منتديات إسلامنا نور الهدى
تسلية أهل المصائب 24dhvkk
منتديات إسلامنا نور الهدى
تسلية أهل المصائب 24dhvkk
منتديات إسلامنا نور الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات إسلامنا نور الهدى

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ
 
الرئيسيةمنتديات اسلامناأحدث الصورالتسجيلدخول

عن النبي صلى الله عليه وسلم : من قال في أول يومه أو في أول ليلته(بسم الله الذي لم يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة)للأستزادةوالشرح قسم الحديث الشريف بالمنتدى-مع تحيات الهوارى-المراقب العام

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين،وأصلح لي شأني كله،لا إله إلاأنت.مع تحيات الهواى المراقب العام

لا إله إلا الله العظيم الحليم،لا إله إلا الله ربّ السّموات والأرض،وربّ العرش العظيم.

يا مَن كَفاني كُلَّ شَيءٍ اكفِني ما أَهَمَّني مِن أمرِ الدُّنيا والآخِرَة، وَصَدِّق قَولي وَفِعلي بالتَحقيق، يا شَفيقُ يا رَفيقُ فَرِّج عَنِّي كُلَّ ضيق، وَلا تُحَمِلني ما لا أطيق.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ وَأَعُوذُبِكَ مِنَ التَرَدِّي،وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الغَرَق وَالحَرْقِ وَالهَرَمِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَيْطَانُ عِنْدَالمَوْتِ وَأَعُوذُبِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيِلِكَ مُدْبِرَاً.


يا أهل مصر, نصرتمونا نصركم الله،وآويتمونا آواكم الله،وأعنتمونا أعانكم الله،وجعل لكم من كل مصيبة فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا"ستظل هذه الدعوات المباركات حصنًا وملاذًا لكل المصريين فقدحظيت مصر بشرف دعاء السيدة زينب بنت الأمام على رضي الله عنها لأهل مصر عندما قدمت إليها- مع تحيات الهوارى المراقب العام بالمنتدى

عن السيدة أسماءابنةعميس قالت علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب(الله,الله ربي لا أشرك به شيئاً(


اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالعَجْز وَالكَسَلِ وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ وَضَلْع الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ وَدَرْكِ الشَقَاءِ،وَسُوءِ القَضَاءِ وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ

منتديات إسلامنا نور الهدى عن عبدالرحمن بن أبى بكرة أنه قال لأبيه:يا أبت أسمعك تدعو كل غداة:اللهم عافني في بدني ,اللهم عافنى في سمعي,اللهم عافني في بصري,لا إله إلا أنت,تعيدها ثلاثاً حين تصبح وحين تمسي فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأنا أحب أن أستن بسنته

منتديات إسلامنا نور الهدى:أرسى النبي محمد مبادئ الحجرالصحي للوقاية من الأوبئة ومنع انتشارها حيث قال في حديثه عن الطاعون: "إِذا سمعتم به بأرضٍ؛ فلا تقدموا عليه، وإِذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فرارًا منه"، كما أنّ هناك نص قرآني صريح في سورة البقرة الآية 195"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"بالإضافة للحديث النبوي"لا ضرر ولا ضرار"ومن هنا نستنتج أن الوقاية من الوباء واتخاذ الإجراءات الوقائية هي أمر شرعي لا بد منه وقد نصحنا النبي محمد باتخاذ الإجراءات الوقائية لأنفسنا وأيضًا للأدوات التي نستخدمها فحسبما ورد عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صل الله عليه وسلم )غطوا الإناء،وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء،أوسقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء)وعن أم المؤمنين السيدة عائشة،رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله إذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه، ثم يأكل أو يشرب،وعن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال:كان رسول الله إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه".إذًا فمبادئ الوقاية من الأوبئة والأمراض قد أقرها النبي محمد وهي واجب شرعي يجب على كل مسلم القيام به سواء كان اتباع إجراءات الوقاية الشخصية والحفاظ على النظافة وعدم نقل العدوى وأيضًا الالتزام بالحجر الصحي.

تٌعلن إدارة منتديات إسلامنا نور الهدى عن طلب مشرفين ومشرفات لجميع الأقسام بالمنتدى المراسلة من خلال الرسائل الخاصة أو التقدم بطلب بقسم طلبات الإشراف .. مع تحيات .. الإدارة

 

 تسلية أهل المصائب

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:13 pm

تسلية أهل المصائب

المؤلف: محمد بن محمد بن محمد، شمس الدين المنبجي (المتوفى: 785هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

الطبعة: الثانية، 1426 هـ - 2005 م

عدد الأجزاء: 1

الباب الأول ـ في المصيبة وحقيقتها وما أعد الله لمسترجعها

قال الله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نعم العدلان ونعمت العلاوة.

{أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} الآية.

ذكره البخاري تعليقاً.

وقال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} .

قال علقمة وجماعة من المفسرين: هي المصائب تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم والآيات في هذا الباب كثيرة.

قال أهل اللغة: يقال مصيبة ومصابة ومصوبة.

قالوا: وحقيقته الأمر المكروه يحل بالإنسان.

وقال القرطبي: المصيبة كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه.

يقال: أصابه إصابة ومصابة وصابة.

والمصيبة واحدة المصائب.

والمصوبة بضم الصاد مثل المصيبة.

وأجمعت العرب على همز المصائب، وأصله الواو، وكأنهم شبهوا الأصل بالزائد، ويجمع على مصاوب، وهو الأصل، وعلى مصائب.

والمصاب: الإصابة.

قال الشاعر:

أسليم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام تحيةً ظلم

وصاب السهم القرطاس يصيبه صيباً: لغة في أصابه.

الإنسان وإن صغرت، وتستعمل في الشر.

و «روى عكرمة مرسلاً: إن مصباح النبي صلى الله عليه وسلم انطفأ ذات ليلة، فقال: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ، فقيل: أمصيبة هي يا رسول الله؟ قال: نعم! كل ما آذى فهو مصيبة» .

وفي صحيح مسلم «من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن، حتى الهم يهمه، إلا كفر الله به من سيئاته» .

والوصب: المرض ـ والنصب: التعب.

وفي الصحيحين «عن عروة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز وجل بها عنه حتى الشوكة يشاكها» .

وقال الإمام أحمد: «ثنا يونس، ثنا ليث ـ يعني ابن سعد ـ، عن يزيد ابن عبد الله، عن عمرو، بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أم سلمة، قالت: أتاني أبو سلمة يوماً من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً سررت به، قال: لا تصيب أحداً من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم اؤجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا فعل ذلك به.

قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت في مصيبتي وقلت: اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منه ـ وفي لفظ: خيراً منها ـ ثم رجعت إلى نفسي وقلت: من أين خير لي من أبي سلمة؟ فلما انقضت عدتي، استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أدبغ إهاباً لي، فغسلت يدي من القرظ وأذنت له، فوضعت له وسادة من أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة، ولكني امرأة في غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن، وأنا ذات عيال، فقال: أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل عنك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل ما أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي، قالت: فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فتزوجها رسول الله» ، فقالت أم سلمة بعد: أبدلني الله بأبي سلمة خيراً منه: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روي هذا الحديث بعدة طرق في الصحاح والمسانيد، وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.
يتبع
إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:01 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:14 pm

فصل ـ في كلمة " إنا لله وإنا إليه راجعون "
وقد جعل الله كلمات الإسترجاع ـ وهي قول المصاب: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ملجأً وملاذاً لذوي المصائب، وعظمةً للممتحنين من الشيطان، لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، فيهيج ما سكن، ويظهر ما كمن، فإذا لجأ إلى هذه الكلمات الجامعات لمعاني الخير والبركة، فإن قوله: {إنا لله} توحيد وإقرار بالعبودية والملك، وقوله {وإنا إليه راجعون} إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثنا، فهو إيمان بالبعث بعد الموت وهو إيمان أيضاً بأن له الحكم في الأولى وله المرجع في الأخرى، فهو من اليقين، إن الأمر كله لله فلا ملجأ منه إلا إليه.
وروى مسلم في صحيحه من «حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ، اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها» الحديث.
وروى مسلم أيضاً عن «أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيراً، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات.
قال: قولي اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة» .
فقلت، فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمداً صلى الله عليه وسلم.
هكذا روي بالشك: إذا حضرتم المريض أو الميت هذا لفظ مسلم.
وقد تقدم معنى هذا الحديث من طريق أخرى، «عن ابن سفينة مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة


فيقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ، اللهم اؤجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها» ، قالت: فلما توفي أبو سلمة، قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ثم عزم لي فقلتها، فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى مسلم نحوه من حديث سعد بن سعيد الأنصاري، أخي يحيى ابن سعيد، عن عمر بن كثير عن ابن سفينة، فذكر نحوه.
والمقصود: أن هذا تنبيه على قوله تعالى: {وبشر الصابرين} ، إما بالخلف، كما أخلف الله تعالى لأم سلمة، بدل زوجها أبي سلمة، رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين تبعت السنة، وقالت ما أمرت به ممتثلة طائعة، إن البر ـ له ـ والخير فيما قاله الله ورسوله، وإن الضلال والشقاء في مخالفة الله ورسوله، فلما علمت ـ رضي الله عنها ـ أن كل خير في الوجود، إما عام وإما خاص، فهو من جهة الله ورسوله، وأن كل شر في العالم، أو كل شر مختص بالعبد، فسببه مخالفة الله ورسوله، فلما قالت هذه الكلمات، حصل لها مرافقة الرسول في الدنيا والآخرة.
وقد يحصل العبد بكلمات الاسترجاع منزلة عالية وثواباً جزيلاً، كما في «حديث أبي موسى، وسيأتي ذكره، وفيه: فيقول الله تعالى لملائكته: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تبارك: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد» .
وقد تقدم الاسترجاع في المصيبة وأن قائله، عليه الصلوات من ربه والرحمة، وهو من المهتدين.
وقول عمر: نعم العدلان ونعمت العلاوة، وأنه أراد بالعدلين الصلوات، والرحمة، وبالعلاوة الهداية، والله أعلم.
وقيل: المراد استحقاق الثواب، وتسهيل المصاب، وتخفيف الحزن، {أولئك عليهم صلوات من ربهم} ، فالصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدمي التضرع والدعاء.
وقال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء.
وظاهر الآية ـ والله أعلم ـ أن الصلاة من الله غير الرحمة، فإنه تعالى عطف الرحمة على الصلاة فعلم التغاير.


فصل ـ في تسلية أهل المصائب بالعلاج الإلهي والنبوي
فالإلهي: قوله تعالى: {وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} وآيات الصبر كثيرة جداً.
والنبوي، «قوله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به: {إنا لله وإنا إليه راجعون}  اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف الله له خيراً منها» ، وقد تقدم.
وأمثال ذلك من الأحاديث.
وقد تضمنت هذه الكلمة: {إنا لله وإنا إليه راجعون} علاجاً من الله ورسوله لأهل المصائب.
فإنها من أبلغ علاج المصائب وأنفعه للعبد في عاجله وآجله، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما وتسلى عن مصيبته.
أحد الأصلين: أن يتحقق العبد أن نفسه وأهله وماله وولده ملك لله عز وجل حقيقةً، وقد جعله الله عند العبد عارية فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ عاريته من المستعير، وأيضاً: فإنه محفوف بعدمين عدم قبله وعدم بعده، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير، وأيضاً: فإنه ليس هو الذي أوجده من عدم، حتى يكون ملكه حقيقةً ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده فليس له فيه تأثير ولا ملك حقيقي.
وأيضاً فإنه متصرف فيه بالأمر، تصرف العبد المأمور المنهي، لا تصرف الملاك، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.
والثاني: أن مصير العبد ومرجعه الى الله مولاه الحق، ولابد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويأتي ربه يوم القيامة فرداً، كما خلقه أول مرة، بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن يأتيه بالحسنات والسيئات.
فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوله، ونهايته وحاله فيه


فكيف يفرح العبد بولد أو مال أو غير ذلك من متاع الدنيا؟ .
أم كيف يأسى على مفقود؟ ففكرة العبد في بدايته ونهايته من أعظم علاج المصائب، ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير* لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور} ، ومن تأمل هذه الآية الكريمة وجد فيها شفاء أو دواء المصائب.
وكل ما ذكرناه في هذا الفصل، فهو في هذه الآية، فتدبر ذلك.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:02 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:16 pm

فصل: في النظر في كتاب الله تعالى وسنة رسوله
ومن تسلية أهل المصائب: أن ينظر المصاب في كتاب الله وسنة رسول الله، فيجد أن الله تعالى أعطى ـ لمن صبر ورضي ـ ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي.
ومن أنفع الأمور للمصاب: أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، وليعلم أنه في كل قرية ومدينة بل في كل بيت من أصيب، فمنهم من أصيب مرةً، ومنهم من أصيب مراراً، وليس ذلك بمنقطع حتى يأتي على جميع أهل البيت، حتى نفس المصاب، فيصاب، أسوة بأمثاله ممن تقدمه، فإنه إن نظر يمنةً فلا يرى إلا محنةً، وإن نظر يسرةً فلا يرى إلا حسرةً.
وذكر أبو الفرج بن الجوزي بإسناده عن عبد الله بن زياد، قال: حدثني بعض من قرأ في الكتب: أن ذا القرنين، لما رجع من مشارق الأرض، ومغاربها، وبلغ أرض بابل، مرض مرضاً شديداً، فلما أشفق أن يموت، كتب إلى أمه: يا أماه، اصنعي طعاماً، واجمعي من قدرت عليه، ولا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة، واعلمي هل وجدت لشيء قراراً باقياً، وخيالاً دائماً؟ ! إني قد علمت يقيناً، أن
الذي أذهب إليه خير من مكاني، قال: فلما وصل كتابه، صنعت طعاماً، وجمعت الناس، وقالت: لا يأكل هذا من أصيب بمصيبة، فلم يأكلوا، فعلمت ما أراد، فقالت: من يبلغك عني أنك وعظتني فاتعظت، وعزيتني فتعزيت، فعليك السلام حياً وميتاً.


فإذا علم المصاب أنه لو فتش العالم، لم ير فيهم إلا مبتلى، إما بفوات محبوب، أو حصول مكروه، فسرور الدنيا أحلام نوم، أو كظل زائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيراً، وإن سرت يوماً ساءت دهراً، وإن متعت قليلاً منعت طويلاً، وما ملأت داراً حبرةً إلا ملأتها عبرةً وما حصلت للشخص في يوم سروراً، إلا خبأت له في يوم شروراً.
قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: لكل فرحة ترحة، وما ملىء بيت فرحاً إلا ملىء ترحاً.
وقال ابن سيرين: ما كان ضحك قط إلا كان بعده بكاء.
فليعلم العبد أن فوت ثواب الصبر والتسليم هو الصلاة والرحمة والهداية في قوله تعالى: {إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} .
وقد تقدم ذلك، فما ضمنه الله على الصبر والاسترجاع، أعظم من المصيبة في الحقيقة، والله أعلم.
يتبع إن شاء الله تعالى.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:02 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:17 pm

فصل ـ في أن مرارة الدنيا هي حلاوة في الآخرة
ومن تسلية أهل المصائب: أن ينظر العبد بعين بصيرته، فيعلم أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة في الآخرة، يقبلها الله تعالى، وحلاوة الدنيا هي بعينها مرارة في الآخرة، ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة، خير من عكس ذلك، فإن خفي عليك ذلك فانظر إلى قول الصادق المصدوق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» ، وكذلك قوله في الصحيح:


«يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من أهل النار، فيصبغ في النار صبغةً، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يارب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب» ، الحديث.
وهذا المقام تتفاوت فيه عقول الناس، وتظهر حقائق الرجال، فأكثر أهل زماننا يؤثر الحلاوة المنقطعة على الحلاوة الدائمة التي لا تزول، ولم يتحمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد، ولا ذل ساعة لعز الأبد ولا محنة ساعة لعافية الأبد، فإن الحاضر عنده شهادة، والمنتظر غيب، والإيمان ضعيف، وسلطان الشهوة حاكم، فتولد من ذلك إيثار العاجلة ورفض الآخرة، وهذا حال النظر، الواقع على ظواهر أكثر أهل زماننا في أوائل أمورهم ومبادئها، وما ذاك إلا لحبهم هذه الحياة الدنيا.
قال وهب بن منبه: كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول: بحق أقول لكم، إن أشدكم حباً للدنيا أشدكم جزعاً على المصيبة.
وأما النظر الثاقب الذي يخرق حجب العاجل، ومحاورة العواقب والغايات، فله شأن آخر، فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته من النعيم المقيم، والسعادة الأبدية والفوز الأكبر وما أعد الله لأهل البطالة والإضاعة من الخزي والخسران والعذاب الدائم، ثم اختر أي القسمين أليق بك، وكل يعمل على شاكلته، وكل أحد يذهب إلى ما يناسبه وما هو الأولى به، وهذا نصح أخيك فيما يحسن بك ويسليك.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:03 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:18 pm

فصل ـ في الاستعانة بالله والاتكال عليه والعزاء بعزائه
ومن تسلية أهل المصائب: أن يستعينوا بالله ويتكلوا عليه، ويتعزوا بعزاء الله تعالى، ويمتثلوا أمره في الاستعانة بالصبر والصلاة، ويعلموا أن الله مع الصابرين، ويطلبوا استنجاز ما وعد الله به عباده على الصبر.
و «في حديث أنس بن مالك، قال: ألا أحدثكم بحديث لا يحدثكم به أحد غيري؟ كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوساً، فضحك، فقال: تدرون مما ضحكت؟


قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: عجبت للمؤمن، إن الله ـ عز وجل ـ لا يقضي له قضاء إلا كان خيراً له» .
وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده، قال: قال إبراهيم بن داود: قال بعض الحكماء: إن لله عباداً يستقبلون المصائب بالبشر، قال: فقال: أولئك الذين صفت من الدنيا قلوبهم، ثم قال: قال وهب بن منبه: وجدت في زبور داود: يقول الله تعالى: يا داود، هل تدري من أسرع الناس ممراً على الصراط؟ الذين يرضون بحكمي وألسنتهم ربطة من ذكري.
فالمؤمن الموفق ـ نسأل الله تعالى حسن التوفيق ـ من يتلقى المصيبة بالقبول، ويعلم أنها من عند الله لا من عند أحد من خلقه، ويجتهد في كتمانها ما أمكن.
قال عبد العزيز بن أبي داود: ثلاثة من كنوز الجنة: كتمان المصيبة وكتمان المرض وكتمان الصدقة.
وقال بعض السلف: ثلاثة يمتحن بها عقول الرجال: كثرة المال، والمصيبة والولاية.
وقال عبد الله بن محمد الهروي: من جواهر البر، كتمان المصيبة، حتى يظن أنك لم تصب قط.
وقال عون بن عبد الله: الخير الذي لا شر معه: الشكر مع العافية، والصبر مع المصيبة.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:03 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:25 pm

فصل ـ ومن أعظم المصائب المصيبة في الدين
ومن أعظم المصائب: المصيبة في الدين، فهي من أعظم مصائب الدنيا والآخرة، وهي نهاية الخسران الذي لا ربح معه، والحرمان الذي لا طمع معه.
وقد حكى ابن أبي الدنيا عن شريح أنه قال: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات وأشكره، إذ لم تكن أعظم مما هي، وإذ رزقني الصبر عليها، وإذ وفقني الاسترجاع لما أرجوه فيه من الثواب، وإذ لم يجعلها في ديني.
ومن أعظم المصائب في الدين، موت النبي صلى الله عليه وسلم، لأن المصيبة به أعظم من
كل مصيبة يصاب بها المسلم، لأن بموته صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي من السماء إلى يوم القيامة، وانقطعة النبوات، وكان موته أول ظهور الشر والفساد، بارتداد العرب عن الدين، فهو أول انقطاع عرى الدين ونقصانه، وفيها غاية التسلية عن كل مصيبة تصيب العبد، وغير ذلك من الأمور التي لا أحصيها.


قال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: ما نفضنا أيدينا من التراب من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أنكرنا قلوبنا.رواه ابن ماجه.
وإذا أردت أن تعلم أن المصيبة به صلى الله عليه وسلم أعظم من كل مصيبة حدثت في الدين، فانظر إلى ما روي «عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعزى بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي» .
وهذا من رواية موسى بن عبيده، وقد أضعفه غير واحد من الأئمة.
لكن روى أبو عمر بن عبد البر بإسناده، «من حديث عطاء بن أبي رباح مرسلاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي، فإنها من أعظم المصائب» ، رواه الحافظ أبو نعيم من هذه الطريق أيضاً، ومن طريق أخرى، عن مكحول مرسلاً، نحوه.
ولقد أحسن أبو العتاهيه في نظمه موافقاً لهذا الحديث، حيث يقول:
اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بأن المرء غير مخلد
أو ما ترى أن المصائب جمة ... وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة ... هذا سبيل لست عنه بأوحد
فإذا ذكرت محمداً ومصابه ... فاجعل مصابك بالنبي محمد
وفي رواية:
وإذا ذكرت مصيبة تسلو بها ... فاذكر مصابك بالنبي محمد
وإذا أردت أن تعلم تغير الأحوال بموت النبي صلى الله عليه وسلم، فاذكر قوله تعالى: {وما
محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} الآية، {أفإن مات} شرط {أو قتل} عطف عليه، والجواب: {انقلبتم} ودخل ألف الاستفهام على حرف الجر، لأن الشرط قد انعقد به، وصار جملة واحدة، وخبراً واحداً، والمعنى: أفتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل؟ يقال لمن عاد إلى ما كان عليه، انقلب على عقبيه، وقيل: المعنى فعلتم فعل المرتدين، ومنه انقلب على عقبيه، وقول أنس وقد تقدم.
وروى ابن ماجه، من حديث أم سلمة ـ زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالت: كان الناس، علىعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قام المصلي لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر ـرضي الله عنه ـ فكان الناس، فإذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، فتوفي أبو بكر وكان ـ عمر ـ رضي الله عنه ـ فكان الناس، إذا قام أحدهم يصلي، لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، فكان عثمان ـ رضي الله عنه ـ فكانت الفتنة، فتلفت الناس في الصلاة يميناً وشمالاً.وإسناده مقارب.
والمقصود أن المصائب تتفاوت، فأعظمها المصيبة في الدين ـ نعوذ بالله من ذلك ـ هي أعظم من كل مصيبة يصاب بها الإنسان، يؤيد ذلك أنه قد جاء في بعض الآثار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلوب من سلب دينه، والمحروم من حرم الأجر» .
ثم بعد مصيبة الدين المصيبة في النفس، ثم في المال، أما المال فيخلفه الله تعالى وهو فداء الأنفس، والنفس فداء الدين، والدين لا فداء له.
قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير
}
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:04 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:31 pm

فصل ـ في البشارة لمن تذكر المصيبة فاسترجع
ومن أعظم البشارات لمن أصيب بمصيبة، فذكرها بعد مدة طويلة، فجدد لها
استرجاعاً وصبراً، ماله عند الله من الأجر كلما ذكرها واسترجع.
قال الإمام أحمد في مسنده: «ثنا يزيد وعباد بن عباد، قالا: حدثنا هشام ابن أبي هشام، ثنا عباد ابن زياد، عن أمه، عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين ابن علي ـ رضي الله عنهما ـ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم ولا مسلمة، يصاب بمصيبة، فيذكرها وإن طال عهدها ـ قال عباد: قدم عهدها ـ فيحدث لذلك استرجاعاً، إلا جدد الله له عنه ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها» ، ورواه ابن ماجة من حديث «فاطمة بنت الحسين أيضاً ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أصيب بمصيبة، فذكر مصيبته، فليحدث استرجاعاً وإن تقادم عهدها، كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب» لكن في اسناده مقال.
قال سعيد بن جبير: ما أعطي أحد في المصيبة ما أعطي هذه الأمة ـ يعني {إنا لله وإنا إليه راجعون} ـ ولو أعطي أحد لأعطي نبي الله يعقوب عليه السلام، ألم تسمع إلى قوله في فقد يوسف: {يا أسفى على يوسف} ، أولئك ـ أصحاب هذه الصفة ـ {عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:04 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:31 pm

فصل ـ في الفرق بين تمتع الدنيا الفاني والآخرة الباقي
ومن تسلية أهل المصائب: أن ينظر المصاب ويفرق بين أعظم اللذتين والتمتعين: تمتع الحياة الدنيا الفانية، وتمتع الدار الآخرة الباقية، وأدومهما لذة وتمتعاً بما أصيب به، ولذة تمتعه بثواب الله له على قوله وفعله من استرجاع وصبر ونحوه، فإن ظهر له الرجحان، فآثر الراجح، فليحمد الله على توفيقه له، وإن آثر المرجوح من كل وجه، فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه، أعظم من مصيبته التي أصيب بها في دنياه.
وأي نسبة بين تمتعه بمحبوبه في هذه الدار التي قال الله تعالى في حقها من أولها إلى آخرها: {قل متاع الدنيا قليل}  وأي شيء حصل له من القليل؟ فمن آثر جزءاً قليلاً من قليل ينفد، على جزء كثير من
كثير لا ينفد، فقد اغتيل عقله.
قال بعض الحكماء: يحسب الجاهل الشيء الذي هو لا شيء شيئاً، والشيء الذي هو الشيء لا شيء، ومن لا يترك الشيء الذي هو لا شيء، لا ينال الشيء الذي هو الشيء، ومن لا يعرف الشيء الذي هو الشيء، لا يترك الشيء الذي هو لا شيء، يريد الدنيا والآخرة، ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:05 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:32 pm

فصل ـ في أن يوطن الإنسان نفسه على توقع المصائب وأنها بقضاء الله وقدره
ومما يسلي المصاب: أن يوطن نفسه على أن كل مصيبة تأتيه هي من عند الله وأنها بقضائه وقدره، وأنه سبحانه وتعالى لم يقدرها عليه ليهلكه بها، ولا ليعذبه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه، وشكواه إ ليه وابتهاله ودعاءه، فإن وفق لذلك كان أمر الله قدراً مقدوراً، وإن حرم ذلك كان ذلك خسراناً مبيناً.
قال أبوالفرج بن الجوزي: علاج المصائب بسبعة أشياء:
الأول ـ أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء، والكرب لا يرجى منه راحة.
قال الشاعر:وما استغربت عيني فراقا ًرأيته ...ولا علمتني غير ما القلب عالمه
الثاني ـ أن يعلم أن المصيبة ثابتة.
الثالث ـ أن يقدر وجود ما هو أكثر من تلك المصيبة.
الرابع ـ النظر في حال من ابتلي بمثل هذا البلاء، فإن التأسي راحة عظيمة.
قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي
وهذا المعنى قد حرمه الله عز وجل أهل النار، فإن المخلدين فيها كل واحد


محبوس وحده، فهو يظن أنه لم يبق في النار سواه.
الخامس ـ النظر في حال من ابتلي أكثر من هذا البلاء فيهون عليه هذا.
السادس ـ رجاء الخلف، إن كان من مضى يصح عنه الخلف كالولد والزوجة.
قيل للقمان عليه السلام: ماتت زوجتك؟ قال: تجدد فراشي.
قال الشاعر:
هل وصل عزة إلا وصل غانية ...في وصل غانية من وصلها خلف
السابع ـ طلب الأجر بالصبر في فضائله وثواب الصابرين وسرورهم في صبرهم، فإن ترقى إلى مقام الرضى فهو الغاية.
انتهى كلامه، وقد تقدم معنى ذلك.
وما يلحق بعلاج هذه السبعة أشياء وأمور أخر:
الثامن ـ أن يعلم العبد كيف جرى القضاء فهو خير له.
التاسع ـ أن تعلم أن تشديد البلاء يخص الأخيار.
العاشر ـ أن يعلم أنه مملوك وليس للمملوك في نفسه شيء.
الحادي عشر ـ أن هذا الواقع وقع برضى المالك، فيجب على العبد أن يرضى بما رضي به السيد.
الثاني عشر ـ معاتبة النفس عند الجزع مما لابد منه، فما وجه الجزع مما لابد منه؟ !
الثالث عشر ـ إنما هي ساعة فكأن لم تكن.
وهذه المعاني وقد تقدم ما يشبهها ويناسبها، ويأتي ما هو أتم من ذلك، وبالله التوفيق.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:05 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:33 pm

فصل ـ في أن لا ننكر وقوع المصائب في الدنيا بجميع أنواعها
ينبغي للعبد، أن لا ينكر في هذه الدنيا وقوع هذه المصائب على اختلاف أنواعها، ومن استخبر العقل والنقل أخبراه بأن الدنيا مارستان المصائب، وليس


فيها لذة على الحقيقة إلا وهي مشوبة بالكدر، فكل ما يظن في الدنيا أنه شراب فهو سراب، وعمارتها وإن أحسنت صورتها خراب، وجمعها فهو للذهاب، ومن خاض الماء الغمر لم يخل من بلل، ومن دخل بين الصفين، لم يخل من وجل.
فالعجب كل العجب، ممن يده في سلة الأفاعي، كيف ينكر اللسع؟ ! وأعجب منه، من يطلب من المطبوع على الضر النفع.
قال بعض الأدباء:
طبعت على كدر وأنت تريدها ...
... صفواً من الأقذاء والأكدار
قال أبو الفرج بن الجوزي: ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور فيها الأمراض والأكدار، ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار، فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا، ونوح بكى ثلاثمائة عام، وإبراهيم يكابد النار وذبح الولد، ويعقوب بكى حتى ذهب بصره، وموسى يقاسي فرعون ويلقي من قومه المحن، وعيسى بن مريم لا مأوى له إلا البراري في العيش الضنك، ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين يصابر الفقر، وقتل عمه حمزة وهو من أحب أقاربه إليه، ونفور قومه عنه، وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره ولو خلقت الدنيا للذة لم يكن حظ المؤمن منها.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر» فإذا بان بأنها دار ابتلاء وسجن ومحن فلا ينبغي إنكار وقوع المصائب فيها.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:06 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:35 pm

فصل ـ في المصائب المختصة بذات الإنسان
ذكر أبو الفرج بن الجوزي: في المصائب المختصة بذات الإنسان.
قال: رأيت جمهور الناس إذا طرقهم المرض أو غيره من المصائب اشتغلوا تارةً بالجزع والشكوى، وتارةً بالتداوي، إلى أن يشتد عليهم، فيشغلهم اشتداده عن الالتفات إلىالمصالح من وصية، أو فعل خير، أو تأهب للموت، فكم ممن له ذنوب لا يتوب منها، أو عنده ودائع لا يردها، أو عليه دين أو زكاة، أو في


ذمته ظلامة لا يخطر له تداركها، وإنما حزنه على فراق الدنيا، إذ لا هم له سواه، وربما أفاق وأوصى بجور.
انتهى كلامه.
وسبب ذلك ضعف الإيمان كما قال تعالى: {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم} ، وأحدهم لا هم له إلا الدنيا، ولا يتأسف إلا عليها، والعين المتطلعة إلى الآخرة ضعيفة جداً، وقد عم هذا أكثر الخلق في زماننا، نعوذ بالله من الخذلان.
فينبغي للمتيقظ أن لا يتأسف على ما فات، وأن يتأهب في حال صحته قبل هجوم المرض، فربما ضاق الوقت عن عمل، واستدراك فارط، أو وصية، فإن لم تكن له وصية في صحته فليبادر في مرضه، وليحذر الجور في وصيته، فإنه من المحرمات، فإنه يمنع المستحق ويعطي من لا يستحق، فيحتاج أن يحارب نفسه وشيطانه، فقد «روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت» ويعلم أنه مملوك لله وليس له في نفسه شيء.
قال الشاعر:
صرت لهم عبداً وما ... للعبد أن يتعرضا
ويعلم أيضاً أن هذا الواقع من المصائب في نفسه وماله وولده، وقع برضى مالكه وخالقه، فيجب على العبد أن يرضى بما يرضي به السيد، ويعاقب نفسه إذا جزعت، ويقول لها: أما علمت أن هذا لابد منه؟ ! فما وجه الجزع؟ ! وإنما هي ساعة كأن لم يكن ما كان، ومن تلمح العواقب هان عليه مرارة الدواء، والله تعالى الموفق.
قال بعض السلف: رأيت جمهور الناس ينزعجون لنزول البلاء انزعاجاً يزيد عن الحد، كأنهم ما علموا أن الدنيا على ذا وضعت، وهل ينتظر الصحيح إلا السقم، والكبير إلا الهرم، والموجود سوى العدم؟!
قال الشاعر:
على ذا مضى الناس: اجتماع، وفرقة ...وميت، ومولود، وبشر وأحزان


ثم قال: ولعمري إن أصل الانزعاج لا ينكر، إذ الطبع مجبول على الأمن من حلول المنايا، وإنما ينكر الإفراط فيه والتكليف كمن يخرق ثيابه ويلطم وجهه ويعترض على القدر، فإن هذا لا يرد فائتاً، لكنه يدل على خور الجازع، ويوجب العقوبة والسلام.
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:07 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:36 pm

فصل ـ في أن المصائب والمحن دواء للكبر والعجب
وليعلم أهل المصائب أنه لولا محن الدنيا ومصائبها، لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمن رحمة أرحم الراحمين، أن يتفقده في الأحيان، بأنواع من أدوية المصائب، تكون حمية له من هذه الأدواء، وحفظاً لصحة عبوديته، واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة، فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه.
كما قيل:قد ينعم الله بالبلوى، وإن عظمت ...ويبتلي الله بعض القوم بالنعم


فلولا أنه سبحانه وتعالى يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء، لطغوا وبغوا وعتوا وتجبروا في الأرض، وعاثوا فيها بالفساد، فإن من شيم النفوس إذا حصل لها أمر ونهي، وصحة وفراغ، وكلمة نافذة من غير زاجر شرعي يزجرها، تمردت وسعت في الأرض فساداً مع علمهم بما فعل بمن قبلهم، فكيف لو حصل لهم مع ذلك إهمال؟ ! ولكن الله سبحانه وتعالى، إذا أراد بعبده خيراً، سقاه دواءً من الابتلاء والامتحان على قدر حاله، ويستفرغ منه الأدواء المهلكة، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه، أهله لأشرف مراتب الدنيا وهي عبوديته، ورقاه أرفع ثواب الآخرة وهي رؤيته
يتبع إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:07 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:37 pm

فصل ـ في اعتراض المصاب على الأقدار ودلالته بعبادته
قد يحصل للعابد الجاهل، مصيبة، من الجزع ما يسوء الناظر إليه، والسامع عنه، من الاعتراض على الأقدار، وما ذاك إلا لإدلاله بعبادته، فإنه قد شوهد أن خلقاً كثيراً من أهل الدين والخير، عند موت أحبابهم، جرى منهم أمور ينكرها العقال من الناس، فمنهم من خرق ثيابه، ومنهم من لطم خده، ومنهم من


اعترض على القضاء والقدر!
قال ابن الجوزي: رأيت رجلاً كبيراً أعرفه قد قارب الثمانين، وهو من أهل الدين المحافظين على الجماعة، فمات ولد لابنته، فقال: ما ينبغي لأحد أن يدعو فإنه ما يستجيب، ثم قال: إن عاندنا فما يترك لنا ولداً، فعلمت أن صلاته وفعله للخير عادة، لا أنه ينشأ عن معرفة إيمان، وهؤلاء الذين يعبدون الله على حرف.
ثم قال ابن الجوزي: حدثني خالي لعمي محمد بن عثمان قال: كنت مشداً بقرية التل، فسمعت عن شيخ قد جاوز الثمانين ولا يصلي، وقد كان قبل ذلك كثير الصلاة مع الجماعة وفعل الخير، ثم ترك ذلك، فدعوته وقلت: يا شيخ، لم لا تصلي؟ فقال: وكيف أصلي، وكان لي أولاد فماتوا، وكان لي غنم ففنيت؟ فأنا ما بقيت أصلي له ولا ركعة، فضربته، وطفت به البلد، فكان بعد ذلك يواظب على الجامع.
انتهى ما ذكره.
فلا شيء أنفع من العلم، لأن العالم، لو حصل له هلع شديد في مصيبته، يعلم أنها زلة منه، فيدري كيف يتنفس، والعابد الجاهل، كلما غاص إلى أسفل، يظن أنه صاعد إلى فوق.
فإذا امتحن الشخص، ينبغي له أن يتداوى بالأدوية الشرعية، فإنه يقال: عند الامتحان يكرم الشخص أو يهان، أما علم لابد من الفرقة؟ وقد روى داود، «عن الحسن بن جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال جبريل: يا محمد عش ما عشت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه» ، فنعوذ بالله من عدم الصبر عند المحنة، ونسأله الثبات في الأمر، فإنه والعياذ بالله يخاف على الشخص من سوء الخاتمة إذا سخط الأقدار.
ونازع القضاء والقدر أهله، فنسأل الله تعالى حسن الخاتمة


يتبع إن شاء الله تعالى..


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:07 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:38 pm

فصل ـ في أن الأفضل إبدال الشكوى والأنين بذكر الله تعالى
ينبغي للمصاب بنفسه، أو بولده، أو بغيرهما، أن يجعل في المرض مكان الأنين ذكره الله تعالى، والاستغفار والتعبد، فإن السلف رحمهم الله تعالى كانوا يكرهون الشكوى إلى الخلق، وهي وإن كان فيها راحة، إلا أنها تدل على ضعف وخور، والصبر عنها دليل قوة وعز، وهي إشاعة سر الله تعالى عند العبد، وهي تأثر شماتة الأعداء ورحمة الأصدقاء.
قال الشاعر:
لا تشكون إلا صديق حالة ... تأتيك في السراء والضراء
فلرحمة المتوجعين مرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداء
وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده إلى إسماعيل بن عمرو، قال: دخلنا على ورقاء بن عمر وهو في الموت، فجعل يهلل ويكبر ويذكر الله عز وجل، وجعل الناس يدخلون عليه ويسلمون عليه، فيرد عليهم السلام، فلما كثروا عليه، أقبل على ابنه فقال: يا بني، اكفني رد السلام على هؤلاء، لا يشغلوني عن ذكر ربي عز وجل.
وعن أبي محمد الحريري، قال: حضرت عند الجنيد، قبل وفاته بساعتين، فلم يزل تالياً وساجداً، فقلت له: يا أبا القاسم، قد بلغ ما أرى من الجهد، فقال: يا أبا محمد، أحوج ما كنت إليه هذه الساعة، فلم يزل كذلك حتى فارق الدنيا.
وقد روي في حديث، أن إبليس لا يكون في حال أشد منه على ابن آدم عند الموت، يقول لأعوانه: دونكموه، فإنه إن فاتكم اليوم، لم تلحقوه.
واعلم ـ رحمك الله ـ أن الأعمال بخواتيمها، فإنه ربما أضله في اعتقاده، وربما حيل بينه وبين التوبة، وغير ذلك مما هو محتاج إليه، وربما وقع منه الاعتراض على القضاء والقدر، فينبغي للمصاب بنفسه أو بغيره، أن يعلم أو يعلم بغيره، أنها صبر ساعة، فيتجلد ويحارب العدو جهد طاقته، فبصدقه تحصل له عليه الإعانة من الله، ويعلم أيضاً، أن التشديد عليه أو على غيره في النزع، هو في الغالب من كرامة العبد على الله عز وجل، فإن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل


والأمثل، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أشد مرارة الموت» ، وقول أبي عبيدة: اخنق خنقك، فوعزتك إنك تعلم أن قلبي يحبك.
وقد روى الإمام أحمد، عن الوليد بن مسلم الأوزاعي، عن عمر بن عبد العزيز، أنه قال: ما أحب أن يهون علي سكرات الموت إنه آخر ما يكفر عن المرء المسلم.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثني معمر، حدثني شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يستحبون للمريض أن يجهد عند الموت.
وبإسناده، عن ابن عباس، قال: آخر شدة يلقاها المؤمن عند الموت.
كانت عائشة رضي الله عنها تقول: مات فلان ولم يعالج.
قال الحافظ بن ناصر: يعني أنه لم يعالج: أنه لم يحصل له في مرضه وعند موته ما يكون كفارة لذنوبه.
و «عن ثابت، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنهم ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في النزع، فقال: كيف تجدك؟ قال: أرجو الله وأخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرضى أو أمنه مما يخاف» .
فمن خاف الله وحفظه في صحته، حفظه في مرضه، ومن راقب الله في خطر، حرسه الله في حركاته وسكناته.
وفي «حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشده» .
وفي قصة يونس عليه السلام لما تقدم له عمل صالح.
قال: {فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} ، ولما لم يكن لفرعون عمل خير قط، لم يجد وقت الشدة متعلقاً، فقيل له: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} ، فمن ضيع الله في صحته فإنه يضيع في مرضه، والله أعلم


يتبع إن شاء الله تعالى


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:07 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:39 pm

فصل ـ في أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها        
وليعلم المصاب أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها، وهوفي الحقيقة يزيد في مصيبته، بل يعلم المصاب أن الجذع يشمت عدوه، ويسوء صديقه، ويغضب ربه، ويسر شيطانه، ويحبط أجره، ويضعف نفسه.
وإذا صبر واحتسب أخزى شيطانه، وأرضى ربه، وسر صديقه، وساء عدوه، وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه، فهذا هو الثبات في الأمر الديني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر» .
فهذا هو الكمال الأعظم، لا لطم الخدود وشق الجيوب، والدعاء بالويل والثبور، والتسخط على المقدور.
قال بعض الحكماء: العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم، يريد بذلك ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» .
وقال الأشعث بن قيس: إنك إن صبرت إيماناً واحتساباً، وإلا سلوت كما تسلو البهائم.
بل يعلم المصاب أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه، بل يكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه على مصيبته، فلينظر أي المصيبتين أعظم، مصيبته العاجلة بفوات محبوبه، أو مصيبته بفات بيت الحمد في جنة الخلد؟
و «في الترمذي مرفوعاً: يود ناس لو أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء»
وليعلم المصاب الجازع، وإن بلغ به الجزع غايته ونهايته، فآخر أمره علىصبر الاضطرار، وهو غير محمود، ولا مثاب عليه، فإنه استسلم للصبر وانقاد إليه على
رغم أنفه.
قال يحيى بن معاذ ابن آدم، مالك تأسف على مفقود لايرده عليك الفوت؟ مالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟
فإذا علم الجازع على المصيبة أن الجزع لا يرد ما فات، وأنه يسر الشامت، فأي عقل لمن لم يتفكر في العاقبة، ويذكر مآله إلى مصيبة أصابت غيره أنها تصيبه في نفسه، وأنه أمر لابد منه فليستعد له.
وكانت امرأة من العابدات بالبصرة، تصاب بالمصائب فلا تجزع، فذكروا لها ذلك، فقالت: ما أصاب بمصيبة فأذكر معها النار، إلا صارت في عيني أصغر من الذباب.
ومما يسلي العبد قول بعض الحكماء: قد مات كل نبي، ومات كل نبيه وفقيه وعالم، فلا تجزع، ولا يوحشنك طريق الخلائف فيها.
وقال بعض السلف، وقد سأله رجل، فقال: عظني، فقال: انظر منك إلى آدم.
هل ترى عيناً تطرف؟ فقال: حسبك.


يتبع إن شاء الله تعالى


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:08 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:39 pm

فصل ـ في أن من سلم أمره في مصيبته واحتسب لله عوضه خيراً منها
ومما يسلي أهل المصائب: أن المصاب إذا صبر واحتسب، وركن إلى كريم، رجاء أن يخلف الله تعالى عليه، ويعوضه عن مصابه، فإن الله تعالى لا يخيبه بل يعوضه، فإنه من كل شيء عوض إلا الله تعالى فما عوض، كما قيل:
من كل شيء إذا ضيعته عوض ...وما من الله إن ضيعته عوض
بل يعلم أن حظه من المصيبة ما يحدث له، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط.
فاختر لنفسك خير الحظوظ أو شرها، فإن أحدثت له سخطاً وكفراً كنت في ديوان الهالكين، وإن أحدثت له جذعاً وتفريطاً في ترك واجب أو فعل محرم كنت في ديوان المفرطين، وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر
ورضى كنت في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضاً عليه وقدحاً في حكمته ومجادلةً في الأقدار، فقد قرعت باب الزندقة، وفتح لك وولجته فاحذر عذاب الله يحل بك، فإنه لمن خالفه بالمرصاد.
وإن أحدثت له صبراً وثباتاً لله كنت في ديوان الصابرين، وإن أحدثت له رضى بالله ورضى عن الله وفرحاً بقضائه كنت في ديوان الراضين، وإن أحدثت له حمداً وشكراً كنت في ديوان الشاكرين الحامدين، وإن أحدثت له حمداً واشتياقاً إلى لقائه كنت في ديوان المحبين المخلصين.
وفي مسند الإمام أحمد والترمذي، من حديث «محمود بن لبيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي الله فله الرضى، ومن سخط فله السخط» زاد الإمام أحمد: ومن جزع فله الجزع.
فأنفع الأدوية للمصاب موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له، وإن خاصية المحبة وسرها موافقة المحبوب، فمن ادعى محبة محبوب، ثم سخط ما يحبه، وأحب ما يسخطه، فقد شهد على نفسه بكذبه، وأسخط عليه محبوبه.
قال أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ: إن الله إذا قضى قضاءً أحب أن يرضى به.
وكان عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ يقول في مرضه: أحبه إلي أحبه إليه.
وقال بعده أبو العالية: وهذا دواء المحبين وعلاجهم لأنفسهم.
ولا يمكن كل أحد أن يتعالج به، فانظر هذه الطرائق واختر وفقنا الله وإياك لما يحب.
يتبع إن شاء الله تعالى


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:09 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:41 pm

فصل ـ فيمن طلب المصائب وفرح بها رجاء ثوابها
روى ابن أبي حاتم بإسناده في تفسيره عن خالد بن يزيد، عن عياض، عن عقبة أنه مات له ابن يقال له: يحيى، فلما نزل في قبره قال له رجل: والله إن كان لسيد الجيش، فاحتسبه، فقال والده: وما يمنعني أن أحتسبه وكان من زينة الحياة الدنيا، وهو اليوم من الباقيات الصالحات؟! فهذا رجل صابر راض محتسب، ما أحسن فهمه وحسن تعزيته لنفسه، وثقته بما أعطاه الله من ثواب الصابرين.


وعن ثابت قال: مات عبد الله بن مطرف، فخرج أبوه مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن، فغضبوا، فقالوا: يموت عبد الله وتخرج في مثل هذه مدهناً؟ قال: أفأستكين لها وقد وعدني ربي تبارك وتعالى عليها خصالاً، كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها؟ ! قال تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} ، أفأستكين لها بعد ذلك؟ ! ثم قال ثابت قال مطرف: ما شيء أعطي به في الآخرة قدر كوز من ماء إلا وددت أنه أخذ مني في الدنيا.
رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد.
وعن محمد بن خلف، قال: كان لإبراهيم الحربي ابن كان له إحدى عشرة سنة، حفظ القرآن، ولقنه من الفقه جانباً كبيراً، قال: فمات، فجئت أعزيه، فقال: كنت أشتهي موت ابني هذا، قال: فقلت له: يا أبا إسحاق، أنت عالم الدنيا، تقول مثل هذا، في صبي قد أنجب، ولقنته الحديث والفقه؟ ! قال: نعم رأيت في منامي، كأن القيامة قد قامت، وكأن صبياناً بأيديهم قلال فيها ماء، يستقبلون الناس فيسقونهم، وكان اليوم يوماً حاراً، شديداً حره، قال: فقلت لأحدهم: اسقني من هذا الماء، قال: فنظر إلي، وقال: ليس أنت أبي، قلت: فأي شيء أنتم؟ قال: فقال لي: نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا وخلفنا آباؤنا، فنستقبلهم فنسقيهم الماء، قال: فلهذا تمنيت موته.
وروى البيهيقي بإسناده، عن ابن شوذب: أن رجلاً كان له ابن لم يبلغ الحلم، قال: فأرسل إلى قومه: إن لي حاجة! قالوا: نعم، وما هي؟ قال: إني أريد أن أدعوا على ابني هذا أن يقبضه الله تعالى وتؤمنون على دعائي، فسألوه عن ذلك، فأخبرهم أنه رأى في منامه كأن الناس جمعوا ليوم القيامة، فأصاب الناس عطش شديد، فإذا الولدان قد خرجوا من الجنة، معهم الأباريق، فأبصرت ابن أخ لي، فقلت: يا فلان، اسقني، قال: يا عم، إنا لا نسقي إلا الآباء، قال: فأحببت أن يجعل الله ولدي هذا فرطاً لي، فدعا، فأمنوا على دعائه، فلم يلبس الغلام إلا يسيراً حتى مات.
وقد روى ابن عساكر بإسناده، عن سهيل بن الحنظلية الأنصاري ـ وكان لا يولد له ـ فقال: لأن يولد لي ولو سقط، فأحتسبه أحب إلي من أن يكون لي الدنيا بأجمعها.
وكان ابن الحنظلية ممن بايع تحت الشجرة.
وذكر ابن عساكر أيضاً، عن الليث بن سعد، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، أن أبناً لعياض بن عقبة، حضرته الوفاة، وكان عياض غائباً، فقالت أم الغلام: لو كان أبو وهب حاضراً لقرت عينه، فلما حضرت وفاة عياض ابن عقبة قال لأخيه أبي عبيد: يهنأك الظفر، قد كنت أرجو أن تكون قبلي فأحتسبك.
وقال أبو مسلم الخولاني ـ رحمه الله ـ: لأن يولد لي مولود يحسن الله نباته، حتى إذا استوى على شبابه، وكان أعجب ما يكون إلي، قبضه الله تعالى مني، أحب إلي من أن تكون الدنيا وما فيها لي.
وروي عن الإمام القفال، قال: كان في جواري رجل يأبى التزويج، فلما كان في بعض الليالي، استيقظ من نومه في الليل ونادى: زوجوني زوجوني، فسئل عن ذلك، فقال: لعل الله يرزقني ولداً يقبضه قبل البلوغ وقبل موتي، قيل وكيف ذلك؟ قال: رأيت في المنام، كأن القيامة قد قامت، والخلق في الموقف، وأنا معهم، وقد كظني العطش، وإذا قد ظهر أطفال بأيديهم أباريق من فضة، مغطاة بمناديل من نور، يتخللون الجمع ويسقون واحداً بعد واحد، فمددت يدي إليهم، وقلت لبعضهم: اسقني، فقد أجهدني العطش، فنظر إلي شزراً وقال ليس لك فينا ولد، وإنما نسقي أباءنا وأمهاتنا، فقلت من أنتم؟ قالوا: أطفال المسلمين.
وقال أبو الحسن المدائني: دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه في وجعه، فقال يابني، كيف تجدك؟ قال: تجدني في الحق، قال: يا بني، لأن تكون في ميزاني أحب إلي من أن أكون في ميزانك، فقال: يا أبه، لأن يكون ما تحب أحب إلي من أن أكون ما أحبه.


وروى ابن أبي شيبة، باسناده عن ثابت البناني: أن صلة بن أشيم، كان في غزاة له ومعه ابن له، فقال له أي بني، تقدم فقاتل حتى أحتسبك، فحمل فقاتل حتى قتل، ثم تقدم أبوه فقتل، فاجتمعت النساء، فقامت امرأته معاذة العذرية، فقالت للنساء: مرحباً، إن كنتن جئتن لتهنئنني مرحباً بكن، إن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.
و «عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً قال الأنبياء، قلت: ثم من؟ قال الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد إلا العباءة يحتويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء، كما يفرح أحدكم بالرخاء» .
رواه ابن ماجه من حديث طويل.
وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد وابن ماجه في سننه عن «أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال، ولابإضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا، أن تكون بما في يد الله، أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة، إذا أصبت بها، أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك» .
وقال ابن الجوزي: ثنا ابن ناصر، أنبأ جعفر بن أحمد، ثنا أبي، ثنا هاشم، عن ابن المبارك، عن الحسن، ثنا أبو الأحوص، قال: دخلنا على ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وعنده بنون له ثلاثة، غلمان كأنهم الدنانير فجعلنا نتعجب من حسنهم، فقال: كأنهم يغبطونني؟ قلنا: إي والله، لبمثل هؤلاء يغبط المسلم، فرفع رأسه إلى سقف البيت، وقد عشش فيه خطاف وباض، فقال: والذي نفسي بيده، لأن أكون قد نفضت يدي من تراب قبورهم، أحب إلي من أن يسقط عش هذا الخطاف وينكسر بيضه، ثم قال: ما أصبحت على حال، فتمنيت أني على سواها.
وروى هناد بن السري في الزهد، عن كثير بن تميم الداري، قال: كنت جالساً مع سعيد بن جبير فطلع عليه ابنه عبد الله بن سعيد، وكان به من الفقه، فقال: إني لأعلم خير حالاته، فقالوا: وما هو؟ قال: أن يموت فأحتسبه.


وروى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن سفيان، قال: سمعت سفيان يقول: ما في الأرض أحب إلي من سعيد، وما في الأرض أحد يموت أحب إلي منه، فمات، فرأيته يبكي، قلت: قد كنت تمنى موته! قال: أذكر قوله: آه جنبي.
وفي تاريخ الرقة للحراني: ثنا أحمد بن بديع، ثنا أبي، قال: سمعت عمر بن ميمون بن مهران يقول: كنت مع أبي ونحن نطوف بالكعبة، فلقي أبي شيخاً فعانقه أبي، ومع الشيخ فتى قريباً مني، فقال له أبي: من هذا؟ قال: ابني فقال: كيف رضاك عنه؟ قال ما بقيت خصلة يا أبا أيوب من خصال الخير إلا وقد رأيتها فيه إلا واحدة، قال: وما هي؟ قال: كنت أحب أن يموت وأوجر فيه! قال: ثم فارقه أبي، قال: فقلت لأبي: من هذا الشيخ؟ قال: هذا مكحول.
والمقصود أن هذا المقام مقام عظيم شريف لمن يطلب المصيبة ويفرح بها نظراً إلى ثوابها، وما يفعل ذلك أحد حتى يعلم من نفسه القوة والصبر والجلد والركون إلى دعوى النفس، وما أكثر ما تخلف الوعد وتنقد العهد فإن الغالب متى ما أظهرت الدعوى وكلت إليها، وطولبت بتصحيح دعواها فتقصر عند الحقيقة وتميل عن تقويم الطريقة.
وكان سحنون ـ رحمه الله ـ يقول: قد رضيت ما تقضيه، فابتلني بما شئت، فابتلاه الله بحصار البول، فما صبر، فكان يدور على الصبيان، ويقول: ادعوا لعمكم الكذاب.
فالطريقة الكاملة، قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية» .
واعلم أن النية في طلب الولد وفقده وقصد بقائه، إذا صحت النية حصل الثواب الجزيل على النيتين جميعاً، لأن الأعمال بالنيات، فإنه ثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: ما من أهل ولا مال ولا ولد إلا وأنا أحب أن أقول عليه: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ، إلا عبد الله بن عمر فإني أحب أن يبقى في الناس.
يأيد ذلك ما ثبت «في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان، انقطع عمله إلا من ثلاث: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» .
وفي حديث أنس مرفوعاً: سيع يجري أجرها للعبد بعد موته،


فذكر منها: أو ترك ولد يستغفر له بعد موته.
وهذا عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قد سماه النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الصالح أو العبد الصالح، ولا شك أن العبد، إذا حصل له أجر مستمر بعد موته، هو أولى من حصول أجر في حياته ثم ينقطع بالموت، فإن العبد من أحوج الناس بعد موته إلى الحسنات وبموته قد انقطع عمله إلا ما أخبر به الصادق المصدوق في هذا الحديث المتقدم، فطلب الولد وبقاؤه أنفع للعبد فيما فهمت، ولكن أولئك لما خالط قلوبهم قوة الإيمان والتصديق بالقضاء والقدر، والرضى به، برزوا بالقول، وقل من يصبر على تحمل البلوى عند الحقيقة، والله أعلم.


يتبع إن شاء الله تعالى 


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:09 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:42 pm

الباب الثاني ـ في البكاء على المصيبة وما ذكر العلماء في ذلك
البكاء أصله بكي على فعول، قال الجوهري: البكاء يمد ويقصر، فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإن قصرت أردت الدموع وخروجها، وبكيت الرجل وبكيته إذا بكيت عليه.
قال الشاعر:بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
هذا من جهة اللغة، وهو رقة ورحمة في قلوب عباد الله، فالبكاء على الميت في مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة: جوازه قبل الميت وبعده، واختاره أبو اسحق الشيرازي، وكرهه الشافعي وكثير من أصحابه بعد الموت، ورخصوا فيه قبل خروج الروح.
واحتجوا بحديث «جابر عن عتيك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب، فصاح به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجبه، فاسترجع، وقال: غلبنا عليك يا أبا الربيع، فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن، فإذا وجب، فلا تبكين باكية، قالوا: وما الواجب يا رسول الله؟ قال: الموت» .
رواه الإمام أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجة.
قالوا: وفي الصحيحين «من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» وهذا إنما هو بعد الموت، وأما قبله فلا يسمى ميتاً.
«وعن ابن عمر أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم من أحد، سمع نساءً من بني عبد الأشهل، على هلكاهن يبكين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار، فبكين على حمزة عنده، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:


ويحهن إنهن ههنا يبكين؟ ما أثقلهن! مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم» رواه الإمام أحمد وابن ماجة.
وهذا صريح في نسخ الإباحة المتقدمة، والفرق بين ما قبل الموت وبعده، أنه قبل الموت يرجى فيكون البكاء عليه حذراً، فإذا مات انقطع الرجاء وأبرم القضاء، فلا ينفع البكاء.
احتج أصحابنا ومن قال بقولهم، ممن جوز البكاء قبل الموت وبعده، قال «جابر بن عبد الله: أصيب أبي يوم أحد، فجعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، فجعلوا ينهوني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني، فجعلت عمتي فاطمة تبكي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه» ، متفق عليه.
«وعن ابن عمر قال: اشتكى سعد بن عباده شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه، فوجده في غاشية، فقال: قد قضى؟ قالوا لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء رسول الله بكوا، فقال: ألا تسمعون، أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا ـ وأشار إلى لسانه ـ أو يرحم» رواه البخاري، وهذا لفظه، «ومسلم وعنده: وجده في غشية فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله..
» الحديث، وهو من رواية يونس بن عبد الأعلى.
«وعن أسامة بن زيد، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه، وتخبره أن صبياً أو ابناً لها في الموت، فقال الرسول: ارجع إليها فأخبرها أن لله عز وجل ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها لتصبر ولتحتسب، فعاد الرسول فقال: إنها قد أقسمت لتأتينها.
قال: فقام النبي صلى الله عليه وسلم، وقام معه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت،


وانطلقت معهم، فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع، كأنها في شنة، ففاضت عيناه، فقال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» رواه البخاري ومسلم.
«وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: شهدنا بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، قال: فرأيت عيناه تدمعان، قال: فقال: هل منكم من رجل لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها» رواه البخاري.
«وعن أنس أيضاً قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولد لي غلام فسميته باسم أبي إبراهيم فذكر الحديث، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، وفي لفظ: فأخذه فوضعه في حجره، وقال: يا بني، لا أملك لك من الله شيئاً، فقال عبد الله بن عوف وأنس: يا رسول الله أتبكي وتنهى عن البكاء؟ فقال: يا بن عوف، إنها رحمة ومن لا يرحم لا يرحم، ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» رواه البخاري ومسلم بدون زيادة الألفاظ، وفيه دليل على البكاء قبل الموت.
«وعن أنس أيضاً ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له» رواه البخاري.
و «عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: مهلاً يا عمر، ثم إياكن ونعيق الشيطان.
ثم قال: إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن
الشيطان» رواه الإمام أحمد.


وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن سعد بن معاذ، لما مات، حضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ قالت: فو الذي نفسي بيده، إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي.
رواه الإمام أحمد.
و عن أبي هريرة رضي الله عنه ـ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة، فرأى عمر امرأة فصاح بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعها يا عمر، فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب» رواه ابن ماجه.
وعن أسماء بنت يزيد، قالت: » لما توفي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم بكي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ـ إما أبو بكر وإما عمر ـ: أنت أحق من عظم لله حقه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، لولا أنه وعد صادق، وموعد جامع، وأن الآخر تابع للأول، لوجدنا عليك يا إبراهيم أفضل ما وجدنا، وإنا بك لمحزنون» رواه ابن ماجه.
وفي لفظ: «أتبكي، أو ما نهيتنا عن البكاء؟ قال: ليس عن البكاء نهيت ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نغمة لهو ولعب ورنة شيطان، وصوت عند مصيبة، لطم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان، وهذه رحمة، ومن لايرحم، يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق، ووعد صادق، وسبيل لابد نأتيه، وأن آخرنا سوف يلحق بأولنا، لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون» .
وقال الإمام أحمد: «حدثنا يزيد، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، رضي الله عنهما ـ قال: ماتت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم قال: مهلاً يا عمر ثم قال: ابكين، وإياكن ونعيق الشيطان، ثم إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل» ، وذكر تمام الحديث وقد تقدم.
وروى الإمام أحمد أيضاً بسنده، «عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الحقي سلفنا الخير عثمان بن مظعون وبكت
النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: دعهن يبكين، وإياكن ونعيق الشيطان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهما يكن من القلب والعين، فمن الله والرحمة، ومهما كان من اليد واللسان، فمن الشيطان وقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير القبر وفاطمة إلى جنبه تبكي، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها» .
فقد ثبت في حديث موت زينب ورقية بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم البكاء بعد الموت.
وقد جاء في آثار جمة «أنه صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله» .
وصح «عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل عثمان بن مظعون حتى سالت دموعه على وجهه» .
وتقدم قصة جعفر وعبد الله بن رواحة وأصحابهما.
وكذلك صح عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أنه قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت، وبكى وأبكى.
وكذلك بكى علي على النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه الأحاديث كلها دالة على جواز البكاء قبل الموت وبعده من غير كراهة، وما ذكره أصحاب الشافعي ومن قال بقولهم من الكراهة بعد الموت مستدلين بما تقدم من أحاديث النهي، فكلها محمولة على البكاء الذي معه ندب ونياحة.
ويؤيد ذلك ما يأتي ذكره: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» ، وفي لفظه: «يعذب بما نيح عليه» .
وأما من ادعى النسخ في حديث حمزة فلا يصح، لأن معناه لا تبكين على هالك بعد اليوم من قتلى أحد.
ويدل على ذلك أن نصوص الإباحة أكثرها متأخرة عن غزوة أحد، منها حديث أبي هريرة، لأن إسلامه وصحبته كانا في السنة السابعة، ومنها البكاء على جعفر وأصحابه، وكان استشهادهم في السنة الثامنة، وكذلك البكاء على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان في الثامنة أيضاً، والبكاء على قبر أمه صلى الله عليه وسلم كان عام الفتح.
وأما قولهم: إنما جاز قبل الموت حذراً بخلاف ما بعد الموت.
جوابه: أن كان الباكي، قبل الموت، يبكي حزناً، وحزنه بعد الموت أشد، لأنه قبل الموت ربما يرتجى، وبعده فقد فقدت الرجوى، فبكى لفراق لا عودة بعده في
الدنيا، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «أن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول ما يسخط الرب» ومنها: قال البخاري: قال عمر: دعهن يبكين على أبي سلمان ما لم يكن نقع أو لقلقة.
والنقع: التراب على الرأس.
واللقلقة: الصوت.
«حدثنا إسحاق بن منصور، عن أبي رجاء عبد الله بن واقد، عن محمد بن مالك، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فلما انتهينا إلى القبر، فاستدرت، فاستقبلته، فإذا هو يبكي حتى بل الثرى، ثم قال: إخواني، لمثل هذا اليوم فأعدوا» رواه الإمام أحمد.


يتبع إن شاء الله تعالى




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:09 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:43 pm

فصل ـ فيما روي على النبي صلى الله عليه وسلم في البكاء على الميت
وقد ذكر بعض العلماء أن البكاء الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله وأباحه، أو أمر به للاستحباب، هو البكاء الذي هو دمع العين ورقة القلب ورحمته، والذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وهو البكاء ـ بالمد ـ الذي يستلزم الصراخ والندب والعويل.
ويشهد لهذا قوله: «ما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان، ونهى عن رنة الشيطان» وهو رفع الصوت عند المصيبة.
قلت: هذا وإن كان حسناً، يعكر عليه وما حكيناه عن الجوهري: إن البكاء يمد ويقصر، فهو لغتان، فلا فرق فيه بين المد والقصر، والله أعلم.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:12 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:44 pm

فصل ـ في التحذير مما يتفوه به المصاب من ألفاظ التظلم والشكوى
وليحذر العبد كل الحذر، أن يتكلم في حال مصيبته وبكائه، بشيء يحبط به أجره، ويسخط به ربه، مما يشبه التظلم، فإن الله تعالى عدل لا يجور وعالم ل يضل ولا يجهل، وحكيم أفعاله كلها حكم ومصالح، ما يفعل شيئاً إلا لحكمة، فإنه سبحانه له ما أعطى، وله ما أخذ، لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون، وهو الفعال لما يريد، والقادر على ما يشاء، له الخلق والأمر.
بل إنما يتكلم بكلام يرضي به ربه ويكثر به أجره، ويرفع الله به قدره.
وقد روى ابن أبي الدنيا بإسناده قال: حدثني يونس بن محمد المكي، قال: زرع رجل من أهل الطائف زرعاً، فلما بلغ، أصابته آفة فاحترق، فدخلنا عليه لنسليه
عنه، فبكى وقال: والله ما عليه أبكي ولكن سمعت الله تعالى يقول: {كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته} .
فأخاف أن أكون من أهل هذه الصفة، فذلك الذي أبكاني.
قال أبو العرب: لما أمر عبد الله بن زياد بالبلجاء أن يمثل بها، جاؤوا ومعهم الحديد والحبال، فقالت: إليكم أتكلم بكلام يحفظه عني من سمعه قال: فحمدت الله وأثنت عليه، ثم قالت: هذا آخر يومي من الدنيا، وهو غير مأسوف عليه، وأرجو أن يكون أول أيامي من الآخرة، وهو اليوم المرغوب فيه، ثم قالت: والله، إن علمي بفنائها هو الذي زهدني في البقاء فيها، وسهل علي بلواءها، فما أحب تعجيل ما أخر الله، ولا تأخير ما عجل الله، والحمد لله على السراء والضراء، وعلى العافية وعلى البلاء، ثم قالت: كنت أؤمل في الله ما هو أكثر من هذا قال: ثم إنهم قطعوا يديها ورجليها، فجعل الدم لا يرقأ، فقالت: حياة كريمة، وميتة طيبة، لأني نلت ما أملت ـ يا نفس ـ من جزيل ثواب الله، فقد نلت سروراً دائماً لا يضرك معه كدر.
وهي حين قطعوا يديها ورجليها، فلم تتكلم، فقيل لها ذلك، فقالت: شغلني هول المطلع عن ألم حديدكم هذا.
ثم أتوا بالنار، لتكوى بها، فلما رأتها صرخت، فقيل لها: لقطع اليدين والرجلين لم تنطقي، فلما رأيت النار صرخت؟ فقالت والله ليس من ناركم صرخت، ولا على دنياكم أسفت، ولكنني ذكرت بها النار الكبرى، فكان الذي رأيتم من ذلك.
قال: فأمر بها، فسملت عيناها، فقالت اللهم قد طال في الدنيا حزني، فأقر في الآخرة عيني ثم قالت: لئن كنت على بصيرة من أمري إن هذا لقليل في جنب ما أطلب من ثواب الله.
قال: فما تكلمت بغيرها حتى ماتت رحمها الله تعالى.
وكانت البلجاء من شيعة علي ـ رضي الله عنه ـ وكان قد بلغ الحسن بن علي أن ابن زياد يتتبع شيعة علي فيقتلهم، فقال: اللهم اقتله وأمته حتف أنفه.
والإسناد: قال أبو العرب: حدثنا عبد الله بن الوليد، عن جابر بن خداش بن
عجلان، ثنا سالم بن عمير، عن سالم الهلالي، فذكره.
وليحذر العبد أيضاً أن يدعو على نفسه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما مات أبو سلمة: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» .
وليعلم أيضاً أن البكاء يضر الحي والميت، فإن الحي يخاف على عينيه، كما قال الله تعالى في قصة يعقوب ـ عليه السلام ـ: {وابيضت عيناه من الحزن} ، والميت لا يستريح به، فقد ذكر الحافظ أبو شجاع شيرويه الديلمي بإسناده، عن علي بن الحسين، قال بينا داود الطائي جالساً مع أصحابه يوماً، إذ غفا وهو معهم، ثم انتبه، فقال: أتدرون ما رأيت في نومتي هذه؟ دخلت الجنة، فرأيت فيها صبياناً يلهون بالتفاح، يناول بعضهم بعضاً، وصبي ناحية عنهم جالس حزين يرى الانكسار عليه بيناً، فقلت: ما بال ذلك الصبي لا يلهو معكم كما تلهون؟ قالوا: ذاك حديث عهد بالدنيا، وأمه تكثر البكاء عليه، فانكساره لكثرة بكاء أمه عليه، قال: فقلت: أين منزلهم؟ قالوا في قبيلة آل فلان، قال: فقلت من أبواه؟ قالوا: فلان وفلانة، قلت: فما اسمه؟ قالوا: فلان.
فقال داود لأصحابه: فانطلقوا، قال: فانطلقوا فأتوا القبيلة، فسألوا عن أبويه، فلقيهما أو لقي أحدهما، فقال لهما ما رأى في منامه، فجعلت الأم على نفسها أن لا تبكي عليه أبداً.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:12 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:45 pm

فصل ـ في البكاء والتأسف على من فرط في جانب الله تعالى
والبكاء والأسف على من فرط في جنب الله، أو من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وهو داخل تحت المشيئة، وعنده من الندامة كامثال الجبال، ومن الحسرات كعدد الرمال، فإن الصحة لا يعرف مقدارها على الحقيقة إلا المرضى، كما أن العافية لا يعرف مقدارها إلا المبتلى، فكذلك الحياة لا يعرف مقدارها إلا الموتى لأنهم قد ظهرت لهم الأمور، وانكشفت لهم الحقائق، وعلموا مقدار الأعمال الصالحة، إذ ليس ينفق هنالك إلا عمل زكي، ولا يرتفع هناك إلا
عبد تقي، فالمقسر يود لو أنه رد فاستدرك ما فات، ونظر فيما فيه فرط، والمهمل العمل بالجملة، يكون تمنية الرجوع أكثر، وحرصه على العودة أشد، فالواجب اغتنام الصحة والفراغ، المغبون فيهما كثير الناس.


وإنما يحصل للشخص الحزن والبكاء على ما أصيب به، لذهوله عما بين يديه من سكرات الموت وغصصه، والانفراد في القبر وحيداً ذليلاً مستوحشاً ثم مسائلة منكر ونكير عليهما السلام، وطول مكثه تحت الثرى، إما منعماً وإما معذباً، ثم من بعد ذلك خروجه من قبره وقيامه لرب العالمين، ثم وقوفه الطويل في المحشر وما يرى من أهوال يوم القيامة، ثم حسابه بين يدي الله تعالى ووزن أعماله وتطاير الصحف والمحاسبة على مثاقيل الذر، وأنه وجد ما عمل محصياً عليه، محرراً في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأنه بين رجاء وخوف، إما لذات اليمين أو لذات الشمال.
فلو استشعر المصاب هذه المصائب العظيمة التي بين يديه، وهو غافل عنها، غير مستعد لها، لشغلته عن مصابه بأحبابه، ولرجع إلى الصبر والرضا بما قدره وأمضاه، فإن قدر على نفع، نفع ميته به، وإلا فلا يؤذيه بما نهى الشرع عنه من الندب والنياحة ولطم الخدود وشق الجيوب، وغير ذلك من الأفعال والأقوال المكروهة، التي ذمها السلف والخلف، كما سنبينه بعد إن شاء الله، نسأل الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:12 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:46 pm

فصل ـ في أن الحزن لم يأمر به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم
والحزن لم يأمر الله تعالى به ولا رسوله، لا في المصيبة ولا في غيرها، بل قد نهى الله عنه في كتابه وإن تعلق بأمر الدين.
لكن منه محمود ومذموم كقوله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون} .
وقوله: {ولا تحزن عليهم }
وقوله تعالى في حق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا } .
وقوله تعالى: {فلا يحزنك قولهم}
ونحو ذلك من الآيات كثير في القرآن.
وما ذاك إلا لأن الحزن لا يجلب منفعة، ولا يدفع مضرة، فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به، لكن لا يأثم به صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم ـ كما تقدم ذكره ـ من قول أو فعل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يؤاخذ بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يؤاخذ بهذا ـ وأشار بيده إلى لسانه ـ أو يرحم» فدل على أنه لا يأثم إلا إذا اقترن به ما يجلب الإثم.
ويؤيده أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب» .
قال مالك بن دينار: القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب.
وقال عبد الله بن أحمد: حدثني علي بن مسلم، ثنا بشار، ثنا جعفر، ثنا إبراهيم بن عيسى، قال: ما رأيت أطول حزناً من الحسن، ولما رأيته، حسبته حديث عهد بمصيبة.
ثم ذكر بسنده عن مالك، قال: بقدر ما تحزن للدنيا كذلك يخرج هم الآخرة من قلبك.
ومنه قوله تعالى: {وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن} .
فكل هذه الأدلة تدل على أنه لا ياثم به صاحبه، فالبكاء والحزن على الميت على وجه الرحمة والرقة حسن، ولا ينافي الرضا والصبر بخلاف البكاء عليه لفوت حظ الحي منه، فإذا اقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن، فالحزين على مصيبة في دينه، وعلى مصائب المسلمين عموماً.
فهذا يثاب على ما في قلبه من الخير وبغض الشر، وتوابع ذلك.
ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهي عنه، وكان حسب صاحبه الإثم عنه من جهة الحزن، وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله به ورسوله كان مذموماً عليه من تلك الجهة، إن كان محموداً من جهة أخرى، فإنه إن كان المحزون عليه لا يمكن استدراكه لم ينفع الحزن.
فالعاقل يدفعه عن نفسه، ولا يضم إلى مصيبته أخرى، وليعلم أنه سيسلو بعد حين، والله أعلم.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:12 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:46 pm

الباب الثالث ـ في تحريم الندب والنياحة وشق الثياب
الندب: اسم للبكاء على الميت وتعداد محاسنه، قاله الجوهري، والاسم الندبة بالضم، وقيل تعداد شمائل الميت، فيقال: واكريماه واجبلاه والهفاه.
والنوح: قال القاضي عياض: هو اجتماع النساء للبكاء على الميت متقابلات، وذكر في المغني أنه تعداد محاسن الميت بلفظ النداء، إلا أنه يكون بلفظ الواو، وربما زيد فيه الألف والهاء مثل قولهم: وا رجلاه وا جبلاه وا انقطاع ظهراه، ونحوه.
وقال غيره: قال أهل اللغة: النياحة: اسم لاجتماع النساء للبكاء على الميت متقابلات، كما ذكر القاضي عياض، والتناوح: التقابل.
ثم استعمل في صفة بكائهن
بصوت ورنة وندبة.
واعلم ـ رحمك الله ـ أن المطلوب في المصيبة السكون والصبر، والرضا بقضاء الله تعالى، والحمد والاسترجاع، والصدقة عن المصاب به والدعاء له، وأما الندب والنياحة، وشق الجيوب، ولطم الخدود، وقول المنكر، كل هذا ينافي ما ذكر.
وقد نص الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ على تحريم الندب والنياحة، قال في رواية حنبل: النياحة معصية.
وقال أصحاب الشافعي وغيرهم: النوح حرام.
وقال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن النياحة لاتجوز للرجال ولا للنساء.
وقال أبو الخطاب ـ رحمه الله ـ في الهداية: ويكره الندب والنياحة، وخمش الوجوه، وشق الجيوب، والتحفي.
وهذا قول ضعيف مصادم لما ورد من السنة.


وذكر الشيخ في المغني قال: حرب عن أحمد كلاماً فيه احتمال إباحة النوح والندب، قال: واختاره الخلال وصاحبه، لأن واثلة بن الأسقع، وأبا وائل كانا يسمعان النوح ويبكيان، ثم قال: وظاهر الأخبار تدل على التحريم.
انتهى كلامه.
واستنادهم في ذلك لآثار مروية عن بعض الصحابة والسلف، لا ترد ما ورد في الصحيح والمسانيد.
فإنهم قالوا: قد روى حرب عن واثلة بن الأسقع وأبي وائل: إنما كانا يسمعان النوح ويبكيان.
قالوا: وقد ورد في الصحيح من «حديث أم عطية، قالت: لما أنزلت هذه الآية: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين} إلى قوله: {ولا يعصينك في معروف} كان منه النياحة، فنهانا عن النياحة فقبضت امراة منا يدها فقالت: فلانة أسعدتني فإنما أريد أن أجزيها، قال: فما قال لها شيئاً فذهبت فانطلقت، ثم رجعت فبايعها» .
وفي لفظ الصحيح «قالت أم عطية: يا رسول الله إلا آل فلان، فإنهم أسعدوني في الجاهلية، فلا بد لي أن أسعدهم فقال: إلا آل فلان» .
والجواب عن ذلك: أن المرأة التي سكت عنها ذلك خاص بها لوجهين:
أحدهما: أنها حديثة عهد بالإسلام، فربما كان فيه تنفير لها عنه.
الثاني: أنه قال لغيرها لما سألته ذلك، قال: «لا إسعاد في الإسلام» .
فإطلاقه لها، وحجره على غيرها، يدل على الخصوص.
وعلى الرواية الأولى: أن امرأة قبضت يدها، ولم تبايع إلا بعد الإسعاد، فلا إشكال، وقد حكى بعض المبايعات القصة ولم تستثن أحداً، فما ورد في سنن أبي داود من حديث أسيد بن أبي أسيد عن امرأة من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه: أن لا نخمش وجهاً، ولا ندعو ويلاً ولا نشق جيباً، ولا ننبش شعراً


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:47 pm

فصل ـ فيما ورد من تحريم ذلك، وما ورد من الوعيد عليه
عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «: ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» .رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: «وجع أبو موسى وجعاً، فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فأقبلت تصيح برنة، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: إني بريء ممن برئ منه محمد صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة» .رواه البخاري ومسلم عن الحكم بن موسى، إلا أن البخاري لم يذكر أنه حدثه به، بل قال: قال الحكم بن موسى فهو عنده معلق.
قوله: الصالقة يعني التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة التي تشق ثوبها.
وعن أم عطية، قالت: « أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة، أن لا ننوح» ، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة، أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، وامرأتان، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى .رواه البخاري، وهذا لفظه، ومسلم.
«وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن، أن لا ينحن، فقلن: يا رسول الله إن نساء أسعدننا في الجاهلية أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال: لا إسعاد في الإسلام» رواه الإمام أحمد.
«وعن أبي مالك الإشعري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة.
وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» انفرد باخراجه مسلم
.


وفي حديث جابر في قصة ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم، وفيه: «ألم تنه عن البكاء؟ قال: لا ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجه وشق جيوب ورنة شيطان».الحديث رواه الترمذي
وكذلك تقدمت قصة قتل زيد بن حارثة وأصحابه، «من حديث عائشة، قالت: لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الحزن، قالت عائشة: وأنا أنظر من صائر الباب [شق الباب] فأتى رجل فقال: يا رسول الله، إن نساء جعفر، وذكر بكاءهن، فأمره أن يذهب فينهاهن، فذهب، فأتاه فذكر أنهن لم يطغنه، فأمره الثانية أن ينهاهن، فذهب، ثم أتاه، فقال: والله لقد غلبننا يا رسول الله، قالت: فزعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذهب فاحث في أفواههن التراب قالت عائشة: فقلت: أرغم أنفك، والله ما تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء» .رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظه.
وعن عبيد بن عمير، عن أم سلمة، قالت:  «لما مات أبو سلمة قلت: غريب وفي أرض غريبة، لأبكينه بكاءً يتحدث عنه، فكنت قد تهيات للبكاء عليه إذا أقبلت امرأة من الصعيد تريد أن تسعدني، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتريدين أن يدخل الشيطان بيتاً أخرجه الله منه مرتين؟» فكففت عن البكاء فلم أبك.انفرد بإخراجه مسلم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « النياحة على الميت من أمر الجاهلية، فإن النائحة إذا لم تتب قبل أن تموت فإنها تبعث يوم القيامة عليها سربال من قطران، ثم يعلى عليها بدرع من لهب النار» رواه ابن ماجة من رواية عمر بن راشد اليمامي، وقد ضعفه غير واحد.
وقد روي في صحيح مسلم بأتم من هذا وأبين.
وعن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « لعن الخامشة وجهها، والشاقة ثوبها، والداعية
بالويل والثبور» . رواه ابن ماجة.
والثبور: الهلاك، ومنه قوله تعالى: {دعوا هنالك ثبوراً} ، أي صاحوا: وا هلاكاه.
وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة » . رواه أبو داود من رواية عطية العوفي وقد تكلم فيه.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 19, 2013 4:48 pm

فصل ـ فيما ورد من عذاب الميت بالنياحة
«عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه» ، وفي رواية: «يعذب بما نيح عليه » .ولم يذكر في قبره رواه البخاري ومسلم.
«وعن المغيرة بن شعبة، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه من ينح عليه يعذب بما نيح عليه» رواه البخاري ومسلم.
وعن أسيد بن أبي أسيد عن موسى بن أبي موسى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الميت يعذب ببكاء الحي، إذا قالت النائحة: وا عضداه! وا ناصراه! وا كاسباه! جبذ الميت، وقيل له: أنت عضدها؟ أنت ناصرها؟ أنت كاسبها؟» فقلت: سبحان الله! يقول الله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ، فقال: أحدثك عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول هذا فأينا كذب؟ فو الله ما كذبت على أبي موسى، ولا كذب أبو موسى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.رواه الإمام أحمد.
وعن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ قال: « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كذباً علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعدة من النار» سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ينح عليه يعذب بما نيح عليه» رواه البخاري، وهذا لفظه، ومسلم
.


وعن النعمان بن بشير، قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي وتقول: وا جبلاه، وا كذا وا كذا، تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئاً إلا وقد قيل لي: أنت كذلك؟ ! فلما مات لم تبك عليه.رواه البخاري.
وروى الترمزي في جامعه «عن أبي موسى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من ميت يموت، فيقوم باكيهم فيقول وا جبلاه، وا سيداه، أو نحو ذلك، إلا وكل به ملكان يلهزانه: أهكذا كنت؟» قال الترمذي: حديث حسن غريب.
قوله: «يلهزانه» ، اللهز: الدفع بجميع اليد في الصدر.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:11 pm

فصل ـ في أن البكاء لا ينفع الميت بل ينفعه العمل الصالح
وليعلم أن البكاء المجرد، ليس فيه منفعة للميت البتة وإنما ينفعه عمله، كما في صحيح البخاري ومسلم، من حديث «أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يتبع الميت ثلاث، أهله، وماله، وعمله، فيرجع اثنان، ويبقى واحد: يرجع أهله وماله، ويبقى عمله» .
وفي الصحيح: «إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له» .
فلا منفعة للميت بالبكاء والانزعاج.
قال أبو الفرج بن الجوزي: أما بعد، فإني رأيت عموم الناس، ينزعجون لنزول البلاء، انزعاجاً يزيد عن الحد، كأنهم ما علموا أن الدنيا على ذا وضعت! وهل ينتظر الصحيح إلا السقم؟ والكبير إلا الهرم؟ والموجود سوى العدم؟! كما قيل:على ذا مضى الناس، اجتماع وفرقة ... وميت ومولود وبشر وأحزان
وما أحسن ما روي عن بعض السلف، أن رجلاً جاءه وهو يأكل طعاماً، فقال له: لقد مات أخوك، أعظم الله أجرك فيه، فقال: اقعد وكل، فقد علمت
ذلك، فقال: من أعلمك وما سبقني إليك أحد؟ قال: قوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت} .
ثم قال: ولعمري، إن أصل الانزعاج لا ينكر، إذ الطبع مجبول على الجزع من حلول المنايا، وإنما ينكر الإفراط فيه والتكليف، كمن يخرق ثيابه ويلبس الثياب المرذولة عند موت قريبه، ويلطم وجهه، ويعترض على القدر، وهذا، ومثله، وأكثر منه، لا يرد فائتاً، لكنه يدل على خور الجازع ويوجب العقوبة، مع ما يفوته من الأجر والثواب.
قال بعض الحكماء: إذا كان الصبر محموداً عند المصائب، ومرغوباً فيه عند حلول النوائب، فالجزع مذموم بكل مقال، وصاحبه ملوم في كل حال، فتعجل المحمود عند العقلاء أحسن، وتجنب المذموم من الخصال أزين.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:12 pm

فصل ـ في بيان أن الله سبحانه هو الفعال لما يريد
وفي بعض ما تقدم من أحاديث النهي هذه، كفاية لمن تدبرها، وكيف لا تكون هذه الخصال القبيحة منهياً عنها، وهي مشتملة على التسخط على الرب عز وجل، الفعال لما يشاء، الحكم بما يريد، المتصرف في عبيده بما يختار من موت وغرق وحرق، وغير ذلك مما قضاه وقدره وأمضاه، لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون؟! بل فعل النوح، وشق الثياب، ولطم الخدود، وخمش الوجوه، ونبش الشعر ونتفه، والتحفي، وتسويد الوجه والبدن، والدعاء بالويل والثبور، وغير ذلك من الأقوال والأفعال المنكرة التي ورد الشرع بالنهي عنها، وذم فاعلها، وأن فاعلها شرع في الدين ما لم يأذن به الله ولا رسوله، هو مناف للرضا والصبر، ويضر بالنفس والبدن، ولا يرد من قضاء الله وقدره شيئاً.
وقد بلغني عن أناس أعرفهم، أصيبوا بمصيبة، أزعجوا أنفسهم لأجل مصابهم ببعض ما ذكر، فأورثهم ذلك مرض وحمى، فإذا استسلم المصاب وانقاد، ووكل الأمر لمن بيده الخلق والأمر، وعلم أن سعادة العباد في معاشهم ومعادهم باتباع الرسل، فتبع الرسول
صلى الله عليه وسلم فيما أمره به، وفيما نهاه عنه، وكان مما جاء به تحريم هذه الأفعال والأقوال المنكرة التي تقدم ذكرها: بل «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول ما يسخط ربنا» .
فإذا سمع المصاب ذلك، فأطاع وانقاد، حصلت له السعادة الأبدية باتباعه الرسول في أقواله وأفعاله، لقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..
} الآية.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:15 pm

فصل ـ فيما يفعله الإنسان إذا أحس بدنو أجله
والذي ينبغي أولاً، لمن غاب على الظن أنه يصاب بالموت في مرضه، أن يعامل بأحسن المعاملات، بما ينفعه في قبره ويوم معاده، فيذكره الآخرة، ويأمره بالوصية والتوبة، ويلقنه شهادة أن لا إله إلا الله، لتكون آخر كلامه.
ويكون قبل ذلك قد نهى من لطم الخدود وشق الثياب وتمزيقها، ونتف الشعر، ورفع الصوت بالندب والنياحة، وغير ذلك من قول وفعل منكر، ويكون مع ذلك، في هذه الحالة، رجاؤه بالله أكثر من خوفه، وهو كثير الحمد والاسترجاع والرضا عن الله عز وجل.
وقد روى ابن أبي الدنيا بإسناده، «عن محمد بن مسلمة، قال: بلغني أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أوصني ولا تكثر علي، قال: لا تتهم الله عز وجل في شيء قضاه لك» .
وروى أيضاً بإسناده، «قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: ما كان أكثر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته إذا خلا؟ قالت: كان أكثر كلامه إذا خلا في بيته: ما يقضى من أمر يكن» .
فهذا رسول رب العالمين يقول هذه المقالة، وهو أعرف الخلق، وأعلمهم بالله، فإذا وطن العبد نفسه على أن ما يقضي من أمر يكن لا محالة، فإتعاب النفس والبدن في ما لا يجدي شيئاً ليس من حصافة العقل، ويعلم أن الدنيا موضوعة على الكدر، فالبناء إلى نقض، والجميع إلى تفريق، ومن رام بقاء ما لا يبقى كان


كمن رام وجود ما لا يوجد، فلا ينبغي أن يطلب من الدنيا ما لم توضع له.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:14 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:18 pm

فصل ـ في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه "

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» و «إن الميت يعذب بالنياحة عليه» وقد تقدمت هذه الأحاديث، فاختلف السلف والخلف في ذلك.
فقالت طائفة: الله يتصرف في خلقه بما يشاء، وأفعال الله لا تعلل، ولا فرق بين التعذيب بالنوح عليه، والتعذيب بما هو منسوب إليه، لأن الله تعالى خالق الجميع، والله تعالى يؤلم الأطفال والبهائم والمجانين بغير عمل عملوه.
وقالت طائفة اخرى: هذه الأحاديث لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنكرتها عائشة ـ رضي الله عنها ـ واحتجت بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ثم أحاديث لم نذكرها بعد، وهي مما استدلت بها عائشة رضي الله عنها.
ومنها «عن عروة، قال: ذكر عند عائشة، أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله.
فقالت: ذهل إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن» ، وذلك مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم «قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلى بعض المشركين، فقال ما قال: إنهم ليسمعون ما أقول، وقد ذهل، إنما قال: إنهم ليعلمون أن ما كنت أقوله لهم حق.
ثم قرأ: {إنك لا تسمع الموتى} {وما أنت بمسمع من في القبور} يقول: تبوؤوا مقاعدهم من النار» .
رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظه.هكذا ساقه بطوله الحافظ الضياء.
وعن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، قال: « توفيت بنت لعثمان بمكة، وجئنا لنشهدها، وحضر ابن عمر وابن عباس، إني لجالس بينهما، أو قال: جلست إلى أحدهما، ثم جاء الأخير فجلس إلى جنبي، فقال عبد الله بن عمر لابن عباس: ألا تنهى عن البكاء، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه! فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك.
ثم حدث قال: صدرت مع عمر من مكة، حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو بركب، حتى إذا ظل سمرة، قال: اذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ فنظرت، فإذا صهيب، فأخبرته، فقال: ادعه لي، فرجعت إلى صهيب، فقلت له: ارتحل فالحق أمير المؤمنين، فلما أصيب عمر، دخل صهيب يبكي، يقول: وا أخاه، وا صاحباه، فقال عمر: يا صهيب، أتبكي علي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه؟ ! قال ابن عباس: فلما مات عمر، ذكرت ذلك لعائشة، فقالت: يرحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه.
وقالت: حسبكم القرآن: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عند ذلك: {وأنه هو أضحك وأبكى} ، قال ابن ملكية: والله ما قال ابن عمر شيئاً» .
رواه البخاري، وهذا لفظه، ومسلم.
وفي صحيح البخاري ومسلم، «أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ذكر لها أن عمر وابنه عبد الله يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي.
قالت إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين، ولا متهمين، ولكن السمع يخطىء، وفي لفظ قالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي وأخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكي عليها، فقال: إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها» .
وقالت طائفة أخرى: قوله: إن الميت ليعذب بنوح أهله، محمول على من أوصى به، أو كانت من عادتهم ذلك ولم ينههم، يعني يوصي قبل موته أن لا يحدثوا قولاً ولا فعلاً منكراً.
وهذا كان مشهوراً عند العرب، وهو كثير في أشعارهم كقول طرفة:
إذا مت فانعني بما أنا أهله ...وشقي علي الجيب يا ابنة معبد


وقال لبيد:
فقوما فقولا بالذي قد علمتما ...ولا تخمشا وجهاً ولا تحلقا شعر
وقولا: هو المرء الذي لا حليفه ... أضاع، ولا خان الصديق، ولا غدر
وقالت طائفة أخرى: وهو محمول على سنته وسنة قومه البكاء والنوح، وقد اشتهر أن هذا معروف منهم، فإذا لم ينههم دخل في الوعيد، لأن ترك نهيه عن البكاء دليل على رضائه به منهم.
وهذا قول عبد الله بن المبارك، وهذا القول والذي قبله هو قول واحد، وقد حكى بعض أهل العلم: أن هذين القولين متباينان ولم يظهر لي ذلك، والله أعلم.
وقال أبو البركات ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: هذا القول هو أصح الأقوال كلها وأرجحها، لأنه إذا غلب على ظنه فعلهم له، ولم يوصهم بتركه، فقد رضي به، وصار كمن ترك النهي عن المنكر مع القدرة عليه، فأما إذا أوصاهم بتركه، فخالفوه، فالله أكرم من أن يعذبه بذلك.
وقال العلام ابن المقيم ـ رحمه الله ـ: وقد حصل بهذا القول إجراء الخبر على عمومه في أكثر الموارد، وإنكار عائشة ـ رضي الله عنها ـ لذلك بعد رواية الثقات لا يعول عليه، فإنهم قد يحضرون ما لا تحضره، ويشهدون ما تغيب عنه، واحتمال السهو والغلط بعيد جداً، خصوصاً بحق خمسة من أكابر الصحابة، وقد تقدم ذكره عن أكثر من خمسة من الصحابة.
وقوله في اليهود لا يمنع أن يكون قد قال مارواه عن هؤلاء الصحابة في أوقات أخر، ثم هي محجوجة بروايتها عنه أنه قال: «إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه» ، فإذا لم يمتنع زيادة الكافر عذاباً بفعل غيره، مع كونه مخالفاً لظاهر الآية، لم يمتنع ذلك في حق المسلم، إن الله سبحانه، كما لا يظلم عبده المسلم، لا يظلم الكافر، والله تعالى أعلم.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:15 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:19 pm


فصل ـ في أن ما أورده من الأحاديث لا يخالف قواعد الشرع
واعلم ـ رحمك الله ـ أن هذه الحاديث، لا تحتاج إلى شيء من هذه التعسفات، وليس فيها بحمد الله إشكال، ولا مخالفة لظاهر القرآن، ولا لقاعدة من قواعد
الشرع، ولا تتضمن عقوبة الإنسان بذنب غيره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إن الميت ليعاقب ببكاء أهله عليه أو بنوح أهله عليه، وإنما قال: إنه ليعذب بذلك.
ولا ريب أن ذلك يؤلمه ويعذبه، والعذاب هو الألم الذي يحصل له، وهو أعم من العقاب، والأعم لا يستلزم الأخص.
وقد «قال النبي صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب» .
وهذا العذاب يحصل للمؤمن والكافر، ويحصل للميت الألم في قبره بمجاورة أهل البدع والفسق والعصيان، ويتأذى بذلك كما يتأذى الإنسان في الدنيا بما يشاهده من عقوبة جاره.
ونص الإمام أحمد، على أن الموتى يتأذون بفعل المصيبة عندهم، فإذا بكى أهل الميت عليه البكاء المحرم، من لطم الخدود، وتمزق الثياب، وخمش الوجوه وتسويدها، وقطع الشعر ونتفه، ودعا بدعوى الجاهلية، وكل هذا موجود في غالب جهال أهل زماننا، فإذا وجدت هذه الأفعال والأقوال على هذا الوجه، حصل للميت الألم في قبره بذلك، فهذا التألم هو عذابه بالبكاء عليه.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:15 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:20 pm

فصل ـ في وسوسة الشيطان للمريض ولأقاربه وأهله
قد يستحوذ الشيطان على المريض، فيوسوس له بأنك ستفارق المحبوبات، وتخرج من الدنيا إلى مكان فظيع موحش، وتلقى بين أطباق الثرى، وكيف يؤلمك؟ ! فربما أسخطه على ربه، وكرهه لقاء الله عز وجل.
وربما أنطقه بكلام يتضمن نوع إعراض وتسخط.
ثم يوسوس لأقاربه، بأنه لا بد أن يفوتكم من بره وإحسانه ما يزيد عن الوصف، أو أنه كان قد نشأ منشأحسناً، وقد بدأ يترقى إلى المناصب العالية، فيهيج هؤلاء على البكاء المحرم، وفعل ما لا يجوز فعله، ويهيج المريض على الحزن على فراق الدنيا.
فينبغي لكلا الطائفتين، أن يتداووا بالأدوية الشرعية، وقد تقدم في الباب الأول ما فيه كفاية من الأدوية الإلهية فلا حاجة إلى تكرارها، ولكن يجاب عن هذا بجوابين:
أحدهما: أن الأغلب فيمن يفارقه أنه يؤثر فراقه خصوصاً إن كان شيخاً
كبيراً أو أنه شاب أو كهل يحجر على من ذكرته من قرابة أو ولد ونحوه، أو له خلق شديد، وأخص منه إن كان ذا مال وقد رأيت في زماننا من كان من أصحاب الأموال وهو محسن لأهله وأقاربه، فمرض فأوصى بوصايا لأقاربه لمن ليس بوارث في الحال، فلما مات خلف مالاً جزيلاً، فاشتغل الوارث وغيره بالمال عن الحزن عليه، فأخذوا في الخصام عليه وتفرقته.
فهذا، وهو محسن إليهم بماله، وما أخذوه فهو سريع الذهاب، وأما بره إليهم لو بقي حصل لهم أضعاف ذلك.
فلا ينبغي للعبد أن يحزن لفراق من لا يحزن لفراقه.
وذكر أبو القاسم بن عساكر، قال: أنشدني محمد بن الأشعث لنفسه، في ذم الحزن من حيث هو:
قلم القضاء جرى بكل مكون ... يا صاحب الأحزان ماذا تحزن!
إن كان سخطك ليس يجلب راحة ...فرضاك بالبلوى أحق وأحسن
والثاني الرجاء لملاقاة من هو أحب إليه منه، وما من مؤمن يموت فيؤثر الرجوع إلى الدنيا ولو أنها جميعها له إلا الشهيد.
فإنه يحب الرجوع ليقاتل مرة أخرى، لما يرى من عظم أجر الشهادة، كما سيأتي ذكره بعد.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من نفس مؤمنة مسلمة يقبضها ربها عز وجل تحب أن تعود إليكم وأن لها الدنيا وما فيها» .




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 3:22 pm

فصل ـ فيما ذكر في النعي والمناداة على الميت
وهو إعلام الناس بموت الشخص، على ما يفعله أهل زماننا بالكبير أو بالمشهور، ويرسلون منادياً يعلم الناس به.
قال العلامة ابن القيم في الهدي: «وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ترك نعي الميت، بل كان ينهىعنه ويقول: وهو من عمل الجاهلية» .
انتهى كلامه.
وقال الحافظ ضياء الدين رحمه الله في أحكامه: باب كراهة النعي، وساق في الباب ثلاثة أحاديث، منها: «عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم


قال: إياكم والنعي، فإن النعي من عمل الجاهلية قال عبد الله: أذان بالميت» .رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب.
«وعن حذيفة، قال: إذا مت فلا تؤذنوا بي أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي» .رواه الإمام أحمد وابن ماجة والترمذي، وهذا لفظه، وحسنه.
وعند ابن ماجة: « كان حذيفة إذا مات له الميت، قال: لا تؤذنوا به أحداً إني أخاف أن يكون نعياً، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين ينهي عن النعي» .وروى أحمد أيضاً هذه الزيادة كما رواها ابن ماجة، ولكن لم يقل بأذني هاتين.
وقال سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا ابن عون، قال: قلت لإبراهيم: أكان النعي يكره؟ قال: نعم: قال إبراهيم: إذا توفي الرجل، يركب رجل دابته، ثم صاح في الناس: أنعى فلاناً.
وبإسناده إلى ابن عون قال: سمعت بالكوفة، أن شريحاً كان لا يؤذن بجنازة أحد، فذكرت ذلك لمحمد بن سرين، فقال: إن شريحاً كان مكياً، ما أعلم به بأساً أن يؤذن الرجل صديقه، ويؤذن الرجل جمعه.
وذكر بإسناده، حدثنا حماد عن إبراهيم، أنه قال: لا بأس إذا مات الرجل، أن يؤذن صديقه وأصحابه، إنما يكره أن يكون في المجلس، فيقال: أنعي فلاناً، فعل الجاهلية.
وقد روى الترمذي، «عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من ميت يموت، فيقوم باكيها فيقول: وا جبلاه، وا سنداه، أو نحو ذلك، إلا وكل الله به ملكان يلهزانه، أهكذا كنت؟» قال الترمذي: حديث حسن.
والمقصود أن هذه الأحاديث دالة على النهي، وأنه من فعل الجاهلية، لكن الأحاديث التي ذكرناها، منها ما يدل على أن النعي إعلام الناس بأن فلاناً قد مات، ومنها ما يدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت، فالظاهر أن كلاهما نعي، والله أعلم.
وما يفعله الناس اليوم في زماننا، من إعلام الناس بالميت، والمناداة له، فهو من البدع المنهي عنها، كما ورد في الحديث، فإنه مفض إلى تأخير الميت، لأجل اجتماع الناس له، تأخيراً زائداً عن الحد، ويتركون السنة التي من شأنها الإسراع بالجنازة.
كما «ثبت في سنن أبو داود: أن أبا طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال: إني أرى طلحة قد حدث فيه الموت، فآذنوني به وعجلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم، أن تحبس بين ظهراني أهله» .
وإن كان المراد النعي الذي هو تعداد صفات الميت، فيقال: الذي ينبغي أن يقال: لا بأس بالكلمات اليسيرة إذا كانت صدقاً، لا على وجه النوح والتسخط، فلا يحرم، ولا ينافي الصبر، ولا يكون من المنهي عنه، بل قد نص الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أن الكلمات اليسيرة من الصدق لا تنافي الصبر الواجب.
يؤيد ذلك ما ثبت في صحيح البخاري «من حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة: وا كرب أبتاه، فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم.
فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، فلما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة: أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟»
وعن أنس أيضاً أن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ« دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فوضع فمه بين عينيه، ووضع يده على صدغيه، وقال: وا نبياه، وا خليلاه، وا صفياه» رواه الإمام أحمد.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ« أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم، وكبر عليه أربع تكبيرات» .رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ لهما قال: «استغفروا لأخيكم» .
وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» .
وهذا ونحوه من الأقاويل التي تقدمت، ليس تسخط على الرب تبارك وتعالى بما قضاه وقدره، ولا ينافي الصبر الواجب، ولا يأثم به قائله، والله أعلم
.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:18 pm

الباب الرابع ـ فيمن أصيب بفقد ثلاثة من الولد فأكثر والبشارة له بذلك
قال البخاري: باب فضل من مات له ولد فاحتسب، وقوله تعالى: {وبشر الصابرين} .
«حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، ثنا عبد العزيز، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم من الناس يتوفى له ثلاثة لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» ورواه مسلم من وجه آخر عن أنس.
قوله: «لم يبلغوا الحنث» أي لم يبلغوا سن التكليف الذي يكتب فيه الحنث.
وروى البخاري من حديث «سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار، إلا تحلة القسم» ورواه مسلم من هذه الطريق أيضاً.
قال العلماء: تحلة القسم ما ينحل به القسم وهو اليمين.
وجاء مفسراً في الحديث أن المراد به قوله تعالى { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا }
وبهذا قال أبو عبيد وجمهور من العلماء.
والقسم مقدر أي: والله إن منكم إلا واردها.
وقيل: المراد قوله تعالى: { لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ }
وقال ابن قتيبة: معناه تقليل مدة ورودها، قال: وتحلة القسم في هذا في كلام العرب، وقيل تقديره: ولا تحلة القسم، أي لا تحلة أصلاً، ولا قدراً
يسيراً تحلة القسم.
والمراد بقوله تعالى: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا } : المرور على الصراط، وهو على جهنم.
وقيل الوقوف عندها، أعاذنا الله وإياكم منها.
وروى مسلم أيضاً هذا الحديث، معنى تحلة القسم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد وزهير بن حرب، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة به.
ورواه أيضاً من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري به.
ورواه أيضاً «حدثنا يحيى بن يحيى، قرأت على مالك، عن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فتمسه النار، إلا تحلة القسم» .
ورواه الترمذي من حديث مالك به، وقال: حسن صحيح.
قال الترمذي: وفي الباب: عن معاذ وعمر وكعب بن مالك وعتبة بن عبيد وأم سليم وعائشة وأنس وأبي ذر وابن مسعود وأبي ثعلبة الأشجعي وابن عباس وعتبة بن عامر وأبي سعد وقرة بن إياس.
وقال الإمام أحمد: «حدثنا إسحاق، أخبرنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهم الله الجنة وآباءهم، بفضل رحمته.
قال: يقال لهم ادخلوا الجنة.
قال: يقولون حتى يجيء أبوانا.
قال: ثلاث مرات، فيقولون مثل ذلك.
قال: فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم» .
وروى البخاري من «حديث ذكوان، عن أبي سعيد، أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا منك يوماً، فوعظهن، وقال: أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كن لها حجاباً من النار، قالت امرأة: واثنان.
قال: واثنان» .
وقال شريك «عن ابن الأصبهاني: ثنا أبو صالح، عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة: لم يبلغوا الحنث» .
وقد روى الحديث محمد بن سيرين وأبو رزين وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
وأخرج مسلم «حديث أبي سعيد من حديث شعبة به، وعنده: فقالت امرأة:
واثنين واثنين واثنين يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين واثنين واثنين» ، وهذا الذي علقه البخاري، عن شريك، عن ابن الأصبهاني، قد رواه هو ومسلم من «حديث غندر، عن شعبة، عن ابن الأصبهاني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وقال فيه: لم يبلغوا الحنث» .
وقال عثمان بن إبراهيم المؤذن: «حدثنا عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين، يموت لهما ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهم الله وأبويهم الجنة، قال: يكونون على باب من أبواب الجنة، فيقال: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم» ورواه النسائي من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق عن عوف الأعرابي.
وروى مسلم في صحيحه «عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسوة من الأنصار: لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد، فتحتسبه، إلا دخلت الجنة، فقالت امرأة منهن: أو اثنين يا رسول الله؟ قال: أو اثنين» .
وروى الإمام أحمد في مسنده «عن أبي وائل، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب النساء فقال: ما منكن امرأة يموت لها ثلاثة إلا أدخلها الله الجنة فقالت أجلهن امراة: يا رسول الله وصاحبة الاثنين؟ فقال: وصاحبة الاثنين في الجنة» .
وروى أحمد أيضاً، «من حديث أم سليم بنت ملحان، وهي أم أنس بن مالك، قالت: قال رسول الله: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد، لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهم الله الجنة، بفضل رحمته، قالها ثلاثاً: قلت: يا رسول الله واثنان؟ قال: واثنان» .
وروى المثنى «عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن أم مبشر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هلك له ثلاثة من الولد، فصبر واحتسب، أدخل الجنة، فقلت: يا رسول الله، واثنان؟ ! قال: واثنان» .
وروى مسلم في صحيحه، «من حديث طلق بن معاوية، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أتت امرأة بصبي لها، فقالت: يا نبي الله، ادع الله، فلقد دفنت ثلاثة، فقال دفنت ثلاثة؟ قالت نعم، قال: لقد احتظرت بحظار شديد من النار» .
وقال البخاري في تاريخه قال علي بن هاشم: «حدثني نصر بن عمر ابن يزيد بن قبيصة، قال: حدثني أبي عن قبيصة بن برمة، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالساً، إذ أتته امراة، فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي، فإنه ليس يعيش لي ولد.
قال: وكم مات لك؟ قالت ثلاثة.
قال: لقد احتظرت من النار بحظار شديد» .
وقال سعيد بن منصور: «حدثنا عبيد بن زياد، ثنا أبي، عن زهير ابن أبي علقمة، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن لها مات، وكان القوم عنفوها، فقالت: يا رسول الله، قد مات لي ابنان، منذ دخلت في الإسلام، سوى هذا.
قال: لقد احتظرت من النار حظاراً شديداً» .
قال جماعة من الحفاظ: إسناد صحيح، لكن لا صحبة لزهير هذا، فيكون مرسلاً.
«أما قوله صلى الله عليه وسلم: لقد احتظرت بحظار شديد من النار» ، أي امتنعت بمانع وثيق، وأصل الحظر: المنع، وأصل الحظار، بكسر الحاء وفتحها: ما يجعل حول البستان وغيره من القبضان وغيرها كالحائط.
وفي هذه الأحاديث دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة.
وقد نقل جماعة من العلماء إجماع المسلمين على ذلك.
قال الماوردي: أما أولاد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فالإجماع محقق في الأطفال على أنهم بالجنة.
وأما أطفال من سواهم من المسلمين فجماهير العلماء على القطع لهم بالجنة.
قالوا: ويدل عليه قوله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} وتوقف بعض المتكلمين منهم وأشار أنه لا يقطع لهم كالمكلفين، وهو خطأ.
ولكنهم مستندون إلى «حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ في الصحيح: توفي صبي من الأنصار، فقالت عائشة: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه.
فقال: أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» .
وفي الحديث الآخر: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم القيامة كافراً» أجاب العلماء عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم: إنما نهى عائشة عن المسارعة إلى القطع، من غير أن يكون عندها دليل قاطع، كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله: أعطه إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلماً.
قال النووي: رحمه الله في شرح مسلم: فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، فلما علم قال ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «مامن مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» وغير ذلك.انتهى كلامه.
وقد تقدم عدة من الأحاديث تدل على ذلك كما سيأتي ما هو أتم من ذلك وأبين.
وما ورد من الأحاديث في الثلاثة من الولد ثم سئل عن الاثنين فقال: واثنين، فمحمول على أنه أوحي إليه عند سؤال الاثنين، وكذلك عند سؤال الواحد في بعض الألفاظ، والله تعالى أعلم.
وروى الإمام أحمد بإسناده، «عن شرحبيل بن شفعة، قال: سمعت عتبة بن عبد السلمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية، من أيها شاء دخل» رواه ابن ماجة، من حديث جرير بن عثمان الحمصي به.
وروى أحمد، «من حديث المغيرة، ثنا جرير، ثنا شرحبيل بن شفعة، عن بعض الصحابة، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يقال للولدان يوم القيامة ادخلوا الجنة، فيقولون: ربنا حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا، قال: فيقول الله تعالى: ما لي أراغكم محبنطين ادخلوا الجنة أنتم وآبائكم» .
وروى الإمام أحمد أيضاً، «عن يزيد بن هارون، عن هشام، عن ابن سيرين: بينا امرأة كانت تأتينا، يقال لها مارية، كانت ترزأ في ولدها، فلقيت عبد الله بن معمر القرشي، ومعه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فحدث ذلك الرجل أن امراة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يبقيه لي، فقد مات لي قبله ثلاثة فقال: مذ أسلمت؟ قالت: نعم، فقال: جنة حصينة» .
وروى أيضاً، منفرداً به، لكنه من حديث ابن لهيعة، عن أبي عشانة، أنه سمع عقبة بن عامر، يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: « من أثكل ثلاثة من صلبه، فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة» .
وروى أيضاً في مسنده، «من حديث صعصعة بن معاوية، قال: أتينا أبا ذر، قلت: مالك؟ قال لي عملي، قلت: حدثني قال: نعم! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما، لم يبلغوا الحنث إلا غفر لهما» . ورواه النسائي، عن إسماعيل بن مسعود، عن بشر ابن المفضل، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن صعصعة.
وثم طريق أخرى «عن أبي ذر حدثنا عبد الملك بن عمرو، ثنا قرة، عن الحسن، عن صعصعة بن معاوية، قال: لقيت أبا ذر بالربذة، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله، ابتدره حجبة الجنة، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد، لم يبلغوا حنثاً، إلا أدخلهم الله الجنة، بفضل رحمته إياهم» .


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:18 pm

فصل ـ فيمن أصيب بأربعة من الأولاد
قال عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه: «حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثني بشر بن المفضل، عن داود بن أبي هند، عن عبد الله بن قيس، عن الحارث بن أقيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يموت بينهما أربعة أولاد، إلا أدخلهم الله الجنة.
قالوا: يا رسول الله وثلاثة؟ قال: وثلاثة، قالوا: يا رسول الله واثنان؟ قال واثنان، وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها، وإن من أمتي لمن يدخل بشفاعته الجنة أكثر من بمصر» .
وروى ابن ماجة منه، «وإن أمتي....إلخ» ، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الرحيم بن سلمان، عن داود بن أبي هند به.
وروى داود بن أبي هند «عن عبد الله بن قيس الأسدي، عن الحارث ابن أقيس، قال: كنا عند أبي بردة ليلة، فحدث ليلته عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلمين، يموت لهما أربعة أفراط، إلا أدخلهما الله الجنة، بفضل رحمته، قالوا: يا رسول الله وثلاثة؟ قال: وثلاثة.
وذكر تمام الحديث.
وقد ذكر بعضهم أنه رواه الإمام أحمد ولكني لم أره.
وروى النسائي «من حديث عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، حدثني عمران بن نافع، عن حفص بن عبيد الله عن جده أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة» .
وروى الهيثم بن جميل، «عن الأحوص، عن عاصم الأحول، عن أنس، قال توفي للزبير ولد، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله سخ أنفسنا عن أولادنا، فقال: من مات له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، كانوا له حجاباً من النار» .
وروى عبد الحكيم بن منصور، «عن يونس، عن ابن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن الزبير بن العوام، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من مات له ثلاثة من الأولاد، لم يبلغوا الحنث، كانوا له حجاباً من النار» .
وروى الإمام أحمد، «من حديث لقمان بن عامر عن أبي أمامة، عن عمرو بن عنبسة، قال: قلت له: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه انتقاص ولا زيادة، قال: سمعته يقول: من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم، ومن شاب شيبة في الإسلام، كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله، بلغ به العدو، أصاب أو أخطأ، كان له بعدل رقبة، ومن أعتق رقبة مؤمنة، أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار، ومن أنفق زوجين في سبيل الله، فإن للجنة ثمانية أبواب، يدخله الله من أي باب شاء منها» وكذا رواه عبد الحميد بن بهرام، عن شهر، عن أنس، عن أبي طيبة، عن عمرو بن عنبسة السلمي فذكر نحوه.
ورواه الوضين عن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن أبي عائد، عن عمرو بن عنبسة به.
وقال عبد الرزاق: «سمعت هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن يزيد ابن أبي بكرة، حدثتني حبيبة ـ يعني بنت سهيل، ويقال بنت أبي سفيان ـ، أنها كانت عند أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما من مسلمين يموت لهم ثلاثة من الولد، إلا أدخلهم الله الجنة، بفضل رحمته إياهم» .
وكذا روى محمد بن عبد الله الأنصاري، «عن أبان بن صمعة، عن محمد بن سيرين، عن يزيد بن أبي بكرة، عن حبيبة، أنها كانت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فجلس، فقال: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أطفال، لم يبلغوا الحنث، إلا جيء بهم يوم القيامة، حتى يوقفوا على باب الجنة، فيقال: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، قال ابن سيرين: فلا أدري في الثانية أوالثالثة، فيقال: لهم ادخلوا أنتم وآ باؤكم» .
فقالت أم المؤمنين السيدة عائشة: أسمعت؟ قالت: نعم.
وقال الترمذي: وروى «الأبار ـ قلت: هو أبو حفص، اسمه عمر بن عبيد الرحمن ـ عن الأعمش، عن زر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي أبزى، عن أبيه، عن محمد بن وهب أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لامرأته: هل لك من فرط؟ قالت ثلاثة.
قال: جنة حصينة»
وروى عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة، «عن يزيد بن الحكم، عن عثمان بن أبي العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد استجن بجنة ححصينة من النار، رجل سلف بين يديه ثلاثة من صلبه في الإسلام» .
وعن أم ذر، قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت، فقال: أبشري ولا تبكي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة، فيصبران ويحتسبان، فيريان النار أبداً» ، وقد مات لنا ثلاثة من الولد، رواه الحافظ أبو موسى المديني.
وقال مالك في الموطأ «عن محمد بن ابي بكر، عن أبيه، عن أبي النضر السلمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فيحتسبهم، إلا كانوا له جنة من النار، فقالت امراة منهن: يا رسول الله، أو اثنان، قال: أواثنان» .
قال أبو عمر بن عبد البر: هكذا رواه القعنبي ويحيى بن يحيى، عن مالك.
وقال الآخرون: عن مالك باسناده عن أبي النصر.

قال: وهذا مجهول في الصحابة والتابعين.


انتهى كلامه.


قلت: كذا قال ابن عبد البر، وليس بمجهول كما قال، فإن مسلم رحمه الله قال: في كتاب الكنى والأسامي: أبو النضر عبد الأعلى بن هلال السلمي عن عرباض بن سارية، وروى عنه عامر بن خصيف، فهو تابعي.

وروى إسماعيل بن يحيى التيمي، «عن موسى الجهني، عن مجاهد، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قدم ثلاثة من ولده صابراً محتسباً، حجبوه ـ بإذن الله ـ من النار» .
وروى البخاري في تاريخه من طريق أبان بن صمغة، «عن ابن سيرين، حدثتنا حبيبة خادمة عائشة، أنها كانت في بيت عائشة قاعدة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما من مسلمين، يموت لهما ثلاثة أطفال، إلا أدخلها الله الجنة» .
وفي الأربعين لنصر بن عبد الرزاق: ذكر «عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني رأيت البارحة عجباً، رأيت رجلاً من أمتي، قد احتوشته ملائكة، فجاءه وضوءه فاستنقذه، ورأيت رجلاً من أمتي، خف ميزانه، فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه» وهومقتطع من حديث طويل يأتي.
«وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دفن من صلبه ثلاثة من الولد، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين» رواه بسنده الحافظ ابن عساكر.
قلت: وهذه الأحاديث ـ على اختلاف ألفاظها واتفاق معانيها غالباً، وسيأتي بعد ذلك ما هو مثلها، وما هو أتم وأبين إن شاء الله ـ كلها تدل على أنها وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم في مجالس متعددة، ويدل على اهتمامه واعتنائه ورحمته وشفقته بأمته، إذ كل حديث من هذه الأحاديث، فيه تسلية للأمة عن أولادها،
بل تدل بفحوى الخطاب على أن الشارع صلى الله عليه وسلم أراد تسلية الوالدين عن أولادهما بما أعد الله لهما من الثواب الجزيل على المصيبة، والصبر عليها، فإن اتفق مع ذلك الرضى بها، وكتمانها على الخلق، وطلبها وتلقيها بالقبول، كان ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:19 pm

الباب الخامس: فيمن أصيب بفقد ولدين والاحاديث الواردة فيه
قال مسلم في صحيحه: «حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه أبي السليل بن نفير، عن أبي حسان ـ وهو خالد بن علان ـ، قال: قلت لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يطيب أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم، قال: صغارهم دعاميص الجنة، فيلقى أحدهم أباه ـ أو قال: أبويه ـ بثوبه ـ أو قال: بيده ـ كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى ـ أو قال ينتهي ـ حتى يدخله وإياه الجنة» ورواه الإمام أحمد.
«أما قوله صلى الله عليه وسلم: صغارهم دعاميص الجنة» هو بالدال والعين والصاد المهملات، وأحدهم دعموص، بضم الدال أي صغار أهل الجنة.
قال الشاعر:إذا التقى البحران عم الدعموص ... نفى أن يسبح أو يغوص
وأصل الدعموص: دويبة تكون في الماء لا تفارقه، أي هذا الصغير في الجنة لا يفارقها.
وأما قوله: صنفة ثوبك هي بفتح الصاد وكسر النون، وهي طرفه، ويقال لها أيضاً: صنيفة.
«وأما قوله: فلا يتناهى ـ أو قال ينتهي ـ حتى يدخله الله وإياه الجنة» : يتناهى وينتهي بمعنى واحد، أي لا يتركه والله تعالى أعلم.
وقال أبو يعلى الموصلي: «حدثنا أبو هشام الرفاعي، ثنا ابن فضيل، ثنا بشير بن مهاجر، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الأنصار ويعودهم ويسأل عنهم، فبلغه أن امرأة من الإنصار، مات ابن لها فجزعت عليه، فأتاها، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقوى الله عز وجل والصبر.
قالت: يا رسول الله، إني امرأة رقوب لا ألد، ولم يكن لي ولد غيره.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرقوب التي يبقى ولدها، ثم قال: ما من امرىء مسلم، ولا امرأة مسلمة، يموت لها ثلاثة من الولد، إلا أدخلها الله عز وجل الجنة، فقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بأبي أنت وأمي يا رسول الله، واثنان؟ قال: واثنان» .
ورواه البزار في مسنده «عن أحمد بن عمر، عن جعفر بن عون، عن بشير بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه به، وعنده: فقالت: يا رسول الله، كيف لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد؟ ! فقال إنما الرقوب التي يعيش ولدها.
وعنده: فقال عمر، وهو على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنان؟ قال واثنان» .
وهو على شرط مسلم.
وقال الإمام أحمد: «ثنا عفان، ثنا وهيب، ثنا عبد الله بن عثمان، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، أن أبا ذر رضي الله عنه ـ حضره الموت وهو بالربذة، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت أبكي أنه لا يد لي بنعشك، وليس عندي ثوب يسع لك كفناً، فقال: لا تبكي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وأنا عنده في نفر، يقول:
 ليموتن رجل منكم مسلم، بفلاة من الأرض، يشهده عصبة من المؤمنين.
وكل من كان في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبقى منهم غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق، فإنك سوف ترين ما أقول، فإني ـ والله ـ ما كذبت ولا كذبت، قالت وأن ذلك وقد انقطع الحاج؟ قال: راقبي
الطريق فبينما هي كذلك، إذ هي بقوم، تجذبهم رواحلهم، كأنهم الرخم، فأقبل القوم، حتى وقفوا عليها، فقالوا: مالك؟ قالت: امرؤ من المسلمين، تكفنوه وتؤجرون فيه.
قالوا: من هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، ووضعوا أسياطهم في نحورها يبتدرونه.
فقال: أبشروا، أنتم النفر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال، أبشروا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأين مسلمين، هلك بينهما ولدان أو ثلاثة، فاحتسبا وصبرا، فيريان النار أبداً ثم قال: قد أصبحت اليوم وحيث ترون، ولو أن ثوباً من ثيابي يسعني، لم أكفن إلا فيه، فأنشدكم، لا يكفنني رجل منكم كان أميراً أو عريفاً أو بريداً، فكل القوم كان قد نال من ذلك شيئاً، إلا فتى من الأنصار، كان من القوم، قال: أنا صاحبك، ثوبان في عيبتي من غزل أمي، واحد ثوبي هذين اللذين علي، قال: أنت صاحبي فكفني» تفرد به أحمد.
وقال أحمد: «ثنا حماد بن مسعدة، ثنا جريح، عن أبي الزبير، عن عمرو بن نبهان، عن أبي ثعلبة الأشجعي، قال: قلت: مات لي ـ يا رسول الله ـ ولدان في الإسلام، فقال: من مات له ولدان في الإسلام، أدخله الله الجنة، بفضل رحمته إياهما» .
قال فلما كان بعد ذلك، لقيني أبو هريرة.
فقال: أنت الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الولدين ما قال؟ قلت: نعم.
قال: لأن يكون ما قاله لي، أحب إلي مما غلقت عليه حمص وفلسطين.
وروى الإمام أحمد أيضاً في مسنده «عن ابن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب النساء، فقال لهن: ما منكن امرأة، يموت لها ثلاثة، إلا أدخلها الله عز وجل الجنة، فقالت: أجلهن امرأة يا رسول الله وصاحبة الاثنين في الجنة؟ قال: وصاحبة الاثنين في الجنة» .
«وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال اجتمعن في يوم كذا وكذا، فاجتمعن، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهن مما علمه الله، ثم قال: ما منكن من امرأة، تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة، إلا كانوا لها حجاباً من النار فقالت امرأة: واثنين واثنين واثنين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين واثنين واثنين» رواه البخاري ومسلم ولفظه لمسلم.
«وعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أوجب الثلاثة، قال معاذ: وذو الاثنين يا رسول الله، قال: وذو الاثنين» رواه الإمام أحمد.
«عن ذكوان بن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: أن النساء قلن: غلبنا عليك الرجال ـ يا رسول الله ـ فاجعل لنا يوماً نأتيك فيه، فواعدهن ميعاداً، فأمرهن ووعظهن وقال: ما منكن امرأة، يموت لها ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجاباً من النار.
فقالت امرأة: واثنين، فإنه مات لي اثنان، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين» .
هذا لفظ البخاري، وقد تقدم لفظ مسلم ورواه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة وابن مسعود، وقد تقدم.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:20 pm

الباب السادس ـ فيمن أصيب بفقد ولد واحد
قال الإمام أحمد: «حدثنا يحيى بن اسحاق، ثنا حماد بن مسلم، عن أبي سنان، قال: دفنت ابنا لي، فإني لفي القبر، إذ أخذ بيدي أبو طلحة فأخرجني، فقال: ألا أبشرك؟ قال: قلت: بلى، قال: حدثني الضحاك بن عبد الرحمن، عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: يا ملك الموت، قبضت ولد عبدي؟ قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده؟ قال: نعم، قال: فما قال؟ قال: حمدك واسترجع، قال: ابنوا له بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد» .
وهكذا رواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن أبي سنان عيسى بن سنان، عن أبي طلحة الخولاني به.
وقال: حسن غريب.
«ورواه ابن حبان، ورواه أبو القاسم بن عساكر، ولفظه: إذا مات ولد العبد، قال الله عز وجل لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ قالوا: نعم، قال: فماذا قال؟ قالوا: استرجع وحمدك.
قال: ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد» .
ورواه البيهقي، موقوفاً على أبي موسى، ولفظه: قال: «إذا قبض الله ولد الرجل قال: والله أعلم بما قال العبد، قال: فيقال للملائكة: أقبضتم ولد فلان» ؟ فذكر نحوالذي قبله.
وقال أحمد: «حدثنا يزيد بن هارون، أنبأ العوام، عن محمد بن أبي محمد مولى لعمر بن الخطاب، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من أولادهما، لم يبلغوا ـ الحنث ـ إلا كانوا لهما حصناً حصيناً من النار فقال أبو ذر: مضى لي اثنان يا رسول الله، قال: واثنان فقال: أبي بن كعب ـ أبو المنذر وسيد القراء ـ: مضى لي واحد يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وواحد، وذلك في الصدمة الأولى» ، ورواه الترمذي وقال: غريب، وابن ماجة، جميعاً عن نصر بن علي، عن إسحاق بن يوسف، عن العوام بن حوشب، عن أبي محمد مولى عمر بن الخطاب، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعاً، فذكره.
وأبو عبيدة لم يسمع عن أبيه.
وقال الإمام أحمد في مسنده: «حدثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم التميمي، عن الحارث بن سويد، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون فيكم الرقوب؟ قلنا: الذي لا ولد له، قال: لا، ولكن الرقوب، الذي يقدم من ولده شيئاً» .
ورواه مسلم «من حديث الأعمش.
ورواه البيهقي، ولفظه: أن امرأة قالت: أنا رقوب لا يعيش لي ولد، فقال: إنما الرقوب التي يعيش ولدها، أما تحبين أن ترينه على باب الجنة، وهويدعوك إليها؟ قالت: بلى! قال: فإنه كذلك» .
وقال الإمام أحمد: «حدثنا وكيع، ثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟ فقال: يا رسول الله، أحبك الله كما أحبه.
ففقده النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل ابن فلان؟ قالوا: يا رسول الله مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه: أما تحب أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟ ، فقال رجل: يا رسول الله أله خاصة أو لكلنا؟ قال: بل لكلكم» ورواه النسائي، من حديث شعبة، بمثله.
وفي رواية أخرى، «من حديث هلال بن زيد بن أبي الزرقاء، عن أبيه، عن خالد بن ميسرة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلس إليه نفر من أصحابه، ومنهم رجل له ابن صغير، يأتيه من خلف ظهره، فيقعده بين يديه، فهلك، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة بذكر ابنه، فحزن عليه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي لا أرى فلاناً؟ فقالوا: يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال: يا فلان، أيما كان أحب إليك، أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة، إلا وجدته قد سبقك إليه، يفتحه لك؟ قال: يا رسول الله، بل يسبقني إلى باب الجنة، يفتحها لي أحب إلي.
قال: فذلك لك» رواه النسائي، وهذا لفظه.
ورواه الإمام أحمد والبيهقي، وهذا لفظه.
«ورواه الإمام أحمد والبيهقي، وزادا: فقال رجل: يا رسول الله، أله خاصة أم لكلنا؟ قال: بل لكلكم» .
فذكر مثل الذي قبله.
«ورواه البيهقي من طرق أخرى، وفيه: فقام رجل من الأنصار، فقال: يا نبي الله، جعلني الله فداك، أهذا لهذا خاصة، أو من هلك له طفل من المسلمين كان ذلك له؟ قال: بل من هلك له طفل من المسلمين كان ذلك له» .
وقال الإمام أحمد: «حدثنا يحيى بن إسحاق من كتابه، أنبأنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن حسان بن كريب، أن غلاماً منهم توفي، فوجد عليه أبوه أشد الوجد، فقال: حوشب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في مثل ابنك؟ إن رجلاً من الصحابة، كان له ابن قد دب أو أدرك، وكان يأتي مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم توفي، فوجد عليه أبوه قريباً من ستة أيام، لا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أرى فلاناً! فقالوا: يا رسول الله، إن ابنه توفي، فوجد عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فلان، أتحب لو أن ابنك عندك الآن، كأنشط الصبيان نشاطاً؟ أتحب أن ابنك عندك أجرى الغلمان جرية؟ أتحب أن ابنك عندك كهلاً كأفضل الكهول، أو يقال لك: ادخل الجنة ثواب ما أخذ منك؟» وقد ورد هذا الحديث بعدة طرق، عن أنس بن مالك، وبريدة بن الحصيب الأسلمي، وغيرهما.
وروى الطبراني في معجمه «من حديث إبراهيم بن عبيد بن رفاعة الزرقي عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلاً من الأنصار، كان له ابن، يروح إذا راح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل عنه، فقال: أتحبه؟ فقال: يا نبي الله، نعم، أحبك الله كما أحبه.
فقال: إن الله أشد لي حباً منك له.
فلم يلبث أن مات ابنه ذاك، فراح إلى نبي الله، وقد أقبل بثه، فقال له نبي الله: أجزعت؟ قال: نعم!


قال: أو ما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم يلاعبه تحت ظل العرش؟ ، قال: بلى يا رسول الله» .
هذا حديث غريب.
وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده «من حديث ابن بريدة، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاهد الأنصار، ويعودهم، ويسأل عنهم، فبلغه أن امرأة من الأنصار مات ابن لها، فجزعت عليه، فأتاها، فأمرها صلى الله عليه وسلم بتقوى الله عز وجل والصبر، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة رقوب لا ألد، ولم يكن لي ولد غيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرقوب التي يبقى ولدها، ثم قال: ما من امرئ مسلم، ولا امرأة مسلمة، يموت لها ثلاثة من الولد، إلا أدخلهما الله عز وجل الجنة، فقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، واثنان؟ قال: واثنان» .
«ورواه البزار في مسنده ولفظه: فقالت: يا رسول الله، كيف لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد.
فقال: إنما الرقوب التي يعيش ولدها.
فقال: إنما الرقوب التي يعيش ولدها..
» وذكر تمام الحديث.
ورواه أحمد، «عن حديث معاذ بن جبل، وفيه قال: واثنان؟ قال: واثنان.
قالوا: وواحد؟ قال: وواحد» .
وقد تقدم.
«وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن جزاء، إذا قبضت صفيه من المال والولد، فصبر، إلا أن أدخله الجنة» رواه ابن عساكر، وإسناده فيه ابن لهيعة، والكلام فيه معروف.
وروى أيضاً، «من حديث المنهال بن خليفة، عن ثابت، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً من أهل الأساطين، معروفاً بذلك، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل فلان؟ فقالوا: ابنه شكا وهو يمرضه، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن ابنه، فوجده قد مضى، وجاء الرجل مع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله


صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حسبك عنا؟ قال: إني كنت أمرضه حتى مضى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟ قال: نعم، قال: أجزعت عليه.
قال: نعم، شديداً قال: فما يسرك أن يكون باركاً على باب من أبواب الجنة، يقول: يا أبه أنا ذا فأتني؟ ! قال بلى يا نبي الله، فقال المسلمون عند ذلك: يا رسول الله فمن أصابه منا مصيبة كان ذلك له.
قال: نعم، إذا صبر واحتسب» .
وروى ابن أبي الدنيا، في كتاب الأمراض والكفارات، «عن محمد بن خالد بن السلمي، عن أبيه عن جده ـ وكانت لجده صحبة ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذاسبقت للعبد من الله عز وجل منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده أو في ولده أو في ماله، ثم صبره، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل» .
وروى أيضاً، بإسناده، «عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في جسده، وماله وولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة» .
ورواه الترمزي ومالك في الموطأ.
«وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: إذا وجهت إلى عبدي مصيبة، في بدنه أو ماله أو ولده، ثم استقبل ذلك بصبر جميل، استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً، أو أنشر له ديوناً»
رواه ابن عدي في الكامل.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:18 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:21 pm

فصل ـ في بشارة من مات ولده وصبر
قال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن الحسين، ثنا داود بن المحبر، ثنا سوادة بن الأسود، قال سمعت أبا خليفة العبدي، قال مات ابن لي صغير، فوجدت عليه وجداً شديداً، وارتفع عني النوم، فو الله، إني لذات ليلة في بيتي على سريري، وليس في البيت أحد غيري، وإني لمفكر في ابني إذ ناداني مناد من ناحية الباب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أبا خليفة، فقلت: وعليكم السلام ورحمة الله، قال:ـ ورعبت رعباً شديداً ـ قال: فتعوذ، ثم قرأ آيات من آخر سورة آل عمران، حتى انتهى إلى هذه الآية: {وما عند الله خير للأبرار} ، قال يا أبا خليفة، قلت: لبيك، قال: ماذا تريد؟ تريد أن تخص بالحياة في ولدك دون الناس؟ ! أنت أكرم على الله أم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد مات ابنه إبراهيم؟


و«قال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب» ، أم ماذا تريد؟ تريد أن يرتفع الموت عن ولدك، وقد كتب على جميع الخلق؟ أم ماذا تريد؟ تريد أن تسخط على الله في تدبير خلقه؟ والله، لولا الموت، ما وسعتهم الأرض، ولولا التأسي، ما انتفع المخلقون بعيش، ثم قال: ألك حاجة؟ قلت: من أنت، رحمك الله؟ قال: امرؤ من جيرانك من الجن.
قال الحافظ أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن عبدوس، ثنا أبو هاشم، ثنا محمد بن كاسة، قال: لما مات ذر بن عمر بن ذر، وكان موته فجاة، أتاه أهل بيته يبكونه، فقال: ما لكم؟ إنا ـ والله ـ ماظلمناه، ولا قهرنا، ولا ذهب لنا بحق، ولا أخطىء بنا، ولا أريد غيرنا، ومالنا على الله متعب، فلما وضعه أبوه في قبره، قال: رحمك الله يا بني، لقد كنت بي باراً، ولقد كنت عليك حدباً وما بي إليك من وحشة ولا إلى أحد بعد الله فاقة، ولا ذهبت لنا بعز، ولا أبقيت علينا من ذل، وقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك، يا ذر، لولا هول المطلع ومحشره، لتمنيت ما صرت إليه، فليت شعري ـ يا ذر ـ ماذا قيل لك؟ وماذا قلت؟ ثم قال: اللهم وعدتني الثواب بالصبر على ذر، اللهم فعلى ذر صلواتك ورحمتك، اللهم إني قد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذر صلة مني فلا تعرنه قبيحاً، وتجاوز عنه، فإنك أرحم به مني، اللهم قد وهبت له إساءته إلي، فأنت أجود مني وأكرم، فلما ذهب لينصرف، قال، انصرفنا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك.
ورواها من وجه: أن ذراً لما مات قال أصحابه: الآن يضيع الشيخ ـ يعني والده ـ فإنه كان باراً به، فسمعها الشيخ، فبقي متعجباً، ثم التفت إليهم وقال:أضيع والله حي لا يموت؟ ! ثم سكت حتى دفن، فلما واروه في التراب، وقف على قبره ليسمعهم، فقال: رحمك الله يا ذر، ما علينا بعدك من خصاصة، وما بنا إلى أحد مع الله حاجة، وما يسرني أن أكون المقدم قلبك، ولولا هول المطلع لتمنيت أن أكون مكانك، ثم رفع رأسه، وقال اللهم قد وهبت حقي فيما بيني وبينه له، اللهم فهب حقك فيما بينك وبينه له.
وساق نحواً من القصة الأولى، فبقي القوم متعجبين مما جاء منهم، ومما جاء منه من الرضا والتسليم.
وعن الحسن البصري ـرحمه الله ـ أن رجلاً جزع على ولده، وشكا ذلك إلى الحسن، فقال له: كان ابنك يغيب عنك؟ قال: نعم! كانت غيبته أكثر من حضوره؟ قال: نعم، قال فأنزله غائباً، فإنه لم يغب عنك غيبة خير لك فيها نفعاً أعظم من هذه.
قال: يا أبا سعيد، هونت علي وجدي على ابني.
وعن سلمة، قال: لما مات ابن عمر بن عبد العزيز، كشف أبوه عن وجهه، وقال: رحمك الله يا بني، فقد سررت بك يوم بشرت بك، ولقد عمرت مسروراً بك، وما أتت علي ساعة، أنا فيها أسر من ساعتي هذه، أما والله إن كنت لتدعو أباك إلى الجنة.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: قال أبو الوفاء بن عقيل: مات ولدي عقيل وكان قد تفقه وناظر وجمع أدباً حسناً، فتعزيت بقصة عمرو بن عبد ود الذي قتله علي بن أبي طالب.
فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ...ما زلت أبكي عليه دائم الأبد
لكن قاتله من لا يقاد به ... من كان يدعى أبوه بيضة البلد
فأسلاها وعزاها جلالة القاتل.
فنظرت إلى قاتل ولدي الحكيم المالك، فهان القتل والمقتول لجلالة القاتل وعظمه.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:18 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:21 pm

فصل ـ في الثواب على الولد الصغير والشيخ البالغ
وفي الأحاديث والآثار أكثر ورودها في الولد الذي لم يبلغ الحنث، ولكن الولد الصالح البالغ، أشد مصيبة من والديه، وأكثر حزناً وجزعاً، منهما على الولد الصغير، خصوصاً إذا كان قد برز في العلم، أو له بر وإحسان إلى والديه وأقاربه وأصحابه، أو له صفات جميلة وأفعال حميدة.
وأين يقع الولد الصغير موقع الكبير في النفع لوالديه ولغيرهما، إذا كان متصفاً بما ذكر؟ فهل يستريب عاقل أن الحزن عليه أشد؟ فكذلك أجره أعظم وأكثر.
فإن قيل: البالغ قد جرى عليه القلم وهو من المكلفين، فنهايته يخلص نفسه، يعتقها أو يوبقها.
قيل: الجزاء على الكبير إنما يحصل على الصبر على المصيبة والاسترجاع والحمدلة، بل هو داخل في «قول النبي صلى الله عليه وسلم: ادخل الجنة ثواب ما أخذ منك» .
وروى ابن منده، «من حديث ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة النسائي، عن حسان بن كريب، أن غلاماً منهم توفي بحمص فوجد عليه أبوه، فقال له حوشب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مثل ابنك: إن رجلاً من الصحابة كان له ابن قد أدرك، وكان يأتي مع أبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم توفي، فوجد عليه قريبا من ستة أيام ...
» الحديث، وهذا الحديث ذكر فيه أنه أدرك، وذكر فيه دخول الجنة ثواب ما أخذ منه، وقد تقدم من رواية الإمام أحمد، لكن لم يذكر في روايته أنه أدرك.
وقد روى الحافظ أبو القاسم بن عساكر بإسناده، «عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات له ابن أو ولد، سلم أو لم يسلم، رضي أو لم يرض، لم يكن له ثواب دون الجنة، وفي لفظ آخر: من مات له ابن، صبر أو لم يصبر، احتسب أو لم يحتسب، لم يكن له ثواب إلا الجنة» .
وقد روى ابن عساكر، هذا الحديث، بعدة طرق، وإن كان قد تكلم في بعضها، أو في أكثرها، ففيها بشارة عظيمة لأكثر الناس في زماننا هذا، لأن بموت الولد، في غالب أهل زماننا، يحصل لوالديه جزع وهلع وعدم تصبر، وما ذاك إلا لقلة الزواجر الشرعية، فإن الوعد والوعيد يحصل للعبد به تسلية عظيمة، فنسأل الله تعالى أن لا يمتحنا وإن امتحننا أن يثبتنا.
وقال أبو القاسم بن عساكر: «أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله العكبري ببغداد أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الوراق، أنبأ أبو حفص عمربن أيوب السقطي، ثنا أبو الوليد بشر ابن الوليد القاضي، ثنا الفرج بن فضالة، ثنا هلال أبو جبلة، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، ونحن في صفة بالمدينة، فقام علينا فقال: إني رأيت البارحة عجباً، رأيت رجلاً من أمتي، أتاه ملك الموت لقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه، ورأيت رجلاً من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر، فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلاًمن أمتي، قد احتوشته الشياطين، فجاء ذكر الله عز وجل، فطرد الشياطين عنه، ورأيت رجلاً من أمتي، قد احتوشته ملائكة العذاب، فجاءته صلاته، فاستنقذته من أيديهم، ورأيت رجلاً من أمتي، يلتهب عطشاً، كلما دنا من حوض منع منه وطرد، فجاءه صيامه شهر رمضان فأسقاه وأرواه، ورأيت رجلاً من أمتي، ورأيت النبيين حلقاً حلقاً، كلما دنا إلى حلقة طرد، فجاءه غسله من الجنابة، فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي، ورأيت رجلاً من أمتي، من بين يديه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن فوقه ظلمة، وهو متحير، فجاءه حجته وعمرته، فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور، ورأيت رجلاً من أمتي، يتقي بيده وهج النار وشررها، فجاءته صدقته، فصارت سترة بينه وبين النار، وظلاً على رأسه، ورأيت رجلاً من أمتي، يكلم المؤمنين ولا يكلمونه، فجاءته صلته لرحمه، فقالت: يا معشر المؤمنين، إنه كان وصولاً لرحمه، فكلموه، فكلمه المؤمنين وصافحوه، وصار فيهم، ورأيت رجلاً من أمتي، قد احتوشته الزبانية، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر،فاستنقذه من أيديهم، وأدخله في ملائكة الرحمة ورأيت رجلاً من أمتي، جاثياً على ركبتيه، وبينه وبين الله عز وجل حجاب، فجاءه حسن خلقه، فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل، ورأيت رجلاً من أمتي، قد هوت صحيفته من قبل شماله، فجاءه خوفه من الله عز وجل، فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه، ورأيت رجلاً من أمتي، خف ميزانه، فجاءه أفراطه، فثقلوا ميزانه، ورأيت رجلاً من أمتي، قائم على شفير جهنم، فجاءه رجاؤه من الله عز وجل، فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيت رجلا من أمتي، قد هوى في النار، فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله عز وجل، فاستنقذته من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي قائماً على الصراط، يرعد كما ترعد السعفه في ريح عاصف، فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل، فسكن رعدته ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي، يزحف على الصراط ويحبو أحياناً، ويتعلق أحيانا، فجاءته صلاته علي، فأنقذته وأقامته على قدميه، ورأيت رجلا من أمتي، انتهى إلى أبواب الجنة، فغلقت الأبواب دونه، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله، ففتحت له أبواب الجنة، وأدخلته الجنة» .
هذا الحديث قد ذكر جماعة من الحفاظ، أن لوائح الصحة ظاهرة عليه، وأن القلب يركن الى متنه، وقد أومأت إليه فيما تقدم وبكل حال، في هذا الحديث بشارة عظيمة للأمة عامة، وفيه تطيب خاطر الوالدين على الأطفال خاصة، سواء كان الطفل ولد قبل إسلام والده أو بعده، فإنه صلى الله عليه وسلم، قال: «رأيت رجلاً من أمتي خف ميزانه فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه» .
ويؤيد ذلك، ما ثبت «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مولود يولد على الفطرة» .
قال تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} .
فالولدان الذين يتوفون على ما فطرهم الله عليه من التوحيد، هم من السعداء الذين يدخلون الجنة بلا عمل عملوه، ولا خير قدموه، بل برحمة الله لهم ومنته عليهم.
بل أعظم من هذا، أنهم يشفعون في آبائهم، ولهذا يكونون في البرزخ في كفالة أبيهم إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ


كما ثبت في الصحيح، في حديث المنام الطويل من حديث «سمرة بن جندب، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل وميكائيل، فانطلقا به فأرياه عجائب، وفيه: والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم، والصبيان حوله أولاد الناس» وفي لفظ البخاري: «والولدان حوله، فكل مولود يولد على الفطرة، فقيل: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين» .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وفطرة الله أضافها إليه إضافة مدح لا إضافة ذم، فعلم أنها فطرة محمودة لا مذمومة، يبين ذلك: {فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها} .
ولهذا نصب على المصدر الذي دل عليه الفعل الأول عند سيبويه وأصحابه، فدل على إقامة الوجه للدين حنيفاً هو فطرة الله التي فطر الناس عليها، كما في نظائره مثل قوله تعالى: {كتاب الله عليكم} و {سنة الله التي قد خلت} ، فهو عندهم مصدر منصوب بفعل مضمر لازم إضماره دل عليه الفعل المتقدم، كأنه قال: كتب الله عليكم ذلك، وسن الله ذلك لكم.
انتهى كلامه.
وقد تكلمنا عن الأطفال، وأشبعنا الكلام فيهم، في كتاب مفرد، فمن رام كشفه فليطلبه، ولكن لا يليق التطويل بل ليس نحن بصدده بأكثر من هذا، فهذا تنبيه على الأطفال أنهم ولدوا على الفطرة، وقد ذكرنا في الفطرة نحواً من عشرة أقوال في الصنف المشار إليه، والله أعلم.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:18 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:22 pm

فصل ـ في التأسي ببعض ما كان يفعله الصحابة والتابعون إذا نزلت بهم المصائب
فقد ثبت في صحيح البخاري «عن أنس، قال: اشتكى ابن لأبي طلحة، قال: فمات وأبوه أبوطلحة خارج، فلما رأت امرأته أنه قد مات، هيأت شيئاً، وجعلت


ابنها في جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة، قال: كيف الغلام؟ قالت: قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة، قال: فبات، فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج، أعلمته أنه قد مات، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخبره بما كان منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعل الله أن يبارك لهما في ليلتهما» فقال رجل من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد، كلهم قد قرأ القرآن.
«وفي لفظ أنها قالت لأهلها لما مات ولدها: لا يكلم لأبي طلحة أحد قبلي، فلما دخل، سأل عن الصبي، فقالت: إنه قد هدأ مما كان، وقدمت له طعاماً فأكل، ثم تصنعت له حتى واقعها، ثم قالت: يا أبا طلحة، أرأيت قوماً أودعوا قوماً وديعة، ثم طلبوها منهم، أفما يجب أن يؤدوها إليهم؟ قال بلى، قالت: فاحتسب ابنك.
فغضب لما صنعت به، فلما كان الصباح، ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشكوها إليه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: بارك الله لكما في غابر ليلتكما فجاءت بغلام حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله، وهو الذي كان من سلالته الإخوة القراء، والأول هو أبو عمير الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعبه ويقول له: يا أبا عمير ما فعل النغير» أي ما فعل عصفورك.
فهذه امرأة، قد تصبرت ورضيت، وتثبتت واحتسبت، فأخلف الله لها خيراً من الذي أصيبت به، فإذا نظر من أصيب بمصيبة، إلى امرأة قد فعلت عند المصيبة أمراً لا يكون إلا عند السرور والأفراح، فليتأس الشخص، وليتعلم أوصاف السابقين الأولين، ويعلم الرجال أولى بهذا الصنيع والصبر من النساء.
ولم تصب امرأة في الوجود بما أصيبت به فاطمة ـ رضي الله عنها ـ التي هي سيدة نساء أهل الجنة، فإنها أصيبت بموت أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تقل في هذه الحال العظيمة إلا قولاً صدقاً محفوظاً عنها فإنها قالت: يا أبتاه، من ربه ما أدناه!
يا أبتاه، إلى جبريل أنعاه! يا أبتاه، أجاب رباً دعاه! يا أبتاه جنة الفردوس مأواه! فالذي ينبغي لنا، التأسي بسادات المسلمين من الرجال والنساء.
مات لرجل من السلف ولداً، فعزاه سفيان بن عيينة، ومسلم بن خالد، وآخرون، وهو في حزن شديد، حتى جاءه الفضيل بن عياض، فقال: يا هذا


أرأيت لو كنت في سجن وابنك، فأفرج عن ابنك قبلك، أما كنت تفرح؟ قال: بلى! قال: فإن ابنك، خرج من سجن الدنيا قبلك، قال فسري عن الرجل، وقال تعزيت.
رواه الحافظ ابن عساكر.
وقال مالك: إنه بلغه «عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما يزال المؤمن يصاب في ولده وخاصته، حتى يلقى الله وليست عليه خطيئة» .
وقد تقدم ما رواه الإمام أحمد، والترمذي، من حديث أبي موسى الأشعري.
والمقصود أن من سمع بهذا الحديث وكان قد أصيب بمصيبة حصل له تسلية.
ومن التأسي بمن أصيب في نفسه، فصبر، وعزى نفسه، وتكلم بما حفظ عنه: لما حضرت معاوية الوفاة قال: أقعدوني، فأقعدوه، فجعل يذكر الله ويسبحه، ثم قال: الآن تذكر ربك يا معاوية، بعد الانحطام والانهزام؟ ألا كان ذلك وغصن الشباب ريان؟ ! وبكى حتى علا بكاؤه، ثم قال منشداً:
هو الموت لا منجا من الموت، والذي ...
أحاذر بعد الموت، أدهى وأفظع
ثم قال اللهم يا رب ارحم الشيخ العاصي والقلب القاسي، اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وجد بحلمك، على من لا يرجو غيرك، ولا يثق بأحد سواك، ثم قال لابنه: يا بني، إذا وافاني أجلي، فاعمد إلى المنديل الذي في الخزانة، فإن فيها ثوباً من أثواب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراضة من شعره وأظفاره، فاجعل الثوب مما يلي جسدي، واجعل أكفاني فوقه، واجعل القراضة في فمي وأنفي وعيني، فإن نفعني شيء فهذا، فإذا وضعتموني في قبري، فخلوا معاوية وأرحم الراحمين.
ولما حضرت أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: يبكيني بعد السفر، وقلة الزاد، وضعف اليقين، والعقبة الكؤود التي المهبط منها إما إلى الجنة وإما إلى النار.
ولما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة قال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: اللهم أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت،


فإن غفرت فقد مننت، وإن عاقبت فما ظلمت، لا إله إلا أنت.
وقال سليمان التيمي: دخلت على بعض أصحابنا وهو في النزع، فرأيت من جزعه ما ساءني، فقلت له: هذا الجزع كله، لماذا، وقد كنت بحمد الله على حالة صالحة؟ ! فقال: ومالي لا أجزع؟ ومن أحق مني بالجزع؟ والله، لو أتتني المغفرة من الله عز وجل، لأهمني الحياء منه فما أفضيت به إليه.
ولما حضرت عبد الملك بن مروان الوفاة، جعل يقول: والله لوددت أني عبد لرجل من تهامة أرعى غنيمات في جبالها، ولم أل.
وذكر محمد الطائي الهمذاني في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين، ذكر بإسناده إلى المزني، قال: دخلت على الشافعي ـ رحمه الله ـ في مرضه الذي مات فيه، فقلت: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقاً، ولسوء فعلي ملاقياً، وبكأس المنية شارباً، وعلى الله عز وجل وارداً، فو الله ما أدري أروحي تسير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها؟ ! ثم بكى وأنشد:
فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي، فلما قرنته ... بعفوك ربي، كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفومن الذنب، لم تزل ...تجود، وتعفو منة وتكرما
فلولاك، لم يقو بإبليس عالم ... وكيف، وقد أغوى ضعيفك آدما؟
وقال بعض الصالحين لخادمه، وقد حضرته الوفاة: يا غلام، شد كتافي، وعفر خدي في التراب، ففعل الغلام به ذلك، ثم قال: دنا الرحيل، ثم قال: اللهم لا براءة لي من ذنب، ولا عذر أعتذر به، ولا قوة فأنتصر بها ثم قال: أنت لي، أنت لي، ثم صاح صيحة، فمات فسمعوا صوتاً يقول: اشتكى العبد لمولاه، فقبله.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:18 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:23 pm

فصل ـ في البشارات الهائلة لمن أصيب بمصيبة وإن لم تكن في ولده
ومن المطالب العالية، والبشارات الهائلة، لمن أصيب بمصيبة، وقد تقدم غالبه، ثم نذكر من لم يقدم من ولده شيئاً.


قال الإمام أحمد: «ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة، ثنا يعلى بن عطاء، عن شيخ من أهل دمشق، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس بخ بخ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولد الصالح يموت للرجل فيحتسبه» .
وقد روي هذا الحديث بعدة طرق، «عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الحشحاش العنبري وهو صحابي، بنحو من هذا، لكن بلفظ: بخ بخ لخمس، ما أثقلهن في الميزان» ، ورواه ابن سعد في الطبقات من «حديث سلام الاسود، ولفظه كما تقدم، وفيه والولد الصالح، يتوفى للمرء المسلم، فيحتسبه» ورواه ابن أبي عاصم.
وقال أبو القاسم بن عساكر: قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي، «عن أبي بكر أحمد بن علي الحافظ، أنبأ الحسن بن أبي بكر أنبأ أبو الحسين أحمد بن عثمان، ثنا ابن أبي العوام، ثنا أبي، ثنا إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثني أبي عن أبيه كهيل، عن هانئ ابن بنت الحضرمي، ثنا عبد الله بن عباس، قال: توفي ابن لصفية بنة عبد المطلب، فبكت عليه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبكين يا عمة؟ ! من توفي له ولد في الإسلام كان له بيت في الجنة» ، فسكتت.
وفي صحيح البخاري «عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفية من أهل الدنيا، ثم احتسبه، إلا الجنة» .
وقال الترمذي في جامعه: «حدثنا نصر بن علي الجهضمي، وأبو الخطاب زياد بن يحيى البصري، قالا: ثنا عبد ربه بن بارق، قال: سمعت جدي أبا سماك بن الوليد يحدث، أنه سمع عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان له فرطان من أمتي، أدخله الله بهما الجنة.
فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: فمن كان له فرط من أمتك.
قال: ومن كان له فرط يا موفقة.
قالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال: فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي» .
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد ربه بن بارق.


وقد روى عنه غير واحد من الأئمة.
قال الحافظ الضياء: عبد ربه ابن بارق، تكلم فيه يحيى بن معين، وقال الإمام أحمد: ما به بأس.
وقد روينا في جزاء ابن عرفة مرفوعاً: الموت كفارة لكل مسلم.
والمقصود أن من لم يصب في أولاده، أو لم يكن له أولاد، فالنبي صلى الله عليه وسلم فرطه، لكن أهل المصائب أيضاً يشاركونهم في النبي صلى الله عليه وسلم، فيحصل لهم أجر من جهتين، وقد يحصل للشخص أجر من جهات عديدة من موت وحريق ونهب وغير ذلك، مما يكفر الله به السيئات ويرفع به الدرجات.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:18 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:23 pm

الباب السابع: في ذكر السقط وثوابه، وزيارة القبور
قال الإمام أحمد: «حدثنا عفان، ثنا خالد الطحان، ثنا يحيى التميمي، عن عبد الله بن مسلم، عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة، إذا احتسبته» .
ورواه ابن ماجه أيضاً، والدرامي من حديث يحيى بن عبد الله التميمي به.
«وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله: إن السقط، ليراغم ربه عز وجل، إذا أدخل أبويه النار، فيقال: أيها السقط المراغم ربه، ادخل أبويك الجنة» .رواه ابن ماجة.
وروى ابن ماجة أيضاً، «من حديث يزيد بن رومان، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لسقط أقدمه بين يدي أحب إلي من فارس أخلفه خلفي» .ورواه عبد الله بن الإمام أحمد.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة، نودي في أطفال المسلمين، أن اخرجوا من قبوركم، فيخرجون من قبورهم.
ثم ينادي، أن امضوا إلى الجنة زمراً، فيقولون: يا ربنا، ووالدنا معنا، فينادي فيهم الثانية، أن امضوا إلى الجنة زمراً، فيقولون: يا ربنا، ووالدنا معنا.
قال: فيتبسم الرب جل وعلا في الرابعة، فيقول: ووالداكم معكم، فيثب كل طفل إلى أبويه، فيأخذون بأيديهم، فيدخلونهم الجنة، لهم أعرف بآبائهم وأمهاتهم يومئذ من أولادكم الذين في بيوتكم
» .


رواه ابن شاهين، والحافظ ابن عساكر في ذكر ثواب السقط.

وروي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا محمد بن أبي الوزير، ثنا خلاد بن منصور الواسطي، ثنا داود بن أبي هند، قال: رأيت في المنام، كأن القيامة قد قامت، وكأن الناس يدعون إلى الحساب، قال: فقربت إلى الميزان، فوضعت حسناتي في كفة وسيئاتي في كفة، فرجحت السيئات على الحسنات، فينا أنا كذلك مغموم، إذ أتيت بشيء كالمنديل، أو كالخرقة البيضاء، فوضعت مع حسناتي، فرجحت على السيئات، فقيل: تدري ما هذه؟ قلت: لا، قال: سقط كان لك، قلت: فإنه قد مات لي صبية ابنة لي: تيك ليست لك، لأنك كنت تتمنى موتها.
وروى يزيد بن أبي مريم، عن أبيه عن سهل الحنظلية الأنصاري ـ وكان ممن بايع تحت الشجرة ـ وكان لا يولد له، أنه قال: لأن يولد لي ولو سقط، فأحتسبه، أحب إلي من الدنيا جميعاً.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:19 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:24 pm

فصل ـ في زيارة القبور وحكمها
زيارتها مستحبة، وهي تذكر الآخرة، وتفرح الموتى، بما يحصل لهم من الأحياء، من قراءة واستغفار ودعاء وصدقة ونحو ذلك، فزيارة القبور فيها نفع للأحياء والأموات، فالحي يذكر الآخرة، والموت الذي ما ذكر في قليل من متاع الآخرة إلا كثره، ولا في كثير من متاع الدنيا إلا قلله، ويقرأ على نفسه آيات الصبر وقصر الأمل مثل قوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ...}

وقوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}
وفي صحيح البخاري «من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» .
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.


فإذا تذكر ذلك، حصل له الخشوع والإقلاع، وتذكر من سلف من الأهل والأقارب، هذا في الزيارة النافعة، لا كما يفعل في زماننا هذا، من البدع في الزيارة يوم الخميس والسبت، فتتزين النساء، ويتبهرجن ويجلسن على القبور.
وقد نهى في سنن أبو داود «من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص على جلده، خير له من أن يجلس على قبر.
وقال: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» .
لكن اختلف العلماء في الجلوس ما هو؟ فأكثر العلماء على أنه الجلوس المعروف.
وقال مالك: هو التغوط عليها.
وروي في الموطأ: أن علياً كان يتوسد القبور ويضطجع عليها، وأن ابن عمر كان يجلس على القبور، وأن عثمان بن حكيم قال: أخذ خارجة ابن زيد بيدي فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت، أنه قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليها.
والمقصود أن النساء يخرجن إلى المقابر، وتحضر الشباب الفسقة، فيجلسون على سكك المقابر، ويختلطون بهم في الغالب، وربما تصعد السوقة بملاذ المأكل وغيرها للبيع والشراء، وربما تحدثوا بما لا يليق.
فهؤلاء، قبحهم الله تعالى، وأبعدهم عن بابه، وختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، لأنهم يشاهدون منازل الآخرة ـ يعني المقابر ـ وهم معرضون عما يراد بهم.
وقد نص الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ على أن الموتى يتأذون بفعل المعصية عندهم.
وفي زماننا هذا تفعل المعاصي في الترب، فيحصل للموتى الأذى بذلك، كما نص أحمد علىذلك لأنهم ـ رحمهم الله تعالى ـ قد تيقنوا شؤم عاقبة الذنب، وعاينوا عين اليقين، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
ونص الإمام أحمد: على أن الزيارة للقبور يوم الجمعة قبل طلوع الشمس، فإن الاموات يرون زائرهم.
وقال الغزالي في إحياء علوم الدين: الزيارة تكون يوم الجمعة، ويوم السبت قبل طلوع الشمس.


ويستحب الإكثار من ذكر الموت، كما ثبت في الترمذي وحسنه «من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات» .
ـ يعني الموت ـ.
ويستحب للشخص، إذا دخل المقابر، أن يسلم على أهل المقابر، كما ثبت في صحيح مسلم «عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» .
وفي صحيح مسلم «من حديث سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا من المقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون» نسأل الله لنا ولكم العافية.
وفي صحيح مسلم أيضاً، «من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة، فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين» الحديث.
وروى الإمام أحمد، «عن أبن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: السلام عليكم أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر» .
ورواه الترمذي، وهذا لفظه، وقال: حديث حسن غريب.
ورواه ابن ماجة، «من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ ولفظه: السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط، وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم» .
«وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي، فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً» رواه مسلم.


وللإمام أحمد والنسائي: نهيتكم عن زيارة القبور، فمن أراد فليزر، ولا يقول هجراً.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم« استأذنت ربي، أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها، فأذن لي» .رواه مسلم.
وفي لفظ له: «زار قبرها، فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي، أن أستغفر لها، فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت» .
وعن علي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة» .رواه الإمام أحمد.
ورواه ابن ماجة، «من حديث ابن مسعود، وفيه: فزوروها، فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة» .
ورواه أحمد أيضاً، «من حديث أبي سعد مرفوعاً، وفيه: فزوروها، فإن فيها عبرةً» .
وفيه دليل لمن جوز زيارة القبور للنساء.
وللعلماء فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: تحريمها عليهن، لحديث لعن الله زوارات القبور.
الثاني: يكره.
والثالث: يباح، لما تقدم، فالنساء يدخلن في خطاب الرجال على الصحيح عند الأصوليين.
«وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعني؟ قلنا: بلى، قالت: لما كانت ليلتي، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها عندي، وضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويداً، وانتعل رويداً، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويداً، وجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنعت إزاري،


ثم انطلقت على أثره، حتى أتى البقيع، فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف، فانحرفت، فأسرع، فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر، فأحضرت، فسبقته، فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال: مالك يا عائش حشياء رابيةً؟ قلت: لا شيء، قال: لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته، قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ ! قلت: نعم! فلهزني في صدري لهزة أوجعتني، ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، نعم! قال: فإن جبريل أتاني حين رأيت، فناداني، فأخفاه منك، فأجبته، فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك، وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت، فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: قلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال قولي: السلام على أهل الديار، من المسلمين والمؤمنين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله للاحقون» رواه مسلم.

الباب الثامن: في تطييب خاطر الوالدين على الأولاد
قال الله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} وقد ذكر البغوي في تفسيره بإسناده، «عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} » .
ففي هذه الآية والحديث، دليل على تطييب خاطر الوالدين على أطفالهم، وهذا الذي ينبغي، أن يطيبوا أنفسهم، ويقروا أعينهم، فإنهم، وإن كانوا كباراً، فهم من أهل التوحيد والإسلام، وإن كانوا صغاراً، فهم ممن: {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ، لأنهم ماتوا على الفطرة السليمة، وهم من السعداء الذين يدخلون الجنة بلا عمل عملوه، ولا خير قدموه، بل رحمة الله ومنته عليهم، ولهذا يكونون في برزخهم في كفالة أبيهم إبراهيم الخليل ـ عليه السلام، إمام الحنفاء ـ كما في دعاء الميت إذا كان صغيراً: واجعله في كفالة إبراهيم.
وكما ثبت في صحيح البخاري «من حديث سمرة بن جندب ـ وقد تقدم ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المنام قال فيه: فأما الرجل الطويل الذي في الروضة، فإبراهيم عليه السلام، وأما الولدان حوله، فكل مولود يولد على الفطرة، فقيل: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال وأولاد المشركين» ، و «في رواية للبخاري أيضاً والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم ـ عليه السلام ـ والصبيان حوله أولاد الناس» .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جزع؟ !، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم} » الحديث: رواه البخاري ومسلم، ولفظه للبخاري.
وقال أبو بكر القطيعي: «حدثنا بشر بن موسى، ثنا ابن خليفة، ثنا عون عن خنساء، قالت حدثتني عمتي، قالت: قلت: يا رسول الله، من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة، والشهيد في الجنة والمولود في الجنة، والوئيد في الجنة» .
وكذلك رواه بندار، عن غندر، عن عوف، فذكر مثله
وقال الفراء في كتاب معاني القرآن: عند قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين} ، قال علي رضي الله عنه: هم الولدان.
قال الفراء: وهو شبيه بالصواب، لأن الولدان لم يكتسبوا ما يرتهنون به.
وفي قوله تعالى: {يتساءلون * عن المجرمين} ما يقوي أنهم الولدان، لأنهم لم يعرفوا الذنوب، فلهذا يقولون: {ما سلككم في سقر}
ولكن روى العقيلي بإسناده عن علي ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى {إلا أصحاب اليمين} قال هم أطفال المسلمين، فظاهر هذه الرواية التخصيص بهذه الأمة، والرواية الأولى عامة في كل مولود.
وقال البغوي في تفسيره {إلا أصحاب اليمين} : اختلفوا فيهم، فعن علي أنهم أطفال المسلمين، وهذا يوافق ما رواه العقيلي عنه، ولم يحك عنه خلافه، ثم قال: وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنهم الملائكة.
وقال مقاتل: هم الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق.
وعنه أيضاً: هم الذين
أعطوا كتبهم بأيمانهم.
وعنه أيضاً: هم الذين كانوا ميامين على أنفسهم.
وقال الحسن: هم المسلمون المخلصون.
وحكى القرطبي في تفسيره في هذه الآية الكريمة، أقوالاً كثيرة، ولم يذكر أنهم لا أطفال المسلمين ولا المشركين، إلا أنه ذكر في آخر كلامه عن الفراء أنه قال: هم الولدان، لأنهم لا يعرفون الذنوب.
وقد حكيت قول الفراء قريباً، وأنه أسنده إلى علي ـ رضي الله عنه ـ لكن حكى القرطبي في غير هذا الموضع: أن الأطفال إن ماتوا صغاراً فهم في الجنة، أعني جميع الأطفال، لأن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من صلبه في صورة الذر أقروا له بالربوبية، وهو قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا}
ثم أعادهم في صلب آدم، بعد أن أقروا له بالربوبية، ثم يكتب العبد في بطن أمه، شقياً أو سعيداً، على الكتاب الأول.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:20 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:25 pm

فصل ـ في معنى الفطرة التي نشأعليها كل مولود من بني آدم من ذكر وأنثى
قال الله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} وقال صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» .
وقد قدمنا في ذلك كلاماً مختصراً، ولكن نبين معنى الفطرة لغة وإعراباً.
قال أبو البقاء في إعرابه: فطرة الله، أي: الزموا واتبعوا دين الله التي خلق الناس عليها.
انتهى كلامه.
وقال الطبري: فطرة الله مصدر، المعنى: فأقم وجهك، لأن معنى ذلك: فطر الله الناس على ذلك.
وقال النحاس: سميت الفطرة ديناً، لأن الناس يخلقون له.
وفطر الناس عليها أي لها.


وكذلك معنى قول الزجاج.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فطرة الله، أضافها إليه على الوجه الممدوح، ولهذا نصبت على المصدر الذي دل عليه الفعل عند سيبويه، وقد تقدم كلامه ـ رحمه الله ـ قريباً.
وقال أبو عمر بن عبد البرفي التمهيد: الفطرة في كلام العرب البداءة.
انتهى

فصل ـ في اختلاف العلماء في معنى الفطرة
وقد اختلف بعض العلماء والمفسرون، في المعنى المراد بالفطرة، على أقوال:
أحدهما: أن المراد بالفطرة: الإسلام، قاله أبو هريرة، وابن شهاب، وغيرهما، وهي إحدى الروايات عن الإمام أحمد، ولما ذكر ابن عبد البر النزاع في هذه المسألة في التمهيد قال: وقال آخرون: الفطرة ها هنا الإسلام، قال: وهو المعروف عند عامة الناس وأهل التأويل، ثم قال: وأما قوله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها} فقد أجمعوا على أن قالوا: دين الإسلام.
وليس كما قال: فإن القرطبي وغيره من المفسرين ذكروا في الآية أقوالا كثيرة:
قال القرطبي: وفي معنى الفطرة أقوال متعددة منها دين الإسلام، وهو المعروف عند عامة السلف، ثم قال: ومعنى هذا أن الطفل خلق سليماً من الكفر على الميثاق الذي أخذه الله على ذرية آدم حين أخرجهم من صلبه.
وأنهم إذا ماتوا قبل أن يدركوا فهم في الجنة، أولاد مسلمين كانوا، أو أولاد كفار.
وقال النقاش في تفسيره: وقد اختلف أهل التأويل والأخبار في الفطرة فقيل: على ملة إبراهيم ثم ذكر قريباً مما ذكره القرطبي وقد احتج من نصر هذا القول «بحديث أبي هريرة مرفوعاً ما من مولود يولد إلا على الفطرة» .
واستدلال أبي هريرة بالآية في تمام الحديث، و «بحديث عياض بن حمار بن المجاشعي مرفوعاً يقول: خلقت عبادي حنفاء» وفي بعض ألفاظه «حنفاء المسلمين» .
ويؤيد هذا «ما في الصحيحين: خمس من الفطرة» .
و «في صحيح مسلم: عشر من الفطرة» .
ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، «من حديث عمار بن ياسر: خمس من سنن الإسلام» .
و «في لفظ عشر من سنن الإسلام» .
الثاني: أن المراد بالفطرة: البداءة التي بدأهم الله عليها، من أنهم ابتدأهم للحياة والموت والسعادة والشقاوة.
وتقدم حكاية هذا القول، وأنه حكاه أبو عمر بن عبد البر.
الثالث ـ ليس المراد بالفطرة عموم الناس، وإنما المراد بقوله: فطر الناس: المؤمنون، إذ لو فطر الجميع على الإسلام لما كفر أحد، وقد ثبت أنه خلق أقواماً للنار، كقوله تعالى {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس} .
الرابع ـ أن المراد بالفطرة الخلقة التي خلق عليها المولود في المعرفة بربه، فكأنه قال: كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة، يريد خلقة مخالفة لخلقة البهائم.
واحتج من قال بهذا القول بقوله تعالى: {وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} وتقدم في بسط هذا الكلام له موضع آخر، وأنه في كتاب مفرد على الكلام في أطفال المشركين.
والمقصود أن الولدان يتوفون على ما فطرهم الله عليه من التوحيد والإسلام، فهم من سعداءالآخرة، الذين استحقوا دخول الجنة بلا عمل عملوه، ولا خير قدموه، بل برحمة الله عليهم، ولطفه بهم: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:20 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:25 pm

الباب التاسع: فيمن مات له طفل رضيع أنه يكمل رضاعه في الجنة
قال الإمام أحمد: «ثنا أسود بن عامر، ثنا إسرائيل عن جابر الجعفي، عن عامر، عن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، ومات وهو ابن ستة عشر شهراً، وقال: إن له في الجنة من يتم رضاعه، وهو صديق» .
ورواه أبو يعلى الموصلي.
وجابر الجعفي: ضعيف.
وقال البخاري: «حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، حدثنا عدي بن ثابت، أنه سمع البراء أنه قال: لما توفي إبراهيم ـ يعني ابن النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن له مرضعاً في الجنة» انفرد به البخاري.
وإنما كان كذلك لأنه مات وهو مرضع ابن سبعة عشر شهراً، أو ستة عشر، وقيل: أكثر من ذلك، وقيل: أقل، فالله تعالى أعلم بالصواب.
وفي بعض الروايات: «إن ابني مات في الثدي، وإن له مرضعاً في الجنة» .
فإذا كان هذا خاصاً به عليه السلام فلا كلام، والأصل عدم الاختصاص، إلا أن يقوم دليل عليه، ولم نجده، وإن كان عاماً في حق أولاد المؤمنين ـ كما ذكر في بعض الآثار، ولا يحضرني الآن، ولكن متنه: «إن في الجنة شجرة تحمل الثدي يرتضع منها الولدان» ـ فهي بشارة عظيمة للمؤمنين في ولدانهم، وفيه تطييب خاطر الوالدين
والله تعالى أعلم.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:20 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:26 pm

فصل ـ في شفاعة الأطفال الرضع لوالديهم

«وقد روى المعافى بن الحسين، في كتاب أنس المنقطعين له في الأطفال الرضع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجيء أطفال المسلمين يوم القيامة، عند عرض

الخلائق للحساب، فيقول الله عز وجل لجبريل: اذهب بهؤلاء إلى الجنة، فيقفون على أبواب الجنة، ويسألون عن آبائهم وأمهاتهم، فيقال إن آباؤكم وأمهاتكم ليسوا بأمثالكم، لهم ذنوب وسيئات يطالبون بها، فيصيحون صيحة واحدة عظيمة باكين، فيقول الله سبحانه وتعالى، وهو أعلم: يا جبريل، ما هذه الصيحة؟ فيقول: إلهي، أنت أعلم بهم، هؤلاء أطفال المسلمين يقولون: لا ندخل الجنة حتى يدخل آباؤنا، فيقول الله عز وجل: يا جبريل، تخلل الجمع، وخذ آباءهم وأمهاتهم، واجعلهم معهم في الجنة» .

الباب العاشر: في أنه يصلى على كل مولود مسلم ويدعى لوالديه

وهذا الباب عظيم، لأن فيه بشارة عظيمة لكل من أصيب في أولاده، أو في واحد منهم، لأنه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نصلي عليهم، وأن ندعو لوالديهم، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وجمهور العلماء، على أنه يصلى على الطفل الصغير، وإن سقطاً قد نفخ فيه الروح، وذهب بعض السلف إلى أنه لا يصلى على الصغير ما لم يحتلم.

وسنذكر ما يدفع هذا القول ويضعفه:

قال البخاري: «حدثنا أبو اليمان، ثنا شعبة، قال ابن شهاب: يصلى على كل مولود يتوفى وإن لغية، من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، يدعي أبواه الإسلام، أو أبوه خاصة، وإن كانت أمه على غير دين الإسلام، إذا استهل صارخاً صلي عليه، ولا يصلى على من لم يستهل، من أجل أنه سقط.

وأبو هريرة كان يحدث عن رسول الله، قال: ما من مولود إلا يولد على الفطرة ... الحديث.

وروى أبو داود، «عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قال: مات إيراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو ابن ثمانية عشر شهراً ـ فلم يصلي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

في إسناده محمد بن إسحاق، والكلام فيه معروف، وهو يعضد من قال من السلف بعدم الصلاة على الأطفال، لكن الحديث فيه كلام.

وقد رورى أبو داود أيضاً ضد هذه الرواية «من حديث البهي، قال: لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد» .

هذا مرسل.

ـ والبهي ـ هذا اسمه عبد الله بن يسار، مولى مصعب بن الزبير، تابعي يعد من الكوفيين.

وقد تقدم ما رواه الإمام أحمد، «من

حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى على إبنه إبراهيم..» الحديث.

وقال الإمام أحمد أيضا: «حدثنا هاشم بن القاسم ثنا المبارك، أخبرني زياد بن خير، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الراكب خلف الجنازة، والماشي أمامها قريباً منها عن يمينها أو عن يسارها، والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» ورواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حسن صحيح.

«ورواه ابن ماجة مرفوعاً، ولفظه: قال: الراكب يسير خلف الجنازة، والماشي يمشي خلفها وأمامها، وعن يمينها وعن يسارها، والطفل يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» فذكر ابن ماجة بدل السقط: الطفل.

وروى ابن ماجة، «من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا على أطفالكم فإنهم من أفراطكم» .

«وعن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطفل لا يصلى عليه، ولا يورث ولا يرث حتى يستهل» رواه الترمذي من رواية إسماعيل بن مسلم المكي.

قال الترمذي هذا حديث قد اضطرب الناس فيه، فروي مرفوعاً، وروي موقوفاً، وهو أصح من المرفوع.

قال الحافظ الضياء: إسماعيل بن مسلم المكي قد تكلم فيه غير واحد من الأئمة.

وروى ابن ماجة «عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استهل الصبي صلي عليه وورث» .

الاستهلال: هو رفع الصوت حين خروجه من الأحشاء، والله أعلم.

وهو من رواية الربيع بن يزيد، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة

قال الحافظ الضياء: وقيل: يصلى على الطفل إذا نفخ فيه الروح، استهل أو لم يستهل.

قلت: وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد، أنه يصلى عليه إذا نفخ فيه الروح، وهو أن يستكمل أربعة أشهر.

قال الشيخ مجد الدين: وإن أسقط لدون أربعة أشهر، فلا يصلى عليه، لأنه ليس بميت، إذ لم ينفخ فيه الروح.

وقال ابن تيمية: الصلاة على السقط ما لم ينفخ فيه الروح، مبنية على بعثه، وللعلماء فيه قولان، فإن قلنا: إنه يبعث صلي عليه، وإلا لم يصلى عليه، والله أعلم.

انتهى كلامه.

قال أحمد بن عبدة: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل: متى يصلى على السقط؟ قال: إذا أتى عليه أربعة أشهر، لأنه قد نفخ فيه الروح.

ولكن «حديث المغيرة بن شعبة المتقدم، الذي رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه: والسقط يصلى عليه» و «في رواية ابن ماجة والطفل يصلى عليه» ، ولم يفرق بين أن يكون له أربعة أشهر أو أقل أو أكثر، لكن لم أعلم أن أحداً ذهب إلى الصلاة على السقط مطلقاً إلاسعيد بن المسيب، وهو ظاهر الحديث.

لكن قيل: إن السقط ليس بميت، لأنه لم ينفخ فيه الروح.

يؤيد ذلك ما ثبت في الصحيحين «من حديث ابن مسعود، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ...

» الحديث، فإذا نفخ فيه الروح وجبت الصلاة عليه، وبعث يوم القيامة.

وقد اختلف الناس في هذه الآثار، فمنهم من أثبت الصلاة عليه، ومنع صحة حديث عائشة وغيره من الأحاديث، كما قال الإمام أحمد وغيره، وهذه المراسيل من حديث البراء يشد بعضها بعضاً.

ومنهم من ضعف حديث البراء لأجل جابر الجعفي وضعف هذه المراسيل، قال: حديث ابن اسحاق أصح منها.

قال أبو يعلى الموصلي: «حدثنا عقبة بن مكرم، ثنا بشر بن أبي بكر، ثنا محمد بن عبيد الله الفزاري، عن عطاء، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم، فكبر عليه أربعاً» .

وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي: «حدثنا محمد بن عمر ـ يعني الواقدي ـ، قال: حدثني أسامة بن زيد الليثي، عن المنذر بن عبيد، عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن أمه سيرين، قالت: حضرت موت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صحت أنا وأختي ما نهانا، فلما مات نهانا عن الصياح، وغسله الفضل بن عباس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كإنسان، ثم حمل، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفة القبر،

والعباس إلى جنبه، وترك في حفرته الفضل وأسامة بن زيد، وأنا أبكي عند قبره، ما ينهاني أحد، وخسفت الشمس ذلك اليوم، فقال الناس: لموت إبراهيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها لاتخسف لموت أحد ولا لحياته.

ورأى رسول الله فرجة في اللبن، فأمر بها أن تسد، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما إنها لاتضر ولا تنفع، ولكن تقر عين الحي، وإن العبد إذا عمل عملاً أحب الله أن يتقنه» ومات يوم الثلاثاء، لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول، سنة عشر.

وهكذا رواه الحافظ بن عساكر في ترجمة عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن أبيه، ثم قال: هذا حديث غريب.

ثم ساقه من طرق أخرى، من حديث الزبير بن بكار حدثني محمد بن طلحة عن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة، عن عبد الرحمن بن حسان، فذكر نحوه.

وفيه مدرج يوم وفاته وشهره وسنته، والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه من كلام الواقدي.

ولكن قيل: إن في بعض طرق هذا الحديث أنه صلى عليه، ولكن لم أره في هذين الطريقين، فالله تعالى أعلم بذلك.

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: «حدثنا إبراهيم الشامي، ثنا حماد، عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على صبي أو صبية، وقال: لو نجا أحد من ضمة القبر، لنجا هذا الصبي» .

وقد روى أبو داود مرسلاً «عن عطاء بن أبي رباح، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم، وهو ابن سبعين ليلة» .

قال البيهقي ـ بعد أن ذكر مرسل البهي وقد تقدم ذكره، ومرسل عطاء هذا، وغيرهما من أحاديث الصلاة على الأطفال قال: فهذه الآثار، وإن كانت مراسيل، فبعضها يشد بعضاً، وقد أثبتوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، وذلك أولى من رواية من روى أنه لم يصل ـ يعني حديث عائشة المتقدم المتصل وقد روي متصلاً أنه صلى عليه، من حديث البراء بن عازب ـ وقد تقدم ـ لكنه حديث لا يثبت، لأنه من رواية الجعد ولا يحتج بحديثه.

وقال الخطابي وغيره: اختلف في السبب الذي لأجله لم يصل.

قال بعضهم: إنما ترك الصلاة على ابنه، لأنه استغنى ببنوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليه التي هي شفاعة له كما استغنى الشهيد بشهادته عن الصلاة عليه

وقال غيره: إنما لم يصل عليه، لأنه يوم مات إبراهيم ـ عليه السلام ـ كسفت الشمس، فاشتغل بصلاة الكسوف عن الصلاة عليه، والله أعلم.

رجعنا إلى كلام الخطابي: ثم إنه ذكر مرسل عطاء، وقال هذا أولى الأمرين وإن كان حديث عائشة أحسن اتصالاً، وقد اعتل من لم ير الصلاة على الطفال بترك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة على ابنه، واشتغاله بنفل صلاة الكسوف، والجواب ـ والله أعلم ـ عن ذلك: أن صلاة الكسوف كانت واجبة في حقه، لأنه لو لم يصلها لم نعلمها نحن، وأيضاً ولو لم يقع ذلك لم نعلم كيفية صلاة الكسوف، فصلاته كصلاة الكسوف على هذه الصفة، دليل على أن الله أوحى إليه أن يشرعها لنا على هذه الصفة، ويجب أن يبين كل ما أنزل إليه من ربه، لقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} .

الباب الحادي عشر: في استحباب اصطناع الطعام لأهل المصيبة

وهذا الفعل من محاسن الشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم: إن أهل الميت لا يتكلفون طبخ طعام لأحد من الناس، «بل أمره صلى الله عليه وسلم للناس، أن يصنعوا طعاماً لأهل الميت، ويرسلونه إليهم» ، هذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم، والحمل عن أهل الميت إعانة لهم، وجبراً لقلوبهم، لأنهم في شغل بمصابهم عن إصلاح طعام لأنفسهم، فكيف للناس والاهتمام بأمرهم؟ فإذا صنع الناس لهم الطعام المعروف، وحملوه إليهم، حصلت الراحة لأهل الميت من وجهين:

أحدهما: ـ شغلهم بمصابهم، ثم بتجهيزه وغسله وتكفينه والصلاة عليه، وحمله ومواراته في حفرته، ثم بعد ذلك إذا تفرغوا من هذه الأمور، وحصل لهم سكون ودعة، فإن هذه كفاية لهم عن شغلهم بالناس.

الثاني: ـ عدم الخسارة، فإن عدمها فيها تسلية لأهل الميت فإن في زماننا هذا، ما يتوارى الميت في حفرته، حتى يخسر عليه دراهم كثيرة، فلأن لا يجتمع عليه خسارتان أولى.

وقد وردت السنة بصنع الطعام لأهل الميت، سواء فقد ميتهم في السفر أو في الحضر، وسواء حصلت عليه خسارة أم لم تحصل، فقد حصلت البشارة لمن صنع لهم طعاماً، وحمله إليهم، أنه اتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثل أمره، فقد روى الإمام أحمد في مسنده «عن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال جاء نعي جعفر ـ رضي الله عنه ـ حين قتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد أتاهم ما يشغلهم» .

ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجة.

«وعن أسماء بنت عميس، قالت: لما أصيب جعفر ـ رضي الله عنه ـ رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم، فاصنعوا لهم طعاماً» رواه الإمام أحمد، وابن ماجة، وهذا لفظه.

ويروى عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: ما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:21 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:27 pm

الباب الثاني عشر: في الذبح عند القبور وكراهة صنع الطعام من أهل المصيبة
«عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عقر في الإسلام» رواه الإمام أحمد في حديث طويل هذا منه.وأبو داود، وروى الترمذي نحوه.
وقال حديث حسن صحيح غريب ورواه ابن حبان البستي، وفي رواية عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شيئاً.
أما العقر عند القبور: هو الذبح عندها.
وهذا الفعل عندها فإنه من فعل الجاهلية، وهو فعل محرم على هذه الأمة.
«وقوله عليه الصلاة والسلام: لا عقر في الإسلام» .
قال الخطابي: هو ما كان عليه أهل الجاهلية، من عقر الإبل على قبور الموتى، كانوا إذا مات الشريف الجواد، عقروا عند قبره، وكانوا يقولون: إن صاحب القبر كان يعقرها للأضياف، يقريهم أيام حياته، فيكافأ عليه بمثل صنيعه.
انتهى كلامه.
وقال قوم: كانوا يعقرون الإبل عند القبور، لتطعمها السباع والطير عند قبر الميت، فيدعى مطعماً حياً وميتاً.
وقيل بل كان مذهبهم أن صدى الميت يصيب من ذلك الطعام، فجاء الإسلام فمحا ذلك كله.
وأما هذه البدعة الخبيثة، فهي موجود قريب منها في غالب قرى البر، وهو أن الشخص الذي توفي في بلده، فإن أهل القرى التي حوله يأتون لأجل العزاء، فيذبحون لهم من مال الميت المنتقل إلى ورثته، من أيتام وصغار وغيرهما، بل قد يذبحون البقرة أو نحوها من بهيمة الأنعام، لا يكون للأيتام غيرها، على ماشاهدته وبلغني، فنسأل الله أن يقيض لهذه البدعة من ولاة أمور المسلمين من يبطلها.
«حدثنا ابن هاشم، ثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا إسعاد ولا عقر في الإسلام» ، قد تقدم الكلام على العقر في الإسلام وقوله: لا إسعاد: فهو من إسعاد النساء في المناحات، وهوأن تقوم المرأة في المأتم وتقوم معها أخرى، فيقال قد أسعدتها وهو مسعد.
و «يروى في حديث آخر أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن فلانة أسعدتني أفأسعدها؟ فقال: لا ونهى عن النياحة بالإسعاد» .
وقال: إنها مأخوذة من وضع الرجل يده على ساعد صاحبه إذا تماشيا في حاجة.
وأما صنع أهل الميت طعاماً للناس فمكروه، لأن فيه زيادة على مصيبتهم، وشغلاً لهم إلى شغلهم، وتشبيهاً بصنع أهل الجاهلية، فإنهم يتكلفون طبخ الطعام، كما يفعله أهل البر في زماننا وقد تقدم.
فهذا من النياحة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ثبت في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه، من النياحة.
رواه ابن ماجة، ورواه سعيد بن منصور في سننه ولفظه: أن جريراً وفد على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقال: هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل تتجمعون عند أهل الميت وتجعلون الطعام؟ قال: نعم.
قال: ذاك النوح.
وقال الشيخ موفق الدين ـ رحمه الله ـ في المغني: وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز، فإنهم ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة ويبيت عندهم، فلا يمكنهم إلا أن يضيفوه.
انتهى كلامه.
قلت: وإذا دعت الحاجة إلى صنع الطعام من أهل الميت، لمن يفد من القرى ونحوها، إنما ذاك بشرط أن لا يكون من مال الأيتام، خصوصاً إذا لم يكن لليتيم سوى ذاك الحيوان.
فأما وفود أهل البادية على أهل الميت في قريتهم، فالضيافة على أهل القرية، إما واجبة أو مستحبة، وليست على أيتام الميت، والله تعالى أعلم.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:21 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:27 pm

الباب الثالث عشر: في الثناء الحسن على الميت، وذكر محاسنه والسكوت عن مساويه
واعلم أن من أطلق الله ألسنة الناس فيه بالخير، والثناء الحسن، والذكر الصالح، وغير ذلك من الأقوال الصالحة، غلب على الظن أنه من أهل الخير.
وغير مستنكر إذا أحب عبداً أن يلقي على ألسنة المسلمين الثناء الحسن عليه، وفي قلوبهم المحبة له.
قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً} .
«وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله، إذا أحب عبداً، دعا جبريل فقال: إن الله يحب فلاناً فأحبه.
قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، قال: فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» وذكر في البغضاء مثل ذلك.
رواه البخاري ومسلم.
وقد شاهدنا في عصرنا هذا، وبلغنا عن عصر غيرنا، أن أقواماً من العلماء وأهل الحديث والتجار والسوقة، كثر الثناء عليهم، وصرفت قلوب الناس إليهم، وحصلت الحفلة العظيمة في جنائزهم من كثرة المشيعين لها، وحضرها الألوف من الناس، وربما كثر الخلق في تشييع هؤلاء من الجن والملائكة، وربما سمع ضجة عظيمة من جهة السماء في حال حضور الناس في الجنازة، ولقد أخبرني شيخنا العلامة شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد الخطيب المقدسي، بالجامع المظفري.
تغمده الله تعالى برحمته، قال لي: سمعت هذه الضجة من السماء مراراً لبعض الأموات كهيئة البشائر، ثم قال: وحدثني بها جماعة من أصحابنا، أنهم سمعوا ذلك في بعض جنائز المتهمين بالصلاح، والله تعالى أعلم بذلك.
وذكر قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، ثنا محمد بن يزيد الرفاعي،


قال: مات عمرو بن قيس الملائي، في ناحية فارس، فاجتمع لجنازته من الخلق ما لا يحصى كثرة، فلما دفن نظروا فلم يروا أحداً.
«وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مر بجنازة، فأثنوا عليها خيراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبت.
ومر بجنازة، فأثنوا عليها شراً، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت.
فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ: فداك أبي وأمي يا رسول الله، مر بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقلت: وجبت، ومر بجنازة أثنوا عليها شراً فقلت: وجبت؟ ‍‍! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيراً، وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً، وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض ...
ثلاثاً» وفي لفظ وجبت وجبت ثلاثاً: رواه البخاري ومسلم.
«وفي رواية للبخاري، فقيل: يا رسول الله، قلت لهذا: وجبت، ولهذا وجبت؟ قال: شهادة القوم المؤمنين شهداء الله في الأرض» .
ولما مات الإمام أحمد بن حنبل، قال الهيثم بن خلف: دفنا أحمد بن حنبل، يوم الجمعة، بعد العصر، سنة إحدى وأربعين ومائتين، وما رأيت جمعاً قط أكثر من ذلك.
وقال ابن أبي صالح القنطري: شهدت أربعين عالماً، ما رأيت جمعاً قط مثل هذا، ثم قال عبد الوهاب الوراق: ما بلغنا أن جمعاً في جاهلية ولا إسلام مثل الجمع في جنازة أحمد، حتى بلغنا أن الموضع مسح وحزر على الصحيح، فإذا هو نحو من ألف ألف، وأما النساء فهو من ستين ألف امرأة، وكلهم يشهدون له بالصلاح والولاية، ويرجون بالصلاة عليه البركة، ويثنون عليه بأنواع الخير، رحمة الله عليه.




عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:22 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:27 pm

فصل: بشارة للمؤمن بعمله الصالح
وفي الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيت الرجل، يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه، قال: تلك عاجل بشرى المؤمن» وفي رواية ويحبه الناس عليه.
قال العلماء: معناه: هذه البشرى المعجلة له بالخير هي دليل للبشرى المؤخرة إلى الآخرة، لقوله تعالى: {بشراكم اليوم جنات} ، وهذه البشرى


المعجلة، دليل على رضى الله تعالى عنه، ومحبته له، ومحبته إلى الخلق.
«وعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان» .
وفي لفظ: فاشهدوا له بالخير.
قال الله تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك} الآية.
رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وشهادة الناس له بعد الموت بالخير، هي الشهادة التي كانوا يشهدون له بها في حال الحياة
 والله تعالى أعلم.



عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:22 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:28 pm

فصل: في الكف عن ذكر مساوئ الأموات
«عن أم المؤمنين السيدة /عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» .
رواه الإمام أحمد والبخاري والنسائي.
«وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا موتانا، فتؤذوا أحياءنا» .
رواه أحمد.
«وعن أبي رافع ـ أسلم، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال: من غسل ميتاً، فكتم عليه، غفر الله له أربعين مرة» .
رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
قال ابن السماك: إنما سيفك بين لحييك، تأكل به كل من مر عليك، قد آذيت أهل الدور، حتى تعاطيت أهل القبور، أما أهل القبور، فما ترى لهم وقد جرى البلاء على وجوههم، وأنت هاهنا تنبشهم، ويحك! ما عندك من نبشهم إلا أخذ الخرق عنهم، إذا ذكرت مساويهم فقد نبشتهم.
إنه لينبغي لك أن تترك القول في أخيك، لخلال ثلاث: أما الأولى: فلعلك تذكره لأمر هو فيك، والثانية


لعلك تذكره لأمر قد عافاك الله منه، فهذا جزاؤه إذ عافاك! أما تسمع إذ يقال: ارحم أخاك، واحمد الذي عافاك؟ ‍! .
وفي أبي داود، في الأدب، والترمذي في الجنائز، «من حديث معاوية ابن هشام، عن عمران بن أنس المكي، عن عطاء، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعاً: اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم» .
وقد «روى أبو داود مرفوعاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عير أخاه بذنب قد تاب منه، لم يمت حتى يفعله» .
وأما من جهة الأموات، فقد «روى ابن أبي الدنيا بإسناده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذكروا موتاكم إلا بخير، إن يكونوا من أهل الجنة تأثموا، وإن يكونوا من أهل النار، فحسبهم ما هم فيه


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:22 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:31 pm

الباب الرابع عشر: في فرح العبد وتسليته بكونه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
أن لله علينا من النعم ما لا يحصيها إلا الله تعالى الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة خير الأنام، فإن كل نبي من الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ فضل بشيء، فنبينا فضل به وزاد عليه، وهو أول من تنشق عنده الأرض، وأول شافع، وأول مشفع، وأول من يقرع باب الجنة.
وقد ثبت في صحيح مسلم «عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً» .
«وعن أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأتي معي من أمتي يوم القيامة مثل السيل والليل، فيحطم الناس، فتقول الملائكة: لما جاء مع محمد أكثر مما جاء مع سائر الأنبياء» رواه البزار.
«وعن بريدة بن الحصيب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم» .
رواه الترمذي.
«وعن الطفيل بن أبي، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم غير فخر» .
ورواه الترمذي.
«وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب، مع كل واحد من السبعين ألفاً سبعين ألفاً» .
رواه مسلم.
«وعن الحذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال: غاب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فلم يخرج، حتى ظننا أنه لن يخرج، فلما خرج، سجد سجدة ظننا أن نفسه قد قبضت، فلما رفع قال: إن ربي عز وجل، استشارني في أمتي، ماذا أفعل بهم؟ قلت: ما شئت يا رب، هم خلقك وعبادك، فاستشارني الثانية، فقلت له: كذلك، ثم استشار في


الثالثة، فقلت له: كذلك، فقال: إني لم أخزك في أمتك، وبشرني أن أول من يدخل الجنة زمراً من أمتي سبعون ألفاً، مع كل ألف في سبعون ألفاً، ليس عليهم حساب، ثم أرسل إلي ربي عز وجل: ادع تجب، وسل تعطه، فقلت لرسوله: أو‍ معطني ربي عز وجل سؤلي؟ قال: ما أرسل إليك إلا ليعطيك، وقد أعطاني ربي، غير فخر، أنه غفر لي من ذنبي ما تقدم وتأخر، وشرح صدري، وأعطاني أن لا تجوع أمتي، ولا تغلب، وأنه أعطاني الكوثر، ونهر في الجنة، يسيل من حوضي، وأنه أعطاني العزة والنصرة والرعب، وأنه أعطاني بأني أول الأنبياء دخولاً إلى الجنة، وطيب لي ولأمتي الغنيمة، وأحل لنا كثيراً مما شدد على من قبلنا، ولم يجعل علينا في الدين من حرج، فلم أجد شكراً إلا هذه السجدة» رواه أبو بكر الشافعي.
وقوله: «ولا تجوع أمتي» أي لا تجوع كلها، فإن جاعت في أرض، شبعت في أخرى وكذلك: «لا تغلب» أي كلها، فإن غلبت في موضع، غلبت في موضع آخر، والله أعلم
.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:22 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تسلية أهل المصائب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» تسلية ابن العربى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إسلامنا نور الهدى :: المنتديات العامة والثقافية :: المنتدى الاسلامى-
انتقل الى: