الإعجاز النفسي - التأثيرى للقرآن الكريم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الحمد لله العلي الكبير، مجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين، وموهن مكر الماكرين، سبحانه لا يهدي كيد الخائنين، ,
الحمد لله الذي لا يحمد سواه ,
والصلاة والسلام علي سيدنا محمد عبده ورسوله , الرحمة المهداة ,
وعلي أهل بيته وآله وأزواجه وذريته وأصحابه الطيبين الأطهار , وعلي من والاه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين 0 تحدثنا عن الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم وعرفنا إن معجزة القرآن الكريم تتمثل في وجوه كثيرة، أولها البلاغة, أيضاً الإيقاع المنتظم, وروعة البيان , وجهود العلماء في إبراز السمات الموضوعية للأسلوب القرآني التي وصلت به إلى درجة الإعجاز, منها ما جاء في كتاب ( إعجاز القرآن ) للباقلاني)0
وفي هذه المشاركة نتناول :
2- الإعجاز النفسي - التأثيرى للقرآن الكريم
الإعجاز النفسي للقرآن الكريم ،
يرتكز بصورة أساسية على ما يحدثه القرآن من أثر في النفوس، كما رأينا ذلك واضحاً في مقارنته بين أثر كلام البشر وكلمات القرآن على النفوس البشرية المؤمنة بالقرآن، والمنكرة له على سواء.
إن آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، ومواقف الصحابة, بل وما في واقع الحياة البشرية في عصرنا الحالي تثبت وترصد مظاهر هذا الوجه من وجوه الإعجاز في حياة البشر.
فهذا الوجه يمتاز عن سائر وجوه الإعجاز بأنه:
أ ـ المعجزة القائمة في كل حين.
ب ـ أنها تسع الناس جميعاً عالمهم وجاهلهم.
ج ـ أنها تسعهم بكل لغاتهم، عربيهم وعجميهم.
د ـ أنها لا تقتصر على الإنس وحدهم، بل وتسع الجن أيضاً.
الإعجاز النفسي ـ التأثيري متمثلاً في نقاط أربع:
1- مكانة الإعجاز التأثيري.
2- تأثير القرآن في المؤمن والكافر.
3- من وسائل تأثير القرآن: تقديم الدليل المفحم على كل شبهة ـ تلوين الحديث ـ تصريف الأمثال، قهر برودة الإلف، تعرية النفوس، التغلب على مشاعر الملل.
موانع التأثر بالقرآن.
موانع تأثر النفس البشرية بالقرآن والانفعال به:
"إن إلفك للشيء قد يخفي ما فيه من أسرار، ويصرف عن اكتشافها.
وكثيراً ما نتلو آيات القرآن مثلما نتصفح آلاف الوجوه في الطريق، ملامح نراها، قد تكون دميمة، وقد تكون وسيمة، تمر أشكالها بالعين، فما تثبت على أحدها إلا قليلاً وفي ذهول، لأن المرء مشغول ـ بشأنه الخاص ـ عن دراسة القدرة العليا في نسج هذه العيون، وغرس هذه الرؤوس، وصوغ تلك الشفاه، وإحكام ما تنفرج عنه من سنان، وما تؤدي إليه من أجهزة دوارة، لا تقف لحظة0
إننا نقرأ القرآن فيحجبنا ـ ابتداء ـ عن رؤية إعجازه: أنه كلام من جنس ما نعرف، وحروف من جنس ما ننطق، فنمضي في القراءة دون حس كامل بالحقيقة. " - الغزالي-
من ملامح الإعجاز النفسي للقرآن الكريم أيضا:
مخاطبة العقل والقلب معاً :
ومن معجزات القرآن أنه يخاطب العقل والقلب معاً ، فتجد له وقعاً على كليهما ، وجعله الله شفاء للقلوب ورحمة ونور ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } - يونس 57 ، وقال : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) (الاسراء:82) ، كما أن معظم القرآن إنما يخاطب العقل ويحثه على التفكر في خلق الله كالسماوات والأرض وإمعان النظر في الكون وفي الأنفس والآفاق وجعل ذلك وسيلة للوصول إلى الإيمان بالله ، قال تعالى : { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } - الأعراف 185، وقد جعله الله تعالى مصدراً لتثبيت النفس وعونها على الصبر ومصدر هداية وتبشير للمؤمنين كما ثبت به الله تعالى فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } النحل 1020
كما جعله مصدر راحة واطمئنان للمؤمن، قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } - الرعد 28 0
وكم أسعد هذا القرآن قلوباً مولعة ومشتاقة للرحمن ومتعطشة للقائه ، فتجد كلامه تعالى خير دواء وسكن ينزل برداً وسلاماً على القلب والروح فتسعد النفس بترتيله0
فما أعظمها نعمة هي نعمة القرآن ، وهذا إنما يفهمه ويشعر به المؤمن كامل الإيمان الذي يتوق للقاء الرفيق الأعلى .
أمثال القرآن :
ومن إعجاز القرآن ووسائله للوصول إلى العقول والأفهام ضرب الأمثال التي تقرب المعاني وتفتح الأذهان المغلقة والعقول الحائرة فتقنع كل إنسان يريد أن يصل إلى الحقيقة ولم يقل كما قالت بنو إسرائيل قلوبنا غلف ، بل من يريد الحق ولم يعاند ويكابر لابد وأن يجد الحقيقة في القرآن واضحة كوضوح الشمس في وسط النهار ، قال تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (الزمر:27) 0
أما المعاندين الذين عرفوا الحق واستكبروا عليه وكفروا به قال عنهم : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) (الروم:5)، ورغم بيان الأمثال جادل فيها الكفار وتكبروا عليها ، قال تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (الكهف:54)0