من لواقح الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية

عضو سوبر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذكر سيدي الإمام عبد الوهاب الشعراني في كتابه الجميل (لواقح الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية)
قلت: وكان لي رفقة من طلبة العلم يحبونني فلما تحول عزمي إلى طريق القوم جفوني وصرت كأني مرقت من الدين عندهم فقلت إن طريق القوم ليس فيه ما يخالف ظاهر الشرع فلم يصغوا إلى قولي ومكثوا ينفّرونني عنها نحو عشر سنين مع أني بحمد الله ما طلبت طريق القوم إلا بعد حفظي المنهاج وكتاب الروض والتوضيح والألفية في النحو والألفية في علم الحديث وتلخيص المفتاح وعدة كتب وشرحتها على الأشياخ.

وكذلك وقع للإمام اليافعي التميمي رضي الله عنه فحكى في كتابه المنهاج أنه مكث خمس عشرة سنة في نزاع ، فخاطر يدعوه إلى الاشتغال بالعلم على طريق العلماء وخاطر يدعوه إلى الإشتغال بما عليه الصوفية ، قال : وكان الفقهاء يأمرونني بموافقتهم ويقولون طريقنا يتضمن طريق غيرنا وطريق غيرنا لا يتضمن طريقنا ، فقلت في نفسي بتوجه تام اللهم بيّن لي أي الطريقين أقرب إليك ، فينما أنا أمشي في شارع من شوارع زبيد إذ لقيني شخص من أرباب الأحوال وقال إلى متى تشك في طريق القوم ؟

اسلك منها فإنها أقرب الطرق إلى الله تعالى ، قال فقلت له : أريد البيان ؟ فقال نعم ، فدخل زاويته وقال أرسلوا لنا خلف العالم الفلاني ممن لا يرى الشيخ إذ ذاك رد السلام إذا سلم فخرج النقيب إليه فقال الشيخ للجماعة لا أحد يرد السلام إذا جاء ولا يقوم له ولا يفسح له فقالوا سمعاً وطاعة. فلما حضر قال السلام عليكم فلم يرد عليه أحد السلام فقال حرام عليكم فجلس فلم يفسحوا له فقال خالفتم السنة فقال له الشيخ الفقراء في أنفسهم منك شيء فقال وأنا في نفسي منهم أشياء وأشار باصابع كفه كلها فقال للشيخ : إنظر يا يافعي ما أثمرهُ علم هذا .

ثم قال للنقيب أرسل وراء الفقير الفلاني وأمرهم أن لا يردوا عليه السلام ولا يقوموا له ولايفسحوا له ففعلوا معه ذلك فصار يبتسم ويقول أستغفر الله تعالى ثم وقف عند النعال وأخذ النعال على رأسه وبكى فلم يلتفت أحد إليه فقال له الشيخ الفقراء في نفوسهم منك شيء فقال أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقال الشيخ لليافعي إنظر ما أثمره صحبة الفقراء.

قال اليافعي : ما أقبلت بكليتي من ذلك الوقت على طريق القوم إلى أن كان ما كان أنتهى.

عضوة متميزه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
وذكر الإمام الشعراني (في كتاب الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية) في الصفحة 130 :

وقد كان عز الدين بن عبد السلام من أشد المنكرين على الصوفية في بداية أمره ويقول وهل ثم طريق يتقرب بها إلى الله تعالى غير ما بأيدينا من العلم؟ فلما اجتمع بالشيخ أبي الحسن الشاذلي وتلمذ له وصار يمدح طريق القوم ويقول: إن هؤلاء القوم قعدوا على قواعد الشريعة وقعد غيرهم على الرسوم. قال ومن أصدق دليل على قولي هذا أنه لا يقع على يد فقيه قط كرامة ولو بلغ في العلم ما بلغ إلا إن سلك طريقهم في العمل ، إذ الكرامات فرع المعجزات ، وهي دليل على صدق الإتباع للشريعة انتهى.

عضو مميز

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربي العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا النقل من كتاب سيدي الشعراني رضي الله عنه ، وهذه الحكاية ذكرها ايضا في كتابه " الاخلاق المتبولية " 1/ 137 وبعدها ذكر حكاية اخرى تشبهها انقلها لما فيها ايضا من عبر .
قال رضي الله عنه :
ووقع لسيدي مدين تلميذ سيدي احمد الزاهد : ان جماعة من طلبة الشيخ عبادة المالكي تركوا الشيخ عبادة وتلمذوا لسيدي مدين ، فتكدر الشيخ عبادة لذلك وصار يحط على الصوفية ويقول :
هذه طريق لم يأت بها كتاب ولا سنة .
فلما عمل الشيخ مدين مولده الكبير وامتلأت الزاوية من العلماء والأكابر ارسل سيدي مدين خلف الشيخ عبادة ، وقال للقاصد : قل له فلان يسألكم في الحضور ليحصل له بركتكم ، فجاء الشيخ عبادة فأمر سيدي مدين الجماعة ان لا يفسحوا له ولا يقوموا ، فجلس في صحن الزاوية متكدرا نادما على مجيئه فرفع سيدي مدين رأسه وقام الى الشيخ عبادة ومسكه بيده واجلسه بجنبه ولاطفه حتى خمدت اخلاقه ، ثم قال له : يا سيدي هل يجوز لمسلم ان يقوم في مذهبكم لمشرك مع عدم الخوف من شره ؟ فقال : عندنا لا يجوز ومن قام له فسق .
فقال له سيدي مدين : فالله عليك اما تكدرت من عدم القيام لك ؟
فقال : نعم . فقال : كيف لمن يقول لنا قوموا لي كما تقومون لله رب العالمين ؟
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من احب ان يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار
فدارت هذه الكلمة فيه ثم قام منتصبا ونادى بأعلى صوته : أشهدوا عليّ يا جميع من حضر انني اسلمت اسلاما جديدا على يد سيدي مدين .
ثم قبل رجل الشيخ وتلقن عليه في ذلك المحفل ، ولم يزل يخدم الفقراء عنده وترك جميع وظائفه الى ان حضرته الوفاة فأوصى ان يدفن تحت عتبة تربة فقراء سيدي مدين بسوق الخشب ، ففعلوا .
فهو مدفون تحتها الآن تواضعا للفقراء وهضما لنفسه .
وكان يقول في حياته : لولا سيدي مدين لربما كنت من اهل النار الذين هم اهلها .انتهى .
و ممّا اورده حجة الإسلام أبوحامد الغزالي - قدس الله روحه و رضي عنه - في كتابه " المنقذ من الضلال " هذه الحقيقة و القناعة ليختصر للفلاسفة و العلماء بعده الطريق .. و قد بلغ أوج ما يصل اليه عالم او فيلسوف ..

" ودمت على ذلك مقدار عشر سنين ؛ وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها ، والقدر الذي أذكره لينتفع به: إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله ( تعالى ) خاصة ، وأن سيرتهم أحسن السير ، وطريقهم أصوب الطرق ، وأخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جُمع عقل العقلاء ، وحكمة الحكماء ، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم ، ويبدلوه بما هو خير منه ، لم يجدوا إليه سبيلاً. فإن جميع حركاتـهم وسكناتـهم ، في ظاهرهم وباطنهم ، مقتبسة من ( نور ) مشكاة النبوة ؛ وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به. "
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .

» الأنوار القدسية فى معرفة قواعد الصوفية للشعراني
» لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية - الشعراني
» لواقح الأنوار في طبقات الأخيار-الشعراني
» الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية للشعراني
» المجاز الواضح في معرفة قواعد المذهب الراجح