرية بنىرافع – منفلوط , والشيخ العلامة/ محمد عمر من قرية بنىرافع – منفلوط والشيخ العلامة / صالح العدوي , والشيخ العلامة/ عبدالغفار من دلجا – قبلي , والشيخ العلامة/ محمد حسن عبد الجليل من قرية بهيج- أسيوط , والشيخ العلامة/ حسين علي عبد الجليل و والشيخ العلامة/محمد الأمير من أبنوب – أسيوط , والشيخ العلامة/ محمد السيد – من بنى عليج , والشيخ العلامة/ مصطفي حسن العدوي , والشيخ العلامة/ عبدالهادي سيد من قرية العدر- أسيوط , والشيخ العلامة/ محمد حسانين حنيتر من قرية الحواتكة – منفلوط , والشيخ العلامة/ أحمد بدر – من بلصفورة – والشيخ العلامة/ محمد المقيم بساحل سليم, والشيخ العلامة/ أحمد أبو العز العدوي, وغيرهم من أفاضل العلماء الذين حصل الانتفاع بهم ودرسوا ونثروا ما حصلوه وعلموا , ولكثرة انكباب المترجم علي التدريس لم يصنف سوى كتاب سماه فتح الجليل بذكر طرف مما يتعلق بالتنزيل , ورتبه علي أربعة أبواب :
الباب الأول : فيما يتعلق بحديث أنزل القرآن علي أربعة أحرف
الباب الثاني: في الاستدلال علي أن القرآن حفظه جماعة من الصحابة عنه صلي الله عليه وسلم
الباب الثالث: في بيان الأدلة علي أن ترتيب القرآن توفيقي تلقاه الصحابة عنه صلي الله عليه وسلم
الباب الرابع: في بيان جمع القرآن وذكر أحاديث الجمع وقرظه كثير من علماء الأزهر كالرفاعي و البشري والنواوي و الحامدي و الجيزاوي وغيرهم
وكل علماء الوقت معترفون للمترجم بالسبق والتقدم وهو أنيس المحاضرة , جميل المذاكرة , لطيف المباشرة, متخلق بالتواضع والزهد والتقوى والمروءة والسخاء كريم الضيافة وأن معظم تلاميذه المغتربين كانوا يقيمون بمنزله وقد خصص لهم مقبرة تقع تحت الربوة
ومكارم الأخلاق والمودة لكافة الخلق , سليم الباطن تقي نقي , لا يغتاب أحداً, قح حفظ جوارحه واستعملها في ما خلقت له , منعكف علي إلقاء الدروس , صارف نفيس أوقاته في التعليم , باذل أقصى مجهوده فيه , فلا يعتريه كسل أو ملل , وهو محب للعزلة فربما تمر عليه الشهور المديدة لا يخرج من بلدته , مقبول الشفاعة عند الحكام , محبوب من أقباط جهته
يقول مؤلف كتاب اليواقيت الثمينة الشيخ محمد البشير: ذهبت معه يوماً إلي المقبرة التي بالجبل الغربي – بناحية بنى عدي لزيارة قبر سيدي محمد الدردير والد العلامة العارف الشيخ / أبي البركات أحمد الدردير رضي الله عنهما
فكان لا يقابلنا قبطي إلا آتي مبادراً وقبل يد سيادته , وبيته لا يخلو من الضيوف الواردين , وعادته بعد صلاة العشاء أن يسمع لكافة تلاميذه أجزاء القرآن الكريم يتلونه ترتيل حسن علي الروايات العشر .
وهو طويل القامة ضئيل الجسم , أسمر اللون , خفيف اللحية , يلبس من أخشن الثياب, ولا يتكلف ويواظب علي النوافل له أوراد وأذكار يديمها , رقيق القلب , شديد الغيرة علي الدين , كثير الدعاء لأشياخه والترحم عليهم , وبعد انتهاء الدروس يقرأ لكل واحد منهم الفاتحة , ويدعو لهم كثيراً
وقد شيد له حضرة السري الوجيه العالم البنية سيد بك محمد خشبة من أغنياء أسيوط مسجداً نيراً شاهقاً وحوله مدرسة للطلبة , ومكتب لتعليم القرآن الكريم , ومرافق للمسجد
وقد لازمت أستاذنا في درس تفسير البيضاوي الأيام التي مكثتها عند فضيلته وطريقته في التفسير أن يفتتحه بإعراب الآيات , ويذكر وجوه الإعراب والخلافات , وأسباب النزول , والعلل والأوجه , والمأخذ , والتوجيهات , وتأويل الآيات , ويذكر القراءات العشر , ويستشهد كثيراً بأبيات من الشاطبية , ويبين ما في الآية من مجاز واستعارة وكناية , ويستوعب أقوال كبار المفسرين , ويناقش النحاة والمفسرين وبين سهوهم ويرده بغاية الأدب الجم .
توفي رحمه الله تعالي شيخنا عالم الصعيد الشيخ / حسن بن أحمد الرفاعي بن أحمد سالم الشهير بالهواري العدوي في عام 1924 ميلادية و ودفن رحمه الله تعالي في أعلي الربوة بجبانة آل الهواري المعروفة بجبل بنى عدي القبلية
رحمه الله رحمة واسعة