الهوارى مراقب عام المنتدى
| موضوع: نبي الله سيدنا أيوب عليه السلام الأربعاء أبريل 07, 2010 10:53 pm | |
| نبي الله سيدنا أيوب عليه السلام
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلي أصحابه صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى أما بعد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه0
تعالوا معاً أحبتنا في الله إلي نبي الله أيوب عليه السلام لنري شدة بلائه وقوة إيمانه وصبره إلي أن ضرب بصبره عليه السلام المثل من شدة ما اعتلاه من بلاء
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا سيدي يا نبي الله يا أيوب :
قال ابن اسحق كان رجلا من الروم وهو أيوب بن موص بن زارح بن العيص بن اسحق بن إبراهيم الخليل0
وقال غيره هو أيوب بن موص بن رعويل بن العيص بن اسحق بن يعقوب 0
وقيل غير ذلك في نسبه 0
وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام0
وقيل كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقى في النار فلم تحرقه والمشهور الأول لأنه من ذرية إبراهيم كما في قوله تعالى ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)(84) الأنعام
والصحيح أن الضمير عائد على إبراهيم دون نوح عليهما السلام وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في سورة النساء في قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) (163) النساء0
فالصحيح أنه من سلالة العيص بن اسحق , وامرأته قيل اسمها ليا بنت يعقوب وقيل رحمه بنت أفرائيم , وقيل منشا بن يوسف بن يعقوب , وهذا أشهر الأقوال0
قال الله تعالى: ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)83 ,84 الأنبياء
وقال تعالى في سورة ص: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * َوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) الآيات 41, 42, 43,44 سورة ص0
قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم كان سيدنا أيوب نبي الله عليه الصلاة السلام كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران كلها كانت له وكان له أولاد وأهلون كثير فسلب من ذلك جميعه وابتلى في جسده بأنواع البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عـز وجل في ليله ونهاره , وصباحه ومسائه وطال مرضه حتى عافه الجليس وأوحش منه الأنيس وأُخرج من بلده وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها فكانت تصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته وضعف حالها وقل مالها حتى كانت تخدم بالأجر لتطعمه رضي الله عنها وأرضاها وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد وما يختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة فإنا لله وإنا إليه راجعون 0
ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ولم يزد هذا كله سيدنا أيوب عليه السلام إلا صبرا واحتسابا وحمداً وشكراً حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا 0
وقد روى عن وهب بن منبه وغيره من علماء بني إسرائيل في قصة أيوب أخبار طويلة في كيفية ذهاب ماله وولده وبلائه في جسده والله أعلم بصحتها نحن في غني عنها 0
وقال حميد مكث في بلواه ثمانية عشرة سنة
فلما طال عليه ذلك قالت زوجته يا أيوب ألا تدعو الله أن يشفيك !
لو دعوت ربك لفرج عنك !
الزوجة الوفية التقية المؤمنة الصابرة الأمينة الصادقة التي تصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته , ضعف حالها وقل ما لها حتى كانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه رضي الله عنها وأرضاها وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد وما اختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة التي كانا فيها !
ترجو أيوب أن يسأل الله لنفسه الشفاء 0
فماذا قال لها نبي الله أيوب عليه السلام :
قال لها يا زوجتي كم مر عليّ وأنا صحيح فتقول زوجته رضي الله تعالي عنها سبعون عاما ويقول لها كم مر علي ّ وأنا مريض فتقول زوجته رضي الله تعالي عنها ثمانية عشر عام فيقول نبي الله أيوب عليه سلام الله , استحي , استحي من الله أن أسأله الشفاء قبل أن يمر عليّ سبعون عاماً وأنا مريض كما مر عليّ سبعون عاماً وأنا صحيح 0
ولو كان البلاء في المال لهان الخضب ولهان الأمر ولكن بلاء سيدنا أيوب نبي الله كان في أربعة أشياء
1- بلاء في صحته : فمرض ولزم الفراش!
2- بلاء المال : فذهب ماله كله !
3- وكان البلاء في أولاده حيث مات أولاده أجمعون !
4- وأشد أنواع البلاء , بلاء شماتة الأعداء والشيطان !
فشمل البلاء لسيدنا أيوب نبي الله المال ولم يقتصر علي ذلك , بل شمل الصحة أيضاً التي يمكن بها تعويض المال مع الصبر , وأمتد البلاء حتى شمل الأولاد أيضا000 وكل ذي غيبة يؤوبُ وغائب الموت لا يؤوبُ 0
فأولاد سيدنا أيوب ماتوا !
ومال سيدنا أيوب ضاع !
وصحة سيدنا أيوب ذهبت فلزم الأرض ثمانية عشر عاما!
ومع ذلك كان يقول لربه اللهم ابتلني بما شئت في جسمي ولا تجعل البلاء يتسرب إلي لساني حتى أظل أقول لا إله إلا الله , حتى أظل أقول لا إله إلا الله0
سيدنا نبي الله أيوب والبلاء يسري في جسمه يقول يارب لا تجعل البلاء يتسرب إلي لساني حتى أظل أقول لا إله إلا الله , حتى أظل أقول لا إله إلا الله0
فجزعت زوجته من ذلك وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام0
وذات يوم أتت له برغيف وإذ به وهو في هذه الحالة وهذا البلاء الذي يسري في جسده وأصبح أشد فقرا لا يملك من حطام الدنيا شيئا ولا يجد رغيف خبز يسأل زوجته من أين آتيتي بهذا الرغيف ؟
فقره وبلاؤه وما هو فيه من كرب لا يمنعه ذلك من السؤال أهو من الحلال أم من الحرام !
فتعالوا لنري بما تجيب علي زوجها نبي الله !
فتجيبه الصابرة الأمينة الصادقة زوجته رضي الله عنها , فتقول كنت عند الجيران وكان لهم طفل طلب هذا الرغيف ولكنه نـام ونسي أن يأكله فقالوا لي خذي هـذا الرغيف لأيوب لأن الطفل قـد نام.
فقال لها أيوب أرجعي الرغيف للطفل فربما استيقظ من النوم فيسأل عنه فلم يجده فيحزن !
أرجعي الرغيف للطفل فربما استيقظ من النوم فيسأل عنه فلم يجده فيحزن !
يا نبي الله يا سيدنا أيوب لا تجد كسرة عيش , وترحم الطفل من الحزن علي الرغيف ,إذا استيقظ وسال عنه ولم يجده !
يرحمك الله يا نبي الله , عليك سلام الله يا نبي الله 0
وتعالوا نتصور موقف الزوجة من هذا الأمر !
يضيق صدرها من ذلك أأرجع برغيف خبز جاء من عند أناسِ برغبتهم !
أأرجع برغيف خبز جاء من عند أناسِ برضاهم !
ونحن في أشد الحاجة إليه !
ولكنها هي التقية الوفية والزوجة المطيعة تنفذ الأمر , وعندما عادت لإرجاع الرغيف فسألوها أهل الطفل لما رجعتي بالرغيف يا زوجة أيوب , وبينما هي تروي ما قاله أيوب إذ بالطفل يستيقظ من النوم فلم يجد الرغيف فيصرخ ويبكي فتعطيه له فيسكت ويهدأ فقالوا رحم الله أيوب 0
وفي رواية أنها :
لما اشتد بها الخضب عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير فأتت به أيوب فقال من أين لكِ هذا وأنكره فقالت خدمت به أناسا فلما كان الغد لم تجد أحدا فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضا وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام فكشفت عن رأسها خمارها 0
و لنستأذن نبي الله سيدنا أيوب عليه السلام لحظات لنقف مع السيدة الصابرة التقية المؤمنة زوجته رضي الله تعالي عنها وما ضربته من أروع الأمثلة في الصبر واحتمال البلاء حيث بلاؤها أشد من بلاء زوجها سيدنا أيوب عليه السلام0
وإذ بي وأنا أستعرض حياة هذه السيدة الطاهرة النقية الصابرة المؤمنة زوجة سيدنا أيوب نبي الله عليه صلوات ربي وسلامه بعد ما كان لها من رغد العيش وعزوة الأولاد وصولجان الزوج فقدت الزوجة كل هذا , ومع كل هذا كانت الصابرة التقية المؤمنة التي لو صح التعبير قلت فاق صبرها صبر زوجها برضاها وقوة أيمانها وصبرها 0
فإذا بي يجول بخاطري ما يعاني منه الكثير من الأزواج من زوجاتهم في هذا العصر, وإذا وضعن هؤلاء الزوجات في نفس هذا الابتلاء أو أقل منه فما تكون النتيجة؟
وإذا لم يأتي الزوج بفستان سهرة , أو بثلاجة أخري حديثة أو دش حيث أصبح من ضروريات الحياة العصرية فما النتيجة؟
وكيف تعيره إذا أصابه المرض وأقعده عن العمل, أو تدهورت حالته المادية , فالإجابة المحاكم خير شاهد 0
فلا يصل منهن لهذه المرتبة إلا من رحم ربي 0
وأستعيذ بالله من هذا الخاطر وأعود إلي نبي الله سيدنا أيوب عليه صلوات الله وسلامه
نبي الله أيوب قد ضرب لنا أروع الأمثلة في الصبر علي المرض والصبر علي فقد المال والولد 0
فيسال ذات يوم يا نبي الله أي شيء كنت تشكو وأنت مريض ؟
فيقول نبي الله أيوب عليه وعلي نبينا وسائر الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة وأزكي التسلم كنت أشكو شماتة الأعداء !
صبر علي المرض , صبر علي فقد الأولاد , صبر علي فقد المال
يقول الله تعالي في الحديث القدسي :
وعزتي وجلالي لا أخرج عبدا من الدنيا وأحب أن أرحمه حتى أوفيه بكل سيئة كان عملها سقما في جسده أو إقتارا في رزقه أو مصيبة في ماله أو لده حتى أبلغ منه مثاقيل الذر, فإن بقيت له سيئة بعد ذلك شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه 00 أو كما قال عز وجل 0
البلاء
يقول تبارك وتعالي في الحديث القدسي :
إذا ابتليت عبدا في نفسه أو ماله أولده واستقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو انشر له ديوانا وأدخله الجنة بغير حساب -- أو كما قال عز وجل 0
يقول الله لجبريل الأمين عليه السلام 00 ما جزاء عبدي إذا أخذت منه عينيه 00 قال جبريل الأمين عليه السلام :الله أعلم ؟
قال الله تعالي: إذا فقد عبدي بصره لم أجد له جزاءا إلا النظر إلي وجهي والجوار في دار رحمتي-- أو كما قال عز وجل 0
الابتلاء الرابع الشماتة :
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه يعلم الله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين قال له صاحبه وما ذاك قال منذ ثماني عشر سنة لم يرحمه ربه فيكشف ما به فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له فقال أيوب لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمُر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلا في حق0
وهذا إبليس عليه اللعنة يستعمل كل حيله ومداخله في الشماتة , هذا العدو الحاقد ,الحاسد , المضل المبين, كان يقول له يا أيوب لو كنت نبياً حقاً أكان يبتليك ربك بكل هذه الأنواع من البلاء ؟
فماذا كان رد نبي الله أيوب عليه السلام علي هذا اللعين الشامت العدو الحاقد ,الحاسد , المضل المبين, كان يقول له والله يا إبليسُ لو علمت النعمة التي أنعم الله بها عليّ لحسدتني عليها!
أنها نعمة الرضا !00000 أنها مملكة الرضا!
فأمام الرضا يطمئن القلب !
وأمام الرضا تعز النفوس! وأمام الرضا تهون الدنيا!
وأمام الرضا يهون البلاء!
وأمام الرضا تزول الجبال!
وأمام الرضا تخشع النفس!
وأمام الرضا ترتفع الرؤوس !
(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)
فالمس هنا بالوساوس وليس مس جنون أو غيره , نصب تعب نفسي وعذاب تعب جسماني ترتب علي التعب النفسني
وحتى يخمد نبي الله أيوب كيد إبليس اللعين وشماتة هذا العدو المضل المبين قال :
(أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
ولنتأمل هذا الدعاء وهذا السؤال في هذه الآية الكريمة:
(أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
قد استحي نبي الله عليه السلام أن يقول أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ فاشفني , أستحي من الله أن يسأل منه شيء ولم يجحد أو يخرج عن اللياقة ولكن بكل خلق رفيع وأدب جم قال نبي الله (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
ولم يكن قوله " مسني الضر" جزعا حاشا لله أن يكون هذا من نبي لأن الله تعالى قال: " إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ "
وما صدر من أيوب عليه السلام هو دعاء وإظهار فقر وحاجة إلى ربه، لا شكوى ولا جزع.
وقد سُـئل الإمام الجنيد رحمه الله تعالي عن هذه الآية الكريمة فقال:د
ذكــر فاقة السؤال ليمُن عليه بكرم النوال 0
مسني الضر أي من شماتة الأعداء, حتى روى أنه قيل له [بعدما عوفي] ما كان أشد عليك في بلائك قال: شماتة الأعداء.
فكان ذلك دعاء منه عليه السلام والدعاء لا ينافي الرضا, وإنما كان دعاء, بيانه " فاستجبنا له" والإجابة تتعقب الدعاء لا الاشتكاء.
فماذا كان الجواب :
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) 84الأنبياء
َ( وَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) (43) ص
لقد فوض أمره لمن أمره بين الكاف والنون , فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا, الفاء والفاء فَاسْتَجَبْنَا فَكَشَفْنَا 0
(أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا , لم يقل الله تعالي ثم استجبنا, ولم يقل عز من قائل واستجبنا, الفاء تعطف علي ما قبلها مباشرة , فاستجبنا فكشفنا 0
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ , (من مرض من فقد مال من فقد أولاد ) وضر هنا نكرة تفيد الشمول والشيوع , أي كشفنا كل ما به من ضر حتى المال والأولاد وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ
قال ابن عباس ورد الله عليه ماله وولده بأعيانهم ومثلهم معهم0
وقال وهب بن منبه أوحى الله إليه قد رددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم 0
{رحمة منا} أي به على صبره وثباته وإنابته وتواضعه واستكانته، {وذكرى لأولي الألباب} أي لذوي العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج0
يا صاحب الهم إن الهم منفرج = أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه = لا تيأسن فإن الكافي الله
إذا بليت فثق بالله وأرضي به = إن الذي يكشف البلوي هو الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة = لا تجزعن فإن الصانع الله
والله ما لك غير الله من أحد = فحسبك الله في كل لك الله
إن سيدنا أيوب عليه السلام قد أرسل زوجته في قضاء حاجة فتأخرت فأقسم أن يضربها مائة عصى وهو المريض الذي لا يقوي علي الحركة , والناس قد انفضوا من حوله , فلا صديق , ولا جليس , ولا أنيس , ولا رفيق , وهذا حال الدنيا , نعم هذا حال الدنيا 0
المرء في زمن الإقبال كالشجرة = والناس من حولها مادامت الثمرة
حتى إذا راح عنها حملها = انصرفوا وخلفوها تقاسي الحر والغبرة
جزى الله الشدائد كل خير عرفت به عدوي من صديقي 0
سيدنا أيوب أقسم أن يضربن زوجته مائة عصا وهي الصابرة المطيعة ثمانية عشر عاماً !
ما قالت له اُف !
وما أخرت له طلبا !
وما أفشت له سرا !
وما أوغلت له صدرا!
وما خالفت له أمرا رضي الله تعالي عنها !
فكيف دافع عنها رب السماوات والأرض , يقول سبحانه وتعالي لأيوب عليه السلام :
(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ) خذ مائة عصا من سيقان القمح وأربطها حزمة واحدة وأضرب بها زوجتك مرة واحدة وبذلك تكون بررت باليمين والذي أجاز وشرع لك هذا هو الذي حلفت به هو الله رب العالمين 0
وفي رواية: أن سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام كان قد غضب على زوجته ووجد في أمر فعلته، وحلف إن شفاه اللّه تعالى ليضربنها مائة جلدة!
فلما شفاه اللّه عزَّ وجلَّ وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب!
فأفتاه اللّه عزَّ وجلَّ أن يأخذ {ضغثاً} وهو الشمراخ فيه مائة قضيب، فيضربها به ضربة واحدة، وقد برت يمينه، وخرج من حنثه ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى اللّه تعالى وأناب إليه، ولهذا قال جلَّ وعلا:
{إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب} أثنى اللّه تعالى عليه ومدحه بأنه {نعم العبد إنه أواب} أي رجَّاع منيب؛ ولهذا قال جلَّ جلاله:
{ومن يتق اللّه يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب} الآية واستدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الإيمان واللّه أعلي أعلم.
والله سبحانه وتعالي شفى سيدنا أيوب عليه السلام بطريقة تدعو إلي تنزيه الله وقدرته تعالي علي كل شيء , فمعاً لنري كيف شفي الله تعالي نبيه أيوب بعد أن ظل ملازماً للفراش ثمانية عشر عاماً 0
ولنعلم أن سيدنا أيوب عليه السلام كان مصاب بألآم حادة في المفاصل فقال له تعالي إن الدواء تحت رجلك لا تكلف نفسك حتى أن تمد يدك (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) أي حرك رجلك فحركها فنبعت عين ماء تحت رجله فقال له المولي تعالي (هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) أغتسل من هذا الماء حتى يزول الألم عن ظاهر جسمك وأشرب من هذا الماء ليزول الألم من داخل جوفك , وتكاملت العافية ظاهراً وباطناً0
فلماذا كل هذا أسمعوا لقول الله تعالي وهو يستخرج صحيفة سيدنا أيوب عليه السلام من تحت العرش فإذا فيها :
(إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)
وجاءت زوجة أيوب وكانت في قضاء حوائجها , جاءت بعد أن شفاء الله تعالي أيوب, بهذا الماء الذي اغتسل منه وشرب فرأت رجلا موفرا الصحة تتألق علامات الرضا علي وجهه ليس به مرض أو كرب , لبس تاج الصحة وأعيد إلي زهرة الشباب والصبا , علي تاج الحكمة والمعرفة والوقار , فقالت الزوجة لهذا الرجل ألا تعلم أين ذهب زوجي أيوب الذي كان يجلس في هذا المكان ؟
سبحان من يقول للشيء كن فيكون , سبحان من أمره ما بين الكاف والنون , سبحان من قال فاستجبنا فكشفنا 0
فقال لها إذا نظرتي إليه تعرفينه قالت نعم, فقال لها أنا أيوب ,قد شفاني الله تعالي وعافاني000
والسلام عليكم يا نبي الله سيدنا أيوب والسلام عليك يا أيتها التقية الصابرة المؤمنة المتفانية زوجته المطيعة 0
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم
التوقيع | يا آل بيت رسـول الله حبكـم*فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنكـم*من لم يصــل عليــكم لا صلاة له | [/size] [/right] | |
|
محمدقطب صديق المنتدى ومدير عام منتدى السلطان الفرغل
| موضوع: رد: نبي الله سيدنا أيوب عليه السلام الأربعاء مايو 05, 2010 6:26 pm | |
| | |
|
تغريد العدوي عضو سوبر
| موضوع: رد: نبي الله سيدنا أيوب عليه السلام الجمعة أكتوبر 28, 2011 8:27 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
| |
|
سهام العدوية عضو سوبر
| |
شمس الهدى عضو سوبر
| |