دروس وعبر من الهجرة النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد له رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
نحن في أول يوم من أيام السنة الهجرية والهجرة ما هي إلا جزء من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم،
إن تعلم سيرة النبي الرسول صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل مسلم وهجرة النبي ونحن في يوم الهجرة جزء من سيرته.
يقتضي ذلك أن نعرف سيرته ومن أبرز سيرته هجرته صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام لأن الله جعله قدوةً لنا وأسوةً حسنة ومثلاً أعلى ،
ذاق الفقر حتى إذا نصح الفقراء بالصبر ، دخل صلى الله عليه وسلم إلى بيته مرةً فقال: هل عندكم شيء ؟ فقالوا: لا، قال صلى الله عليه وسلم: فإني صائم.
وذاق الغنى فسأله أحد رؤساء القبائل لمن هذا الوادي من الغنم؟ قال: أتهزأ بي ؟ قال: لا والله إنه لك، قال: أشهد أنك رسول الله تعطي عطاء من لا يخشى الفقر
أنعم الله عليه بالنصر في مكة، فقال صلى الله عليه وسلم :ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فاذهبوا فأنتم الطلقاء
أبتلي بموت الولد , فقال صلى الله عليه وسلم :إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وما نقول إلا ما يرضي الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون.
طلقت إحدى بناته، حديث الإفك عن زوجته رضي الله عنها التي هي أقرب الناس
ذاق صلى الله عليه وسلم كل شيء ووقف من كل شيء الموقف الكامل لذلك كان قدوةً لنا وأسوة.
الأحداث التي وقعت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام مقصودة لذاتها لم تقع صدفةً إنما وقعت لحكمة بالغة ليكون الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال هذه الأحداث مشرعاً وليظهر كمال النبوة في حركته في الحياة.
وهذه ومضات من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الدين العظيم -الهجرة ونحن في ذكراها اليوم، أنا لا أشك أن واحداً منكم لا يعرف وقائع الهجرة إن وقائع الهجرة يعرفها المسلمون جميعاً ولكن العبرة في شفافية الحدث في أن تستنبط من الحدث قاعدةً تنتفع منها في حياتك اليومية، نريد أن نسقط كما يقول بعضهم الآن وقائع الهجرة على واقع المسلمين اليوم.
1- الأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم توكل على الله وكأنها ليست بشيء
شاءت حكمة الله أن يجعل من أكبر سنن هذا الكون نظام السببية فكل سبب له نتيجة وكل نتيجة لها سبب،نظام السببية أحد أكبر قوانين هذا الكون،لماذا جعل الله نظام السببية ؟ لأنك كلما رأيت نتيجةً بحثت عن السبب بحكم نظام الكون والسبب ينقلك إلى السبب الذي قبله والسبب الذي قبله إلى الذي قبله إلى أن تصل بشكل لطيف إلى مسبب الأسباب إلى الله، كأن نظام السببية طريق إلى معرفة الله ولحكمة بالغة جعل عقل الإنسان مبني على مبادئ ثلاث أحد هذه المبادئ مبدأ السببية فعقلك لا يقبل شيء من دون سبب، لا يقبل عقل في الأرض شيئاً من دون سبب كما أنه لا يقبل شيئاً من دون غاية كما أنه لا يقبل التناقض هذه مبادئ العقل، يا الله ما هذا التوافق العجيب بين مبادئ العقل ونظم الكون ؟ توافق مبادئ العقل مع نظم الكون تصل من خلالهما إلى الله عز وجل ولكن، ولكن الذي وضع نظام السببية في أية ثانية قادر على أن يعطله فقد تجد نتيجةً بلا سبب كسيدنا عيسى عليه السلام من دون زواج من دون أب وأم، وقد تجد شابين شاباً وشابة في ريعان الشباب ولا ينجبان قد يكون السبب ولا تكون النتيجة وقد تكون النتيجة ولا يكون السبب لماذا ؟ لئلا نؤله الأسباب ينبغي أن نؤله الله خالق الأسباب ومسبب الأسباب ومعطل الأسباب أحياناً وخالق النتائج بلا أسباب.
فعليك أن تأخذ بالأسباب كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة وكأنها كل شيء ما من ثغرة إلا وقد غطاها الرسول صلى الله عليه وسلم هيأ رجلاً يأتيه بالأخبار وهيأ رجلاً يمحو الآثار وهيأ خطةً تبعد عنه الشبه اتجه نحو الساحل واستقر في غار أيام ثلاثة حتى يخف الطلب عنه وهيأ دليلاً غلب فيه الخبرة على الولاء ولم يدع ثغرةً إلا وغطاها أخذ بالأسباب وكأنها كل شيء فلما وصلوا إليه وأصبح أحدهم على بعد أمتار منه وقال الصديق رضي الله عنه لرسول صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدهم نظر إلى موطئ قدمه لرآنا.
لأنه أخذ بالأسباب طاعةً وأخذ بالأسباب تعبداً ولم يعتمد على الأسباب كما يفعل أهل الغرب، قال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
إذاً أخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم توكل على الله وكأنها ليست بشيء، أنت في سيرك على طريق عن يمينه واد سحيق وعن يساره واد سحيق إنك إن أخذت بالأسباب واعتمدت عليها كشأن الغرب وقعت في الشرك، من اعتمد على ماله ضل، من اعتمد على من حوله ذل، ومن توكل على الله لا ضل ولا ذل. ينبغي أن تأخذ بالأسباب دون أن تعتمد عليها ينبغي أن تعتمد على الله وإن لم تأخذ بها وتوكلت على الله فهذا التوكل الذي لا يريده الله أعقل وتوكل وليس بين الأخذ بالأسباب وبين التوكل على الله تناقض وتضاد بل بينهما تكامل يعني بشكل مبسط الابن مريض آخذه إلى أفضل طبيب وأشتري له أحسن دواء وأنفذ تعليمات الطبيب بكل دقة وبعدئذٍ أتوجه إلى الله وأقول يا رب لا شافي إلا أنت أنا أخذت بالأسباب وعليك الباقي، هذا شأن المسلم في سفره في تجارته في صناعته في زراعته في زواجه في علاقاته الأسرية في أفراحه في أتراحه تأخذ بالأسباب كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة وكأنها كل شيء وتتوكل على الله وكأنها ليست بشيء
قال تعالى:﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ سورة الأنفال: الآية 60
هذا هو الأخذ بالأسباب ثم التوكل على رب الأرباب
قال تعالى:﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ سورة الروم: الآية 47
أعد لهم ما تستطيع ما هو متاح لك والله جل جلاله يرمم الباقي هذا درس بليغ في تجارتنا في صناعتنا في زراعتنا في علاقتنا مع أعدائنا في حربنا في سلمنا في كل أمور حياتنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة كان مشرعاً ولعل تشريعه العملي أبلغ عندنا من تشريعه النظري لعل ذلك، التشريع العملي وقائع وقعت.
ورد في بعض الأحاديث الشريفة إن الله يلوم على العجز، أن نستسلم لواقعنا المر، أن لا نحاول إصلاح واقعنا، أن نستسلم لضعفنا، أن نستسلم لقلة حيلتنا، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) أبو داود، أحمد
أي أن تأخذ بالأسباب، لا تصح هذه الكلمة إلا عندما تأخذ بالأسباب ولا تفلح، أما ألا تأخذ بالأسباب أي طالب لم يدرس فلما رسب قال حسبي الله و نعم الوكيل هذا ترتيب ربنا، هكذا شاءت مشيئة ربنا، هذا كلام كذب، أما حينما يدرس ويأخذ بالأسباب ولا ينجح لسبب قاهر يقول حسبي الله و نعم الوكيل
2- الإسلام حركة وعمل:
لا تصدق ولا تتوهم ولا تعتقد أن الإيمان سكوني، جالس في البيت استمعت إلى درس بالشريط، استمعت إلى خطبة أعجبت بالخطيب، الإسلام عظيم دين الحق النبي على حق، واكتفيت بهذا، لم تقدم شيئاً للمسلمين، لم تتحرك إطلاقاً، لم تعطِ لله، ولم تمنع لله، ولم ترضَ لله، ولم تغضب لله، ولم تصل لله، ولم تقطع لله، ولم تبذل لا من مالك ولا من وقتك ولا من جهدك ولا من عضلاتك، ما فعلت إلا أنك معجب بهذا الدين، معجب بهذه الخطبة، معجب بهذا الدرس، معجب بهذا الكتاب، الإسلام حركي ليس هناك إسلام سكوني:
﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾
سورة الأنفال: الآية 72
﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾
سورة الكهف: الآية 110
ماذا نفعل ؟ قال:
﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾سورة الكهف: الآية 110
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾سورة التوبة: الآية 105
﴿وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً﴾سورة مريم: الآية 31
الزكاة حركة نحو الخلق والصلاة حركة نحو الخالق:
﴿وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً﴾سورة مريم: الآية 31
ما من آية في القرآن تتحدث عن الإيمان إلا قرن الله بها العمل في مئتي موضع من كتاب الله:﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾سورة البقرة: الآية 25
و ليس العلم مقصوداً لذاته في الدين إطلاقاً، إنما العلم ليعمل به فإن لم يعمل به كان الجهل أولى.
لا قيمة في نظر الإيمان للإيمان النظري المجرد عن كل حركة، مثل أضربه كثيراً، إنسان مصاب بمرض جلدي وعلاجه الوحيد التعرض لأشعة الشمس، قابع في غرفة قميئة مظلمة رطبة وهو يتحدث عن الشمس وعن أشعة الشمس وعن فائدة الشمس وعن أن الشمس في رابعة النهار ويا لها من أشعة ناجحة، كلام فارغ، ما لم تتعرض لهذه الأشعة فكل كلامك لا شأن له
فالهجرة حركة والدين حركة والإيمان حركة والإسلام حركة وفي الحركة بركة، الموقف السلبي، إعجاب نظري، تأمل فكري، تعاطف نفسي، لا يوجد حركة، لا يوجد بذل، لا يوجد تضحية، لم تحمل هم المسلمين، لم تسهم في تخفيف الأعباء عن المسلمين، لم تسهم في رفع شأن المسلمين، إيمانك لا قيمة له، لأنه حينما تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن تعبر عن ذاتها بذاتها بحركة نحو الخلق، مؤمن لا يعمل خيراً هناك شك في إيمانه، شك في مصداقيته.
الهجرة ما علاقتنا بها، مبدئياً الهجرة بين مكة والمدينة أغلقت، أغلقت لقول النبي عليه الصلاة والسلام، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ) البخاري، مسلم، الترمذي، النسائي، أبو داود، ابن ماجه، أحمد، الدارمي
ولكن باب الهجرة مفتوح على مصراعيه بين كل مدينتين يشبهان في الماضي مكة والمدينة، أنت حينما تقيم في بلد لا تستطيع أن تعبد الله فيه، بقاؤك فيه حرام وينبغي أن تهاجر لأن العبادة على وجودك:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ سورة الذاريات: الآية 56
أي إنسان يقيم في مكان ما لا يستطيع أن يعبد الله فيه ينبغي أن يهاجر كما هاجر النبي عليه الصلاة السلام
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
( الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ) البخاري، مسلم، النسائي، أبو داود، أحمد، الدارمي
تركت المال الحرام، تركت هذه الصفقة لأن فيها شبهة، تركت هذا اللقاء لأن فيه اختلاط، تركت هذه الوليمة لأن فيها منكرات، تركت هذا السفر لأن فيه فتنة، تركت هذه الزوجة لأنها تبعدك عن الله عز وجل، أي شيء تتركه في سبيل الله فأنت بهذا الترك مهاجر بمعنى من معاني الهجرة، هذا المفهوم الواسع.
أزف لكم هذه البشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمن موت فيه كعقاص الغنم لا يدري القاتل لما يقتل ولا المقتول لما قتل كما ترون فيما حولنا، في زمن يذوب فيه قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغيره، إن تكلم قتلوه وإن سكت استباحوه، في زمن يُصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق، يؤتمن الخائن ويخون الأمين، في زمن الفتن ترقص والدنيا خضرة نضرة والمرأة معبود الناس من دون الله، في زمن كثر فيه المال الحرام وقل المال الحلال، في زمن كثرت فيه الفتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، في زمن يبيع الإنسان دينه وآخرته بعرض من الدنيا قليل.
عبادة الله في هذا الزمن الصعب كهجرة إلي
ورد في الحديث القدسي الصحيح عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ) مسلم، الترمذي، ابن ماجه، أحمد
أي في الفتن، لذلك فأووا إلى الكهف وكهفنا مسجدنا، و كهفنا بيتنا، وجنة المؤمن داره.
بقي هجرة من نوع آخر
الهجرة هذه التي في سبيل الله، والدار الآخرة فحينما يؤثر المرء الدنيا الفانية على الآخرة الباقية ، وحينما تكون الهجرة ابتغاء دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته لما هاجر إليه وتحدث أصحاب النبي عن مهاجر أم قيس، أراد الزواج منها فاشترطت عليه أن يهاجر فهاجر من أجلها سماه الصحابة مهاجر أم قيس
وحينما تكون الهجرة بذلاً للخبرات والطاقات لغير بلاد المسلمين، كل علمك واختصاصك لغير المسلم يتقوى بهما على المسلمين،فتكون هجرته إضعافاً للمسلمين وتقوية لأعدائهم عليهم,وحينما تكون الهجرة تمكيناً للعدو من احتلال
الأوطان واستثمار خيراتها فهي في سبيل الشيطان
هذه بعض الإسقاطات من الهجرة النبوية الشريفة على واقعنا المعاصر
أننا في زمن صعب، وأن المسلمين يعانون محنة تفوق حد الاحتمال، وأذكركم أنه ما وقع بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة فلذلك الموقف السلبي من المؤمنين لا يقبل إطلاقاً، الشيء الذي أنت مكلف به أن تكون مسلماً، أن تراجع حساباتك، أن تراجع نظام حياتك في البيت، نظام حياتك في العمل، طريقة كسب المال، طريقة إنفاق المال، المناسبات،الأفراح، الأتراح، الحركة، هل حركتك وفق منهج الله ؟ أم حركتك في واد المنهج في واد آخر ؟
ما كلفك الله فوق ما تستطيع، اعقد مع الله توبة نصوحة، اجلس مع أهلك كل أسبوع بين لهم الحق من الباطل، بين لهم ما سمعت في خطبة الجمعة، حاول أن تضبط أولادك،وبناتك، حاول أن تحرر دخلك من الحرام، هذا الذي بإمكانك أن تفعله،جاهد نفسك وهواك
فجهاد النفس الهوى كما قال بعض العلماء في أربعة بنود: أن تحمل نفسك على معرفة الله، فهل اقتطعت من وقتك وقتاً لمعرفة الله ؟
وأن تحملها على طاعته فهل جاهدت نفسك وهواك ؟
وأن تصبر عن الشهوات و على الطاعات و على قضاء الله و قدره ؟
و هذه أركان النجاة.
﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾سورة العصر
أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح إلينا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، وانصر الإسلام، والمسلمين على أعدائك وأعدائهم وأذل الكفرة والمشركين، يا رب العالمين، اجعل تدميرهم في تدبيرهم و اجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، أرنا قدرتك في تدميرهم يا الله، اللهم وفق ولاة المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها لما تحب وترضى، اللهم اجمع بينهم ووحد كلمتهم، وألهمهم الرشد والسداد.
والحمد لله رب العالمين