[align=center][IMG]https://2img.net/r/ihimizer/img269/3090/wed1.gif[/IMG]
[color=0000FF]الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك[/color]
[color=FF0000]سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك[/color]
[color=#000000][color=0000FF]وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له[/color] [color:7f91=FF0000]
[color=#000000]وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلي أصحابه صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين[/color]، [color:7f91=FF0000]
[color=#000000]وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى[/color]، [color:7f91=0000FF]أما بعد [/color]
[IMG]https://2img.net/r/ihimizer/img269/9306/67285332.gif[/IMG][/align]
بناءا الجدار والاعتراض عليه
الجدار والجدر بمعنى؛ وفي الخبر: "حتى يبلغ الماء الجدر".
ومكان جدير بُني حواليه جدار، وأصله الرفع وأجدرت الشجرة طلعت, ومنه الجدري
بعد الموقف الحاسم والعتاب الجاد الذي كاد أن يؤذن بالفراق بين سيدنا موسى والعبد الصالح ( الخضر) عليهما السلام حيث أن الخضر أو العبد الصالح كان يعلم سلفاً أن سيدنا موسى عليه السلام لا يستطيع الصبر علي ما يرى منه من خوارق للعادات وخفيات الأمور , ولم تكن الثورة التي قام بها سيدنا موسى عليه السلام مفاجئة له , بل كان يتوقعها , ويتوقع أكثر منها , وذلك لعلمه أن سيدنا موسى عليه السلام صاحب شريعة يحكم بالظاهر وأنه شديد الغضب لله , فقد أوصاه الله تعالي أن يتمالك نفسه عندما يذهب وأخوه هارون إلي فرعون حيث قال تبارك وتعالي (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) 44طه
ولهذا كان العبد الصالح حليماً معه لم يزد علي تذكيره بما قال له عندما طلب أن يصحبه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)
والعلم يزينه الحلم , والأستاذ يجب أن يكون أوسع صدراً من التلميذ وكل منهما أستاذ وتلميذ , فلسيدنا موسى علماً لم يكن للخضر ( العبد الصالح) وللخضر (العبد الصالح) علماً لم يكن لسيدنا موسى عليهما السلام , ولكل منهما يأخذ عن الأخر , وإن كان الظاهر في هذه الفترة أن موسى عليه السلام هو التلميذ والعبد الصالح ( الخضر) هو الأستاذ , فلا بأس لدى الأستاذ أن يعفو ويفصح عن تلميذه إذا جاوز الحد معه في الأقوال والأفعال
وكان الحلم من العبد الصالح ( الخضر) محمدة , كما كان الغضب من سيدنا موسى محمدة , وكل في موقعه سديد وكل منهما فيما قاله لصاحبه رشيد
وإذا كان الرجوع إلي الحق فضيلة فإن سيدنا موسى عليه السلام هو أعرف الناس بالحق , وأسرع الناس إلي اعتناقه والدفاع عنه , وأشدهم تواضعاً لذوي الحقوق وأهل الفضل آنذاك , لذلك طلب من العبد الصالح ( الخضر) طلباً بأسلوب مهذب ألا يؤاخذه علي أمر قد بدر منه , وأنساه الشرط الذي أخذه علي نفسه وكأنه يقول له لا تؤاخذني بقطع الصحبة فتجعلني أحمل ندماً لا أقوى علي احتماله , وحزناً لو غشيني ولازمني لقضى عليّ وعاقني عن تبليغ الرسالة , والحكم بين الناس , فإنني واجهت المصاعب في سبيل لقائك , وبذلت كل الجهد لأسعد بصحبتك , وأسترشد ببعض ما عندك من علم
ويقبل العبد الصالح اعتذار سيدنا موسى عليهما السلام , ويمضيان في طريقهما إلي حيث يشاء الله تبارك وتعالي حتي إذا أتيا أهل قرية , وقد ذكر المفسرون وأهل العلم عدة أسماء لهذه القرية ولكن القرآن الكريم لم يصرح باسمها
ولو تأملنا الآية نرى أن سيدنا موسى والعبد الصالح عليهما السلام لم ينزلا بالقرية , ولكنهما نزلا بأهلها, فكان علي أهلها أن يضيفهما بما يجب للضيف علي المضيف من تقديم الطعام والشراب وتوفير سبل الراحة له بقدر الإمكان , فلما تجاهل القوم ذلك , طلبا منهما الطعام صراحة وهذا من حقهما وهما لم يطلباه شحاذة إلحاح في السؤال ولا استجداء , ولكن طلباه ضيافة , فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما , (اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا) فنزلا في مكان خرب فوجدا فيه جدارا آيلاً للسقوط وكاد أن ينهار , فبناه العبد الصالح كأحسن ما يكون البناء , فتعجب سيدنا موسى عليه السلام من صنيعه هذا!
وعبر عن مشاعره بكلمة لم ير فيها إخلالً بالشرط الذي قطعه علي نفسه , ورأى فيها العبد الصالح أنها القاضية للفراق فصرح له بذلك
ولكن !
لم يفارقه حتي أخبره بتأويل ما لم يستطع عليه صبرا
(فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا* قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) الكهف 77-87
ونلاحظ أن لفظ الأهل تكرر مرتين في الآية لماذا؟
أقول والله تعالي أعلي وأعلم بمراده , أن الله عز وجل شأنه أراد أن يخبرنا أولاً أنهما نزلا بأهل القرية ولم ينزلا بالقرية نفسها , فقد لا يكون بالقرية سكان
واخبرنا ثانيا أنهما طلبا الطعام من أهلها لا من الغرباء الذين قدموا إليها
فالواجب علي أهل القرية أن يكونوا أول من يلقى النازلين بها , وأول من يبادر بضيافتهم وإكرامهم , ولديهم من وسائل الضيافة وسبل الراحة والحفاوة ما ليس لغيرهم من الغرباء , وهذا ما يحز في نفوس النازلين بهذه القرية
فكيف يكونون من أهلها ولا يؤدون حق الضيافة لمن نزل بساحتهم وحل بدارهم , إنها إذا قرية قد ماتت فيها المشاعر الإنسانية وذهبت منها كل معاني المروءة
والخلاصة في الجواب أنه لو حذف لفظ ( أهل) الأولي لفات الإخبار بنزولهما علي جمع من الناس يقيمون فيها أو وافدين إليها , وأدى إلي احتمال أن يكونا قد نزلا في مكان من القرية بعيد عن الناس , فلا يكون لهما عليهم حينئذ حق الضيافة
ولو حذف لفظ ( أهل) الثانية فقيل : حتي إذا أتيا أهل قرية فاستطعماهم , لدخل الغرباء معهم في البخل , لحقهم العار والذم , فكان التنصيص علي أهل القرية هنا لإزالة ورفع الإبهام , وإلحاق الذم بأهل القرية دون غيرهم من النزلاء والوافدين عليها
وننظر بعين الاعتبار إلي العبد الصالح وهو يبنى الجدار في قرية لم يصنع أهلها فيه ولا في صاحبه معروفاً , ولم يعرفوا لهما حقاً, وسيدنا موسى عليه السلام ينظر إليه دهشاً وهو يصنع ذلك , ولا يبالي بما هما فيه من جوع وتعب والقوم ليسوا أهل للمعروف , والمكان الذي فيه الجدار خرب خالي من السكان وبناؤه في غير محله , وشغل في غير وقته , والحاجة لا تدعو إليه , وهناك من الأمور ما هو أهم منه , وهو البحث عن الطعام والمأوى
فأرد سيدنا موسى عليه السلام أن يصرح له بما يدور في نفسه من هذه الخواطر بكلمة فيها عرض وليس فيها اعتراض
إنه لعرض جميل مطابق للشرع موافق للعقل , وهو إلي التمني أقرب منه إلي التوجيه أو العتاب واللوم (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)
وقد تكون هذه الكلمة استحسان لبناء الجدار , وإكباراً لمروءة العبد الصالح واستحقاقه الأجر عليه لو شاء , فإن لم يشاء فهو وشأنه
وإن كان من الأولي عقلاً أن يأخذ عليه أجرا من مالك العقار ليشتري به أو منه ما ضن عليه القوم به ومنعوه إياه وهو الطعام
ولكن ! العبد الصالح يعتبر هذه القول من سيدنا موسى عليهما السلام اعتراضاً لا عرضا
وهي وجهة نظر لا يلام عليها ولا يجادل فيها
ألم يقل له (قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) الكهف 70
ألم يقول له سيدنا موسى عليه السلام في المرة الثانية (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا) الكهف 76
أليس في قول سيدنا موسى عليه السلام ما يشعر بتبرمه من هذا العمل ولو بطريق غير مباشر!
أليس فيه ما يشعر باستكثاره علي أمثال هؤلاء الذين أساءوا لقاءهما ولم يكرموهما ولم يقدموا لهما الطعام ما لا يضن بمثله إلا اللئام!
و سيدنا موسى عليه السلام لم ينطق بهذه الكلمة إلا ليجد لها عند صاحبه قبولاً حسنا , ولا يعدها مما ينقض الشرط الذي بينهما
ولكن العبد الصالح لا يلتفت إلي تلك المشاعر التي تجول في خاطر سيدنا موسى عليه السلام ولكن كما قلنا ليس قبل أن يخبره بتأويل ما لم يستطع عليه صبرا , فلما نبأه ودعه وانصرف