حمداً لله تعالى مشفوعاً بالتوحيد والتقديس0
حمداً لله الذي خَصّ نبيَّه محمّداً وأهلَ بيته عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم بالاجتباءِ والاصطفاء، والتطهيرِ والتكريم، وأمرَ بالصلاةِ عليه وعليهم كما أمرَ بالصلاةِ على إبراهيم وآلِ إبراهيم، وجعل معرفتَهم براءةً من النار، ومحبّتَهم جوازاً على الصراط، وولايتَهم أمْناً مِن العذابِ الأليم.
والصلاة والسلام على سيدنا محمّدٍ النبيِّ الأُمّيِّ الذي هو على خُلُقٍ عظيم، وبالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
وعلى ذريّتهِ وأهل بيته وعترته , الذين بذِكْرهم تُستدفَعُ نوازلُ البلاء والضرر، ويُستعاذُ من سوء القضاء وشرّ القَدَر، ويُستنزل بهم في المُحول نَوافعُ المطر، ويُستقضى بهم على غلَبات اليأس وجوامعِ الوَطَر, جَمالُ ذي الأرضِ كانوا في الحياةِ , وهُم بـعـد المـمـاتِ جـمالُ الكُتْـبِ والـسِّيَـر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" ثلاثة من الأنصار لم يجاوزهم في الفضل أحد
" سعد بن معاذ000
وأسيد بن خضير000
وعبّاد بن بشر0000
رضي الله تعالي عنهم وعن أصحاب سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أجمعين
ونحن في موضوعنا هذا مع
عباد بن بشر- رضي الله تعالي عنه
ِ
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِمِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) | |
الرجل الذي كان معه من الله نور000!
عباد بن بشر- رضي الله تعالي عنه
عندما نزل مصعب بن عمير المدينة موفدا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعلم الأنصار الذين بايعوا الرسول على الإسلام، وليقيم بهم الصلاة، كان عباد بن بشر رضي الله عنه واحدا من الأبرار الذين فتح الله قلوبهم للخير، فأقبل على مجلس مصعب وأصغى إليه ثم بسط يمينه يبايعه على الإسلام، ومن يومئذ أخذ مكانه بين الأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه000
انتقل النبي إلى المدينة مهاجرا، بعد أن سبقه إليها المؤمنون بمكة.
وبدأت الغزوات التي اصطدمت فيها قوى الخير والنور مع قوى الظلام والشر
وفي تلك المغازي كان عباد بن بشر رضي الله تعالي عنه في الصفوف الأولى يجاهد في سبيل الله متفانيا بشكل يبهر الألباب
قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها
" ثلاثة من الأنصار لم يجاوزهم في الفضل أحد
" سعد بن معاذ000
وأسيد بن خضير000
وعبّاد بن بشر0000
رضي الله تعالي عنهم وعن أصحاب سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أجمعين
من بطولات هذا المؤمن 0000
بعد أن فرغ رسول الله والمسلمين من غزوة ذات الرقاع نزلوا مكانا يبيتون فيه، واختار الرسول للحراسة نفرا من الصحابة يتناوبونها وكان منهم عمار بن ياسر وعباد بن بشر في نوبة واحدة
ورأى عباد صاحبه عمار مجهدا، فطلب منه أن ينام أول الليل على أن يقوم هو بالحراسة حتى يأخذ صاحبه من الراحة حظا يمكنه من استئناف الحراسة بعد أن يصحو
ورأى عباد رضي الله تعالي عنه أن المكان من حوله آمن، فلم لا يملأ وقته اذن بالصلاة، فيذهب بمثوبتها مع مثوبة الحراسة000؟!
وقام يصلي0000!
وإذ هو قائم يقرأ بعد فاتحة الكتاب سور من القرآن، احترم عضده سهم فنزعه واستمر في صلاته000!
ثم رماه المهاجم في ظلام الليل بسهم ثان نزعه وأنهى تلاوته000
ثم ركع، وسجد000 وكانت قواه قد بددها الإعياء والألم، فمدّ يمينه وهو ساجد إلى صاحبه النائم جواره، وظل يهزه حتى استيقظ
ثم قام من سجوده وتلا التشهد000 وأتم صلاته
وصحا عمار على كلماته المتهدجة المتعبة تقول له
" قم للحراسة مكاني فقد أصبت"
ووثب عمار محدثا ضجة وهرولة أخافت المتسللين، ففرّوا ثم التفت إلى عباد وقال له:
" سبحان الله"
هلا أيقظتني أوّل ما رميت " ؟
فأجابه عباد رضي الله تعالي عنه
" كنت أتلو في صلاتي آيات من القرآن ملأت نفسي روعة فلم أحب أن أقطعها
ووالله، لولا أن أضيع ثغرا أمرني الرسول بحفظه، لآثرت الموت على أن أقطع تلك الآيات التي كنت أتلوها"!
لقد كان عباد رضي الله تعالي عنه شديد الولاء والحب لله، ولرسوله ولدينه000
وكان هذا الولاء يستغرق حياته كلها وحسه كله
ومنذ سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول مخاطبا الأنصار الذين هو منهم
" يا معشر الأنصار0000أنتم الشعار، والناس الدثار 000 فلا أوتيّن من قبلكم"
منذ سمع سيدنا عباد رضي الله تعالي عنه هذه الكلمات من رسوله، ومعلمه، وهاديه إلى الله، وهو يبذل روحه وماله وحياته في سبيل الله وفي سبيل رسوله000
في مواطن التضحية والموت، يجيء دوما أولا0000
وفي مواطن الغنيمة والأخذ، يبحث عنه أصحابه في جهد ومشقة حتى يجدوه!0000
وهو دائما: عابد، تستغرقه العبادة0000
بطل، تستغرقه البطولة000
جواد، يستغرقه الجود0000
مؤمن قوي نذر حياته لقضية الإيمان000!
عباداً معه نور من الله000
عرف المسلمون الأوائل عبادا بأنه الرجل الذي معه نور من الله..
فقد كانت بصيرته المجلوّة المضاءة تهتدي إلى مواطن الخير واليقين في غير بحث أو عناء..
بل ذهب إيمان إخوانه بنوره إلى الحد الذي أسبغوا عليه في صورة الحس والمادة، فأجمعوا على أن عبادا كان إذا مشى في الظلام انبعثت منه أطياف نور وضوء، تضيء له الطريق000
وفي حروب الردة، بعد وفاة الرسول عليه السلام، حمل عباد مسؤولياته في استبسال منقطع النظير000
وفي موقعة اليمامة التي واجه المسلمون فيها جيشا من أقسى وأمهر الجيوش تحت قيادة مسيلمة الكذاب أحسّ عبّاد بالخطر الذي يتهدد الإسلام000
وكانت تضحيته وعنفوانه يتشكلان وفق المهام التي يلقيها عليه إيمانه، ويرتفعان إلى مستوى إحساسه بالخطر ارتفاعا يجعل منه فدائيا لا يحرص على غير الموت والشهادة000
وقبل أن تبدأ معركة اليمامة بيوم، رأى في منامه رؤيا لم تلبث أن فسرت مع شمس النهار، وفوق أرض المعركة الهائلة الضارية التي خاضها المسلمون000
ولندع صحابياً جليلاً هو سيدنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقص علينا الرؤيا التي رآها عبّاد وتفسيره لها، ثم موقفه الباهر في القتال الذي انتهى باستشهاده0000
يقول سيدنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه
" قال لي عباد بن بشر يا أبا سعيد رأيت الليلة، كأن السماء قد فرجت لي، ثم أطبقت عليّ000واني لأراها إن شاء الله الشهادة000!!
فقلت له خيرا والله رأيت000
واني لأنظر إليه يوم اليمامة، وانه ليصيح بالأنصار
احطموا جفون السيوف، وتميزوا من الناس0000
فسارع إليه أربعمائة رجل، كلهم من الأنصار، حتى انتهوا إلى باب الحديقة، فقاتلوا أشد القتال..
واستشهد عباد بن بشر رحمه الله0000
ورأيت في وجهه ضربا كثيرا، وما عرفته إلا بعلامة كانت في جسده000
بايع رسول الله على الحياة لله، والموت في سبيله..
وعندما رأى المعركة الضارية تتجه في بدايتها لصالح الأعداء، تذكر كلمات رسول الله لقومه الأنصار:
" أنتم الشعار0000
فلا أوتيّن من قبلكم
وملأ الصوت روعه وضميره
حتى لكأن الرسول عليه الصلاة والسلام قائم الآن يردده كلماته هذه0000
وأحس عباد أن مسؤولية المعركة كلها إنما تقع على كاهل الأنصار وحدهم0000 أو على كاهلهم قبل سواهم!
هنالك اعتلى ربوة وراح يصيح0
يا معشر الأنصار
احطموا جفون السيوف
وتميزوا من الناس
وحين لبّى نداءه أربعمائة منهم قادهم هو وأبو دجانة والبراء ابن مالك إلى حديقة الموت حيث كان جيش مسيلمة يتحصّن.. وقاتل البطل القتال اللائق به كرجل000 وكمؤمن000 وكأنصاري
وفي ذلك اليوم المجيد استشهد عباد0000
لقد صدقت رؤياه التي رآها في منامه بالأمس000
ألم يكن قد رأى السماء تفتح، حتى إذا دخل من تلك الفرجة المفتوحة، عادت السماء فطويت عليه، وأغلقت؟؟
وفسرّها هو بأن روحه ستصعد في المعركة المنتظرة إلى بارئها وخالقها000؟
لقد صدقت الرؤيا، وصدق تعبيره لها.
ولقد تفتحت أبواب السماء لتستقبل في حبور، روح سيدنا عبّاد بن بشر0000
الرجل الذي كان معه من الله نور000!
عليه سحائب رحمات الله ورضوانه
التوقيع |
يا آل بيت رسـول الله حبكـم*فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنكـم*من لم يصــل عليــكم لا صلاة له
|