شجرة أسرة سيدي العارف بالله الشيخ ابى العيون

مراقب عام المنتدى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا ومولانا ومصطفانا محمد رسولك وعلى أهله وآله وأزواجه وذريته وأصحابه

وأرضى عن سائر الأولياء والصالحين ومشايخنا الأحياء والمنتقلين

واغفر لنا ولوالدينا ولأموات المسلمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) .

شجرة أسرة الشيخ ابى العيون

عشقت التاريخ منذ صغرى، وعندما ارتقى الملك فاروق عرش مصر، اصدرت مجلة "المصور" عدداً ممتازاً فيه لوحة جميلة تضم شجرة الأسرة المالكة فى ذلك الحين، وأعجبتنى الفكرة، فأحببت أن أرسم شجرة مماثلة لأسرة الشيخ ابى العيون، واستعنت فى ذلك بشقيقتى الكبرى المرحومة السيدة محاسن ابى العيون، لما كان لها من صلات وثيقة ومعرفة متجددة بكل فروع الأسرة، وكان ذلك فى عام 1937، وكان لى من العمر وقتئذٍ عشرة أعوام.

ولما سافرت فى نفس العام الى عزبة الشيخ ابى العيون، عرضت الشجرة على عمى ورأس الأسرة المغفور له السيد ابراهيم ابى العيون الكبير، فأمرنى أن أثبت الى جانب اسم جدنا الأكبر السيد ابراهيم ابى العيون ( الأول ) عبارة " الشريف المغربى الحسنى النازح من بلاد المغرب الى مصر"، فوضعتها كما أملانى.

وفى بداية الاربعينيات راجعت الشجرة مع بعض الأقرباء من الأسرة، وأضفت اليها بعض الاضافات الطفيفة، وبقيت اللوحة على حالها منذ ذلك الحين دون زيادة ولا نقصان، باعتبارها لوحة تاريخية موثقة تضم اسماء كل من استطعت حصرهم من آل ابى العيون ونسلهم، ذكوراً واناثاً، عدا بعض حالات التحريف أو السهو النادرة، والكمال لله وحده.

وفى عام 1991 فكرت فى طبع نسخ من هذه اللوحة التذكارية لاهدائها لمن يطلبها من أبناء الأسرة باعتبارها ذات قيمة تاريخية تهم الجميع، ولكنى رأيت تبسيطها، وذلك بتوزيعها على لوحتين، قصرت أولاهما على أبناء وبنات الأسرة من حاملى لقب ابى العيون، الذين بلغ عددهم 78 من الذكور و65 من الاناث بالاضافة الى الزوجات والازواج، أما اللوحة الثانية فقد خصصتها لذوى الارحام من أبناء البنات ونسلهم.

ويلاحظ أن بعض الازواج أو الزوجات يقترن اسمهم فى اللوحة بعلامة * التى تعنى أنهم من حاملى لقب ابى العيون، وباحصائية بسيطة يتبين أنه خلال الفترة من قدوم الاسرة الى مصر، وبلوغ مؤسسها مبلغ الرجال، وحتى عام 1937، وهو تاريخ وضع اللوحة ( وهو ما يقرب من 100 عام )، قد تمت حوالى 50 حالة زواج فى الأسرة، بالاضافة الى 10 حالات زواج داخلية بين 10 من أبناء الأسرة و10 من بناتها.

هذا، وقد كتبت، اتماماً للفائدة، تاريخاً موجزاً للأسرة، نقلاً مما سمعته عن ابى عليه رحمة الله فى الاربعينيات، وسجلته فى مذكراتى الخاصة حينئذٍ، وأتمنى أن يهتم أبناء وبنات الجيل الجديد من أسرتنا بإثبات ما قد يتوفر لديهم من معلومات وبيانات جديدة عن هذه الأسرة وكبار الشخصيات فيها، حتى لا يندثر هذا التراث، وحتى يظل تاريخ أسرة الشيخ ابى العيون متصلاً ومتجدداً، والله ولى التوفيق.

أصل أسرة الشيخ ابى العيون

تنحدر الأسرة من أصل مغربى شريف، وان كنا لا نعلم على وجه التحقيق أصل تسمية الأسرة بابى العيون، ولا الموطن الذى عاشت فيه فى بلاد المغرب، وان كان المشهور ان اسلافها كانوا من اقليم "الساقية الحمراء" بالصحراء المغربية، وعاصمة هذا الاقليم هى مدينة العيون المطلة على المحيط الاطلنطى، وفى هذا الاقليم تعيش للآن أسرة كبيرة هى أسرة الشيخ " ماء العينين " ( أو ماء العيون )، وهى أسرة معروفة بكفاحها البطولى ضد الاستعمار الاسبانى فى أوائل القرن العشرين، ويتمتع أفرادها بمكانة كبيرة فى المملكة المغربية.

قدوم الأسرة الى مصر

تروى التقاليد عن سبب قدوم الأسرة الى مصر أنه حدثت فى المغرب العربى فى أوائل القرن التاسع عشر فتن وقلاقل كان من نتيجتها نزوح بعض أفراد الأسرة – وهم من الأشراف الحسنيين – الى مصر حامليين معهم كل ما خف حمله وغلا ثمنه من الزاد والمتاع والذهب، ومازالوا سائرين حتى حطوا رحالهم فى بلدة "مزورة" من أعمال الفيوم، ولكن ما لبثوا ان فوجئوا بطاعون فتك بهم ولما يستقروا، ولم ينج من هذا الوباء سوى طفل رضيع وأمه وأخته، ذلك الطفل هو ابراهيم ابو العيون، فما كان من الأم الا أن جمعت ما تمكنت من حمله من الذهب فى مقطف غطته بالتبن، ثم حملت عليه ابنها، واتجهت به وباخته الكبرى ( منى ) الى الصعيد، حيث اقاموا ردحاً من الزمن فى حماية قبيلة "جرسة" بأسيوط.

ولما بلغت الابنة سن الزواج خطبها الى امها رجل من بلدة "ابى كريم" وتزوجها، وهكذا انتقلت الأسرة الى بلدته حيث شب ابراهيم وترعرع.

ولما كبر رحل بأسرته الى قبلى بلدة "ابى كريم" حيث نزل فى البقعة التى سميت بنزلة ابى العيون، ثم عرفت فيما بعد بعزبة الشيخ ابى العيون.

عزبة الشيخ ابى العيون

فى صعيد مصر، وعلى حافة الأرض الزراعية الخضراء غربى النيل من جهة، وعلى مرمى البصر من الصحراء الغربية الكبرى الممتدة برمالها الناعمة الصفراء من جهة أخرى، تقع عزبة الشيخ ابى العيون الوديعة التى يؤمها على مدار العام الألوف من محبى الشيخ الكبير وعارفى فضله.

وعلى القادمين من أطراف الصعيد أن يستقلوا القطار الى محطة "ديروط قبلى" التى تعد مركزاً هاماً من مراكز محافظة أسيوط، ثم السيارة لتحملهم مسافة 14 كيلومتر الى قرية " دشلوط" ومنها الى العزبة الراقدة فى احضان الطبيعة، والتى تطالع الزائر من بعيد بمبانيها الشامخة التى شيدها السيد ابراهيم ابو العيون الكبير، والتى تتمثل فى مسجده المنيف الذى يضم ضريحاً يحتوى رفاته ومنزل الأسرة.

السيد ابراهيم ابو العيون ( الأول )

الشريف المغربى الحسنى النازح من بلاد المغرب الى مصر، فهو رأس الأسرة فى مصر نشأ يتيماً، ومع ذلك كان معتزاً كل الاعتزاز بأصله العربى الشريف وقد ورث عن أسلافه الإِباء والشمم وطهارة النفس، واشتهر بالصلاح والتقوى، وعلم الناس فيه قطباً من أعظم الأقطاب فى زمانه، فكانت له كرامات واضحة وضوح الشمس:

فمن ذلك ما يروى عنه من أنه كان يشتغل بالتجارة فى الابل وفى الزراعة. وحدث أن جاءه محصل الضرائب مطالباً بضريبة الأرض فاستمهله الشيخ للغد فاعتذر المحصل بأدب، فما كان منه الا ان جمع بقبضة يده سبعة من رؤوس البرسيم البيضاء وسلمها للمحصل بعد أن أوصاه بأن يحتفظ بها فى الصرة ولا يكشف عنها حتى يصل الى مقر عمله، فقام المحصل بما أوصاه به الشيخ لأنه كان يعتقد فيه ويثق به، ولما عاد كشف عنها فإذا برؤوس النبات الخضراء قد استحالت فى الصرة ذهباً يوازى قيمة الضريبة المطلوبة.

وشبيه بتلك الحادثة ما يحكى عنه من أنه كان فى حديث مع أحدهم عن المال فقال له: "أتظن يا فلان أن للمال عندنا قيمة؟ انظر أمامك وسترى". قال هذا وخط بيده على كومة أمامه من الرمال فاستحالت ذهباً خالصاً. وقبل أن يفيق جليسه من الدهشة كان الشيخ قد نفخ فيما أمامه من التبر فاستحال فى لمح البصر تراباً كما كان.

وحدث أن طلب منه خادمه أبو بكر ( وهو والد عبد الكريم طباخ الأسرة ) طعاماً، وكانا فى بقعة ما من الصحراء، فاستمهله الشيخ، ولكن الخادم لم يستطع صبراً لشدة جوعه، فما كان من الشيخ إلا أن أمره بأن ينبش الأرض أمامه، ولدهشته ودهشة الحاضرين جميعاً استخرج الخادم من بطن الرمال صرة فتحتها فإذا بها فطير ساخن كأنه خرج لتوه من الفرن.

ويوماً لقيه المأمور، واسمه حسين جمعه، منكراً عليه فضله ومستخفاً بقدره، وأراد أن يتقدم نحوه بفرسه، فنادى الشيخ "يا أرض امسكى ما فوقك"، فإذا بالفرس تتسمر أقدامها فى الأرض، فصاح الرجال وصاح المأمور هلعاً: "بجازة يا سيدى الشيخ .... بجازة يا سيدى الشيخ ...." فنادى الشيخ "يا أرض سيبى ما فوقك". وانطلق الفرس، وشهد له الجميع بالكرامة.

وكان الشيخ يلبس على الدوام طربوشاً مغربياً ضخماً، ويرتدى ثوباً مدقوق الصدر، ويتمنطق بحزامٍ ممدودٍ الى صدره، ومعلقة عليه "طبنجة" تصحبه فى تنقلاته.

وقد تزوج الشيخ مرتين، الأولى من السيدة "تونية"، وهى من نسل السيد الشريف "حماد التونى" الذى كان مقيماً وأسرته فى "تونه الجبل"، وله هناك ضريح يزار، فأنجب منها ثلاثة أبناء هم السيد ابراهيم (الثانى) وعبدالعليم ومحمد، ثم أنه تزوج مرة ثانية وأنجب ثلاثة أبناء آخرين هم عبد القادر وشلقامى وأحمد.

وقد أبى الشيخ أن يسجل أبناءه فى عداد الفلاحين فى مصر على اعتبار أنهم من العرب الخلص.

ولما توفى السيد ابراهيم ابو العيون دفن فى ضريحٍ متواضعٍ تحوطه منازل أبنائه وأحفاده من آل ابو العيون.

السيد ابراهيم ابو العيون ( الثانى )

هو العارف بالله السيد ابراهيم ابو العيون ( الثانى ) ابن السيد ابراهيم ابى العيون ( الأول ) مؤسس الأسرة من زوجته السيدة تونية حفيدة السيد الشريف حماد التونى.

ولد فى صعيد مصر، وأقام مع أبيه وأخوته فى منزل الأسرة الذى آل فيما بعد الى ابن أخيه السيد خالد عبدالعليم ابى العيون، وورث عن أبيه الصلاح والتقوى، وبعد وفاة أبيه استقل بمنزل خاص به، وهو الذى شغله فيما بعد حفيده السيد خالد عبدالمعز ابو العيون.

وقد نشأ الشيخ نشأة مصرية صميمة، فارتدى "الزعبوط" مع العمامة المصرية، وتزوج من السيدة ترهونية ( وقد سميت بهذا الاسم لأن أباها الحاج محمود ضمها وهى صغيرة الى عرب ترهونة المقيمين فى أسيوط ). أما والدتها فهى الحاجة ميز التى تنتسب الى أسرة كريمة وافرة الغنى فى الفيوم وتعرف بأسرة خلوصى. وقد اقترنت شقيقتها الحاجة صالحة بالسيد عبدالعليم ابى العيون شقيق زوجها، وأنجبت السيدة ترهونية لزوجها خمسة أبناء، هم السيد ابراهيم ابو العيون ( الكبير ) وعبدالمعز وعبدالعزيز وعبدالوهاب ومحمود، عدا ثلاث بنات هن رابعة ( والدة الأستاذ على بك بدوى المحامى ووزير العدل السابق ) وهنود وزين الجمال، كما أنجب الشيخ ابناً آخر من زوجة ثانية اسمه محمد.

وقد حضر ثلاثة من أبناء الشيخ الى القاهرة للدراسة، وأولهم السيد ابراهيم ثم عبدالوهاب ومحمود، وكان أبوهم لا يميل الى ذلك اللون من التعليم ويفضل الاشتغال بالزراعة بعكس زوجته التى كانت لها أغنام تتاجر فيها وتجز صوفها وتغزله وترسل ثمنه لأبنائها فى القاهرة.

ومن طريف ما يروى عنهما أنه كان اذا ما وقع بينه وبين زوجته خلاف أقسم عليها بالطلاق ليجدعن أنفها إن هى لم تفعل ما يشير به عليها، ومازال الحال حتى وقع عليه ذات يوم سقف بيته، فأصيب برضوض كثيرة، ووقع حجر على مقدم أنفه فجدعها، وعلى ساقه فحول بعض عظامها، فما زال يعرج حتى مماته.

أما عن وفاته فيروى أنه دعى ذات يوم لأداء الشهادة ضد بعض خلصائه فكره ذلك، ولكنه لم ير بداً من السير لأدائها ارضاءاً لضميره، وفى الطريق دعا الله تعالى أن يتوفاه إليه حتى لا يقف موقف العداء من أولئك الذين أخلصوا له، واستجاب الله دعاءه، فبالقرب من بلدة "ساو" نزل الشيخ الى الماء ليتوضأ، فزلت قدمه، ووقع فى الهويس، فنادى مستغيثاً بصهره الذى أسرع إليه لانقاذه، ولكنه وجده طافياً على سطح الماء وقد أسلم الروح.وكانت وفاة الشيخ ابراهيم حوالى 1897، بعد أن عاش ما يقرب من 60 سنة، أما زوجته السيدة ترهونية فقد توفيت فى عام 1911.

السيد ابراهيم ابو العيون ( الكبير )

هو القطب الربانى الكبير وامام العارفين السيد ابراهيم ابو العيون ( الثالث ) وهو الابن الاكبر للعارف بالله السيد ابراهيم ابى العيون ( الثانى ) من زوجته السيدة ترهونية. ولد فى صعيد مصر حوالى عام 1850، وكانت له منذ صباه المبكر كرامات ظاهرةعرفها العامة والخاصة.

حضر الى القاهرة لتلقى العلم فى الأزهر الشريف، والتقى بالسيد محمود افندى عونى شيخ الطريقة الصوفية العونية، فأخذ عليه العهد، ثم خلفه فى مشيخة الطريقة العونية العيونية، وذاعت شهرته فى الوجه القبلى بطوله، وكثر عدد مريديه فصاروا يعدون بمئات الألوف.

ولربما أنكر البعض على الشيخ الكبير مكانته، فنصره الله عليهم بالبرهان الساطع، ومن ذلك ما ذكره صاحب "القصيدة النومية" المسماة "بالإشارة النبوية" عن السبب فى انشاء هذه القصيدة، حيث قال أنه اجتمع ذات مرة بفضيلته، فجادله وطالبه بالدليل على ولايته، فرد عليه الشيخ قائلاً: "منى للمصطفى".

قال العلامة الفاضل الشيخ حسين والى: "فمازلت افكر فى أمره حتى رأيت فى الرؤيا بمسر ليلة الجمعة 26 شعبان سنة 1314 النبى صلى الله عليه وسلم ويد الشيخ فى يده مثل المتصافحين... وأشار على النبى صلى الله عليه وسلم أن أمدح الشيخ وأصف حالى وحاله، فمدحته بهذه القصيدة واقفاً... وكان هذا بالمدينة المنورة فى فضاء ليلاً، ثم استيقظت فكتبتها ... ثم لما تلوتها على الشيخ بحضرة الأجلاء من الاخوان أمرنى أن أصلى على النبى صلى الله عليه وسلم فى بيت ففعلت ، فكانت واحداً وسبعين بيتاً ... ثم قال لى انتظر الاذن منه بالتسمية فانتظرت حتى اذنت بهذا الاسم وعلى الله القبول"

وقد سمع الملك فاروق عن الشيخ الكبير ، وسعى للالتقاء به لدى زيارته للصعيد عام 1936 ووصفت الصحف والمجلات الصادرة فى ذلك الحين ذلك اللقاء تحت عنوان " بين جلالة الملك وأحد الأولياء " فقالت " كانت المقابلة رائعة يجل اللسان والقلم عن وصفها ، فقد ضم الولى جلالة الملك الى صدره بحنان عظيم والدموع تنهمر على وجنتيه ولحيته ، وأخذ الناس بهذا المشهد الرائع وصاحوا جميعاً " فليحى الملك الصالح .. فليحى الملك الورع .. الله أكبر .. الله أكبر " ودعا الولى لجلالة الملك بأطيب الدعاء وخيره ، وطلب من الحاضرين قراءة الفاتحة على روح والده العظيم " .

وكان الشيخ الكبير ثاقب الفكر بعيد النظر ، ذا شخصية قوية جبارة ، فوطد مكانة الأسرة فى الصعيد ، وعمل على رفع مكانتها ، فشيد فى البلدة سكناً منيفاً ومسجداً كبيراً وضريحاً دفن فيه لدى وفاته فى 28 نوفمبر 1940 ومازال الزوار والمريدون يقصدونه من أقصى الصعيد حتى يومنا هذا .

وقد تزوج فضيلته من السيدة زينب عبد الباقى وخلفه بعد وفاته السيد ابراهيم ( الرابع ) والسيد محمد ، وكلاهما عالم وحجة فى أمور الدين والكرامات الظاهرة والخفية ، الباقى من الصفحة غير ظاهر.

الشيخ محمود أبو العيون

هو العالم المجاهد ، والمصلح الاجتماعى الكبير ، الشيخ محمود أبو العيون ، الابن الأصغر للعارف بالله السيد ابراهيم ابى العيون ( الثانى ) من زوجته السيدة ترهونية . ولد فى نزلة ابى العيون فى عام 1882 ، ونشأ وترعرع فى جو تحوطه مظاهر التقوى والورع ، وانتظم فى كتاب القرية ، وفيه أتم حفظ القرآن الكريم .

توفى والده وهو فى الخامسة عشرة من عمره ، فتعهده بالرعاية شقيقه الأكبر السيد ابراهيم ابو العيون الكبير ، الذى كان يكبره بحوالى الثلاثين عاماً ، فكان له بمثابة الأب الروحى الذى أثر فيه بتوجيهاته وارشاداته طوال حياته .

وفى سن الثانية عشرة سافر الى القاهرة للالتحاق بالازهر الشريف ، وبعد أن نال شهادة العالمية عام 1908 عين مدرساً بالأزهر الشريف الذى تدرج فى مناصبه الى مفتشاً عاماً ، فشيخاً لمعهد أسيوط الدينى ، فشيخاً لمعهد الزقازيق الدينى ، فشيخاً لعلماء الاسكندرية ، وأخيراً تولى منصب السكرتير العام للجامع الأزهر والمعاهد الدينية .

وفى أثناء اشتغاله بالتدريس فى الأزهر ، عمل كذلك بالتدريس فى بعض المدارس الأهلية ، حيث خالط لوناً جديداً من الحياة الاجتماعية ، واطلع على الآداب الأجنبية المترجمة الى اللغة العربية ، وفى هذه الفترة من حياته الف كتاب " تاريخ مصر والاسلام " الذى ظل يدرس فى الأزهر طيلة حياته ، والذى جاء معبراً عن اهتماماته السياسية والوطنية والدينية .

وبلغت مشاعره ضد الاحتلال البريطانى أوجها عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى ، وتطلع المصريين للحرية ، فقاد أول مسيرة للطلاب تنادى بالحرية والاستقلال ، وعلى أثرها اندلعت شرارة الثورة فى مصر كلها ، وشارك الشيخ فى جمعية " اليد السوداء " السرية للكفاح المسلح ضد الانجليز ، وملك زمام منبر الأزهر الذى كانت تخرج منه المظاهرات الوطنية ضد الانجليز الذين اعتقلوه مرتين ولم يطلقوا سراحه حتى اعتلت صحته وأشرف على الهلاك .

وبعد حصول مصر على استقلالها وقيام الحياة البرلمانية والأحزاب ، ابتعد الشيخ عن السياسة ، ولكن آتون الثورة فى نفسه لم يخمد ، فراح ينادى بإلغاء البغاء الرسمى الذى اعتبره وصمة خلّفها الاحتلال فى مصر ، و دوت صيحاته الثائرة على صفحات الجرائد وفى مؤلفاته العديدة فترددت أصداؤها فى كل أنحاء البلاد ، وأكرمه الله قبل وفاته بإلغاء البغاء فى مصر عام 1949 . كذلك كانت له صولاته وجولاته العديدة فى كشف أمراض المجتمع وعيوبه حتى سار ذكره على كل لسان ، واقترنت الفضيلة بإسم " ابى العيون " فى مصر .

وقد تزوج الشيخ مرتين فى صدر شبابه ، الأولى عام 1910 من السيدة عائشة حسانين حفيدة السيد محمود عونى شيخ الطريقة الصوفية ، وبوفاتها تزوج عام 1914 من السيدة فردوس صفوت كريمةاليوزباشى عبد الرحمن صفوت من رجال الجيش ، فأنجب من الأولى عبد العزيز ومن الثانية جمال الدين ومحمود سامى وحسين ومحاسن وقدرية وفاطمة وملك ودلال وسميحة . الباقى من الصفحة غير ظاهر.

من أخلاق وسمات آل ابى العيون

" شجرة أسرتنا زيتونة مباركة ، ليس من فروعها إلا وله من زيتها نصيب ، أخضرها فيه زيت ، ويابسها فيه زيت " . كلمة مأثورة عن المعلم الأكبر للأسرة ، فضيلة السيد ابراهيم ابى العيون الكبير رضى الله عنه .

ولقد أشاد الأديب الكبير محمود بك تيمور فى كتابه الشهير " الشخصيات العشرون " بهذه الأسرة المباركة فى معرض حديثه عن أحد أقطابها ، وهو فضيلة الشيخ محمود ابو العيون ، فكتب يقول : " نَجَمَ الشيخ فى بيت دين وتقوى ، يسوده التحفظ والورع والأوضاع المأثورة فى العادات والتقاليد ، حيث ارتدى بعض كبرائه جلباب الولاية ، وشاعت عنهم ضروب من الكرامات ، فاعتقدهم الناس وأقسموا بهم غير حانثيين " .

فإذا عرفنا أن لهذه الأسرة جذوراً موروثة وضاربة فى أعماق التصوف ، لاهتدينا الى مفتاح شخصية الكثيرين من أقطابها الذين اشتهر عنهم أنهم يرضون بقضاء الله قبل وقوعه ، وأن قلوبهم فى خلوة مع الله تعالى ، فى الوقت الذى يعيشون فيه مع الناس ، يعاشرونهم ويسامرونهم ، وكأنهم منهم وليسوا منهم ، وكأنهم معهم وليسوا معهم ، فهم فى حال غير الحال .

يسعون الى الرزق هوناً وليس طلباً للمال فى ذاته ، لأنهم يؤمنون بأن من يزهد فى الدنيا يملك الدنيا بأسرها ، لذا فلا عجب أنهم يرون أنفسهم فوق الجميع ، والجميع دونهم ، مهما كانت ثرواتهم أو مراكزهم ، ومع ذلك فإن من صفاتهم الغالبة التواضع الجم ، وعفة اللسان ، وفى وجوههم يترقرق ماء الحياء .

ومن غريب أحوالهم كذلك أنهم يهربون من الشهرة ، ومع ذلك فالشهرة تلاحقهم أينما حلّوا ، ولا ينشدون الجاه ، فالجاه ملء حياتهم ، ولا يخوضون معارك سياسية ، ولا يتقربون الى رئيس أو حاكم مهما علا مركزه ، ورغم ذلك فالجميع يدينون لهم بالاحترام والولاء ، بل ويلتمسون منهم البركات .

وهم الى ذلك فى عون المحتاجين ، ويجدون لذة كبرى فى مساعدة الآخرين ، كما لو كانت تلك هى مصلحتهم الخاصة ، ويستحون ، بل ويتعجبون ، اذا ما شكرهم الناس على حسن صنيعهم ، فهم يرون أن هذه رسالتهم ، وأن هذا قدرهم ، ثم أنهم لا يضنون على الآخرين بالنصح والارشاد ، وينحازون الى جانب الحق ولو كلفهم ذلك غالياً .

ولربما تملكتهم فى بعض الأحايين ، ولأسباب يعجز الفهم عن ادراكها ، فورة من غضب جامح ، يغلب سماحتهم المعهودة ، ازاء تصرف معين أو شخص بعينه ، وقد يستشرى الغضب فيتحول الى ضربٍ من التصلب والعناد ، قل أن تجدى معه الرجاوة أو تنفع الشفاعة ، وقد تتزحزح الجبال ولا يتزحزحون عن موقفهم إلا أن يشاء الله .

ومن هموم العيونيين كذلك أنهم ينشدون الكمال فى كل شيئ ، سواء فى خاصة أمورهم ، أو فى سائر أعمالهم ، والكمال لله وحده . وهم مرهفوا الحس غلابوا المشاعر ، وقد تفيض أعينهم لسماع كلمة رقيقة أو لحنٍ عذب ، ومع ذلك لديهم ميل فطرى الى ألوان الفكاهة الراقية والدعابة البريئة التى تمس القلوب ولا تجرح المشاعر .

وللنساء فى حياتهم دور ، فهم ضِعاف حيال ضعفهن وشكايتهن لهم لحل مشاكلهم الخاصة ، لما يتوسمنه فيهم من النخوة والمروءة ، وتلك هى علة العلل ، ومجلبة المتاعب ، ولكن الله تعالى يقيهم ويعصمهم بفضل نقاء سريرتهم ، وطهارة بيتهم ، وحسن اختيارهم للزوجة الفاضلة ، حاملة اللقب ، ومصفاة الهموم ، والتى تشيع السكينة فى بيتها فى حياة زوجها وأبنائها من بعده .

أما العيونية ، فهى قوية الشخصية ، شديدة الاعتزاز بأصلها الشريف ، وهى التى اذا مس الحب شغاف قلبها غلبت عزة النفس عندها هواها ، ايماناً منها بأن " من أحب فعف فكتم فمات ، مات شهيداً " .

أما اذا تزوجت ، فهى تتوقع أن يكون شريك حياتها من أصل كريم ، ذا نصيبٍ وافرٍ من النخوة والشهامة ، وأن يكون صاحب قلبٍ كبير مليئ بالحب والحنان ، فإن هى وجدت فيه الصفات التى تنشدها ، أحبته واحترمته ووفت له العمر كله . وقد انجبت الكثيرات منهن نسلاً مباركاً طيباً ، كان ولا يزال يعتز ويفتخر ويقتدى بأجداده وأخواله من آل ابى العيون

ولقد كان لفضيلة السيد ابراهيم ابى العيون الكبير عليه رحمة الله الفضل الأكبر على أبناء هذه الأسرة فهو المعلم ، وهو المرشد ، وهو القدوة ، وهو الموفق للصلاح والتقوى ، وعلى هديه اهتدت أجيال وأجيال من هذه السلاللاة المباركة ، وسوف تستمر المسيرة بإذن الله على نفس الهدى حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

منقوووووووووووووووووووووووووووووول عن

سفيـر

جمال الدين محمود أبو العيون

عضو مميز

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا ومولانا ومصطفانا محمد رسولك وعلى أهله وآله وأزواجه وذريته وأصحابه

وأرضى عن سائر الأولياء والصالحين ومشايخنا الأحياء والمنتقلين

واغفر لنا ولوالدينا ولأموات المسلمين

أطال الله وبارك في عمرهم ورزقنا معرفتهم ومحبتهم

» العارف بالله الشيخ سيدي أبو العباس السبتي
» مولد العارف بالله سيدي الشيخ علم الدين عمر البواب بمنفلوط
» الاحتفال بمولد العارف بالله الولي سيدي الشيخ القوشتي ببنى عديات
» العارف بالله تعالي -الولي سيدي.....
» العارف بالله تعالي - الولي سيدي.....