| من هدى النبوة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 08, 2012 4:48 pm | |
| تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكتاب يحتوى على مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة التى تهم المسلم فى شئون حياته اليومية،
وأخلاقه الإجتماعية، ومعاملاته الإقتصادية، وعباداته المرضية، وغيرها من الأمور التى يجب على المسلم معرفتها،
وقد قام فضيلة الشيخ/ محمد على سلامة - رضى الله عنه وأرضاه - بشرح هذه النخبة من الأحاديث
بطريقة سهلة مبسطة ، وإن كانت تستوعب الحديث من جهة المفردات والمعانى والإرشادات
وذلك بناء على طلب من إذاعة القناة، وقد قام رضى الله عنه بإلقاء هذه الدروس بصوته العذب
وإتماماً للفائدة رأينا طبعها حتى يتيسر لمن لم يستمع إليها قراءتها والإطلاع عليها حتى يعم النفع جميع المسلمين
وقد جاءت فى جزأين كبيرين هذا أولهما وسيتلوه الثانى مباشرة - بفضل الله ومِنَّه وكرمه -
فجزى الله شارحها فضيلة الشيخ/ محمد على سلامه عنا وعن المسلمين أجمعين خير الجزاء
وذلك الفضل من الله والله شاكر عليم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
25 من جمادى الأولى1413هـ
الفقير إلى الله تعالى
فوزى محمد أبو زيد
دار الصفا - الجميزة ـ غربية | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 08, 2012 4:59 pm | |
| 1- الحياء من الإيمان
****************
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلاة وسلاماً على الصادق الأمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
(أما بعد)
فقد روى الأئمة عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على رجل من الأنصار
وهو يعظ أخاه فى الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( دعه فإنَّ الحياء من الإيمان)
(متفق عليه)
أيها السادة: لو نظرنا إلى هذا الحديث الشريف .. لرأينا الحكمة العالية تتجلى فيه لجميع المؤمنين،
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذى يعظ أخاه فى التمسك والتحلى بفضيلة الحياء
أن يترك أخاه من هذه العظة، وذلك لأن الحياء أثر من آثار الإيمان الحقيقة،
ونتيجة من نتائج التصديق الكامل بمراقبة الله، وملاحظة أنه سبحانه وتعالى مع الإنسان
أين كان وكيف كان، وأنه عز وجل مطَّلِعٌ على خائنة الأعين وما تخفى الصدور،
وأنه جل شأنه يرى ويسمع كل حركة وكل كلمة، وكل نية وكل إرادة تصدر عن الإنسان.
هذا الإيمان العميق يجعل المؤمن يستحى من الله عز وجل، ويخشى جنابه العلى،
فلا يأتى أمراً مخالفاً، ولا يرتكب فعلاً خاطئاً، لأن الإيمان قد استقر فى قلبه.
وإن الحياء من الله عز وجل مقام من مقامات أهل الإحسان، حيث أن المؤمن قد أحسن إلى نفسه وإلى غيره
وذلك بالإستمساك بهذا الخلق النبيل، وهذا الأدب الكريم، إذ أنه يستحى أن يطلع على عورات الناس
ويستحى أن يفضحهم ويكشف ستر الله عنهم.
وإنَّ منزلة الحياء من الإيمان بمنزلة العين أو الأذن من جسم الإنسان، ومن لا حياء فيه لا خير فيه
وإنَّ الحياء خير كله، وإنه لا يأتى إلا بالخير، وإن صاحبه قد استعصم بما استعصم به الأنبياء والمرسلون،
قالت امرأة العزيز فى شأن سيدنا يوسف عليه السلام:
﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ
وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾
[ سورة يوسف: الآية32]
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوماً:
( استحيوا من الله حق الحياء)
قال رجل: وكيف نستحي من الله حق الحياء يا رسول الله؟
قال: ( أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبلى)
( رواه أحمد والترمذى والحاكم والبيهقى عن ابن مسعود)
بهذا البيان البليغ عرف المسلمون الأوائل رضى الله عنهم كيفية الإستحياء من الله عز وجل
وما زال المسلمون الصادقون ينهجون على هذا المنهج القويم، ويسلكون على هذا الصراط المستقيم.
ولما كان الحياء ينبع من ذات المؤمن، ومن نفسه الطاهرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
للرجل الأنصارى الذى يعظ أخاه فى هذا الخلق العظيم :
( دعه فإن الحياء من الإيمان).
يعنى من لا حياء فيه لا إيمان له، إذ أنه لو كان معه إيمان فى قلبه لأشرق نور الحياء فى حياته
وأضاءها بالأدب الرفيع والتسامى عن الخبائث والفواحش ما ظهر منها وما بطن.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا الإيمان الكامل الذى يخلق فينا فضيلة الحياء،
إن ربى سميع الدعاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***********
يتبع إن شاء الله
عدل سابقا من قبل Ahmed Elkady في الخميس نوفمبر 08, 2012 8:54 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 08, 2012 7:28 pm | |
| 2- أشرُّ الناس منزلة عند الله يوم القيامة
*****************
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد ولك الشكر كما تحب وترضى، ولك الثناء الحسن الجميل.
اللهم صل وسلم وبارك على ذات حبيبك ومصطفاك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(أما بعد)
فقد روى الإمام مسلم فى صحيحه عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إنَّ من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضى إلى المرأة وتفضى إليه ثم ينشر سرِّها)
أدب بلغ المنتهى فى الفضيلة والعفة والستر، وحضارة ورقى بالمجتمع إلى أوج العظمة والكمال.
وإن من الشر المستطير، والخزى والدعارة، أن يتحدث الناس فى أمر الجنس،
وأن يأخذوا فى سرد وقائعه وأحداثه التى أوجب الإسلام فيها السرية التامة،
حفظاً على آدمية الناس وكرامتهم.
وإنَّ الإنحلال الخُلُقى - الذى يصاب به المجتمع - يأتى من وراء هذه الناحية
التى يجاهر فيها الناس بالرذائل الجنسية، حتى يصبح الناس كالكلاب والقردة والخنازير،
لا يبالون بالفضائح والمخازى،
وإن الإسلام قد حَّرم هذا الأسلوب من الحديث، وجعله من الكبائر التى يؤاخذ أصحابها فى الدنيا والآخرة،
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾
( سورة النور: الآية 19)
إن الذين يشاهدون أفلام الجنس، أو يقرأون صحفها، أو يستمعون إلى من يذكرها،
قد ارتكبوا إثماً كبيرًا يعذبون عليه فى الدنيا والآخرة، وكذلك الذين يُرَّوِجون هذه المنكرات
وينشرونها بالصورة أو الكتابة أو الحديث، فهؤلاء لا يحبون إشاعة الفاحشة فقط فى المجتمع
وإنما نشروها فعلاً، وأعلنوها بين الناس،
إنهم أشر الناس عند الله ورسوله وعند المسلمين، ويجب على كل مسلم ومسلمة
أن يرفض هذا الإجرام بشدة وبكل قوة، ولا يتركه أبداً يأخذ أى طريق إليه أو إلى أهله وذويه.
وإذا كان ما يحدث بين الرجل وزوجته أثناء الجماع هو من الأمور المباحة لهما
ليأخذ كل منهما حظه من هذه المتعة الحلال، ومع ذلك فقد حرم الإسلام عليهما
أن يبيح أحد منهما بشئ من هذا الأمر، وجعل من يأتى ذلك أشر الناس عند الله يوم القيامة،
فما بالك بالحالات التى تنشر أو يعلن عنها بالمجلات أو الصحف؟!!!
إنَّ المصيبة تكون أعظم، وإن الهول يكون أشنع، وإنَّ الجرم يكون أفدح.
اللهم سَلِّم .. اللهم سَلَّم .. وانتقم ممن أراد بالإسلام وبأهله سوءاً
يا عزيز يا جبار .. يا قوى يا منتقم.. يا قهار يا شديد البطش ..
يا حى يا قيوم.. يا علىُّ يا عظيم. دعوناك فأجب، وسألناك فاستجب،
يا مجيب المضطر إذا دعاك.
والسلام على من اتبع الهدى،
وصلى الله على سيدنا محمد كاشف الغمة، ومفرج الكربة، ومغيث الأمة، وعلى آله وصحبه وسلم.
******** يتبع إن الله
عدل سابقا من قبل Ahmed Elkady في الخميس نوفمبر 08, 2012 8:54 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 08, 2012 7:38 pm | |
| 3- رضاء الله عند العبد
***************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى انشق له القمر،
وعلى آله وعلى أصحابه ذوى المكارم والهمم وسلم تسليما كثيرا.
( أما بعد )
فقد روى مسلم عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلم الكريم: هذا الحديث الشريف من البشائر النبوية التى بشرت المؤمنين بالفضل الكبير
والعطاء الجزيل، والثواب العظيم، وليست هذه البشارة فى مقابلة مجهود كبير أو عمل شاق
وإنما هى جزاء من الله عز وجل لمن قال بعد أكله أو شربه الحمد لله.
وهذه كلمة يسيرة وسهلة، لكنها فى المعنى جليلة ونفيسة، إذ أنها تعبر عن الشكر العظيم لله جل ثناؤه على نعمه وآلائه
التى أسبغها على عباده ، وأفاضها عليهم آناء الليل وأطراف النهار.
وكلمة الحمد لله تعبر عن اعتراف المؤمن بفضل الله عليه، وبخيره الواصل منه سبحانه إليه
وهى تعبر عن مدى ولاء الإنسان لله سبحانه، وإخلاصه له جل جلاله، وتعبر عن مدى احتياجه للنعم
واضطراره للمزيد منها،
وعدم استغنائه عن أقل شئ من هذه النعم، لأن حياته قائمة عليها ومرتبطة بها.
وإن المؤمن الذى يلهج لسانه بحمد الله بعد الأكل أو الشرب، قد فاز برضاء الله عنه،
وإن رضا الله أملُّ يرجو كل مؤمن، وسعادة يبتغيها كل مسلم، وقد أكرم الله المؤمنين برضائه عنهم
حتى فى أكلهم وشربهم، وكذلك فى لباسهم وفى مسكنهم، وفى يقظتهم ومنامهم،
إذ أنهم يحمدون الله عند كل نعمة من هذه النعم التى فيها حياتهم ومعاشهم.
فافرح أيها المؤمن برضوان الله ورحمته، فقد وهبنا النعم ومتَّعنا بها، وأعاننا على حمده وشكره عليها، وأعطانا على ذلك كل رضائه عنا.
فسبحان الله العلى العظيم ذى الجود العميم، والكرم الوفير، فالفضل منه وإليه، والخير كله بيديه.
أيها السادة: إذا كان رضا الناس غاية لا تدرك، لاختلاف أمزجتهم وأهوائهم، وعقولهم وطبائعهم
ولا يقدر إنسان أن ينال رضا الناس جميعاً عنه، ورضا الناس قد لا قدم ولا يؤخر شيئاً
وقد لا ينفع ولا يضر، ومع ذلك فإن الإنسان حفىُّ به ويحزن على فقده،
فما بالك وقد أنعم الله علينا برضاه لقاء كلمات يسيرة يتحرك بها اللسان والشفتان عقب الأكل أو الشرب!!
لا حرج على فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم، وهو جل شأنه ذو الفضل العظيم.
أيها السادة: احرصوا كل الحرص على هذه الهبات التى لا تكلفكم شيئاً،
ولقنوها لأولادكم وبناتكم وجميع أهليكم وإخوانكم، وعمموا هذا الخير العظيم على جميع المسلمين
وفقكم الله وجعلنا من عباده الراشدين... آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
**********
يتبع إن الله
عدل سابقا من قبل Ahmed Elkady في الخميس نوفمبر 08, 2012 8:52 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 08, 2012 8:03 pm | |
| 4- صدقات أهل الإيمان
**************
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أول النبيين وخاتم المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أيها المستمع الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى مسلم فى صحيحه عن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ما من مسلم يغرس غرساً، إلا كان ما أُكِلَ منه له صدقة،
وما سُرِقَ منه له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الشريف أكبر دعوة إلى الزراعة والغرس، وذلك بصورة تشد القلوب وتلفت الأنظار،
وتجعل المسلم يفكر كثيرا فى أن يزرع أو يغرس بيده أى شئ حتى يحظى بهذا الثواب العظيم،
والأجر الكبير الذى ذكره النبى عليه الصلاة والسلام فى هذا الحديث الشريف.
فإن أى كائن يأكل من هذا الزرع إلا كان القدر المأكول صدقة لصاحب الزرع،
سواء أكل منه إنسان أو بهيمة، أو طير أو وحش أو حشرة،
فكل هذا صدقات تصدق بها الزارع، وله أجرها وثوابها إلى يوم القيامة.
كذلك إذا سرق أحد من هذا الزرع كانت هذه السرقة صدقة أيضاً لصاحب الزرع.
كذلك إذا رُزئ فى زرعه وأصابه غرق أو حريق أو جائحة من عوامل الطقس كالحر والبرد،
فإن له صدقات بقدر ما أصاب زرعه من هذه المصائب.
وقد قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخير العظيم للزارع لأنه عَمَّرَ الدنيا بزرعه،
وأثرى الحياة به، وقدم به خيراً كثيراً لأمته ووطنه والناس أجمعين.
ولو استطاع كل إنسان أن يغرس - ولو فى منزله - غرساً يشيع البهجة والسرور والروائح الذكية
داخل المنزل وخارجه، فإنه بذلك يكون قد نال هذا الأجر والصدقات التى وعده الله ورسوله بها،
وذلك علاوة على ما ينتفع به أهل المنزل وجيرانه من المنظر الجميل،
فإن الخضرة من بواعث الفرح وإذهاب الهَمّ والغَمّ والحزن.
إن الدولة الآن تعمل جاهدة على زرع الصحراء وتشجير الطرق، وردم البرك والمستنقعات،
وأن تجعل من كل ذلك واحة مليئة بالزروع والخضراوات والفواكه ، لتصبح الصحراء جنات وارفة الظلال ،
تقدم للوطن السعادة والرزق والخير الوفير.
وإننى أرجو أن تشجع الدولة الزراع وتعطيهم أرض الصحراء ملكا لهم ،
بشرط أن يزرعوها ويعمروها فى مدة تتراوح بين الخمس والسبع سنوات،
حسب طبيعة كل منطقة، ومن لم يوف بذلك منهم تأخذ الدولة منه الأرض
وتفرض عليه غرامة تأخير الإنتاج حسب ما تقدره الدولة،
على أن تقوم الدولة بعمل الترع والمصارف اللازمة لاستصلاح الأرض.
وإذا وثق الناس بملكية الأرض سيصنعون المعجزات فى سبيل إحياء هذه الأرض واستخراج خيراتها.
أرجو الله العلى القدير أن يوفق المسئولين لخير العباد والبلاد، وأن يمنحهم الرشاد والسداد،
إن ربى سميع مجيب الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*********
يتبع إن شاء الله
عدل سابقا من قبل Ahmed Elkady في الخميس نوفمبر 08, 2012 8:53 pm عدل 2 مرات | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 08, 2012 8:51 pm | |
| 5- الحسنات والسيئات
*****************
بسم الله الرحمن الرحيم
******************
حمداً لله على فضله، وشكراً لله على نعمه، وثناءً عليه بما هو أهله
والصلاة والسلام على من لا نبى بعده، وعلى آله وصحبه، وعلى جميع أنبيائه ورسله
أيهاالمسلمون: روى الأئمة عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، قال:
( إنَّ الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك،
فمن هَمَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة،
وإن هَمَّ بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
وإن هَمَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة،
وإن هَمَّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة).
ما أعظم فضل الله على عباده المؤمنين!!!!!!
كيف يكتب الله الهَمَّ بعمل الخير أو قوله حسنة لصاحبه، مع أنه لم يقل ولم يعمل شيئا؟!!
ولكنه هَمَّ فقط بفعله وعزم عليه؟!!
والهَمّ هو اتجاه القلب إلى الشئ والعزم على فعله أو تركه.
وكأن الله عزَّ وجلَّ يتلمس للمؤمن أى شئ يمنحه عليه ثواباً وجزاءً حسناً،
وذلك من رحمة الله بعباده المؤمنين وفضله عليهم فى الدنيا والآخرة.
وإن الله سبحانه وتعالى ينظر إلى قلوب المؤمنين، فإن وجد فيها خيراً أعطاها الله عليه خيراً كثيراً
والله ذو الفضل العظيم.
فالنوايا الصالحة، والقصود الكريمة والإتجاهات الطيبة، كل ذلك له عند الله جزاء وثواب.
وإنْ عمل المؤمن ما هَمّ به من الخير كتب الله له بكل حسنة منه عشر حسنات،
ويزيدها إلى سبعمائة صعف، بل إلى أضعاف كثيرة من الحسنات لا يعلم قدرها إلا الله عزّ وجلَ.
فإذا كانت الحسنة الواحدة تصل إلى هذا القدر من الخير والإكرام،
فما بال الناس يُقَصًّرون فى عمل الصالحات وهم يعلمون هذا الأجر الكبير؟!!!
والإنسان الذى يعلم أن هناك سوقاً تربح فيه بضاعته عشر أمثالها ما قعد عن هذا السوق لحظة
حتى يقامر فى سبيل إليه، طلباً للربح الكبير، وقد يغنيه هذا السوق عن شد الرحال إلى أسواق كثيرة.
وإن المؤمن الذى يتاجر مع الله سبحانه وتعالى قد ربحت تجارته هذه الأضعاف الكثيرة التى لا يحيط بها العقل
ولا يحصيها العد. هذا بجانب أن هذه الحسنات تكفر عن المؤمن السيئات التى قد ارتكبها فى حياته،
حتى يلقى الله وليس عليه شاهد بذنب.
أيها المسلم الكريم: حَىَّ على خير العمل، حَىَّ على خير العمل.
ألا فليبادر كل منا إلى اغتنام هذه الفرص الكبرى التى أتاحها الله تبارك وتعالى
لعباده المؤمنين ليفوزوا بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة. وإن من رحمة الله بالعبد المؤمن
أنه إذا نوى على عمل سَئ أو قول قبيح، ثم رجع عنه لأمرٍ ما،
كتب الله ذلك الرجوع حسنة كاملة عنده سبحانه وتعالى.
أما إنْ رجع عنها خوفاً من الله عز وجل، فلا يعلم مدى الخير الذى يناله أحد إلا الله ورسوله، قال تعالى:
(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)
[ سورة الرحمن: الآية 46]
وإن من فضل الله على المؤمن أنه إذا هّمَّ بالسيئة بالسيئة فعملها كتبها الله عليه سيئة واحدة،
وإن استغفر الله وتاب إليه منها عفا الله عنه وغفر له، والله غفور رحيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
**********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة السبت نوفمبر 10, 2012 10:14 pm | |
| (جعلت لى علامة فى أمتى إذا رأيتها قلتها)
**********************************
بسم الله الرحمن الرحيم
******************
اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الشكر ولك الثناء الحسن الجميل.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ...
فقد روى مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل موته:
( سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك).
فقلت يا رسول الله: ما هذه الكلمات التى أراك أحدثتها تقولها؟ قال:
( جعلت لى علامة فى أمتى إذا رأيتها قلتها).
﴿إذا جاء نصر الله والفتح . ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجاً.
فسبح بحمد ربك واستغفره. إنه كان تواباً﴾
(سورة النصر)
هذه السورة الكريمة كانت من آخر القرآن نزولا على النبى صلى الله عليه وسلم
ولما نزلت بكى سيدنا أبو بكر رضى الله عنه حتى إنه كان لا يُرى إلا باكياً،
فسئل عن ذلك فقال: لقد نعى الله رسوله إلى أمته، عندما نزلت هذه السورة
فإنها أفادت أن رسالة النبى أوشكت على الإنتهاء. ومن هنا كان رسول الله يكثر من قوله:
(سبحانك اللهم وبحمد أستغفرك وأتوب إليك)
فقد اشتملت هذه العبارة النبوية الشريفة على تسبيح الله عزَّ وجلّ، وعلى حمده جلَّ شأنه
وعلى طلب المغفرة منه سبحانه وتعالى، وعلى التوبة إليه من كل المقامات والدرجات التى حباه الله بها
لأنه صلى الله عليه وسلم لا يبغى المقامات وإنما يبتغى وجه الله عز وجل حيث قال:
( بل الرفيق الأعلى من الجنة)
وذلك عندما خيرته الملائكة بين الخلد فى الدنيا ثم الجنة وبين لقاء الله والجنة،
فكان يرد عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم:
( بل الرفيق الأعلى من الجنة)
وكذلك يُسَنُّ للمؤمن أن يكثر مما كان يكثر منه النبى صلى الله عليه وسلم،
فنتقرب إلى الله جل شأنه بهذا الذكر الذى جمع الخير كله فى عبارات يسيرة وقصيرة،
لا كلفة فيها ولا مشقة، وهى:
( سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك)
وعلى المؤمن أن يلاحظ معانى هذه الكلمات عند ذكرها، حتى يذكر الله بقلبه ولسانه،
ويستشعر حلاوة العبادة ولذة الذكر، فإن إكثار النبى من هذا الذكر دليل على حبه صلى الله عليه وسلم له
لأن من أحب شيئاً أكثر من ذكره. وكذلك المؤمن يحب هذه الكلمات لحب رسول الله لها،
ولأنها جمعت من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله ورسوله،
ولو كانت الأشجار أقلاماً والبحار مداداً وصفحات السموات والأرض ألواحاً،
والإنس والجن والجن والملائكة كُتاباً، ما استطاعوا أن يستوعبوا أجرها وثوابها،
والله عنده أجر عظيم لا يدرى قدره ملك مقرب ولا إنسان مكرم.
( سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك)
لا تتوانى عن ذكرها يا أخى المؤمن، وخصوصا إذا كبر سنك وتجاوزت الخمسين
فإنها كلمات الإنابة والإقبال على حضرة الله سبحانه وتعالى بما يحبه ويرضاه
من العباد والذكر والاستغفار، والتوبة والتسبيح والتحميد.
اللهم أعناعلى ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
**********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة السبت نوفمبر 10, 2012 10:26 pm | |
| 7- يتبع الميت ثلاثة
*************
بسم الله الرحمن الرحيم
******************
أحمد الله الذى جعلنا مسلمين، وجعلنا من أمة سيد الأولين والآخرين،
سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
أما بعد ...
فقد ورد فى صحيح البخارى ومسلم عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع إثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله)
صدق النبى عليه الصلاة والسلام.
أيها السادة والسيدات:
هذا الحديث الشريف يوضح لنا الموقف بالنسبة للميت عندما يشيعه الناس إلى قبره،
- فإن ماله يُوَدعه عند باب داره الذى خرج منه إلى طريق المقبرة،
- وإن أهله وأصحابه يودعونه عند دخوله إلى قبره ويرجعون إلى بيوتهم وأعمالهم،
- وإن عمله يدخل معه فى قبره ولا يتركه، لأنه متعلق به حيث أنه حركة أعضائه ومشاعره.
والعمل يشتمل حركة الجوارح والأعضاء، وحركة القلوب والضمائر، والله تعالى أحصى كل شئ فى كتاب مبين!!!!!
وإن عمل الإنسان يؤنسه فى قبره إذا كان عملا صالحاً،
وإنه يكون فى أحسن صورة كان يحبُّها الإنسان فى الدنيا،
فيقول له صاحبه: من أنت الذى آنستنى فى وحشتى، ورافقتنى فى وحدتى، ونوَّرت علىَّ ظلمتى؟
فيقول له: أنا عملك الصالح.
وإذا كان عملاً سيئاً صُوِّرَ فى أبشع صورة كان يجزع ويخاف منها فى الدنيا
- فلا يزال يؤذيه ويعذبه،
- ويزعجه ويفجعه حتى تقوم الساعة،
قال الله تعالى:
(كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين )
[الآيتان(38، 39) سورة المدثر]
أيها السادة: يرجع أهل الميت بعد دفنه ويقتسمون ماله فيما بينهم حسب نصيب كل منهم فى الميراث،
فيتنعمون به ويُسأل الميت عنه فى قبره من أين جمعه وفى أى شئ كان ينفقه،
وهل أخرج منه حق الله؟ أم بخل به عليه وهو الذى رزقه به، وأنعم به عليه، وهيأ له الفرصة لاكتسابه؟
أيها السادة: لقد خلقنا الله للعمل، فإن عُمْرَ الإنسان محسوب بالأعمال التى ينجزها فيه،
فالإنسان الذى ملأ صفاح الأرض بالجد والنشاط، والحركة والإنتاج، وملأ صفحات السماء بالعبادة والقربات،
فإنه يوم خروجه من الدنيا تبكيه الأرض والسموات،
لأنه عَمَّرَ الأرض بالمنافع والمصالح العامة والخاصة،
وعَمَّرَ السماوات بالورع وتقوى الله عز وجل، وبذكر الله وطاعته
قال الله تعالى:
(من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة
ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)
[ سورة النحل: الآية 97]
نسأل الله من فضله أن يوفقنا لعمل الخير، وأن يجنبنا الشرور والمفاسد، إنه على كل شئ قدير،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة السبت نوفمبر 10, 2012 10:47 pm | |
| 8 - ( حُفَّتْ النار بالشهوات، وحُفَّتْ الجنة بالمكاره )
*******************************
بسم الله الرحمن الرحيم
***************
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرحمة المهداة للعالمين، والنعمة الكبرى للمسلمين،
وعلى آله وعلى صحابته أجمعين.
أما بعد ...
فقد روى مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( حُفَّ النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره)
بيان فى أروع صورة، وأقصر عباراته!!!!!
وقد حوى من المعانى ما تعجز الأقلام عن تسطيره، وما لا تتسع الأوراق لتدوينه،
وذلك معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد آتاه الله جوامع الكلم
التى لا يبلغ عشر معشارها أحد من العالمين.
فانظر يا أخى المسلم إلى قوله عليه الصلاة والسلام: ( حُفَّ النار بالشهوات)!!!!
فقد تضمنت هذه العبارة كل المحرَّّمات التى حرَّمها اللهُ ورسولُه على كثرتها،
وكذلك كل المكروهات التى يكرهها الله ورسول - مع أنها جمَّة.
والشهوات التى حول النار هى الأشياء التى تميل إليها النفوس وتهواها الطباع البشرية،
وهذه الشهوات هى التى أمرنا الله بالإبتعاد عنها وعدم الاقتراب منها،
لأنها توقع صاحبها فى النار لكونها حول نار جهنم مباشرة،
فمن باشر شيئاً منها زلَّتْ قدمه، وانكب على وجهه فى النار،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
أما الشهوات والمتع التى أباحها الله للناس، فقد جعل الله فيها غُنية
وكفاية للمؤمنين عن شرِّ هذه الشهوات المحرمة.
فقد أباح الله لنا الطيبات من كل شئ، من المآكل والمشارب، والملابس والمناكح، والمساكن والمراكب،
وما إلى ذلك من الطيبات التى لا تُحصى ولا تُعد،
وفيها الضروريات والكماليات وزيادة، مما يتهنى بها المسلم فى أحضان الشريعة السمحاء،
بحيث تجد نفسه كل ما تشتهيه من غير إثم ولا حرج، قال الله تعالى:
(قل من حرَّم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق
قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)
[ سورة الأعراف: الآية32]
الله أكبر على فضل الله الذى حبانا به فى الدنيا والآخرة. اللهم أدمه علينا يا رب العالمين.
ثم يقول النبى عليه السلام:( حفت الجنة بالمكاره ) ، والمكاره يعنى: المتاعب والمشاق والمعاناة،
نعم هى مكاره، يكد الإنسان ويتعب فى أدائها والقيام بها،
ولكنها تفضى إلى جنة عرضها السموات والأرض!! وإلى نعيم مقيم، ومُلك كبير،
وحور وولدان، وقصور وخيام، وأنهار وثمار، وظلال وأشجار.
فما أيسر ما تحمَّل الإنسان من هذه المكاره، وما أعظم ما نال من البهجة والرضوان فى نعيم الجنان.
أيها المؤمن: قل لى بربِّك، ما هذه المكاره التى حُفَّت بها الجنة؟
- هى صلاة تؤديها لربك خمس مرات فى اليوم والليلة!!!
- هى صيام شهر من كل سنة،
- هى جزء يسير من مالك تدفعه إلى أقاربك وجيرانك المحتاجين لعطفك،
- هى رحلة تقوم بها لحج بيت الله الحرام.
- هى أمور كلفك الله بها لتحظى بالخلود فى جنة الفردوس مع الأنبياء والمرسلين
والشهداء والأخيار والأبرار من عباد الله الصالحين.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
بجاه النبى صلى الله عليه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الأحد نوفمبر 11, 2012 11:30 am | |
| 9- ( المؤمن القوى خير وأحب إلى الله)
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
***************
الحمد لله على نعمه، والصلاة والسلام على أفضل أنبياءه ورسله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد ...
فقد روى مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير،
إحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا،
ولكن قل: قَدَّرَ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها السادة والسيدات:
هذا هدى كريم من نور النبوة، يشع علينا كلما تلمسنا الضياء والهدى من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفى هذا الحديث - الذى معنا - شفاء لكثير من العلل والأسقام التى نُصاب بها فى هذه الدنيا، فإن المؤمن
- القوى فى عقيدته، - القوى فى عمله وعبادته، - القوى فى أخلاقه وسلوكه، - القوى فى مجاهدته لنفسه وشيطانه، - القوى فى جسمه وعقله، - القوى فى مواجهة الخطوب والأخطار، - القوى فى جهاد أعداء الله وأعداء الوطن ...
هذا المؤمن القوى ... خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
الذى إذا أصيب بضعف فى شئ من الأمور التى مرَّ ذكرها،
لأن المؤمن إذا ضعف أمام شئ منها ... ضعف الإسلام بضعفه،
واهتزت قواعد الإيمان وتخلخلت، وتمكن العدو من جماعة المسلمين،
وقد قال الله تعالى على لسان بنت سيدنا شعيب عليه السلام فى وصف سيدنا موسى عليه السلام:
(إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)
[ سورة القصص: الآية26]
فأثنى الله عليه بالقوة والأمانة ... وكذلك المؤمن قوى فى أمانة، وعفة وصدق وإخلاص.
هذا وإن المؤمن الضعيف لا يخلو من الخير!!! ولكنه لا ينهض أن يصل إلى درجة المؤمن القوى بحالٍ من الأحوال.
ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بقوله:
( إحرص على ما ينفعك)
نعمت الوصية والنصيحة من الشفوق العطوف عليه السلام.
أيها المستمع الكريم:
كل واحد منا يعرف ما ينفعه وما يصلح شأنه، ويعرف ما يضره ويفسد حاله.
والحرص على الأمور النافعة يقتضى منا المسارعة إلى تحصيلها قبل فوات الفرصة،
والحفاظ عليها من الضياع بعد الحصول عليها.
ثم يوصينا النبى أيضا بقوله:
( واستعن بالله ولا تعجز)
ما أعظمها من وصية!!! ومعناها أن المؤمن يطلب العون والمدد من الله عزَّ وجلَّ، بعد أخذه بالأسباب التى لا بد منها،
ولا يقف عاجزاً عن العمل والحركة وعن الأخذ بالأسباب، لأن العجز من أفظع وسائل التدمير للفرد والمجتمع
وقد استعاذ منه النبى فقال:
( اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل،
وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدّيْن وقهر الرجال)
ثم يعلمنا رسول الله كيف نقول عند النوازل والمصائب بقوله:
( وإن أصابك شئ فلا تقل لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل:
قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
نسأل الله أن يوفقنا للإعتصام بهذه الوصايا، إن ربى مجيب الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***************
يتبع إن شاء الله
عدل سابقا من قبل Ahmed Elkady في الأحد نوفمبر 11, 2012 12:05 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الأحد نوفمبر 11, 2012 11:47 am | |
| 10- نعم الله على الناس
************
بسم الله الرحمن الرحيم
**************
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين
وعلى آلهم وأصحابهم ومن اهتدى بهم إلى يوم الدين.
أما بعد ...
فقد روى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ).
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها السادة:
الصحة والفراغ نعمتان عظيمتان من النعم التى تفضل الله بها على الإنسان. فالصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يشعر به إلا المرضى، وكثير من الناس لا يحس بهذه النعمة
ولا يدرى قيمتها، فيصرفها فى المجون واللهو والعبث، وكان الأجدر به أن يصرفها فى الأعمال النافعة
له ولأهله ولوطنه، ويصرفها فى العمل الصالح والعلم الذى يهديه إلى سواء السبيل.
والصحة لما كانت من أجل النعم، وكان الإنسان بدونها لا يقدر على شئ،
فقد وجب على صاحبها أن يديم شكر المنعم جلَّ شأنه عليها، حتى يحفظها الله عليه،
ويزيده قوة وعافية. قال الله تعالى:
(لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)
[ آية (7) سورة إبراهيم]
والشكر إنما يكون عملا صالحا وقولا طيبا.
وقد جاء فى الحديث الشريف عن النبى صلى الله عليه وسلم:
( اغتنم خمساً قبل خمس، حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك،
وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك)
[ رواه أحمد وابن المبارك وغيره عن عمرٍ]
فالصحة والعافية فرصة لا تعوض أبداً، ولذلك ركز الإسلام عليها
وطالب الأصحاء بغير ما طالب به المرضى، قال الله تعالى:
(لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)
[آية (17) سورة الفتح]
والحرج فى هذه الآية معناه الإثم والوزر.
والنعمة الثانية التى وردت فى هذا الحديث الشريف الفراغ.
وهو الوقت الخالى من الأعمال فى الدنيا ومن العبادة المفروضة.
فهذا الوقت، وهو من عمر الإنسان وهو حياته، وهو أغلى من الذهب والفضة،
والمؤمن أشد الناس حرصا على حياته، فلا يضيع نَفَساَ منها فى غير فائدة، قال الله تعالى:
(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)
[ آية (7) ، (8) سورة الشرح]
وذلك أمْرُ من الله لنا فى شخص النبى صلى الله عليه وسلم،
والمعنى: إذا فرغت من أداء الفريضة، وفرغت من تكسب الأرزاق، وفرغت من عملٍ تنفع به الناس،
فانصب أى: اجتهد فى شغل هذا الفراغ بالتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ بنوافل البِرّ
وعمل الخير حتى تملأ هذا الفراغ بالصالحات والطيبات،
وارغب إلى ربك وسارع فيما يحبه ويرضاه، حتى يحبك ويرضى عنك
ويؤثرك على كثير من عباده المؤمنين.
والغبن هو البخس فى البيع والشراء، فإذا باع الإنسان باع رخيصاً،
وإذا اشترى اشترى بثمن أكبر بكثير من ثمن السلعة،
وكذلك الذى ضيع صحته ووقت فراغه فى اللهو واللعب فقد غبن نفسه،
وباع سلعة ثمينة جداً بثمن بخس حقير لا ينفع ولا يغنى صاحبه شيئاً.
نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة فى الدين والدنيا والآخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
************** يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الأحد نوفمبر 11, 2012 12:19 pm | |
| 11- أى الصدقة أفضل؟
***********
بسم الله الرحمن الرحيم
***************
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وعلى أصحابه وعلى من اتبع هداه.
أما بعد ...
فقد روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: أى الصدقة أعظم أجرا؟ قال:
( أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم
قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
أيها المسلم الكريم:
هذا السائل الذى سأل رسول الله كان حريصاًً جداً على الثواب والأجر الأكبر،
كالإنسان الذى يضرب فى الأرض يبتغى سعة الرزق والثراء والغنى،
وهو من أجل ذلك يكدح ويجتهد فى سبيل الحصول على بغيته، لا يثنيه عنها أى شئ.
وهذا السائل يسأل لنفسه ولكل المسلمين، لأنهم فى أمسِّ الحاجة أن يعرفوا هذه الأحكام والوصايا.
فقال هذا الصحابى: أى الصدقة أعظم أجراً يا رسول الله؟ فقال له:
( أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى)
والمعنى واضح جداً لكل مسلم، وهو أن يبادرالإنسان بالصدقة،
وأن يسرع فى إخراج الزكاة وهو فى صحة وعافية وقوة.
والإنسان فى شبابه قد يبخل بالبذل والإنفاق خشية الفقر والاحتياج،
ولكن المؤمن يؤثر أمر الله ورسوله على هوى نفسه وميول طبعه، فإنه إذا مرض الإنسان بأمراض الشيخوخة
فقد تهون عليه الدنيا، لأنه عما قريب سيرحل عنها،
أما فى حالة الشباب والصحة فإنَّ نظرة الإنسان إلى الحياة تختلف كثيراً عن نظرته إليها فى المشيب والشيخوخة،
فقد كان الثواب الأكبر والأجر الأعظم للصدقات والزكوات أثناء الشباب والصحة،
وإن ثوابها أثناء الهِرم والمرض أقل بكثير من ثوابها فى حالة الشباب والعافية.
ثم يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان)
يعنى أعطوا فلاناً كذا وفلاناً كذا من الزكاة والصدقة، وقد أصبحت لا تستطيع الإعطاء بنفسك
لعجزك وضعفك، فإن ذلك تأخير بدون مبرر،
فإن كل صدقة لها أوان ووقت معلوم،
- فزكاة الزروع والغلال والفواكه يوم الجنى والحصاد، - وزكاة الأموال عند تمام الحول بعد بلوغها النصاب، - وزكاة التجارة أيضاً كل سنة من ساعة بلوغها القدر الذى تجب عليه الزكاة. - ووقت الصدقة عندما يرى الإنسانُ الفقير والمحتاج، - أو عندما يسأله المسكينُ والمحرومُ شيئاً من المساعدة، - أو عند إنشاء المشاريع والمرافق التى تخدم البلاد و العباد.
وهكذا فكل صدقة لها زمانها ولها ظروفها، فلا يضيع المؤمن على نفسه فرصة
من غير أن يؤدى واجبه فيها من البذل والإنفاق، قال الله تعالى:
( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ
رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ.
وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
[ سورة المنافقون الآيتان 10، 11]
أيها السادة والسيدات:
نسأل الله من فضله أن يرزقنا الجود والسخاء،
وأن يرقق مشاعرنا نحو الضعفاء والفقراء،
إن ربى سميع مجيب الدعاء،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الإثنين نوفمبر 12, 2012 10:58 pm | |
| 12- الهداية .. والكفاية .. والوقاية!!!!
************************
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المستمع الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد ...
فقد روى أبو داود والترمذى والنسائى وغيرهم عن أنس رضى الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من قال إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
يقال له: هُديت وكُفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان)
إخوانى وأحبابى: ما أيسرها وأسهلها من كلمات قليلة يتلفظ بها المؤمن حين يخرج من بيته -
لعمله وقضاء حاجاته!!!
كلمات من هدى النبى صلى الله عليه وسلم تملأ الجو من حولك خيراً وبركةً، وهداية ونور!!!!
- ففى قول المؤمن: (بسم الله) إشارة إلى أنه افتتح مسيرته وعمله فى هذا اليوم مستعينا بالله،
ومبتدئاً باسمه سبحانه وتعالى.
- وفى قوله: (توكلت على الله) إشارة إلى أنه جعل ثقته بالله، وجعل اعتماده على الله، وأنه فوض أمره لله،
لاعتقاده أن كل شئ بيديه الكريمتين جلَّ شأنه.
- وفى قوله: (لا حول ولا قوة إلا بالله) إشارة إلى أنه يطلب المدد والقوة من الله عزَّ وجلَّ،
لأن العبد لا يقدر أن يتحرك إلا بإذن الله، وأنه لا قوة له على عمل شئ إلا بالله،
ولا حيلة له فى تدبير أمر إلا بمشيئة الله.
وإذا قال المؤمن هذه الكلمات كلَّما خرج من بيته، فإن الملائكة تقول له:
(هُديت .. وكُفيت .. ووقيت) ، يعنى: أبشر،
- فقد هداك الله وجعلك من المفلحين،
- وقد كفاك الله همَّ الرزق ويسر لك أمورك، وقضى لك حاجاتك،
- وقد حفظك الله ووقاك من كل سوء وشر، ونصرك على من يعاديك.
هذه العطايا والمنن التى تفضل الله بها على المؤمن كانت جزاءً لعمله بسنة النبى صلى الله عليه وسلم،
واستمساكه بهديه الشريف فى هذه الناحية.
وهذه السنة من أكرم السنن التى ينال المستمسك بها خيراً كثيراً، وفضلاً عظيماً، وثواباً كبيراً.
أيها المستمع الكريم:
كم من السنن المحمدية نغفل عنها وننساها وفيها لنا فوائد جليلة لا تحصى ولا تعد!!
مع أن هذه السنن لا تكلفنا شيئاً ولا تأخذ منا وقتاً،
وإنه يجب علينا أن نعلمها لأهلنا وأولادنا حتى يسعدوا معنا بهذا الخير الذى غمرنا الله به
عندما نقول هذه العبارات النورانية التى أكرمنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأهداها إلينا لتكون منهجاً نسير عليه فى حياتنا، حتى نفوز بخيرى الدنيا والآخرة.
نسأل الله أن يوفقنا للعمل بما يحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
**************
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الإثنين نوفمبر 12, 2012 11:20 pm | |
| 13- مجالس السكينة والرحمة
*******************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد السراج المنير، والهادى البشير،
وعلى آله وصحابته، وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين،
ومن نهج على سنتهم إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً
أيها الأخوة المؤمنون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و بعد ...
سأذكر لكم جزءاً من حديث، رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا الحديث الشريف بشارة عظيمة للمسلمين الذين يقومون بهذا العمل الكريم،
ألا وهو الإجتماع فى المساجد من أجل تلاوة القرآن أو استماعه،
فإن القارئ والمستمع فى الأجر شريكان.
ويجوز أن يقرأ المجتمعون جزءاً من القرآن بصوت واحد، فإن ذلك عبادة جماعية،
كلهم يقرأون سورة أو أكثر مع بعضهم فى نفس واحد، وكأنهم متحدون على قلب رجل واحد فى القراءة،
لا يتقدم واحد ولا يتأخر واحد،
وذلك كالآذان فإنه يجوز أذان جماعة مع بعضهم فى لحظة واحدة.
ويجوز أن يقرأ رجل العبارة من القرآن وأن يقرأها وراءه الجماعة،
ورأينا ذلك منهم ولم ينكر عليهم أحد، لأن قول النبى صلى الله عليه وسلم:
( ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله)
يحتمل كل هذه الأوجه التى ذكرناها.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: (ويتدارسونه بينهم)
فإن معناه: يتفهمونه ويتعقلون معانيه،
ويقفون على أحكامه وحكمه، وأوامره ونواهيه، وحرامه وحلاله،
ومحكمه ومتشابهه، وتعاليمه ووصاياه، وعظاته وعبره، وقصصه وأخباره،
وغيبه وشهادته، وعجائبه وطرائفه، وهديه وبيانه، وأسلوبه وإعجازه،
وفصاحته وبلاغته، وعلومه وغرائبه، وأسراره وأنواره، ومشاهده ومشاربه، وفرقانه وتبيانه،
وغير ذلك من علوم القرآن التى هى كالبحار المتلاطمة والأمواج المتدافعة،
يلاحق بعضها بعضاً من غير توان أو توقف!!!!
قال الله تعالى:
( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي
وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )
[آية (109) سورة الكهف]
فإن مدارسة القرآن تشمل هذه الجوانب وغيرها، إلى ما لا نهاية له من معانى القرآن المجيد
التى تتجدد كلما تجدد الليل والنهار.
فإن القرآن لا ينضب معينه، ولا تنقضى عجائبه، ولا تفنى غرائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد.
فيه خبر من قبلنا، ونبأ من بعدنا، وحكم ما بيننا.
هو الفصل وليس بالهزل، من ابتغى الهدى فى غيره أضله الله، ومن تركه من جبار قصمه الله،
ومن اعتصم به هداه الله، ومن استنصر به نصره الله، من عمل به أجر، ومن قال به صدق،
ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه رشد وجعله الله من المفلحين.
لما سمعته الجن:
( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا.
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا )
[الآيتان: (1) و (2) سورة الجن]
وإن هؤلاء القوم الذين قاموا لله بهذا العمل الأَجَّل - من تلاوة القرآن ومدارسة علومه -
- تتنزل عليهم السكينة، وهى الروح من عند الله، تطمئن بها القلوب،
وتسعد بها الأرواح، وتسكن بها النفوس، وتتنعم بها الأفئدة،
- وتغشاهم الرحمة، أى تعمهم وتغمرهم ويحسون بردها، ويشهدون آثارها فى أنفسهم وفيمن حولهم،
فيفرحون بها ويأتنسون فى رياضها،
- وحفتهم الملائكة بأجنحتها النورانية، احتفاء بهم وإكراماً لهم، ومشاركةً لهم فى هذه العبادة المقدسة،
- وذكرهم الله فيمن عنده من عمار الملأ الأعلى، ومن أرواح الرسل والأنبياء والمقربين، والشهداء والصديقين.
وليس وراء هذا فضل يتسابق إليه المتسابقون، ويتنافس فيه المتنافسون و ...
(لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ )
[آية: (61) سورة الصافات]
(أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
[آية: (5) سورة البقرة]
وفقنا الله جميعاً لأداء هذه الشعائر المعظمة، وجعلنا جميعاً من خيار أهلها،
إن ربى سميع الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 15, 2012 11:22 am | |
| 14- معاملة الله تعالى لعباده المؤمنين
******************
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوةالأحباب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد ...
فقد روى البخارى فى صحيحه عن أنس رضى الله عنه،
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل فى الحديث القدسى:
( إذا تقرب العبد إلىَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً،
وإذا تقرب إلىَّ ذراعاً تقربت منه باعاً،
وإذا أتانى يمشى أتيته هرولة)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزَّ وجلَّ
أيها الأخوة المؤمنون:
تنوعت الأحاديث التى تُوَجِهْ الإنسانية، من أحاديث قدسية إلى أحاديث نبوية،
من أجل جذب الأفكار، وإيقاظ القلوب، وتنبيه العقول، لئلا يكون للناس حجة بعد هذا البيان
على لسان حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم.
والتقرب إلى الله معناه: أن يؤدى المؤمن عملاً محبوباً لله، فيحبه الله ويقرِّبه من رحمته ورضوانه،
بل إن الله سبحانه وتعالى يتقرَّب إلى عبده المؤمن بعفوه وإحسانه، وفضله وإكرامه.
وهذه المسافات التى ذكرها الحديث، من الشبر، والذراع، والباع، وغيرها، إنما وردت على سبيل المجاز،
لتقريب المعانى للأفهام والعقول، بوضع الأمور المحسوسة فى مقامات المعانى الملحوظة بالفكر المستنير،
فإن الله عزَّ وجلَّ لا يوصف قربه بالمسافات والأبعاد، لأنه سبحانه أقرب إلى الشئ من نفس الشئ،
فالله جلَّ شأنه مع كل شئ وقبل كل شئ، وبعد كل شئ، وفوق كل شئ، ومحيط بكل شئ،
وهو بكل شئ عليم وسميع وبصير.
وإنما ذكر المسافات فى هذا الحديث كناية عن كريم معاملة الله لعباده المؤمنين،
فالله سبحانه ودود وجواد، فيعامل عباده المقبلين عليه برأفته وحنانته ورحمته،
ويقبل عليهم بوجهه الكريم، ويلاطفهم بالود والحب والإيثار،
قال الله تعالى:
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )
[آية (95) سورة مريم]
والمعنى العام لهذا الحديث هو: أن العبد كلما تقرب إلى الله بالصالحات والخيرات
كلما رضى الله عنه ومنحه العطايا والهبات، وأن الجزاء من جنس العمل، قال الله تعالى:
(هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ)
[آية (60) سورة الرحمن]
وعلى المؤمن أن ينوى بأعماله وأقواله الصالحة، وأخلاقه الحميدة، التقرب إلى الله عز وجل،
وأن يجعل كل فريضة ونافلة يقوم بها قربة إلى الله تبارك وتعالى،
وبقدر النوايا تكون العطايا، قال صلى الله عليه وسلم:
( بنياتكم ترزقون)
وقال أيضا:
( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)
[متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه]
اللهم وفقنا لما يقربنا إليك، وألهمنا السداد فى الأعمال والأقوال والأحوال،
وارزقنا رضاك يا رب العالمين،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
************
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الثلاثاء نوفمبر 20, 2012 2:25 pm | |
| 15- البدار .. البدار
*************
بسم الله الرحمن الرحيم
روى الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( بادروا بالأعمال سبعاً .. هل تنتظرون إلا فقراً منسيا ، أو غنى مطغيا، أو مرضاً مفسدا،
أو هرماً مفندا، أو موتاً مجهزا، أو الدجال فشرُّ غائب ينتظر،
أو الساعة فالساعة أدهى وأمر)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها المستمع الكريم:
هذا الحديث الشريف من الأحاديث التى يجب الوقوف عندها طويلاً والتأمل فى معانيها،
وقد بين هذا الحديث المحن التى يمر بها الإنسان فى هذه الحياة الدنيا
وقد أمرنا سيدنا رسول الله أن نبادر بالإعمال الصالحة، وأن نسارع إلى البر والتقوى
قبل أن يصيبنا شئ من هذه الخطوب التى ذكرها الحديث الشريف.
- وأولها: الفقر الذى يشغل الإنسان بالليل والنهار، وينسيه ذكر الله عز وجل، وينسيه ما أمره الله به
وقد استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفقر فقال:
( اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت)
- وثانيها: أن يبتلى المرء بغنى وثراء يطغيه ويلهيه عن طاعة الله ورسوله،
ويتكبر به على عباد الله، ويتطاول به على خلق الله.
- وثالثها: أن يصاب الإنسان بمرض يفسد عليه صحته وعافيته ويقعده عن العمل والحركة،
وعن الجد والنشاط فى عمل الخيرات والباقيات الصالحات.
- ورابعها: هِرَماً مفْنِّداً وهو الكبر والشيخوخة التى تبلغ بالإنسان إلى ضعف عام
يعتريه فى أعضائه وفى عظامه وفى عقله وذاكرته فيهذى بالحديث من غير فائدة، ويخرف فى كلامه من حيث لا يدرى.
وخامسها: موتاً مجهزاً وهو أكبر مصيبة يصاب بها الإنسان فإن الحياة قد انتهت،
وأنفاسه قد خمدت، وحركته قد همدت إلى الأبد، وقد فات عليه الزمن ولا ينفعه الندم،
ولا يفيده الحزن على ضياع عمره سدى.
- وسادسها: فتنة المسيخ الدجال، وهو الذى يفتن الناس عن دينهم بما معه،
من الصناعات والزخارف والآلات والملاهى والأحاديث العجيبة، التى ابتلاه الله بها
لفتنة الناس وهو شر غائب ينتظره المؤمن، لأنه لا يسلم من فتنته إلا من عصمه الله ورحمه
من ويلات هذا الفتان الكذاب ـ لعنه الله .
- وسابعها: مجئ الساعة بغتة من قبل أن يتوب المرء من زلاته، أو يقدم عملاً صالحاً
بين يدى الله ينفعه فى ذلك اليوم العصيب
والساعة أدهى وأمرّ، يعنى: أكبر من كل داهية، وأمرّ من كل نازلة، وأفظع من كل مصيبة وكارثة،
وأشد هولاً وأعظم كرباً من كل ما عرفه الإنسان فى تاريخ الزمن الطويل.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذر المسلم من تأخير العمل الصالح قبل أن يفجأه واحد
من هذه الأهوال السبعة التى مَرّ ذكرها،
وهذا التخذير والتنبيه رحمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته
وشفقة منه على المؤمنين والمؤمنات.
والسعيد حقاً من اعتبر واتعظ بما ورد فى هذا الحديث الشريف وأمثاله من إنذارات وبلاغات تخشع لهذه القلوب،
وتنزعج لها النفوس، وتقشعر لها الجلود، قال الله تعالى:
( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )
[آية (55) سورة الذاريات]
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل الاعتبارات والذكرى،
وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
إن ربى سميع قريب مجيب
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الثلاثاء نوفمبر 20, 2012 2:30 pm | |
| 16- اتقوا الدنيا .. واتقوا النساء
*****************************
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد التقى النقى الصادق الأمين
وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آلهم وأصحابهم الطيبين الطاهرين.
أما بعد ...
فإنى أقدم إليك أيها المسلم الكريم جانباً من هدى النبى العظيم،
وأرجو الله أن ينفعنى وإياك به وجميع المسلمين
قد روى مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون
فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت فى النساء)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخى المسلم: هذه توجيهات كريمة تكشف اللبس والغموض عن هذه الحياة التى نعيش فيها،
وإن النبى صلى الله عليه وسلم قد جاءنا من عند الله سبحانه وتعالى بكل خير.
والسعيد حقاً من انتفع بهذا الخير فى دينه ودنياه،
وقد بين هذا الحديث الشريف حقيقة الدنيا، فإن فيها من الملاذ والمشتهيات والنعم والمتع
ما يتذوقه الإنسان ويتهنى بحلاوته، وقد يغرق الإنسان فى هذه المتع وينسى الآخرة،
بل وينسى الله عزَّ وجلَّ الذى أنعم عليه بهذه الخيرات
ولذلك نبَّه هذا الحديث الشريف المؤمن إلى إتقاء الدنيا،
أى: التحفظ والتصون من الإنغماس فيها، ونسيان الله ورسوله والدار الآخرة
ولقد بين هذا الحديث الشريف أن هذه الدنيا خضرة، يعنى: متجددة دائما بزخارفها ومطارفها ولذاتها
وقد يغتر بها الجاهل فيظن أنها دار إقامة ودوام، ولا يدرك أنها دار انتهاء وزوال، قال الله تعالى:
(فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
[آية (33) سورة لقمان]
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الدنيا)
بمعنى: أن يتخذ المؤمن لنفسه وقاية وحماية تحفظه من الافتتان بالدنيا،
والتلهى بها عن طاعة الله عز وجل، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
[آية (9) سورة المنافقون]
ثم وصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
(واتقوا النساء. فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت فى النساء)
ومعنى ذلك: أن المؤمن يتحفظ من الميل الشهوانى إلى النساء التى حرمهن الله عليه،
ويصون نفسه من النظر بشهوة إليهن، ويمنع نفسه عن الوقوع فى حبائلهن،
والإنزلاق إلى هذه الرزيلة التى قال الله فيها:
(وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً)
[ آية (32) سورة الإسراء]
وإن أول فتنة افتتن بها اليهود النساء، فقد استشرت فيهم هذه الرزيلة،
وفشت فيهم جريمة الزناحتى غضب الله عليهم ومقتهم، وكتب عليهم الذلة والهوان فى الدنيا،
ولهم فى الآخرة عذاب أليم بما كانوا يفسقون
وحتى لا نقع فيما وقع فيه بنو إسرائيل فقد أخبرنا النبى عليه الصلاة والسلام عن الفضائح والمخازى
التى أصابتهم من وراء افتتانهم بالنساء، وترديهم فى هذه الهاوية
جنَّب الله المسلمين هذه الويلات والشرور بجاه المصطفى صلى الله عليه وسلم
********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الثلاثاء نوفمبر 20, 2012 2:39 pm | |
| 17- المعايير والموازين .. والحدود والأحكام
************************************
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي)
[الآيات (25 : 28) سورة طه]
الحمد لله على نعمه، وصلى الله وسلم على أفضل أنبيائه ورسله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
ومن اتبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد ...
فإلى إخوانى المؤمنين أوجه هذا الحديث النبوى الشريف
فقد رواه البيهقى وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجالٌ أموال قوم ودماءهم،
لكن البيِّنة على المُدَّعِى واليمين على مَنْ أنكر)
صدقت يا سيدى يا رسول الله، فقد أرسيت دعائم العدل، ووضحت طريق الحق وأقمت دولة الصدق والمجد
لم تُبْن هذه المفاخر بالإحلام والأمانى، ولكن أُسست على دعائم العلم والمعرفة،
والصبر والمثابرة، والجد والمجاهدة.
أيها المستمع الكريم:
هذه التوجيهات العظيمة تشمل جميع الناس، فليست خاصة بالمسلمين لأنها تشريع عام،
ونظام يكفل الحياة الآمنة لجميع البشرية.
ومعنى هذا الحديث الشريف: أن كل دعوة تحتاج إلى أدلة ومستندات يثبت بها المُدَّعِى حقَّه
وصدقه فى هذه الدعوى، وخصوصاً ما كان متعلقاً منها بالأموال وبالدماء وبالأعراض. والدليل:
- إما أوراق مكتوبة وشهد عليها الشهود العدول - حسب ما نصت عليه الشريعة الغراء،
- وإما إقرار المدَّعَى عليه،
- أو شهادة الشهود فقط فيما لا كتابة فيه، كالوقائع والأحداث ونحوها.
وإن الذين يَدَّعون على الناس بالباطل ويُزَوِرونَ فى المستندات أو الشهود، قد اعتبرهم الإسلام فساقاً
وعلى الحاكم أن يؤاخذهم بجريمتهم حسب الدين والقانون، حتى تزول هذه السخائم ويقل خطرها فى المجتمع
ويكونون عبرة لأصحاب النفوس الخبيثة التى تحاول مثل جنايتهم.
وإن تطهير الأمة من هذه العناصر الفاسدة أمرٌ لازم وواجب
حتى يأمن الناس بعضهم بعضاً، ويحب الناس بعضهم بعضاً.
وإن شهادة الزور ودعوى الباطل من الكبائر التى توبق صاحبها فى نار جهنم،
وتورثه الخزى والعار فى الدنيا والآخرة. وقد نزه الله المؤمنين وبرأهم من قول الزور، قال الله تعالى:
(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)
[آية (72) سورة الفرقان]
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً بين أصحابه يعدد عليهم الكبائر التى يجب اجتنابها،
فلما وصل إلى شهادة الزور اعتدل جالساً وارتفع صوته وأخذ يقول:
( ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور.
قال أصحابه: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت)
وقال الله تعالى:
( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )
[آية (152) سورة الأنعام]
ولو أن كل إنسان يدعى على غيره شيئاً فيأخذه من غير حجة ولا دليل لفسدت الحياة،
وادَّعى أناسٌ على غيرهم دعاوى كثيرة وباطلة ليأخذوا مالهم ومتاعهم بغير حقٍّ،
ويريقوا دماءهم، ويستبيحوا أعراضهم بالباطل والزور
ولكن المشرع الحكيم صلى الله عليه وسلم وضع المعايير والموازين،
ووضع الحدود والأحكام، ليقف الناس عندها ولا يتجاوزونها
حتى تستقيم الأمور، ويستتب الأمن والنظام، وتسير الحياة على أحسن وجه، وأكرم وضع
ويتناصف الناس مع بعضهم، ويتواصوا بالحق والعدل
وإن على من يفصل بين الناس فى الخصومات أن يتحرى الدقة فى الأحكام،
وأن يطلب الدليل والبرهان من رافع الدعوى، فقد ورد فى الحديث الشريف ما معناه:
( لو جاءك إنسان وقد فُقِئت عينه فلا تقض له حتى يحضر خصمه، فربما يكون قد فُقِئَت عيناه)
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيَّن حكم المُدَّعَى عليه إن أنكر الدعوى المقامة ضده،
وذلك بأن يحلف اليمين بالله العظيم أن الدعوى المرفوعة عليه باطلةٌ ولا أساس لها من الصحة
وعلى ذلك ترفض الدعوى وينتهى الأمر.
أما إذا كانت الدعوى مؤيدة بالحجج والأدلة فلا يقبل منه اليمين،
ولا يقبل منه الإنكار، ويتم الحكم لصالح المُدَّعِى.
وبذلك ينحسم النزاع، ويستريح المتخاصمان، فإن حكم القاضى يرفع الشحناء والخلاف بين الخصماء.
أيها السادة:
أقول قولى هذا، وأسأل الله للمسلمين جميعاً الحفظ والوقاية من الشرور والآثام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*******
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة السبت نوفمبر 24, 2012 9:45 pm | |
| 18- معانى فريدة فى الإسلام
*******************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما هدانا إليه من الإيمان والإسلام، والشكر لله على ما أنعم به علينا من الخيرات والبركات
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رحمة الله بجميع الكائنات، وعلى آله وعلى أصحابه أجمعين، آمين.
أما بعد ...
فقد روى الإمام أحمد بن حنبل والدارمى، عن وابصة بن معبد رضى الله تعالى عنه قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
( جئت تسأل عن البر؟ قلت: نعم. قال: استفت قلبك، البرُّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب،
والإثم ما حاك فى النفس وتردَّد فى الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك)
هذا الحديث الشريف قد جاء بمعانٍ فريدة فى الإسلام، نرجو من كل مستمع الإصغاء إليها بالروح
فإننا بفضل الله سنلقى عليها الضوء لتبرز أمام الناظرين، نوراً وهدىً نهتدى بها
فى خضم هذه الحياة المزدحمة بالأحداث والمشاكل.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر فى هذا الحديث عن الغيب الذى لا يعلمه إلا الله عزَّ وجلَّ!!!!
فقد قال لسيدنا وابصة: ( جِئتَ تسأل عن البرّ؟)، فقال: نعم يا رسول الله
ووابصة لم ينطق ببنت شفة، ولكن النبى هو الذى ابتدأه بالإخبار عمَّا فى نفسه!!!!
من ذلك نأخذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم غيب القلوب، وما تكنه الضمائر والنفوس
وهذه من إحدى المعجزات التى منحها الله له صلى الله عليه وسلم.
ولقد بيَّن النبىُّ صلى الله عليه وسلم حقيقة البرِّ فقال: (البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب)
والإطمئان هو: السكون إلى الشئ والإستقرار فيه، وعدم الإنزعاج والخوف
والمراد به من هذا الحديث الشريف راحة البال، وهدوء السرِّ، وسرور القلب، وانشراح الصدر
وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم سيدنا وايصة باستفتاء قلبه فى الأمر الذى يريده
وذلك معنىً جديد فى الدين يفيد أن قلب المؤمن على نور من ربه، وأنه لا يخطئ صاحبه ولا يغشه
وأنه قلب متصل بالله ورسوله، يلهمه الله الخير دائماً ويهديه إلى الرشاد. قال الله تعالى:
(وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)
[ آية (11) سورة التغابن]
فإن الله جعل على قلب المؤمن ملكاً يسدده ويرشده إلى البر والخير.
قال الشيخ احمد ابن شرقاوى رضى الله عنه:
يا هادى القلب الكئيب اللاجى ***** حقِّقْ بعذب وصلك ابتهاجى
وقال الإما أبو العزائم رضى الله عنه:
وإنى لأستفتيك يا قلب حيث قد ****** أمرنا بفتوى القلب والعبد حيران
وقال أيضاً رضى الله عنه:
(قلب المؤمن زينة الرحمن، فهو كالبستان، غرسه الملك المنان، وحفظه من الشيطان،
ومن زرع زرعاً سقاه،ومن صنع معروفاً أبقاه، ومن زين موضعاً حفظه ووقاه).
وإن البر هو كل ما أمرنا الله به من الفرائض والأحكام، ومن العدل والإحسان، ومن صنائع المعروف والإكرام
وكذلك ما استحسنته النفوس الطاهرة الزكية من العادات والأعراف الطيبة المستفادة من روح الدين وحقيقته
فإن البرَّ يهدى إلى الجنة، ويحفظ الإنسان من شر الإنس والجِنّة
- حتى أن بشاشة الوجه من البرِّ،
- والكلام الرقيق اللين من البرِّ،
- والأخذ بيد الصبى أو الشيخ الكبير أو الرجل الكفيف عمل كبير من أعمال البر،
- والإنفاق على الأولاد والأقارب من أعظم جوانب البر.
- وإن الكف عن الشر من أجَّل معانى البر.
وإن نواحى البر كثيرة جداً لا تقع تحت الحصر، وما ذكرناه منها إنما هو على سبيل المثال فقط،
وإن البر لا يبلى ولا يفنى، وإنما يدوم أثرُه ، ويبقى ذكرُه ما بقيت السموات والأرض.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا وايصة ابن معبد: (والإثم ما حاك فى النفس وتردد فى الصدر)
وذلك بيان فى أروع صوره، فإن علماء النفس مهما بلغ علمهم
فلن يصلوا إلى تصوير هذه المعانى الدقيقة المتعلقة بالنفس الإنسانية
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّم بعلمه العلماء والرشداء، وأهل النظر والحكمة.
وإن الأمر الذى يحوك فى النفس، أى يتلجلج فيها ولا يستقر، ولا تستطيع هضمه ولا تقبله، وتتبرم به وتتألم منه ..
فإنه الإثم الذى يتعب القلب، ويحزن النفس، ويؤنب الضمير.
وإن تردده فى الصدر هو التشكك فيه، والإرتياب فى أمره، ورفضه وعدم استحسانه.
(استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك)
فإن الناس لم يدخلوا إلى القلب، ولم يطلعوا على ما فى النفس، ولكنهم يفتون بظاهر الأمر الذى استبان لهم،
وما فى القلوب لا يعلمه إلا الله ورسوله.
ومن هنا كان المؤمن
- أميناً على نفسه،
- أميناً على دينه،
- أميناً على غيره،
فإنه: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)
وإن القلب هو بيت الله فطهره له بالإخلاص والمحبة، وزينه له الأمانة والوفاء. ا للهم اجعل قلوبنا عامرة بذكرك وشكرك وخالص محبتك ... آمين
وسلام على الأنبياء والمرسلين وعلى جميع عباد الله الصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***************** يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الإثنين نوفمبر 26, 2012 4:49 pm | |
| 19- لا ضرر ولا ضرار
***************
بسم الله الرحمن الرحيم
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
أيها السيدات والسادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
روى ابن ماجة والدارقطنى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا ضرر ولا ضرار)
هذا الحديث الشريف أصل عظيم من أصول الدين الحنيف، وعليه تنبنى أحكام كثيرة متعلقة بمصالح الناس
والضرر هو: الذى يلحق الإنسان من إنسان آخر، وإنما يكون ذلك بالتعدى عليه فى نفسه أو فى ماله أو فى عرضه
- والضرر فى النفس: يكون بالضرب أو كسر عضو من أعضائه أو بتره
- والإعتداء على العرض: إنما يكون بالشتم والسب، والقذف والإتهام، والغِيبة والنميمة
- والإعتداء على المال: يكون بالسرقة، أو الغصب، أو البخس، أو الإتلاف بأى كيفية كانت
فهذه الأضرار كلُّها حرَّمها الله ورسوله، وتوعد فاعلها بالنكال والعذاب فى الدنيا والآخرة،
وإن الإنسان الذى يؤذى غيره ويضرُّه لا يقبل من أحد أن يؤذيه، فكيف يرضى ذلك لغيره؟!!!!
وإن من يضرُّ غيره قد تمرَّد على فطرته التى تأبى الضرر ولا تهضمه،
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( وإذا أردت أن لا تُؤذ فلا تفعل الأذى)
وقال أيضاُ:
( وما تحب أن يفعله الناس بك فذر الناس منه)
وإن من أكبر الكبائر: (الشرك بالله والإضرار بالناس)
وإن الذى يضر غيره قد تعدى حدود الله:
(وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
[آية (229) سورة البقرة]
وقال الله تعالي:
(وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)
[(14) سورة النساء]
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا ضرار)
والضرار هو: المبالغة فى الضرِّ والتمادى فيه، بحيث أن المعتدى يستمر فى اعتداءه ولا يكفُّ عنه،
ولا يرعى ذمة لأحد، ولا يخشى الله ولا يخافه
والضرار - أيضاً هو: تبادل الضرر، بمعنى أنك تؤذى من آذاك وتضر من ضرك
فهذا من الأمور المحرمة فى الإسلام،
حتى لا تصل الأمور إلى حدٍّ لا يمكن معه حسم الضرر والقضاء عليه
وذلك مثل: أخذ الثأر الذى يحدث فى بعض البلاد والعشائر
ولكن يجب على من أوذى وأضير أن يلجأ إلى الحاكم ليعطيه حقه وينصفه ممن ظلمه وآذاه
وبعض الناس الذين يجهلون تعاليم الإسلام يتمثل بهذه الآية الشريفة ويحتج بها، وهى قول الله تعالى:
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)
[آية (194) سورة البقرة]
ولا يدرى أن هذه الآية قد نزلت فى شأن اعتداء الكافرين على المسلمين!!
فإنهم إذا اعتدوا على المسلمين وجب رد الإعتداء عليهم، ومقارعتهم ومنازلتهم مثلا بمثل،
ولا نعتدى عليهم بالزيادة، حتى لا نفتح باب الفتن والحرب المدمرة التى تأتى على الأخضر واليابس.
ونقول لهؤلاء الإخوة:
عليكم أن تفهموا كتاب الله عزَّ وجلَّ الفهم الصحيح، المستقى من العلماء العاملين، ومن كتب التفسير الصحيحة
والإسلام دين يدعو إلى تجنب ويلات الحروب بكل وسيلة، لأنه دين السلام والأمان، ولا يلجأ إليها إلا مضطراً،
ولذلك قال بالمثلية فى ردِّ العدوان، حتى تنتهى الحرب بسرعة ولا يتطاير شررها إلى أبعاد لا تحتمل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لاتتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية)
وإن المسلمين يسارعون فى الاستجابة لأمر الله ورسوله لأن فيها الحياة الطيبة، والعيشة الهنية فى الدنيا،
وفيها السعادة الأبدية فى الآخرة
وليس بمسلم من يسعى فى ضرر الناس وإيذائهم، حتى يتوب إلى الله عزَّ وجلَّ من هذا الفعل السئ والعمل الردئ.
وإن الذي يدعو الإنسان للضرر والأذى هو جهله بدين الله سبحانه وتعالى، وعدم يقينه بلقاء الله ومحاسبته ومجازاته،
وإن المسلم ليس كذلك، بل هو يؤمن بكل ما أخبره الله به ورسوله
من أجل ذلك وجب عليه أن يتحرى الرشد فى كل فعل وقول، ويتقى الله فى عباد الله،
ويجتهد فى تقديم الخير لهم ودفع الشر عنهم. قال الله تعالى:
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا )
[آية (5) سورة الطلاق]
أيها المسلم الكريم:
هذه بعض اللمحات التى لاحت لنا من خلال توجيهات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فنعتصم بها جميعاً، والله الموفق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الخميس نوفمبر 29, 2012 12:13 am | |
| 20- حب الله وحب الناس
*******************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذو الفضل العظيم، والجود العميم،
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد وعلى آله وعلى صحبه أجمعين،
وعلى من اهتدى بهم إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد ...
فقد روى ابن ماجة وغيره، عن سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله دلنى على عمل إذا عملته أحبنى الله وأحبنى الناس. فقال:
( ازهد فى الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها المستع الكريم: إعلم أن هذا السائل كان شديد الحرص على شيئين عظيمين
هما حب الله وحب الناس، لأن حب الله للعبد مطلب عزيز وغال،
يرجوه كل مؤمن كريم، ويسعد به فى الدنيا والآخرة.
وهذا الحب الإلهى هو التوفيق والهداية والعون من الله عز وجل للمؤمن،
وهو العطف والرحمة والإحسان، يتنزل من الله للإنسان المحبوب،
بحيث يكون عاملا فى محاب الله ومراضيه، بعيداً عن مغاضب الله ومعاصيه
وكم من رجال واصلوا الليل بالنهار فى التقرب إلله سبحانه وتعالى
بكل أنواع القربات، من أداء الفرائض والواجبات،
والقيام بالسنن والنوافل والمستحبات، رجاء أن
يحظوا بحب الله عز وجل.
وقد أعطاهم الله ما تمنوه جزاءا لهم وإكراماً لهم، قال الله تعالى:
(فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ
ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
[آية (54) سورة المائدة]
أيها الإخوة المؤمنون: هذا الرجل قد فتح بسؤاله هذا أبواب الخير العظيم على مصاريعها
ليجاهد كل مسلم نفسه فى الوصول إلى هذا الأمل المنشود، والرجاء المسعو
وهو حب الله تبارك وتعالى، فإنه قد ورد فى الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إذا أحب الله عبداً فلا تضره معصيته)
وقد أجاب النبى هذا السائل عن العمل الذى ينال به محبة الله بقوله:
( ازهد فى الدنيا يحبك الله)
أيها الأخوة:
ما هو الزهد فى الدنيا؟ هو بذلها وإنفاقها فى وجوه الخير بسخاء وطيب نفس،
وعدم الحرص عليها، والتجرد من الشح والبخل.
والزهد إنما يكون عن غنى وثراء وليس عن فقر وإعدام.
فلا يقال لفقير مُعْدم أنه زاهد، وإنما يقال للغنى البذول السخى زاهد
فيما ملك من المال والمتاع، وراغب عنه إلى الله عز وجل طمعاً فى محبته ورضاءه عنه.
أيها المؤمنون:
ليس الزهد فى الدنيا هو ترك العمل، والقعود عن السعى فى طلب الرزق،
والتكاسل عن الجد والنشاط فى الإنتاج وإثراء الحياة،
فإن هذا معصية لله ومخالفة لأوامره التى تدعو إلى عمارة الدنيا
بكل أنواع العمارة من التجارة والزراعة والصناعة وغيرها، قال الله تعالى:
( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )
[آية (15) سورةالملك]
والمشى فى المناكب هو: الصعود إلى الجبال والمرتفعات سعياً فى طلب الرزق، إذا لمن تجده فى الوديان والأرض المستوية.
ولقد كان السائل أيضاً شغوفاً بحب الناس له،وحريصاً على هذا الحب، فإن فيه راحة البال، وهدوء الحال، واستقرار الأوضاع،
والاطمئنان فى الغدو والرواح، والأمان من المخاوف التى تساورالإنسان وتجعله لا يسكن ولا يستريح.
وحب الناس لبعضهم أمر أوجبه الإسلام حتى يعيشوا جميعاً فى سلام ووئام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( والذى نفسى بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا الا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال: افشوا السلام بينكم).
وقد أخبر النبى هذا الرجل عن العمل الذى إذا عمله أحبه الناس، فقال عليه الصلاة والسلام
(وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
تعاليم ووصايا، وحكم وآداب تحفظ على الإنسان كرامته وتجعله محترما ومحبوبا بين الناس، يرجون فيه الخير، ويرون فيه العفة والاستقامة.
والزهد فيما عند الناس هو عدم التطلع إلى ما فى أيديهم، وعدم الطمع فيما عندهم، والتعفف عن أموالهم وحاجاتهم،
فلا يطلب شيئاً منهم إلا بعزة نفس وكرامة أصل. أ يها المؤمن الكريم:
إن النفس الأبية تترفع دائما وأبداً عن الطمع فيما لا مطمع فيه، فإن المؤمن عزيز النفس، عالى الهمة، لا يدنى نفسه أبداً،
ولا يهبط بها إلى هذه العادات الذميمة والطباع المشينة، ولقد يبيت على الطوى، ويصبر على البلاء، ولا تتطلع نفسه إلى ما فى جيوب الناس
ولا إلى ما فى بيوتهم. وقد وصف الله أناساً بأكرم الصفات فقال جل شأنه:
(يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)
[آية (273) سورة البقرة]
فالإنسان يبتغى محبة الناس يستمسك بوصية النبى صلى الله عليه وسلم التى أمرنا بها فى هذا الحديث الشريف،
والنبى إنما يوصينا بما فيه سعادتنا فى الدنيا والآخرة، وبما فيه صلاحنا وفلاحنا، فقد خاطبه الله عز وجل بقوله:
( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ )
[آية (52) (53) سورة الشورى] أ يها المؤمنون:
وفقنا الله جميعاً للعمل بهدى النبى الكريم، عليه أفضل الصلاة وأعظم التسليم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
********
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الجمعة نوفمبر 30, 2012 11:53 pm | |
| 21- أصول الدين، وقواعده
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وعلى أصحابه أجمعين.
أيها الأخوة المؤمنون: روى الإمام مسلم عن عبادة ابن الصامت رضى الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مجلس فقال:
( بايعونى على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا،
ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على الله،
ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب عليه فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا فستره الله عليه
فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه).
هذا الحديث الشريف أصل عظيم من أصول الدين، وقاعدة كبرى من قواعده،
فقد أمر النبى المسلمين بمبايعته ومعاهدته على اجتناب الكبائر
والبعد عن الآثام الفظيعة التى توبق صاحبها فى نار جهنم،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
وهذه الكبائر الشرك بالله، يعنى: اعتقاد أن لله شريكا فى ملكه يتصرف معه فيه،
أو أن له ولدا يرثه أو ينوب عنه فى ملكه، أو أن له زوجة يسكن إليهاويقضى وطره معها
أو أن له ضدا ينازعه فى هذا الملك، أو أن له ندا يساويه فى الخلق والإيجاد والمنع والإعطاء
فإن هذه الأمور كلها مستحيلة على الله عز وجل،
والإنسان الذى يرتكس فى شئ منها شقى فى الدنيا والآخرة،
وحرم من مغفرة الله ورحمته، قال الله تعالى:
(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) [آية (48) سورة النساء]
كذلك أخذ النبى صلى الله عليه وسلم من المسلمين عهداً بعدم الزنا،
وهو من الكبائر المحرمة فى كل الأديان، لأنه ضياع للأسر، وإهدار للقيم،
وفساد للأخلاق، وعار ودمار.
وأيضاً بايعهم رسول الله على عدم السرقة. والسرقة أخذ مال الغير ومتاعه
من حرزه المحفوظ فيه بطريق التلصص والتخفى عن أعين الناس،
وهى جريمة بشعة، يحتال اللصوص فى ارتكابها من غير ورع ولا حياء،
ولا يبالون بمن فجعوه فى ماله أو متاعه.
ثم عاهد النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين على صيانة الدماء،
والمحافظة على الأنفس وعدم الاعتداء عليها بالقتل،
لأن الحياة أغلى ما فى هذا الوجود، والقضاء عليها أشنع جريمة بعد الكفر والإشراك بالله.
وإن علاج هذه الكبائر فى أى شعب من شعوب الأرض، مسلماً كان أو كافراً،
هو تنفيذ قانون السماء الذى جعله الله وقاية من هذه الشرور والمفاسد،
وشفاء من أمراضها، وإعادة للصحة والعافية للجماعة وللأفراد،
هذا علاوة على ما أعده الله للمؤمنين فى الآخرة من النعيم المقيم
والسعادة الأبدية فى دار الخلود والبقاء.
أيها المسلمون:
إن الأحكام التى وضعها الناس لعلاج هذه الأمراض، إنما هى لتسكينها بعض الوقت
ثم تهجم على الأمم والشعوب فتهلكهم، ولا نجاة للمجتمعات منها
إلا باستعمال أدوية القرآن الكريم، وأشفية الطبيب الحكيم سيدنا محمد
الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.
وإن الله قد وضع هذه الأحكام لإسعاد الناس وإصلاح بالهم فى هذه الدنيا،
سواء أخذ بها المسلمون أو غيرهم، فإنها حصن وأمان من الله لهم،
وذلك قياساً على طب الأجسام، فإننا نأخذ العقاقير من المسلم وغيره لشفاءها،
وما أشبه الأمراض الخلقيه والإجتماعية بمرض الأجسام وسقمها.
أيها المسلمون: لم يبق أمامنا والله إلا أن نقهر أنفسنا على استعمال الأدوية
التى وصفها لنا الله ورسوله، حتى وإن كانت مرة،
والنفوس المريضة تعافها، لكنها النجاة والخلاص والشفاء. قال الله تعالى:
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) [آية (82) سورة الإسراء]
وقال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
[ من الآية (1) سورة إبراهيم]
صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
************
يتبع إن شاء الله | |
|
| |
Ahmed Elkady كبار الشخصيات
| موضوع: رد: من هدى النبوة الأربعاء مارس 13, 2013 1:55 pm | |
| 22- أصل من أصول نشأة النبيِّ صلى الله عليه وسلم
*********************************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى افتتح الوجود بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
فقال النبى عن نفسه معرض تعداد نعم الله عليه: (وجعلنى فاتحا خاتما)،
وذلك ليكون الخلاَّق العليم قد بدأ هذا الخلق العظيم بالخير الحقيقى، والنور الكلى،
وبذلك شرّف الله الكائنات، وأفاض عليها نعمة الإيجاد والإمداد ببركة هذا النبى المعظم
صلى الله عليه وسلم.
أيها الناس جميعاً فى مشارق الأرض ومغاربها:
أزف إليكم بشرى البشائر، وحقيقة الحقائق،
وذلك عندما أَوْضَحَ النبى عن أصل من أصول نشأته، وسر من أسرار خلقه وإيجاده،
حيث قال صلى الله عليه وسلم:
( أنا دعوة أبى إبراهيم، حين نادى ربه:
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)
وبشرى أخى عيسى، حين قال: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)
ورأت أمى حين حملتنى أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام، واستُرضعت فى بنى سعد بن بكر)
صدقت يا سيدى يا رسول الله.
أراد صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس حقيقته، وأمر نشأته فى هذا الوجود،
وأنه نسيج وحده دون بقية العالمين،
وأنه دعوة دعاها الخليل إبراهيم عليه السلام فأجابها الله عزَّ وجلَّ،
وأنه صلى الله عليه وسلم بشارة سيدنا عيسى عليه السلام،
حيث زفَّها وأهداها إلى الناس ليفرحوا ويتهنوا بها، ويسعدوا بهذا النبأ السار،
شأن البشائر التى تساق للإنسان فتنفرج أساريره، وتظهرعلى وجهه علامات البهجة والسرور، وذلك عندما أخذ سيدنا عيسى عليه السلام يصف النبىَّ لهم، ويذكر محاسنه ومكارمه،
وما يفيضه على الناس من الخير والرحمة والعلم والمعرفة.
وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم نور خرج من أمه نوَّر جميع العالمين،
فإن السيدة آمنة رضى الله عنها لما حملت به، رأت فيما يرى النائم، أنها حملت بذات نورانية،
وأن هذا النور خرج منها فأضاء مشارق الأرض ومغاربها،
وأضاء لها قصور الشام، حتى رأتها وهى نائمة فى بيتها بمكة المكرمة.
تقول رضى الله عنها فى حديث آخر:
(فجعلت أَتْبَعُ النورَ والنورُ يسبق بصرى، حتى رأيت مشارق الأرض ومغاربها).
وهذه الرؤيا من الرحمن عزَّ وجلَّ، حيث أنها كشفت لها حقيقة هذا الإنسان الذى فى أحشاءها،
وأنه ليس كباقى الأجنة التى فى البطون، فآمنت به صلى الله عليه وسلم وهو فى بطنها،
فإنها كانت تسمع تسبيحه وتقديسه لله عزَّ وجلَّ من داخل الأحشاء.
ولقد جاءها أيضاً فى منامها الرسل والأنبياء عليهم السلام،
وبشروها بأنها حملت بسيد العالمين صلى الله عليه وسلم.
والنبى ذكر هذه الرؤية ليبين لنا أنه كان نوراً من بداية خلقه فى رحم أمه،
فيكف يكون هذا النور بعد بعثته ورسالته إلى الناس؟!!!
فقد بيَّنه الله بقوله:
(قَدْ جّاءَكُمْ مِنْ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (15- المائدة)
فالنور هو رسول الله، والكتاب المبين هو القرأن.
اللهم صلى وسلم على نور الله الدال على الله، ورحمة الله بجميع خلق الله.
وفى هذا المعنى يقول الإمام أبو العزائم رضى الله عنه:
يا ضياء أضـــــاء للأرواح ****** فهداها لحضرة الفتــــاح
يا حبيبى فى القدس كنت مضيئا ***** قبل كون الأرواح والأشبـاح
كنت نوراً والذات فى غيبِ غيبٍ ****** صرت نوراً لعرشه والبطـاح
يا حبيبى أنت السراج منيــر ****** أشهد الروح بالصفا والسماح
****************
اللهم زدنا علماً ومعرفة بذات حبيبك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم،
حتى يقوى يقيننا فى محبته، وتهيم أرواحنا شوقاً إليه، ونحظى بكمال اتباعه،
والتفانى فى مرضاته صلى الله عليه وسلم... أمين يارب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***********
يتبع إن شاء الله تعالى ... | |
|
| |
| من هدى النبوة | |
|