بسم الله
الرحمان الرحيم. الحمد لله الذي جعل النصر لمن أطاعه، وعاقبة السوء لمن
عانده، ولا إلاه إلا الله المتفرد بالوحدانية، الدالّ على ذلك بما أظهر من
عجيب حكمته، ولطف تدبيره، الذي لا يدرك إلا إعلامه. وصلى الله على محمد
عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، أحبَّه واصطفاه، واختاره وارتضاه، صلوات الله
عليه وعلى آله الطيبين. أما بعد، فإني:
1. أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.
2. وإلى العدل في الرعية والقسْم بالسوية، ورفع المظالم، والأخذ بيد المظلوم.
3. وإحياء السنّة وإماتة البدعة، وإنفاذ حكم الكتاب على القريب والبعيد.
4. واذكروا الله في ملوك غيروا، وللأمان خفروا وعهد الله وميثاقه نقضوا، ولبني بيته قتلوا.
5. وأذكّركم اللهَ في أراملَ احتقِرت، وحدودٍ عطِّلت، وفي دماء بغير حق سُفكت.
6. فقد نبذوا الكتاب والإسلام، فلم يبقَ من الإسلام إلا اسمُه، ولا من القرآن إلا رسمه.
7. واعلموا -عبادَ الله- أن مما أوجب الله على أهل طاعته، المجاهَدة لأهل عداوته ومعصيته باليد وباللسـان.
أ) فباللسان الدعاءُ إلى الله بالموعظة الحسنة والنصيحة، والحضّ على طاعة
الله، والتوبة عن الذنوب بعد الإنابة والإقلاع، والنـزوع عما يكرهه الله،
والتواصي بالحق والصدق، والصبر والرحمة والرفق، والتناهي عن معاصي الله
كلها، والتعليم والتقديم لمن استجاب لله ورسوله حتى تنفذ بصائرهم وتكمل،
وتجتمع كلمتهم وتنتظم.
ب) فإذا اجتمع منهم من يكون للفساد دافعا، وللظالمين مقاوما، وعلى البغْي
والعدوان قاهرا، أظهَروا دعوتهم، وندبوا العباد إلى طاعة ربهم، ودافعوا
أهلَ الجوْر عن ارتكاب ما حرم الله عليهم، وحالوا بين أهل المعاصي وبين
العمل بها، فإن في معصية الله تلفا لمن ركبها، وإهلاكا لمن عمل بها.
ج) ولا يؤَيّسنّكم من علو الحق واضطهاده قلةُ أنصاره. فإن فيما بدا من وحدة
النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياءِ الداعين إلى الله قبله، وتكثيره
إياهم بعد القلة، وإعزازهم بعد الذلة، دليلا بيّناً، وبرهانا واضحا، قال
الله عز وجل: « ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ». وقال تعالى : «
ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز »، فنصَر الله نبيَّه وكثَّر
جنده، وأظهر حزبه، وأنجز وعده، جزاءً من الله سبحانه، وتوابا لفضله وصبره،
وإيثارِه طاعةَ ربه، ورأفته بعباده ورحمته، وحسن قيامه بالعدل والقسط في
تربيتهم، ومجاهدة أعدائهم وزهده فيهم، ورغبته فيما يريده الله، ومواساته
أصحابَه، وسعة أخلاقه، كما أدّبه الله ، وأمر العباد باتّباعه، وسلوك
سبيله، والاقتداء لهدايته، واقتفاء أثره، فإذا فعلوا ذلك أنجز لهم ما
وعدهم. كما قال عز وجل « إن تنصروا الله ينصرْكم ويثبت أقدامكم ».
قال تعالى: « وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان ».
وقال : « إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ».
وكما مدحهم وأثنى عليهم، كما يقول : « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله ».
وقال عز وجل : « والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ».
وفرض الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر، وأضافه إلى الإيمان والإقرار
لمعرفته، وأمر بالجهاد عليه، والدعاء إليه، قال تعالى : « قاتلوا الذين لا
يومنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسولُه ولا
يدينون دين الحق ». وفرض قتال المعاندين على الحق، والمعتدين عليه، وعلى من
آمن به وصدق بكتابه حتى يعود إليه ويفئ، كما فرض قتال مَن كفر به وصد عنه،
حتى يومن به ويعترف بشرائعه، قال تعالى : « وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى
تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب
المقسطين ».
هـ) فهذا عهد الله إليكم، وميثاقه عليكم، بالتعاون على البر والتقوى، ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان، فرضا من الله واجبا، وحكما لازما، فأين عن
الله تذهبون ؟ وأنّى توفكون ؟
و) وقد خانت جبابرة في الآفاق شرقا وغربا، وأظهروا الفساد، وامتلأت الأرض
ظلما وجوْرا، فليس للناس ملجأ ولا لهم عند أعدائهم حسن رجاء، فعسى أن
تكونوا -معاشر إخواننا من البربر- اليدَ الحاصدة للظلم والجور، وأنصار
الكتاب والسنة، القائمين بحق المظلومين من ذرية النبيئين، فكونوا عند الله
بمنزلة مَن جاهد مع المرسلين، ونصر الله مع النبيئين.
8. واعلموا معاشرَ البربر أني أتيتكم، وأنا المظلوم الملهوف، الطريد
الشريد، الخائف الموتور الذي كثر واتره، وقلّ ناصره، وقتِل إخوته، وأبوه
وجده، وأهلوه، فأجيبوا داعيَ الله، فقد دعاكم إلى الله، فإن الله عزّ وجلّ
يقول: «ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء
». أعاذنا الله وإياكم من الضلال، وهدانا وإياكم إلى سبيل الرشاد.
9 .وأنا إدريس بنُ عبد الله بنِ الحسن بنِ الحسن بنِ علي بنِ أبي طالب،
عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله وعليُّ بنُ أبي طالب
جدّايَ، وحمزةُ سيدُ الشهداء وجعفرُ الطيار في الجنة عمايَ، وخديجةُ
الصدّيقة وفاطمةُ بنت أَسد الشفيقة جدّتاي، وفاطمةُ بنت رسول الله e وفاطمة
بنتُ الحسين سيدِ دراري النبيئين أمّاي، والحسن والحسين ابنا رسول الله e
أبواي، ومحمد وإبراهيم ابنا عبد الله المهدي والزاكي أخواي.
10. هذه دعوتي العادلة غير الجائرة، فمن أجابني فله مالي، وعليه ما علي،
ومن أبى فحظه أخطأ و سيرى ذلك عالم الغيب و الشهادة أني لم أسفك له دما،
ولااستحللت محرما ولا مالا. وأستشهدك يا أكبر الشاهدين، وأستشهد جبريل
وميكـائيل أني أول من أجاب وأناب، فلبّيك اللهم لبيك، مُزجيَ السحاب،
وهازم الأحزاب، مصيِّر الجبال سرابا، بعد أن كانت صمّا صِلاب، أسألك النصر
لولد نبيّك، إنك على كل شيء قدير، والسلام.
« وصلى الله على محمد وآله وسلم ».
كان اول قادم على المغرب، من ذرية الامام علي بن ابي طالب،
هو المولى ادريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي
وفاطمة الزهراء بنت الرسول عليه الصلوات، وذلك بإجماع المؤلفين الذين
كتبوا عن تاريخ المغرب بعد ظهور الاسلام...هده صورة لمدينة زرهون المباركة وضريح المولى ءادريس الأول رضي الله عنه-