تراجم الصالحين والأولياء

مراقب عام المنتدى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام علي سيدنا محمد رسول الله

وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه

اللهم أرضى عن ساداتنا من الأولياء والصالحين ومشايخنا أجمعين

وأغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تتمثل فى تراجم الصالحين والأولياء : قيم التصوف الإسلامى الأصيلة، ليس فى مستواها النظرى الذى نجده كثيرا فى كتب التصوف، ولكن فى مستواها العملى التطبيقى، حيث نرى من خلال تراجمهم تلك القيم الإسلامية الرفيعة حية قابلة للتطبيق ، فنتعلم من خلالها كيفية العمل بها، ولهذا نرى كثيرا ممن ألف فى الزهديات وصفة الأولياء من متقدمى الأئمة يقتصر فى تأليفه على ذكر سيرهم العطرة كالإمام أحمد فى زهده، والحافظ أبى نعيم فى حليته . ومن شأن القلوب المؤمنة حب الصالحين والتعلق بهم والسير على منوالهم، وتتأكد فيها الرغبة فى التأسى بهم والاقتداء بأفعالهم وأقوالهم، وفى تراجمهم ما يدفع إلى ذلك ، ويعين عليه.

وللوقوف على سير الصالحين وطلب ما فيه من عبرة أصل أصيل من كتاب الله تعالى حيث يقول تعالى {لقد كان فى قصصهم لعبرة لأولى الألباب} يوسف 111

ومعنى العبرة - كما يقول الإمام الخازن فى تفسيره 3/323 -:

"الحالة التى يتوصل بها الإنسان من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، والمراد منه التأمل والتفكر".

والوقوف على القيم الإسلامية ومراتب الإحسان فى مستواها العملى التطبيقى كما ذكرنا هو الفائدة الأولى والأعظم من معرفة سير الصالحين ، ذلك أن مشكلة العمل دائما هى المشكلة الأكثر حدة وصعوبة من مشكلة تحصيل العلم السابقة على العمل، لكن مهما كانت صعوبات تحصيل العلم وطلبه ومشاقه، فإن العمل به هو المحك الأساسى والمشكلة الأصعب.

وإذا كان تحصيل العلم يحتاج إلى شيخ معلم، فإن العمل به يحتاج إلى شيخ مربٍّ، وإذا كان الكتاب هو أداة أساسية من أدوات التعليم ، فإن تراجم

الأولياء والصالحين هى أيضا أداة أساسية من أدوات التربية . ولهذا لا تخلو مجالس شيوخ التربية من الاستشهاد بسير الصالحين ومواقفهم وقصصهم ، ومن خلالها تنتقل الأحوال والمقامات والآداب وتسرى من جيل إلى جيل، يتشربون من خلالها آداب الطريق وتتضح لهم معالمه.من خلال تراجم الصالحين تعرف تجارب الأولياء الروحية ومسالكهم فى الطريق إلى الله، وترى كيف يفتشون عن آفات النفس، وكيف يجاهدونها، وكيف ينتصرون

على شهواتها، وكيف يصدون عنهم كيد الشيطان ويدحرونه، نعرف من سيرهم كيف نعلو على الصغائر، ونترفع عن النقائص، ونتخلص من الدنايا، وكيف نكتسب الفضائل ونرسخها فى أنفسنا، ومن خلالها نرى سير الأكابر ونطمح بأبصارنا إلى أن نكون مثلهم، ونعرف خصال الأفاضل ونرنو بقلوبنا إلى التخلق بها.

وإذا كان الغرض من علم التاريخ - كما يقول طاش كبرى زاده فى مفتاح السعادة 1/231 - هو "الوقوف على الأحوال الماضية ، وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح فيها، وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تقلبات الزمن ليحترز عن أمثال ما نقل من المضار ، ويستجلب نظائرها من المنافع، وهذا العلم كما قيل عمر آخر للناظرين، والانتفاع فى مصره بمنافع تحصل للمسافرين"، فإن عامة مقاصده وأهدافه وفوائده تتحقق فى علم تراجم الصالحين وسيرهم ، ولكن تلك الأخيرة تزيد على علم التاريخ بأهداف ومقاصد خاصة بها ، لأنها تاريخ رجال ليسوا ككل الرجال، ولهذا نجد فيها من الأخلاق المحمدية والعبرة والمثل والقيم الإسلامية العليا ما لا نجدها أبدا فى تواريخ غيرهم. ولهذا فمع تأكيد طاش كبرى زاده - مفتاح السعادة 1/259 - على أن علم حكايات الصالحين هو من فروع علم التواريخ إلا أن منفعته أجل المنافع وأعظمها. وتبعه على ذلكصديق حسن خان فى أبجد العلوم 2/296.

ولكل ما سبق قالوا: "الحكايات جند من جنود الله تعالى يثبت الله بها قلوب أوليائه" ،ويشهد لقولهم هذا قوله تعالى {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} .

وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى : "الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلى من كثير من الفقه، لأنها آداب القوم"، وقال سفيان بن عيينة: "عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة".

وقال الإمام أبو عبد الرحمن السلمى فى مقدمة طبقاته : " ... وأتبع الأنبياء عليهم السلام- بالأولياء، يخلفونهم في سننهم، ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم، فلم يخلُ وقتًا من الأوقات من داعٍ إليه بحق، أو دال عليه ببيان وبرهان.

وجعلهم طبقات في كل زمان، فالولي يخلف الولي، باتباع آثاره والاقتداء بسلوكه، فيتأدب بهم المريدون، ويتأسى بهم الموحدون

قال اللَّه تعالى:

وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ) الفتح : 25الآية(

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئ أقوام، تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته» ... فعلم ×صلى الله عليه وسلم أن آخر أمته لا يخلو من أولياء وبدلاء، يُبينُون للأمة ظواهر شرائعه، وبواطن حقائقه، ويحملونهم على آدابها ومواجبها، إما بقول أو بفعل.

فهم في الأمم خلفاء الأنبياء والرسل صلوات اللَّه عليهم، وهم أرباب حقائق التوحيد، والمحدثون، وأصحاب الفراسات الصادقة، والآداب الجميلة، والمتبعون لسنن الرسل -صلوات اللَّه عليهم أجمعين- إلى أن تقوم الساعة ..." .

ومن هنا أتت عنايتنا بتراجم الأولياء والصالحين فى هذا المنتدى الكريم ، والله من وراء القصد.

» الولاية والأولياء
» من أقوال التابعين والأولياء
» أدب الأئمة والأولياء بعضهم لبعض
» البهنسا والاف الصحابة والأولياء
» جميع تراجم الشعراء