الهوارى مراقب عام المنتدى
| موضوع: في الذكري العطرة الأحد ديسمبر 28, 2014 4:05 pm | |
| في الذكري العطرة بقلم : سناء البيسي يا رسول الله صلى الله عليكيا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ..يا من قدست الوجود كله, ورعيت قضية الإنسان..يا من زكيت سياسة العقل, ورفضت همجية القطيع.. يا من هيأك تفوقك لتكون سيدا فوق الجميع فعشت واحدا بين الجميع..يا من أعطيت القدوة وضربت المثل وعبَّدت الطريق.. يا من عظمتك لبثت أكثر من ألف وأربعمائة عام لتظل دوما ترسل ضياءها وتبث في ضمير الزمن رشدها, ونهاها.. يا أيها العابد الأواب الذي تقف في صلاتك تتلو سورة طويلة من القرآن في انتشاء لا تقايض عليها بملء الأرض تيجانا وذهبا, ثم لا تلبث أن تسمع بكاء طفل رضيع تصلي أمه خلفك في المسجد فتضحي بغبطتك الكبري وتنهي صلاتك علي عجل رحمة بالرضيع الذي يبكي وينادي أمه ببكائه!.. يا من وقف أمامك صاغرين الذين شنوا عليك الحرب والبغضاء, ومثلوا بجثمان عمك الشهيد حمزة ومضغوا كبده في وحشية, فتقول لهم: اذهبوا, فأنتم الطلقاء!.. يا من جمعتَ الحطب لأصحابك في أسفارهم ليستوقدوه نارا تنضج لهم الطعام!.. يا من ترتجف حين تبصر دابة تحمل علي ظهرها أكثر مما تطيق!!.. يا من تحلب شاتك, وتخيط ثوبك, وتخصف نعلك!.. يا من وقفت بين الناس خطيبا لتقول: من كنت جلدت له ظهرا, فهذا ظهري فليقتد منه.. يا من ناديت باليسر علي المعسر بقولك "من أراد أن تُستجاب دعوته, وأن تُكشف كربته, فليفرِّج عن معسر.. يا من ناديت ببر الأم بإحسان عشرتها, وتوقيرها, وخفض الجناح لها, وطاعتها في غير المعصية, والتماس رضاها في كل أمر, حتي الجهاد إذ كان فرضا لا يجوز إلا بإذنها فإن برها ضرب من الجهادوقد جاء الرجل يقول: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك, فقلتَ: هل لك من أم؟ قال: نعم.. قلتَ: فإلزمها فإن الجنة عند رجليها.. ويسألك الذي يطوف البيت الحرام حاملا أمه: هل أديت حقها؟! فتقول: ولا بزفرة واحدة من زفرات آلام الطلق والوضع .ولم توص بالأم فقط بل بالأخوال والخالات والأعمام والعمات, فجاء الرجل يسألك: إني أذنبت, فهل لي من توبة؟ فقلتَ: هل لك من خالة؟ قال: نعم, قلتَ: فبرها.وأي شعور غامر كان يملأ قلبك حين قلت لمن سألك عن أحق الناس بإكرامه فقلت: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك.. ويا من قلتَ وأنت سيد العالمين: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد..وكلما دار عام القمر دورته, لشهر ربيع الأول لتأتي ذكري الليلة الخالدة علي الدهر التي وضعت فيها السيدة آمنة ولدها محمدا، نرتل قصة المولد النبوي الشريف وما حف به من خوارق وما ترنمت به المرويات التي تناقلت عبر الأجيال وأضافت إليها الليالي والأيام جديدا من رؤي المحبين ومواجد العاشقين وملهمات الشعراء: في يوم مولده رُجمت الجن, وتدلت إلي المولود الأنجم الزهرية, واستنارت بنورها وهاد الحرم ورباه, وخرج معه نور أضاء قصور الشام, فرآها سكان مكة, وتصدع إيوان كسري, وسقطت أربع عشرة من شرفاته العلوية, وخمدت رغم جهود عبادها نار الفرس المقدسة بعد أن ظلت مضطرمة أكثر من ألف عام, وغاضت مياه بحيرة ساوة, وشوهدت إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها, ورغم تلك الظواهر جميعها وما تنبأ بها الموبذان خادم النار الكبير عند الفرس والذي كان قد رأي رؤيا تدل علي قيام انقلاب عام في العالم بسبب أمر يقع في جزيرة العرب, وبرغم تنبؤاته تلك مر الأمر الجلل دون أن يشعر أحد. ذلك هو: ميلاد طفل قرشي في مكة, تلك المدينة التائهة وسط القفار التي لم يسمع بها الملوك والأمراء في الشرق والغرب.. هذا وإن كانت الكتب السماوية كلها تشتمل علي نبوءات عن مجيء الرسول فمنها ما جاء علي لسان موسي عليه السلام في سفر الاشتراع: ( أقيمُ لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك, واجعلُ كلامي في فمه, فيكلمهم بكل ما أوصيه به) ومعناها أن النبي الموعود لن يجيء من بين الإسرائيليين أنفسهم, بل من بين إخوتهم من ذرية إسماعيل.. وتقول النبوءة علي لسان السيد المسيح في سفر يوحنا: إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم.. ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن.. وأما حين يأتي ذاك.. روح الحق.. فهو يرشدكم إلي الحق.. ويسألون يوحنا المعمدان كما يروي سفر يوحنا من أنت؟ المسيح أنت؟ قال: لست أنا، إيليا أنت؟.. قال: لست أنا، ذلك النبي أنت؟ فأجاب: لا!! وهذا يُظهر في يقين أن اليهود كانوا يرتقبون ثلاثة أنبياء مختلفين أولهم إيليا وثانيهم المسيح وثالثهم نبي كي لا يصفونه بوصف مميز.. ويقول المسيح: إن كنتم تحبونني, فاحفظوا وصاياي, وأنا أطلب من الآب, فيعطيكم ( معزيا) آخر, ليمكث معكم إلي الأبد دلالة علي أنه لن يكون هناك بعد النبي الموعود أي آخر, فمحمد آخر الأنبياء.ومن إرهاصات مولد الحبيب المصطفي أنه كان في عام الفيل عندما جاء جده عبدالمطلب يطلب من آمنة التي قاربت الوضع التهيؤ للخروج في الغد من مكة مع أهل قريش للاختباء في شعاب الجبال هربا من جيش إبرهة الحبشي القادم من اليمن بهدف هدم البيت العتيق مستخدما الفيل.. ويأتي الصباح وترتفع شمس الضحي ولم يبعث عبدالمطلب برسوله إليها, حتي إذا آذنت شمس المغيب جاءتها البشري تروي أن إبرهة عندما وجه الفيل من معسكره خارج البلدة من ناحية الجنوب, برك وأبي أن يتحرك, فضربوه في رأسه بآلة من حديد, ووخزوه أسفل بطنه فأبي التحرك, فوجهوه إلي اليمن فقام يهرول, ووجهوه نحو الشام ففعل مثل ذلك, ووجهوه تجاه المشرق فتهيأ بالانطلاق, ولما عادوا يوجهونه نحو مكة برك!.. ثم كان أن سلط الله نقمته علي أصحاب الفيل فانتشر بينهم وباء فتاك قضي عليهم وهم مدبرون هاربون ومعهم إبرهة تتساقط أعضاؤه تباعا: "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل, ألم يجعل كيدهم في تضليل, وأرسل عليهم طيرا أبابيل, ترميهم بحجارة من سجيل, فجعلهم كعصف مأكول".. وقد حدد البعض ــ مثل السهيلي في عيون الأثر ــ مولد الرسول بعد حادث الفيل بخمسين يوما, وعن ابن عباس أن المولد كان في يوم معركة الفيل بالذات, واكتفي البعض كالبخاري بأنه كان في سنة الفيلبك بشـــر الله السمــاء فزينت وتضوعت مسكا بك الغبراء يوم يتيه علي الزمــان صباحه ومســـاؤه بمحــمـد وضــاء والآي تتـري, والخــــوارق جمه جــبريل رواح بهـــا غــــــداء.النور منها يخرج ليضئ الكون . إنها آمنة.. زهرة قريش وسيدة نساء قومها.. أم محمد صفوة الباري ورحمته الذي أعز البشرية بآيته العظمي: "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا.." من اتصلت حياته بحياتها لتلده معتمدا علي يديه رافعا رأسه إلي السماء; دعوة إبراهيم وبشري عيسي الهادي الشفيع. آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة, وأمها برة بنت العزي بن عثمان بن عبدالدار بن قصي. من تتكرر رؤاها بين النوم واليقظة بأنها تحمل سيد هذه الأمة لتستعيذ بالواحد من شر كل حاسد.. سيدة الأمهات التي قالت عنها كاهنة قريش سوداء بنت زهرة لقومها بني زهرة: إن فيكم نذيرة أو تلد نذيرا, فاعرضوا علي بناتكم, ففعلوا, فقالت لكل واحدة قولا تحقق بعد حين, حتي عرضت عليها آمنة فقالت: هذه النذيرة, أو تلد نذيرا.. آمنة التي لم تجد مشقة في حملها حتي وضعته.. المخاض يأتيها والنور يغمرها لتلقي سيد المرسلين السراج المنير, وكانت هناك أطياف سارية ظنتها آمنة من نساء البيت الهاشمي لكنها كانت كوكبة العقد الفريد: مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وهاجر أم إسماعيل.. و.. في مكة المكرمة وفي أشرف بيت من بيوتها طلع البدر علينا صبيحة يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل الموافق العشرين أو الثاني والعشرين من أبريل عام571م. محمد أكرم الخلق وأفضل الرسل وخاتم الأنبياء وإمام المتقين الذي اصطفاه الله من بني هاشم, واصطفي بني هاشم من قريش, واصطفي قريشا من سائر العرب. قال صلي الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه, وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة, وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة, وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا, فأنا خيركم بيتا, وخيركم نفسا. | |
|