أول إمـرأةٍ قتلـتْ رجـلاًمن المشركين أول إمـرأةٍ قتلـتْ رجـلاًمن المشركين
إنها السيدة / صفية بنت عبد المطلب رضي الله تعالي عنها - عمّة رسول الله صلي الله عليه وسلم
حمداً لله تعالى مشفوعاً بالتوحيد والتقديس0
حمداً لله الذي خَصّ نبيَّه محمّداً وأهلَ بيته عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم بالاجتباءِ والاصطفاء، والتطهيرِ والتكريم، وأمرَ بالصلاةِ عليه وعليهم كما أمرَ بالصلاةِ على إبراهيم وآلِ إبراهيم، وجعل معرفتَهم براءةً من النار، ومحبّتَهم جوازاً على الصراط، وولايتَهم أمْناً مِن العذابِ الأليم.
والصلاة والسلام على سيدنا محمّدٍ النبيِّ الأُمّيِّ الذي هو على خُلُقٍ عظيم، وبالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
وعلى ذريّتهِ وأهل بيته وعترته , الذين بذِكْرهم تُستدفَعُ نوازلُ البلاء والضرر، ويُستعاذُ من سوء القضاء وشرّ القَدَر، ويُستنزل بهم في المُحول نَوافعُ المطر، ويُستقضى بهم على غلَبات اليأس وجوامعِ الوَطَر, جَمالُ ذي الأرضِ كانوا في الحياةِ , وهُم بـعـد المـمـاتِ جـمالُ الكُتْـبِ والـسِّيَـرِ
من هذه السيدة التي كان يحسب لها الرجال ألف حساب ؟ .
من هذه الصحابية الباسلة التي كانت أول امرأة قتلت مشركاً في الإسلام ؟ ...
من هذه المرأة الحازمة التي انشأت للمسلمين أول فارس سل سيفاً في سبيل الله ؟ ...
إنها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية القرشية عمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
هي السيدة / صفيّـة بنت عبـد المطلـب بن هاشم بن عبـد مناف القرشيـة الهاشمية
شقيقة حمزة بن عبد المطلب ، أمهما هالة بنت وهيب بن مناف بن زهرة
كانت في الجاهلية زوجـة الحارث بن حـرب بن أمية ، أخي أبي سفيان
فمـات عنها ، فتزوّجها العوّام بن خويـلد فولدت له الزبيـر والسائب وعبـد الكعبة
اكتنف المجد صفية بنت عبدالمطلب من كل جانب:
فأبوها, عبدالمطلب بن هاشم جد النبي (صلى الله عليه وسلم) و زعيم قريش و سيدها المطاع .
و أمها, هالة بنت وهب أخت آمنة بنت وهب والدة الرسول (صلى الله عليه وسلم).
وزوجها الأول, الحارث بن حرب أخو أبي سفيان ابن حرب زعيم بني (( أمية )) , وقد توفي عنها .
وزوجها الثاني, العوام بن خويلد أخو خديجة بنت خويلد سيدة نساء العرب في الجاهلية , وأولى أمهات المؤمنين في الإسلام.
وابنها, الزبير بن العوام حواري رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
أفبعد هذا الشرف شرف تطمح إليه النفوس غير شرف الإيمان ؟!.
إسلامها رضي الله تبارك وتعالي عنها :
أسلمت صفيـة قديماً وهاجـرت الى المدينـة 0
لمّا نزل قول الله تعالى:
|
| بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ[size=16]وأنذر عشيرتك الأقْربين ) | |
عندما بعث الله نبيه صلي الله عليه وسلم بدين الهدى والحق , و أرسله نذيراً للناس , و أمره بأن يبدأ بذوي قرباه جمع بني عبدالمطلب ... نساءهم و رجالهم و كبارهم و صغارهم , و خاطبهم قائلاً :
(يا فاطمة بنت محمد, يا صفية بنت عبدالمطلب, يابني عبد المطلب إني لا أملك لكم من الله شيئاً).
ثم دعاهم إلى الإيمان بالله, و حضهم على التصديق برسالته .فأقبل على النور الإلهي منهم من أقبل , و أعرض عن ضيائه من أعرض , فكانت السيدة/صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنها , في الرعيل الأول من المؤمنين المصدقين , عند ذلك جمعت السيدة/ صفية رضي الله عنها المجد من أطرافه : سؤدد الحسب , و عز الإسلام .
انضمت السيدة/ صفية بنت عبدالمطلب إلى موكب النور هي وفتاها الزبير بن العوام , و عانت ما عاناه المسلمون السابقون من بأس قريش وعنتها و طغياتها .
فلما أذن الله لنبيه والمؤمنين معه بالهجرة إلى المدينة خلفت السيدة الهاشمية وراءها مكة بكل ما لها فيها من طيوب الذكريات , و ضروب المفاخر والمآثر و يممت وجهها شطر المدينة, مهاجرة بدينها إلى الله ورسوله
جهادها رضي الله تعالي عنها:
لم يفرض الإسلام على المرأة الجهاد كما فرضه على الرجل ، ولكنه لم يمنعها من التطوع له إن كانت قد رأت في ذلك ضرورة 0
فعلى الرغم من أن السيدة العظيمة كانت يومئذٍ تخطوا نحو الستين من عمرها المديد الحافل ...
فقد كان لها في ميادين الجهاد مواقف ما يزال يذكرها التاريخ بلسان نديٍّ بالإعجاب رطيب بالثناء , وحسبنا من هذه المواقف مشهدان اثنان:
كان أولهما يوم أحد ...
وثانيهما يوم الخندق .
أما ما كان منها في (( أحد )) فهو أنها خرجت مع جند المسلمين في ثلة من النساء جهاداً في سبيل الله . فجعلت تنقل الماء, و تروي العطاش, و تبري السهام, و تصلح القسيَّ . وكان لها مع ذلك عرض آخر هو أن ترقب المعركة بمشاعرها كلها ...
ولا غرو فقد كان في ساحتها ابن أخيها محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ...
و أخوها حمزة بن عبدالمطلب أسد الله ...
وابنها الزبير بن العوام حواري نبي الله (صلى الله عليه وسلم) ...
وفي المعركة - قبل ذلك كله و فوق ذلك كله - مصير الإسلام الذي اعتنقته راغبة ...
وهاجرت في سبيله محتسبة ...
وأبصرت من خلاله طريق الجنة .
و لما رأت المسلمين ينكشفون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا قليلاً منهم...
ووجدت المشركين يوشكون أن يصلوا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) و يقضوا عليه ؛ طرحت سقائها أرضاً .
فهبت و انتزعت من يد أحد المنهزمين رمحه, ومضت تشق به الصفوف, وتضرب بسنانه الوجوه, و تزأر في المسلمين قائلة :
ويحكم, أنهزمتم عن رسول الله ؟!!
فلما رآها النبي عليه الصلاة والسلام مقبلة خشي عليها أن ترى أخاها حمزة وهو صريع, وقد مثل به المشركون أبشع تمثيل فأشار إلى ابنها الزبير قائلاً:
(المرأة يازبير ... المرأة يا زبير ...).
فأقبل عليها الزبير وقال :
يا أُمَّهْ إليكِ ,إليكِ يا أُمَّهْ.
فقالت : تنح لا أم لك .
فقال : إن رسول الله يأمرك أن ترجعي 0
قالت : وَلِمَ ؟! إنه قد بلغني أنه مُثِّلَ بأخي , وذلك في الله 0
فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) : (خل سبيلها يا زبير) ؛ فخلى سبيلها .
ولما وضعت الحرب أوزارها , وقفت السيدة الصابرة صفية على أخيها حمزة فوجدته قد بقر بطنه , و أخرجت كبده , وجدع أنفه , وصلمت أذناه , وشُوِّهَ وجهه فاستغفرت له, وقالت :
إن ذلك في الله , لقد رضيت بقضاء الله .
والله لأصبرن , و لأحتسبن إن شاء الله.
كان ذلك موقف السيدة /صفية بنت عبدالمطلب رضي الله تعالي عنها وأرضها يوم (( أحد )) 0
وفي غزوة الخندق كان لها موقف لا مثيل له في تاريخ نساء البشر وله قصة مثيرة 0
لقد كان من عادة الرسول (صلى الله عليه وسلم إذا عزم على غزوة من الغزوات أن يضع النساء والذراري في الحصون خشية أن يغدر بالمدينة غادر في غيبة حُماتها .
فلما كان يوم الخندق جعل نساءه و عمته و طائفة من نساء المسلمين في حصنٍ لحسان بن ثابت ورثة عن آبائه , وكان من أمنع حصون المدينة مناعةً و أبعدها منالاً .
وبينما كان المسلمون يرابطون على حواف الخندق في مواجهة قريش و أحلافها , وقد شُغِلوا عن النساء والذراري بمنازلة العدو .
أبصرت صفية بنت عبدالمطلب شبحاً يتحرك في عتمة الفجر , فأرهفت له السمع , وأحدت له إليه البصر ...
فإذا هو يهودي أقبل على الحصن , و جعل يطيف به متحسساً أخباره متجسساً على من فيه .
فأدركت أنه عين لبني قومه جاء ليعلم أفي الحصن رجال يدافعون عمن فيه , أم إنه لايضم بين جدرانه غير النساء والأطفال .
فقالت في نفسها : إن يهود بني قريظة قد نقضوا ما بينهم و بين رسول الله من عهد وظاهروا قريشاً و أحلافها على المسلمين ...
وليس بيننا وبينهم أحد من المسلمين يدافع عنا, ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن معه مرابطون في نحور العدو ...
فإن استطاع عدو الله أن ينقل إلى قومه حقيقة أمرنا سبى اليهود نساء المسلمين واسترقوا الذراري, وكانت الطامة على المسلمين .
عند ذلك بادرت إلى خمارها فلفته على رأسها, و عمدت إلى ثيابها فشدتها على وسطها, و أخذت عموداً على عاتقها, ونزلت إلى باب الحصن فشقته في أناةٍ و حذق, و جعلت ترقب من خلاله عدو الله في يقظة و حذر , حتى إذا أيقنت أنه غدا في موقف يمكنها منه ...
حملت عليه حملة حازمة صارمة, وضربته بالعمود على رأسه فطرحته أرضاً ...
ثم عززت الضربة الأول بثانية وثالثة حتى أجهزت عليه , و أخمدت أنفاسه بين جنبيه ...
ثم بادرت إليه فاحتزت رأسه بسكين كانت معها , وقذفت بالرأس من أعلى الحصن...
فطفق يتدحرج على سفوحه حتى استقر بين أيدي اليهود الذين كانوا يتربصون في أسفله .
فلما رأى اليهود رأس صاحبهم, قال بعضهم لبعض :
قد علمنا إن محمداً لم يكن ليترك النساء و الأطفال من غير حماة , ثم عادوا أدراجهم ...
و قد قالت صفية عن نفسها رضي الله عنها في ذلك :( أنا أول إمـرأةٍ قتلـتْ رجـلاً )
أخرج ابن سعد، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه:
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا خرج الى الخندق ، جعل نساءَه في أطُمٍ -مكان مرتفع- يقال له فارع ، وجعل معهن حسان بن ثابت وهو يناهز الستين من العمر ، فجاء انسان من اليهود ، فرقي في الحصْن حتى أطلّ عليهم ، قالت السيدة /صفية رضي الله عنها لحسان :( قُم فاقتله )0
فقال :( لو كان ذلك فيّ كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )
قالت صفية رضي الله عنها :( فقمت إليه فضربته حتى قطعتُ رأسه ، وقلت لحسان :( قم فاطرحْ رأسه على اليهود ، وهم في أسفل الحصن )
فقال :( والله ما ذلك إليّ )
قالت :( فأخذتُ رأسه فرميت به عليهم )
فقالوا :( قد علمنا أن هذا لم يكن ليترك أهله خُلواً ليس معهم أحد )
فتفرّقوا
تربيتها رضي الله عنها لابنها الزبير :
فنشأته على الخشونة و البأس , وربته على الفروسية والحرب ,وجعلت لعبه في بري السهام و إصلاح القسيِّ,ودأبت على أن تقذفه في كل مَخُوفَةٍ , و تقحمه في كل خطر ,فإذا رأته أحجم أو تردد ضربته ضرباً مبرحاً , حتى إنها عوتبت في ذلك من قبل أحد أعمامه حيث قال لها :
ما هكذا يضرب الولد.!
إنك تضربينه ضرب مبغضة لا ضرب أم, فارتجزت قائلة :
من قال قد أبغضـتـه فــقـد كـذب
وإنـمـــا أضـــربـــه لـــكي يلــــب
و يهزم الجيش و يأتي بالسلــب
وقد قيل أنها رثت لأأخيها الحمزة رضي الله عنه بأبيات منها :
قال ابن إسحاق : وقالت صفية بنت عبد المطلب ، تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب :
doPoem(0)
|
أسائلة أصحـاب أحـد مخافـةبنات أبي مـن أعجـم وخبيـر |
|
فقال الخبير إن حمزة قد ثـوىوزير رسول الله خيـر وزيـر |
|
دعاه إله الحق ذو العرش دعوةإلى جنة يحيـا بهـا وسـرور |
|
فذلك ما كنا نرجـي ونرتجـيلحمزة يوم الحشر خير مصيـر |
|
فوالله لا أنساك ما هبت الصبـابكاء وحزنا محضري ومسيري |
|
على أسد الله الذي كان مدرهـايذود عن الإسـلام كـل كفـور |
|
فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظميدى أضبـع تعتادنـي ونسـور |
|
أقول وقد أعلى النعي عشيرتـيجزى الله خيرا من أخ ونصـر |
|
قال ابن هشام : وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر قولها :
بكاء وحزنا محضري ومسيري
رضي الله عن السيدة صفية بنت عبدالمطلب.
فقد كانت مثلاَ فذا للمرأة المسلمة , ربت وحيدها فأحكمت تربيته , وأصيبت بشقيقها فأحسنت الصبر عليه , واختبرتها الشدائد فوجدت فيها المرأة الحازمة العاقلة الباسلة ثم إن التاريخ كتب في أنصع صفحاته :
إن السيدة صفية بنت عبدالمطلب كانت أول امرأةٍ قتلت مشركاً في الإسلام .
وفاتها رضي الله عنها
توفيت -رضي الله عنها- في خلافة سيدنا عمر سنة عشرين ، ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة ، ودفنت في البقيع0
التوقيع |
يا آل بيت رسـول الله حبكـم*فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنكـم*من لم يصــل عليــكم لا صلاة له
|
[/size]