تفسير الإمام الشافعي ( نسخة الشاملة ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكتاب تفسير الإمام
الشَّافِعِي
المؤلف : الإمام / أبو عبد الله محمد بن إدريس الْمُطَّلَبِي
الشَّافِعِي
جمع وتحقيق ودراسة : د. أحمد بن مصطفى الفرَّان
( رسالة
دكتوراه )
الناشر : دار التدمرية - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى
: 1427 - 2006 م
عدد الأجزاء : 3
تنبيه :
[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع
]
مصدر الكتاب نسخة مصورة قام الشيخ الجليل نافع - جزاه الله خيرا - بتحويلها
وقام الفقير إلى عفو ربه الكريم القدير بتصويبه
والحمد لله أولاً وآخراً
وظاهراً وباطناً.
* * * * * * * * * * * * * *
تنبيه
وقع محقق الكتاب
في وهْمٍ تبعاً للعلامة أحمد محمد شاكر (محقق كتاب الرسالة للإمام الشَّافِعِي)
زاعماً أن الإمام الشَّافِعِي - رحمه الله - قد أخطأ في آية قرآنية ونحن نذكر كلامه
والرد عليه إن شاء الله تعالى
قال محقق الكتاب ما نصه :
قلت : أشرنا في
تفسير الآية / 136 من سورة النساء إلى أن الشَّافِعِي رحمه
الله ذكر هذه الآية
دليلاً على أن اللَّه قرن الإيمان به بالإيمان برسوله ، وهنا كلام رائع لمحقق كتاب
الرسالة ، يستحسن أن ننقله كاملاً بحرفيته كما ورد في تعليقه على هذه الفقرة / 237
إذ يقول رحمه اللَّه :
والعصمة للّه ولكتابه ولأنبيائه ، وقد أبى الله العصمة
لكتاب غير كتابه ، كما
قال بعض الأئمة من السلف.
فإن الشَّافِعِي رحمه الله
: ذكر هذه الآية محتجاً بها على
أن الله قرن الإيمان برسوله محمد - صلى الله
عليه وسلم - مع الإيمان به ، وقد جاء ذلك في آيات كثيرة من القرآن ، منها :
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ
قَبْلُ).
ومنها : قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ
الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ).
ومنها : قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا).
ولكن الآية التي ذكرها الشَّافِعِي هنا ليست
في موضع الدلالة على ما يريد.
لأن الأمر فيها بالإيمان باللّه وبرسله كافة.
ووجه الخطأ من الشَّافِعِي - رحمه الله - : أنه ذكر الآية بلفظ : (فَآمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) بإفراد لفظ الرسول وهكذا كتبت في أصل الربيع ، وطبعت في
الطبعات الثلاثة من الرسالة ، وهو خلاف التلاوة ، وقد خُيِّل إلي بادئ ذي بدء
أن تكون هناك قراءة بالإفراد ، وإن كانت - إذا وجدت - لا تفيد في الاحتجاج لما يريد
؛ لأن سياق الكلام في شأن عيسى عليه السلام ، فلو كان اللفظ : (وَرَسُوله) لكان
المراد به عيسى ، ولكني لم أجد آية قراءة في هذا الحرف من الآية بالإفراد.
لا
في القراءات العشر ، ولا في غيرها من الأربع ، ولا في القراءات الأخرى التي يسمونها
: (القراءات الشاذة).
ومن عجب أن يبقى هذا الخطأ في الرسالة ، وقد مضى على
تأليفها أكثر
من ألف ومائة وخمسون سنة ، وكانت في أيدي العلماء هذه القرون
الطوال.
وليس هو من خطأ في الكتابة من الناسخين ، بل هو خطأ علمي ، انتقل فيه
ذهن المؤلف الإمام ، من آية إلى آية أخرى حين التأليف : ثم لا ينبه عليه أحد! أولا
يلتفت إليه أحد!
وقد مكث أصل الربيع من الرسالة بين يدي عشرات من العلماء
الكبار.
والأئمة الحفاظ ، نحواً من أربعة قرون إلى ما بعد سنة 650 هـ يتداولونه
بينهم قراءة وإقراء ونسخاً ومقابلة ، كما هو ثابت في السماعات الكثيرة المسجلة مع
الأصل ، وفيها سماعات لعلماء أعلام ، ورجال من الرجالات الأفذاذ ، وكلهم دخل عليه
هذا الخطأ ، وفاته أن يتدبر موضعه فيصححه.
ومرد ذلك كله - فيما نرى واللَّه
أعلم - : إلى الثقة ثم إلى التقليد ، فما كان
ليخطر ببال واحد منهم أن
الشَّافِعِي ، وهو إمام الأئمة ، وحجة هذه الأمة يخطئ في تلاوة آية من القرآن ، ثم
يخطئ في وجه الاستدلال بها ، والموضوع أصله من بديهيات الإسلام ، وحجج القرآن فيه
متوافرة ، وآياته متلوة محفوظة ، ولذلك لم يكلف واحد منهم نفسه عناء المراجعة ، ولم
يفكر في صدر الآية التي أتى بها الشَّافِعِي للاحتجاج ، تقليداً له وَثِقَة به ،
حتى يرى إن كان موضعها موضع الكلام في شأن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو في شأن
غيره من الرسل عليهم السلام.
ونقول هنا : ما قال الشَّافِعِي رحمه اللَّه فيما
مضى من الرسالة في الفقرة /
136 : (وبالتقليد أغفل من أغفل منهم ، واللَّه يغفر
لنا ولهم).
انتهى كلام محقق الكتاب.
أقول : اتهام الإمام الشَّافِعِي -
رحمه الله - بالخطأ في آية قرآنية ومتابعة فقهاء الشَّافِعِية له فيه قروناً عديدة
في غاية البعد البعيد ، وهذا قد يرد في حقِّنا وحقِّ أشباهنا أما الشَّافِعِي
فهيهات ثم هيهات ؟؟!!! إنه الشَّافِعِي.
ويكفي في رد هذا الوهْم قول الربيع بن
سليمان - رحمه الله -
قرأت : (كتاب الرسالة المصرية) على الشَّافِعِي نيفاً
وثلاثين مرة ، فما من مرة إلا كان يصححه.
ثم قال الشَّافِعِي في آخره : أبى
الله أن يكون كتاب صحيح غير كتابه ، يدل
على ذلك قول الله تبارك وتعالى :
(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
الآية. انتهى كلام الربيع.
وكان الأليق بالمحقق أن لا يجزم بتخطئة الإمام -
رحمه الله - وفقهاء مذهبه
والاكتفاء بردِّ هذا الخطأ إلى الناسخ كما هو حال
أكثر المخطوطات.
والإمام الشَّافِعِي - رحمه الله - لم يفسر القرآن ، والآيات
التي جمعها المحقق - جزاه الله خيراً - ذكرها الإمام مختصرة وغير مرتبة على ترتيب
المصحف الشريف حتى يصح هذا الاتهام.
ولعل الآية التي تكلم فيها إمامُنا
الشَّافِعِي - رحمه الله - هي قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ).
والله أعلم وأحكم.