بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله
وعلى آله وأهله وأزواجه وذريته وأصحابه
وصلى وسلم وبارك اللهم على الأنبياء والمرسلين وآلهم والملائكة أجمعين
وأرض عن ساداتنا من الأولياء والصالحين ومشايخنا الأحياء والمنتقلين
وأغفر لنا ولوالدينا ولجميع أوات المسلمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من فضل الله علينا نقف على أبواب شهر فضيل شهر الصيام, وشهر القيام ,شهر فيه ليلة خير من ألف شهر, أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار, شهر الحسنات, والصدقات, والعبادات, وشهر القرآن , فلا بدّ من اغتنام الفرص.وعدم إضاعة الوقت في غير ما يرضي الله تعالى بل لابدّ من جعل الوقت كلّه طاعة وعبادة لله تعالى .
إن للعبادة أدبا وأدب العبادة سر قبولها عند الله تعالى والأمثلة على ذالك كثيرة منها: التوحيد, وفي التوحيد الاستقامة ومطابقة القلب مع اللسان بقوله تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } فصلت 30
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأحقاف 13-14
ويقول صلى الله عليه وسلم { لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه } اخرجه أحمد والبيهقي وحُسن كذا في كنز العمال (ج9/24925)
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : " الفم والفرج "قال الترمذي حديث صحيح.
وقد سأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخل الجنة ويباعده عن النار قأخبره النبي صلى الله عليه وسلم براسه وعموده وذروة سنامه ثم قال : " الا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قال : بلى يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم فأخذ بلسان نفسه ثم قال : كف عليك هذا ،
فقال : وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم - أو على مناخرخهم - إلا حصائد ألسنتهم " .قال الترمذي حديث حسن صحيح .
ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام و الظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه،
حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالا ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب ، وكم ترى من رجل متورع الفواحش والظلم ، ولسانه يفرى في أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي ما يقول
وكذالك الصلاة, ففي الصلاة الخشوع, والركوع, والسجود, والخضوع, والاستسلام لأوامر الله تعالى. (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون 1-6
والزكاة أيضا تواضع, وكف المن والأذى, واخذ الأموال من الأغنياء إلى الفقراء لجمع الصدقات حتى يثبت الأجر بإذنه تعالى.
وفي الحج كذلك (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) البقرة 197
وهكذا في جميع العبادات الدين المعاملة, الله لا يضيع العمل. (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) الكهف 30
أمّا في الصوم: فهو قول وعمل, وكف الأذى, والرسول صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة في مكارم الأخلاق فهو صاحب المدد من عند الله تعالى فيجب أن نأخذ ما أتانا وان ننتهي عما نهانا عنه.
رسالته كلّها كانت وما زالت آداب وأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم { إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق }
ولما سألت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلقه قالت: كان خلقه القرآن
امتدحه الله تعالى :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4
كان من أهم ذلك ما يكون في رمضان من جود وعطاء.
وذكر بن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام فيدارسه القرآن كان يجود بالخير وكان أجود من الريح المرسلة.
وقد حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على آداب شاملة وكاملة تحفظ الصيام ليتضاعف الأجر والثواب عند الله تعالى , ويقول صلى الله عليه وسلم :{ من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه أن يدع طعامه وشرابه}.
الله تبارك وتعالى يريد منا أن نصوم عن الطعام والشراب وأن تصوم جوارحنا عن البطش والفحش حتى يجزينا الله الجزاء الأوفى كما ذكر الله تعالى في حديث قدسي :{ كل عمل بن ادم له, الحسنه بعشر أمثالها إلاّ الصوم فانه لي وآنا اجزي به .
والصيام جنّة .
{ فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فان سابّه أحد أو قاتله أحد فليقل إني صائم }
فهذا هو الأدب ألقرآني وقول الله تعالى في هذا (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت 34
لا بدّ من صوم اللسان والجوارح حتى يكون الصوم مقبولاّ عند الله تعالى , اسأل الله أن نتأدب بأدب القران وأدب الصيام وأدب جميع العبادات وأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يجعلنا جميعا من المقبولين.آمين..آمين.
وكل عام والجميع بخير