الهوارى مراقب عام المنتدى
| موضوع: أتُحسن السريانية إنها تأتيني كتب ؟ الخميس مارس 06, 2014 1:09 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله , بحمده تتم الصالحات وتفيض وبشكره تكثر النعم وتزيد , وبفضله تتنزل الرحمات على العبيد, الأمر أمره والملك ملكه , والحكم حكمه, والقضاء قضاؤه, والكل عباده, ولا يخرج شيء عن سلطانه وأصلي واسلم على النبي الأكرم والرسول الأعظم , سيدي يا رسول الله يا خير من عرف الإله بفضله , يا بهجة الدنيا ونور خطاها, فبحقك تمتمت الحروف وسرها ولم يحصها غير الذي اوحاها , وبحق من ألقى الجبال رواسي, والأرض قدر قوتها ودحاها, ومن خلق النجوم وبدرها غب قبة العلياء أنت ضياها , لو أن أرضا من ارض سمائنا فوق السماء السبع كنت أنت سماها اللهم صلي عليه صلاة لم يصلها عليه أحد من قبل ولا يصليها عليه أحد من بعد , صلاة لا تحصى ولا تعد ولا تحد ولا يعلم قدرها ومقدارها وكيفتها إلا أنت وسلم تسليما كثيرا وعلى أهله وآله وأزواجه وذريته وأصحابه وأرض عن ساداتنا من الأولياء والصالحين ومشايخنا الأحياء والمنتقلين وأغفر لنا ولوالدينا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه ينتمي سيدنا زيد إلى أسرة عريقة شريفة من الأنصار الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري " آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار"ويرجع نسب هذه الأسرة الكريمة إلى بني النجار من الخزرج وهم قوم ذووا معدن أصيل وشرف رفيع قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "خير دور الأنصار بنو النجار'أخرجه البخاري.أما أبوه ثابت بن زيد فقد قتل يوم بُعاث , وذلك قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بخمس سنين.وأما أمه فهي النوار بنت مالك أدركت الإسلام وأسلمت وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروت عنها أم سعد بنت أسعد بن زرارة , وبعد أن قتل زوجها ثابت يوم بعاث تزوجت عُمارة بن حزم من بني النجار , وهو صحابي جليل من سادات الأنصار, وحامل لوائهم يوم فتح مكة , وكان قريب الجوار من رسول الله صلى الله عليه وسلم ,كثيراً ما يتردد عليه واستشهد في موقعة اليمامة سنة 11 هجرية كان إسلام زيد على يد زوج أمه عُمارة بن حزم الذي كان واحداً ممن شهدوا بيعة العقبة الثانية والتي بايع فيها وفد من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصرته ورفع راية دعوته في العسر واليسر والمنشط والمكره , ووعدهم على ذلك جنة الرضوان.أسلم زيد مع أمه وأقبل على هذا الدين إقبالاً صادقاً حيث عكف على حفظ ما أنزل من القرآن الكريم يتلقى ذلك من أستاذه ومعلمه مصعب بن عمير, الذي بعثه رسول الله قبل هجرته إلى المدينة المنورة يعلم أهلها ويفقههم في الدين ويقرئهم القرآن.بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وفي مجلس من المجالس استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زيد وهو يتلو عليه ما حفظه من القرآن الكريم فأعجب به وقال له : يا زيد : أتحسن السريانية إنها تأتيني كتب ؟ قلت لا . قال : فتعلّمها ، فتعلمتُها في سبعة عشر يوماً. وكنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كتب لهم وكان عُمر زيد أنذاك إحدى عشرة سنة مما يدل على نبوغه المبكر وحافظته القوية وذكائه الحادأقبل زيد على منابع العلم القرآن الكريم والحديث الشريف يعبُّ منهما بكل حماسة وشوق حتى غدا أعلم الصحابة بالفرائض " وهو علم تقسيم المواريث " وأحــــــــد المقدّمين في الفتوى وأحد حفاظ القرآن الكريم ، ونال شهادة عظمى من رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد تفوقه في علم المواريث الذي يحتاج إلى نباهة وسرعة إدراك ومعرفة قوية بالحساب فقال عليه الصلاة والسلام "أفرض أمتي زيد بن ثابت"ولقد نقلت عنه مسائل كثيرة في علم الفرائض تشهد له برسوخ قدمه فيه'وكان إلى جانب تمكنه من علم الفرائض أحد أصحاب الفتوى وهم ستة : عمر ، وعلي ، وابن مسعود وأُبيّ ، وأبو موسى ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهـــــم فكان المرجع في المعضلات والمشكلات وكان رضي الله عنه ورعاً لا يفتي إلا بعلم ,ولا يفتي إلا بشيء قد وقع فإذا تبين له شيء يخالف فتواه رجع إلى الحق والصواب ، كما كان ترجماناً للنبي صلى الله عليه وسلم فيما يأتيه من الكتـــــب الأجنبية فهو يجيد الفارسية والرومية والقبطية والحبشية.وهذه مزيّة عظيمة ومنّة كبرى اختص الله بها زيد بن ثابت رضي الله عنه , فقد كان من كُتــّاب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه كان صغيراً في العمر ولكنّ إتقانه للكتابة وسرعة حفظه ودقة فهمه أهـّلته ليكون موضع ثقة رسول الّلــــه صلى الله عليه وسلم . وانتقل رسول الله إلى الرفيق الأعلى والقرآن الكريم محفوظ في الصدور مكتوب في السطور ولكنه متفرق بين الصحابة كلٌّ عنده جزءٌ منه قلَّ أو كثـــُر بحسب اجتهاده في التلقي والحفظ وقربه من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبعد معركة اليمامة التي استشهد فيها كثير من الصحابة حفاظ القرآن أو ممن عندهم شيء من القرآن عهد أبو بكر الصديق إلى زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم بعد ما أشار عليه بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخوفه على ضياع القرآن بموت الصحابة الذين يحفظونه أو استشهادهم وحمل زيد هذه المهمة الصعبة والمسؤولية الشاقة بكل همة وإخلاص ودقة ووعي حتى استطاع جمع القرآن الكريم كله فانتظم المصحف كله في الصحف والأوراق وســلّمه إلى الخليفة الصّـديق رضي الله عنه .ولقد أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته أن يقوم زيد بجمع القرآن مرة ثانية على قراءة واحدة ولكن استشهاد عمر رضي الله عنه حال دون تنفيذ ذلك . ثم عهد إليه عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الثالث أن يقوم بجمع القرآن على قراءة واحدة حينما رأى بذور الخلاف قد بدأت بالظهور بين جماهير المســـــلمين وراح كل فريق يقرأ بقراءة منسوبة لصحابي تختلف عن قراءة الفريــــق الآخـــــر واشتد الخلاف بين المسلمين ، وقام زيد بما كلف به خير قيام وجمع القرآن مرة أخرى على القراءة التي كان يقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ الله للمسلمين كتابهم القرآن الكريم وكان المصحف الذي جمعه هو الذي اعتمده الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وبعث بنسخ منه إلى الأمصار الإسلاميةوانتهت بذلك فتنة كادت تودي بالإسلام وأهله وحفظ الله للمسلمين كتابهم الكريم تزوج زيد بن ثابت رضي الله عنه الصحابية الجليلة أمَّ جميل بنت المجلِّل بن عبد الله القرشية العامرية , وهي امرأة كريمة ومن السابقات إلى الإسلام ,وولدت له ابنه الأكبر سعيداً الذي به يُكنّى . ثم تزوج زيد أمَّ سعد بنت سعد بن الربيع رضي الله عنه , وكانت يتيمة في حجر أبي بكر رضي الله عنه بعد أن استشهد أبوها يوم أحد ، وكانت امرأة نجيبة ولوداً فولدت له اثني عشر ولداً ثمانية ذكور وأربع إناث أشهرهم ولده خارجة أحد الفقهاء السبعـة في المدينةثم تزوج عمرة بنت معاذ بن أنس فولدت له أربعة أولاد أيضاًوكان زيد في بيتــه ومع أهله من أحسن الناس سيرة وأكرمهم أخلاقــاً.منذ أسلم زيد رضي الله عنه, وخالطت بشاشة الإيمان قلبه وروحه , أ خذ يتلهف للجهاد ولبذل حياته في سبيل الله ورسوله , ولكنه لم يتمكن من المشاركة في المعارك الأولى مع المسلمين لصغر سنه , وأول المشاهد التي شارك فيها زيد كانت غزوة الخندق , وكان عمره يومذاك خمسة عشر عاماً , كما شهد غزوة بني قريظة وغزوة تبوك وكثيراً من المشاهد الأخرى . وكان رضي الله عنه كثير الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يصحبه في ذهابه ورواحه وجلساته وأحياناً يشاركه في طعامه , فاستفاد من كل ذلك حب النبي صلى الله عليه وسلم واغترف من معين فضله وعلمه وهديه لزيد بن ثابت رضي الله عنه مواقف شجاعة تدل على إيمان راسخ وعقل ناضج ورجولة مكتملة , ولعل من أبرزها موقفه بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى , إذ كاد المهاجرون والأنصار أن يختلفوا على منصب الخـلافــة وأن ينشب بينهم نزاع شديد لولا موقف زيد حين قام فقال "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين ، وإن الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم قال : "جزاكم الله يا معشر الأنصار خيراً وثبَّت قائلكم "مر معنا أن زيد بن ثابت رضي الله عنه كان كثير المجالسة والمصاحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتبس من أخلاقه وشمائله نصيباً كبيراً, فكان حسن المعــاملـــة حسن العشرة ، ذا حياء وأدب رفيع وورع شديد وتقوى لله عز وجل, يربي أهــلــــه وأولاده بالحال قبل اللسان , ويبادر إلى ما يقربه من الله تبارك وتعالى بكل ما يستطيع , يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحكمة وإخلاص ، كريماً لا يبخل بعطاء وخاصة مع الأيتام ، يقرأ القرآن الكريم بتدبر وخشوع ، يؤدي الشهادة لمن طلبها منه لأن في أداء الشهادة إثبات الحقوق وفاتـه رضي الله عنه:توفي رضي الله عنه على أصح الأقوال سنة 45 هجرية عن عمر يقارب ستاً وخمسين سنة ودُفن بالبقيع رحمه الله تعالى وحزن الناس عليه حزناً شـــديــداًوقال فيه حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمَن للقوافي بعد حسان وابنه ** ومَن للمثاني بعد زيد بن ثابت | |
|