منتديات إسلامنا نور الهدى
تسلية أهل المصائب - صفحة 3 24dhvkk
منتديات إسلامنا نور الهدى
تسلية أهل المصائب - صفحة 3 24dhvkk
منتديات إسلامنا نور الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات إسلامنا نور الهدى

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ
 
الرئيسيةمنتديات اسلامناأحدث الصورالتسجيلدخول

عن النبي صلى الله عليه وسلم : من قال في أول يومه أو في أول ليلته(بسم الله الذي لم يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة)للأستزادةوالشرح قسم الحديث الشريف بالمنتدى-مع تحيات الهوارى-المراقب العام

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين،وأصلح لي شأني كله،لا إله إلاأنت.مع تحيات الهواى المراقب العام

لا إله إلا الله العظيم الحليم،لا إله إلا الله ربّ السّموات والأرض،وربّ العرش العظيم.

يا مَن كَفاني كُلَّ شَيءٍ اكفِني ما أَهَمَّني مِن أمرِ الدُّنيا والآخِرَة، وَصَدِّق قَولي وَفِعلي بالتَحقيق، يا شَفيقُ يا رَفيقُ فَرِّج عَنِّي كُلَّ ضيق، وَلا تُحَمِلني ما لا أطيق.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ وَأَعُوذُبِكَ مِنَ التَرَدِّي،وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الغَرَق وَالحَرْقِ وَالهَرَمِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَيْطَانُ عِنْدَالمَوْتِ وَأَعُوذُبِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيِلِكَ مُدْبِرَاً.


يا أهل مصر, نصرتمونا نصركم الله،وآويتمونا آواكم الله،وأعنتمونا أعانكم الله،وجعل لكم من كل مصيبة فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا"ستظل هذه الدعوات المباركات حصنًا وملاذًا لكل المصريين فقدحظيت مصر بشرف دعاء السيدة زينب بنت الأمام على رضي الله عنها لأهل مصر عندما قدمت إليها- مع تحيات الهوارى المراقب العام بالمنتدى

عن السيدة أسماءابنةعميس قالت علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب(الله,الله ربي لا أشرك به شيئاً(


اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالعَجْز وَالكَسَلِ وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ وَضَلْع الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ وَدَرْكِ الشَقَاءِ،وَسُوءِ القَضَاءِ وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ

منتديات إسلامنا نور الهدى عن عبدالرحمن بن أبى بكرة أنه قال لأبيه:يا أبت أسمعك تدعو كل غداة:اللهم عافني في بدني ,اللهم عافنى في سمعي,اللهم عافني في بصري,لا إله إلا أنت,تعيدها ثلاثاً حين تصبح وحين تمسي فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأنا أحب أن أستن بسنته

منتديات إسلامنا نور الهدى:أرسى النبي محمد مبادئ الحجرالصحي للوقاية من الأوبئة ومنع انتشارها حيث قال في حديثه عن الطاعون: "إِذا سمعتم به بأرضٍ؛ فلا تقدموا عليه، وإِذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فرارًا منه"، كما أنّ هناك نص قرآني صريح في سورة البقرة الآية 195"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"بالإضافة للحديث النبوي"لا ضرر ولا ضرار"ومن هنا نستنتج أن الوقاية من الوباء واتخاذ الإجراءات الوقائية هي أمر شرعي لا بد منه وقد نصحنا النبي محمد باتخاذ الإجراءات الوقائية لأنفسنا وأيضًا للأدوات التي نستخدمها فحسبما ورد عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صل الله عليه وسلم )غطوا الإناء،وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء،أوسقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء)وعن أم المؤمنين السيدة عائشة،رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله إذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه، ثم يأكل أو يشرب،وعن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال:كان رسول الله إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه".إذًا فمبادئ الوقاية من الأوبئة والأمراض قد أقرها النبي محمد وهي واجب شرعي يجب على كل مسلم القيام به سواء كان اتباع إجراءات الوقاية الشخصية والحفاظ على النظافة وعدم نقل العدوى وأيضًا الالتزام بالحجر الصحي.

تٌعلن إدارة منتديات إسلامنا نور الهدى عن طلب مشرفين ومشرفات لجميع الأقسام بالمنتدى المراسلة من خلال الرسائل الخاصة أو التقدم بطلب بقسم طلبات الإشراف .. مع تحيات .. الإدارة

 

 تسلية أهل المصائب

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
كاتب الموضوعرسالة
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد أغسطس 18, 2013 6:13 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

تسلية أهل المصائب

المؤلف: محمد بن محمد بن محمد، شمس الدين المنبجي (المتوفى: 785هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

الطبعة: الثانية، 1426 هـ - 2005 م

عدد الأجزاء: 1

الباب الأول ـ في المصيبة وحقيقتها وما أعد الله لمسترجعها

قال الله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نعم العدلان ونعمت العلاوة.

{أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} الآية.

ذكره البخاري تعليقاً.

وقال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} .

قال علقمة وجماعة من المفسرين: هي المصائب تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم والآيات في هذا الباب كثيرة.

قال أهل اللغة: يقال مصيبة ومصابة ومصوبة.

قالوا: وحقيقته الأمر المكروه يحل بالإنسان.

وقال القرطبي: المصيبة كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه.

يقال: أصابه إصابة ومصابة وصابة.

والمصيبة واحدة المصائب.

والمصوبة بضم الصاد مثل المصيبة.

وأجمعت العرب على همز المصائب، وأصله الواو، وكأنهم شبهوا الأصل بالزائد، ويجمع على مصاوب، وهو الأصل، وعلى مصائب.

والمصاب: الإصابة.

قال الشاعر:

أسليم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام تحيةً ظلم

وصاب السهم القرطاس يصيبه صيباً: لغة في أصابه.

الإنسان وإن صغرت، وتستعمل في الشر.

و «روى عكرمة مرسلاً: إن مصباح النبي صلى الله عليه وسلم انطفأ ذات ليلة، فقال: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ، فقيل: أمصيبة هي يا رسول الله؟ قال: نعم! كل ما آذى فهو مصيبة» .

وفي صحيح مسلم «من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن، حتى الهم يهمه، إلا كفر الله به من سيئاته» .

والوصب: المرض ـ والنصب: التعب.

وفي الصحيحين «عن عروة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز وجل بها عنه حتى الشوكة يشاكها» .

وقال الإمام أحمد: «ثنا يونس، ثنا ليث ـ يعني ابن سعد ـ، عن يزيد ابن عبد الله، عن عمرو، بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أم سلمة، قالت: أتاني أبو سلمة يوماً من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً سررت به، قال: لا تصيب أحداً من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم اؤجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا فعل ذلك به.

قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت في مصيبتي وقلت: اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منه ـ وفي لفظ: خيراً منها ـ ثم رجعت إلى نفسي وقلت: من أين خير لي من أبي سلمة؟ فلما انقضت عدتي، استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أدبغ إهاباً لي، فغسلت يدي من القرظ وأذنت له، فوضعت له وسادة من أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة، ولكني امرأة في غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن، وأنا ذات عيال، فقال: أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل عنك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل ما أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي، قالت: فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فتزوجها رسول الله» ، فقالت أم سلمة بعد: أبدلني الله بأبي سلمة خيراً منه: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روي هذا الحديث بعدة طرق في الصحاح والمسانيد، وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.
يتبع
إن شاء الله تعالى.


عدل سابقا من قبل الهوارى في السبت فبراير 15, 2020 8:01 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:57 pm

فصل ـ في حياة الميت في قبره والخلاف في ذلك
ومن غرائب ما ذكره أبو محمد بن حزم في كتابه في الملل والنحل.
قال: وأما من ظن أن الميت يحيا في قبره يوم القيامة فخطأ، لأن الآيات التي ذكرناها تمنع من ذلك، وكان قد ذكر قبل ذلك قوله تعالى: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} وقوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم} ثم قال: ولو كان الميت يحيا في قبره، لكان تعالى أماتنا ثلاثاً، وهذا باطل وخلاف القرآن، إلا من أحياه الله آية لنبي من الأنبياء، فصح بنص القرآن أن أرواح سائر من ذكرنا لا ترجع إلى أجسادها إلا إلى أجل مسمى ـ وهو يوم القيامة ـ وأخبر يوم بدر، إذ خاطب الموتى، أنهم قد سمعوا قوله قبل أن يكون لهم قبور، ولم ينكر على الصحابة قولهم قد جيفوا.
واعلم أنهم سامعون قوله مع ذلك، فصح أن الخطاب والسماع لأرواحهم بلا شك، وأما الجسد فلا حس له.
وقد قال تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور} فنفى السمع عمن في القبور وهي أجساد، ولم يات قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر صحيح، أن أرواح الموتى ترد إلى أجسادهم عند المسألة، ولو صح ذلك عنه لقلنا به، وإنما هذه رواية شاذة عن المنهال بن عمرو وحده، وليس بالقوي، تركه شعبة وغيره.
وقال جماعة من الحفاظ: ما جازت للمنهال شهادة في الإسلام قط.
انتهى كلامه.
فهذا مضمون ما ذكره.
ومن اطلع على ما قدمته من أحاديث، وآمن بها وصدقها، فليحمد الله تعالى على التوفيق لذلك، فإنه لو لم تكن هذه الأحاديث، كان إجماع الناس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على إعادة الروح في الجسد لأجل المسألة، فكيف وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ! بل قد كفانا الرسول صلى الله عليه وسلم أمر هذه المسالة وأغنانا عن أقوال الناس، حيث صرح بإعادة الروح إليه، وما كان يليق بأبي محمد بن حزم أن يجازف هذه المجازفة، وأن يقول القول بهذا الخطأ: فجوابه مردود بالنصوص الصريحة المتقدم ذكرها، وهو «قوله صلى الله عليه وسلم: فتعاد روحه في جسده» ، بل لقد قيل: إن هذا إجماع الأمة على هذا، وأنهم تلقوه بالقبول، وأنهم مجمعون على: من رد ذلك وأنكره، إنه مخطىء، وأن تصديق ذلك من الإيمان بالبعث.
ولكن إن أراد ابن حزم أن الميت لا يحيا في قبره الحياة المعهودة في الدنيا، التي يقوم فيها الروح بالبدن وتدبره وتصرفه، ويحتاج معها إلى الطعام والشراب واللباس، فهذا صحيح، يشهد العقل بصحة ذلك، وإن أراد به حياة أخرى غير هذه الحياة، بل تعاد الروح إليه غير الإعادة المألوفة في الدنيا، لأجل المسألة والامتحان، كما وردت بذلك النصوص الصحيحة، فهذا حق، ونفيه خطأ بين، بل نفيه باطل قادح فيمن نفاه، بل قد ورد في سنن أبي داود مرفوعاً «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من رجل يمر بقبر أخيه، كان يعرفه في الدنيا، فسلم إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام» فهذه إعادة الروح إلى الجسد أيضاً غير الإعادة المألوفة في الدنيا لأجل رد السلام، بل لو سلم على الميت في الليل والنهار مراراً عديدة، عادت روحه لرد السلام ولا يلزم من ذلك أن يحيا الحياة المعروفة.
وقوله: الحديث لا يصح، لتفرد المنهال بن عمرو به، فهذه مجازفة، فإن ما قيل فيه، قال أحمد تركه شعبة.
هذا مضمون ما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في الكلام على الرجال، ولم يذكر أن أحداً رد شهادته، والحديث صحيح لا شك فيه، وقد رواه عن البراء بن عازب جماعة غير المنهال،منهم عدي بن ثابت،ومحمد بن عقبة،ومجاهد وغيرهم.
قال العلامة بن القيم ـ رحمه الله ـ: الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق، متغايرة الأحكام:
أحدهما: تعلقها به في بطن الأم.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه.
الرابع: تعلقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه، فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً بحيث لا يبقى لها التفات إليه، بل تعاد إليه وقت المسألة، وترد إليه أيضاً وقت سلام المسلم، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب إعادة البدن قبل القيامة.
الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد.
وهو أكمل تعلقها به، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق البتة، إذ هو تعلق لا يقبل البدن موتاً ولا نوماً ولا فساداً، والله أعلم.
انتهى كلامه.
فهذا العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ قد كفانا مؤنة الرد بلا تكلف.

قال الشيخ ابن تيمية الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن وقت السؤال، وسؤال البدن بلا روح قول طائفة من الناس، وأنكره الجمهور، وقابلهم آخرون فقالوا: السؤال للروح بلا بدن، وهذا قاله ابن مسرة وابن حزم، وكلاهما غلط، والأحاديث الصحيحة ترده، والله أعلم.
انتهى كلامه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:58 pm

الباب السادس والعشرون ـ في اجتماع الأرواح وهيئاتها، وأين محلها، والخلاف في ذلك
قال الله تعالى: {ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي} وقال الله تعالى: {ونفخت فيه من روحي} وقوله: {فنفخنا فيه من روحنا} و «قوله صلى الله عليه وسلم: ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح» .
وأما قوله تعالى: {فأرسلنا إليها روحنا} و {يقوم الروح والملائكة صفا} فهل هو جبريل، أو ملك آخر؟ فيه خلاف للمفسرين.
وأما كلام العلماء في هذا الباب، فقد ألف الناس فيه شيئاً كثيراً، لكن على غير هذا الترتيب، فنذكر نبذة يسيرة، جامعة لكلام غالب العلماء، في مستقر الأرواح بعد الموت إلى أن تقوم الساعة، هل هي في السماء أم في الأرض؟ وهل هي في الجنة أم في النار؟ وهل تنعم في أجسادها وتعذب، أم تودع في أجساد غير أجسادها؟ أم تكون مجردة، أو تعدم بالكلية، فلا يبقى لها وجود أصلاً؟
فقد نقلوا عن العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً متبايناً، ذهب كل طائفة إلى قول نصرته ورجحته على غيره، وهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، وهذه المسألة إنما تعرف من جهة الشرع بالسمع.
فمن العلماء من ذهب إلى أن أرواح المؤمنين والشهداء في الجنة، بشرط أن لا يحسهم عنها ذنب عظيم، كمظالم العباد ونحوها، فإذا كانوا خالين من ذلك تلقاهم ربهم بالعفو والرحمة.
قال الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون} ، وممن ذهب إلى هذا القول: أبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وجماعات من السلف.
قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: إن أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار.
وذهبت طائفة إلى أن أرواح المسلمين على أبواب الجنة، يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها.
وقال أبو عبد الله بن منده: وقالت طائفة من العلماء من الصحابة والتابعين: أرواح المؤمنين عند الله عز وجل، ولم يزيدوا على ذلك.
ثم قال: وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أن أرواح المؤمنين بالجابية، وأرواح الكفار في بئر برهوت ـ بئر حضرموت ـ.
وقال أبو عمر بن عبد البر: أرواح الشهداء في الجنة، وأرواح عامة المؤمنين على أفنية قبورهم.
وحكى ابن المبارك، عن ابن جريج، فيما قرئ عليه، عن مجاهد قال: أرواح المؤمنين في الجنة، يأكلون من ثمارها، ويجدون ريحها.
وقال مالك: بلغني أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت.
وقال صفوان بن عمر: سألت عامر بن عبد الله، هل لأنفس المؤمنين مجتمع؟ قال: إن الأرض التي يقول الله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال: هي الأرض التي تجتمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث.
وقال هي الأرض التي يورثها الله المؤمنين في الدنيا.
وقال كعب الأحبار: أرواح المؤمنين في عليين، في السماء السابعة وأرواح الكفار في سجين، في الأرض السابعة.
وروي، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: أرواح الأبرار في عليين، وأرواح الفجار في سجين، وعن عبد الله بن عمر نحوه.
وذهب طائفة من العلماء، إلى أن أرواح المؤمنين في بئر زمزم.
ولم أطلع على دليل يدل على هذا القول.
ثم قال أرباب هذا القول: وأرواح الكفار في بئر برهوت.

وقال سليمان الفارسي: أرواح المؤمنين تذهب حيث شاءت، كما قال مالك ـ وقد تقدم ـ وأرواح الكفار في سجين.
وقال ابن قتيبة: ذهب جماعة من العلماء، إلى أن أرواح المؤمنين على أفنية قبورهم.
ومنهم من ذهب من أهل السنة والجماعة، إلى أن أرواح المؤمنين والكفار في القبور، وأن الروح تنعم وتعذب في القبر إلى يوم القيامة، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، وأن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، ولهذا نهى عن الجلوس على القبر، وأمر بالسلام عليهم، وقال: إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك، حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة.
وذهب جماعة من العلماء إلى أن محل الأرواح ومستقرها في سماء الدنيا، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، أنه رأى ليلة أسري به في السماء الدنيا آدم عليه السلام، وعن يمينه أرواح أهل السعادة، وعن شماله أرواح أهل الشقاوة.
ومن هذا الباب ما ثبت في صحيح البخاري «من حديث سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤيا، إلى أن قال فيه، فأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإبراهيم عليه السلام، وأما الولدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة، فقيل يا رسول الله: وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين» .
«وفي رواية له: والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم والصبيان حوله أولاد الناس» ، فهذا الحديث ليس هو عام في جميع الأرواح، وإنما هو خاص بأرواح الصغار، وما رأيت أحداً ذهب إلى التفرقة بين أرواح الصغار والكبار لهذا الحديث، ولا أعلم أحداً قال به، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:58 pm

فصل: فيما جاء في أرواح الشهداء وغيرهم وأمكنتها
وقد أشرنا إلى بعضه فيما تقدم، ولو ذكرنا كل قول، وحجج من نصره وذهب إليه، لطال الكتاب وخرج عن موضوعه، ولكن نذكر ما يسره الله تعالى من الأحاديث، فمنها ما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود ـ كذا وقع في نسخ معتمد عليها، ووقع في بعض النسخ عبد الله فقط، فمن الحفاظ من يقول عبد الله بن عمرو، ومنهم من يقول ابن مسعود، والله أعلم بالصواب ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الشهداء: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوى إلى تلك القناديل» .
«وفي حديث قتادة لفظ غريب.
قال: أرواح المؤمنين في صورة طير بيض» .
قال القاضي عياض: في هذا الحديث ذكر أرواح الشهداء، وفي حديث مالك: إنما نسمة المؤمن، لم يذكر الشهداء، والنسمة تطلق على ذات الإنسان جسماً وروحاً، وتطلق على الروح مفردة، وهو المراد بها في هذا الحديث، والله أعلم.
وفي الحديث دلالة على أن المراد بها الروح قطعاً، فإنه قال: حتى يرجعه الله إلى جسده يوم القيامة، ولكن تارةً في هذا الحديث ذكر نسمة المؤمن، وفي اللفظ الآخر أرواح الشهداء.
وقد ورد في حديث ابن عمر، أن غير الشهداء إنما يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي، كما رود في النظر، في قوله تعالى في حق آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً} .
قال القاضي عياض أيضاً، في موضع آخر: وقيل: المراد جميع أرواح المؤمنين الذين يدخلون الجنة بغير عذاب، فيدخلونها الآن بدليل عموم الحديث.
كذا ذكره النووي في شرح مسلم.
وقد «ورد بلفظ آخر في صحيح مسلم، أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها» .
ليس فيه ذكر أجواف الطيور.
وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن الشهداء المؤمنين.
وذكر ابن منده بإسناده، «عن اسماعيل بن طلحة بن عبد الله، عن أبيه، قال:أردت مالي بالغابة، فأدركني الليل، فآويت إلى قبر عبد بن عمرو بن حزم، فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ذاك عبد الله، ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم، فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت، وعلقها وسط الجنة؟ فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم، فلا تزال كذلك، حتى إذا طلع الفجر، ردت أرواحهم إلى مكانهم التي كانت» .
وأخبر سبحانه وتعالى عن أرواح قوم فرعون، أنها تعرض على النار غدواً وعشياً قبل يوم القيامة، وليس للعقول في هذا مجال، فإنه سبحانه وتعالى يتصرف فيها كيف شاء، وغير مستحيل أن يصور هذا الجزء طائراً، أو يجعل في جوف طائر، أو في حواصل طير، أو في قناديل معلقة بالعرش.
قال العلامة ابن القيم: وهذه حياة أرواح ورزقها، والأبدان قد تمزقت.
وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحياة، بأن أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربهم اطلاعه فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أي شيء نشتهي، ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ يفعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا.
قالوا: نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا، حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم الحديث من غير وجه، وفي بعض الألفاظ تعلق من ثمر الجنة وتعلق ـ بضم اللام ـ: تأكل العلقة.
«وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله على رسوله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون} » رواه الإمام أحمد.

ولا أعلم أحداً ذهب إلى أن هذا النعيم المذكور، مختص بالذين قتلوا في أحد، والله أعلم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:59 pm

فصل ـ في بيان مستقر الأرواح واختلاف مساكنها
وذهب ابن حزم وجماعات، إلى أن مستقر الأرواح، حيث كانت قبل خلق أجسادها، قال ابن حزم: وهذا الذي أخبر الله تعالى به ونبيه صلى الله عليه وسلم لا يتعداه، وهو البرهان الواضح، قال الله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} وقال تعالى: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} فصح أن الأرواح خلقها الله تعالى جملة، و «كذلك أخبر صلى الله عليه وسلم أن: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» ، وأخذ الله وشهادتها له بالربوبية، وهي مخلوقة مصورة عاقلة، قبل أن يأمر الملائكة بالسجود لآدم، وقبل أن يدخلها في الأجساد، والأجساد يومئذ تراب وماء، ثم أخرها حيث شاء وهو البرزخ، ثم لا يزال يبعث منها الجملة بعد الجملة، فينفخها في الأجساد المتولدة من المني.
إلى أن قال ابن حزم: فصح أن الأرواح أجساد حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر، وأنها عارفة مميزة، فإذا توفاها الله تعالى، رجعت إلى البرزخ الذي رآها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، عند سماء الدنيا، أرواح أهل السعادة عن يمين آدم، وأرواح أهل الشقاوة عن يساره، وذلك عند منقطع العناصر، وتعجل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة.
ثم قال: وقد ذكر محمد بن نصر المروزي، عن اسحاق بن راهوية هذا الذي ذكرنا بعينه.
ثم قال: على هذا أجمع أهل العلم، انتهى كلامه.
وذكر الأدلة على ذلك، ولم يذكر خلافاً، وقد تقدم ذكر الخلاف على ذلك، وما ذكره أبو محمد بن حزم، فهو يبنى على الأصل، وهو أن الأرواح هل خلقت قبل الأجساد، أو الأجساد

خلقت قبل الأرواح؟.
فهذه المسالة للناس فيها قولان، حكاهما شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره:
أحدهما: ما حكاه واختاره ابن حزم، ومحمد بن نصر المروزي، وقد تقدم، وذكرنا ما استدل به.
والقول الثاني: وعليه عامة السلف والخلف، أن الأجساد خلقها متقدم على الأرواح، والأدلة متظاهرة من وجوه عديدة، ليس هذا محل ذكرها، فخلق أبي البشر الذي هو أصل الناس هكذا، فإنه سبحانه وتعالى أرسل جبريل، فقبض قبضة من الأرض، ثم خمرها حتى صارت طيناً، ثم صوره، ثم نفخ فيه الروح بعد تصويره، وهذه قصة مشورة، قد وردت من عدة طرق، تدل على أن الله سبحانه نفخ فيه من روحه بعد أن خلق جسده.
وفي الصحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح» الحديث المشهور.
فنفخ الملك فيه الروح هو سبب حدوث الروح فيه، ولو كان للروح وجود قبل البدن، وهي حية عالمة ناطقة، لكانت ذاكرة في هذا العالم، شاعرة به ولو بوجه ما، ومن الممتنع أن تكون حية عالمة ناطقة عارفة بربها، وهي بين ملأ من الأرواح، تنتقل إلى هذا البدن ولا تشعر بحالها الأول، وإذا كانت بعد المفارقة، تشعر بحالها وهي في البدن على التفصيل، وتعلم ما كانت عليه ههنا، مع أنها التبست بالبدن أموراً عاقها عن كثير من حالها، فلأن تشعر بحالها الأول، وهي غير معوقة هناك، بطريق الأولى.
والله أعلم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:59 pm

فصل ـ " في قوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة " وكيفية ذلك
فصل ـ في قوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة وكيفية ذلك
«في قوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» .
فمن العلماء كابن حزم، وابن نصر المروزي وغيرهما، يقول الأرواح مجموعة أو مجتمعة، وأنواع مختلفة، فهي خلقت مجتمعة، ثم فرقت في أجسادها، فمن وافقه نسميه إلفه، ومن باعده نافره وخالفه، وقال الخطابي وغيره: هو ما
خلقها الله عليه من السعادة والشقاوة في المبتدأ، فالأرواح قسمين متقابلين، فإذا تلاقت الأجساد في الدنيا ائتلفت واختلفت، بحسب ما خلقت عليه، فيميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار.
انتهى كلامه.
ومن هذا الباب احتج آدم وموسى، قال الحسن: معناه التقت أرواحهما في السماء، فوقع الحجاج بينهما.
قال القاضي عياض: ويحتمل أنه على ظاهره، وأنهما اجتمعا بأشخاصهما.
وقد ثبت في حديث الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في السموات، وفي بيت المقدس، وصلى بهم، قال: فلا يبعد أن الله أحياهم.
قال: ويحتمل أن قصة موسى جرت في حياة موسى وأنه سأل أن يريه آدم فحاجه، والله أعلم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:59 pm

فصل ـ هل الأرواح محدثة عند خلق البدان أم قديمة
وهل الأرواح مخلوقة محدثة، كائنة بعد أن لم تكن، أم قديمة؟ وهي من أمر الله، ولا يكون أمر الله مخلوقاً ولا محدثاً، وقد أخبر أنه نفخ في آدم من روحه، فهذه الإضافة إليه، هل تدل على أنها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة؟
قال العلامة ابن القيم: وهذه مسألة زل فيها عالم، وضل فيها طوائف من بني آدم، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين.
فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين على أن الروح محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة، هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن العالم حادث، وأن معاد الأبدان واقع، وأن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق له ـ حتى نبعت نابعة ـ فمن قصر فهمه في الكتاب والسنة زعم أنها قديمة غير مخلوقة، واحتج بأنها من أمر الله وأمره غير مخلوق، وبأنها أضافها إليه كما أضاف إليه علمه وحياته وقدرته، وتوقف في ذلك آخرون فقالوا: لا نقول مخلوقة ولا غير مخلوقة.
انتهى كلامه.
وقال الحافظ بن مندة، لما سئل عن الأرواح، هل هي مخلوقة أم لا؟ فقال: أن الناس اختلفوا في معرفة الأرواح ومحلها من النفس، فقال بعضهم: الأرواح كلها مخلوقة، وهذا مذهب أهل الجماعة والأثر، واحتجت «بقوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح
جنود مجندة فمن تعارف منها ائتلف» الحديث.
والجنود المجندة لا تكون إلا مخلوقة، وقال بعضهم: الأرواح من أمر الله، أخفى الله حقيقتها وعلمها عن الخلق، واحتجت بقوله: {قل الروح من أمر ربي} ، وقال بعضهم: الأرواح نور من نور الله تعالى، وحياة من حياته.
واحتجت «بقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق خلقه في ظلمة وألقى عليهم من نور» .
انتهى كلامه.
وقال محمد بن نصر المروزي: تأول صنف من الزنادقة ومن الروافض في روح آدم، ما تأولته النصارى في روح عيسى، وما تأوله قوم من أن الروح انفصل من ذات الله فصار في المؤمن، فقال صنف من الزنادقة، وصنف من الروافض: إن روح آدم غير مخلوق، وتأولوا قوله تعالى: {ونفخت فيه من روحي} وقوله: {ثم سواه ونفخ فيه من روحه} ثم قال بعد كلام طويل: ولا خلاف بين المسلمين، أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بني آدم كلها مخلوقة لله، خلقها وأنشأها وكونها واخترعها.
انتهى كلامه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: روح الآدمي مخلوقة مبدعة، باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة.
وقد حكى إجماع العلماء على أنها مخلوقة، غير واحد من أئمة المسلمين، مثل محمد بن نصر المروزي، وأبو محمد بن قتيبة وغيرهما، وذكر كلاماً طويلاً وبحثاً كثيراً يطول ذكره، والله أعلم.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:59 pm

من استدل بإضافة الروح إلى الله تعالى بقوله: {ونفخت فيه من روحي} ، فينبغي أن يعلم أن المضاف إلى الله سبحانه وتعالى نوعان:
أحدهما: صفات لا تقوم بأنفسها، كالعلو والقدرة والكلام والسمع والبصر، فهذه إضافة صفة إلى موصوفها، صفات له غير مخلوقة، وكذلك وجهه ويده سبحانه وتعالى.
والثاني: إضافة أعيان منفصلة عنه، كبيت الله وناقة الله، ورسول الله، وروح الله، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه، ومصنوع إلى صانعه، لكنها إضافة تقتضي تخصيصاً وتشريفاً يتميز به المضاف إليه عن غيره، كبيت الله، وإن كانت البيوت كلها ملكاً لله، وكذلك ناقة الله، والنوق كلها ملكه وخلقه، ولكن هذه إضافة إلى إلاهيته تقتضي محبته لها وتشريفه، بخلاف الإضافة العامةإلى ربوبيته حيث تقتضي خلقه وإيجاده، هذا خلق الله، فالعامة تقتضي الخلق والإيجاد، والخاصة تقتضي الاختيار، والله يخلق ما يشاء ويختار، وإضافة الروح إليه من هذه الإضافة الخاصة لا من العامة، ولا من باب إضافة الصفات.
فتأمل هذا الموضع فإنه ينفعك من التخلص من البدع، فقد ضل فيه خلق كثير، نسأل الله العصمة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:59 pm

فصل ـ عن موت الأرواح والأبدان
فقد اضطربت مقالات الناس في هذا الباب، فقالت طائفة: تموت وتذوق الموت، لأنها نفس، وكل نفس ذائقة الموت.
قالوا: وقد دل القرآن عليه بقوله: {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وقوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} و {كل نفس ذائقة الموت} .
قالوا: وإن كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت.
وقال في حق أهل النار: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين} فالموتة الأولى هذه المشهودة، فهي للبدن، والأخرى للروح.
وقال آخرون، لا تموت الأرواح، فإنها خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان.
قالوا: وقد دل على هذا الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها، ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب، وقال
تعالى{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين} الآية , هذا مع القطع بأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم وذاقت الموت.
قال العلامة ابن القيم: والصواب أن يقال: موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها، وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدماً محضاً، فهي لا تموت، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو عذاب، كما صرح به في النصوص، حتى يردها الله في أجسادها، ثم ساق بعد ذلك النصوص الواردة في هذا المحل، انتهى كلامه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:00 pm

فصل ـ في عذاب القبر على الروح والبدن
وهل عذاب القبر على الروح والبدن؟ أو على الروح دون البدن؟ أو على البدن دون الروح وهل يشارك البدن النفس في النعيم والعذاب، أم لا؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ بعد أن سئل عن هذه المسألة فأجاب ـ: بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة، وتنعم وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما تكون الروح منفردة عن البدن، منعمة أو معذبة.
وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام، وفي المسالة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل السنة والحديث.
قول من يقول إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح، وأن البدن لا ينعم ولا يعذب، وهذا يقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان، ولكن يقولون: لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من

القبور، لكن هؤلاء ينكرون عذاب الأبدان في البرزخ فقط، ويقولون إن الأرواح هي المنعمة أو المعذبة في البرزخ، فإن كان يوم القيامة عذبت الروح والبدن معاً.
وهذا القول قاله طوائف من المسلمين من أهل الكلام وأهل الحديث وغيرهم، وهو اختيار ابن حزم، وابن مسرة، فهذا القول ليس من الأقوال الثلاثة الشاذة، بل هو مضاف إلى قول من يقر بعذاب القبر، ويقر بالقيامة، ويثبت معاد الأبدان والأرواح.
لكن هؤلاء لهم في عذاب القبر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه على الروح فقط.
والثاني: أنه عليها، وعلى البدن بواسطتها.
الثالث: أنه على البدن فقط.
وقد يضم إلى ذلك قول من يثبت عذاب القبر، ويجعل الروح هي الحياة، ويجعل الفساد قول منكر عذاب الأبدان مطلقاً، وقول من ينكر عذاب البرزخ مطلقاً، والفلاسفة الإلهيون يقرون بذلك ينكرون معاد الأبدان.
فهؤلاء يقرون بمعاد الأبدان، لكن ينكرون معاد الأرواح ونعيمها وعذابها بدون الأبدان، وكلا القولين خطأ وضلال، لكن قول الفلاسفة أبعد من أقوال أهل الإسلام، وإن كان قد يوافقهم عليه من هو متمسك بدين الإسلام، بل من يظن أنه من أهل المعرفة والتصوف.
والقول الثالث الشاذ: قول من يقول أن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب، بل لا يكون ذلك حتى تقوم الساعة الكبرى، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة ونحوهم، ممن ينكر عذاب القبر ونعيمه، فجميع هؤلاء الطوائف ضلال في أمر البرزخ، لكنهم خير من الفلاسفة فإنهم مقرون بالقيامة الكبرى، وأما الأحاديث الدالة على نعيم القبر وعذابه فهي كثيرة جداً، بل لو قيل أنها بلغت التواتر في المغالبة لم يبعد ذلك، فمنها ما تقدو من أحاديث مسألة منكر ونكير، وفيها كفاية، ومنها ما لم أحط به ولم أطلع عليه، ومنها ما اطلعت عليه واختصرته للتطويل، ومنها ما أذكره للتنبيه، فقد ثبت في الصحيحين «من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي في النميمة، ثم دعا بجريدة رطبة فشقها نصفين، فقال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا» .
«رواه أبو داود الطيالسي، لكن قال فيه: أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس» وباقيه كما ذكرته.
«وثبت في صحيح مسلم في حديث طويل، قال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم قال: تعوذوا بالله من عذاب القبر قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: تعوذوا بالله من عذاب القبر قالوا نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: تعوذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن» الحديث.
وفي صحيح مسلم أيضاً، وجميع السنن، «عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال» .
وفي الصحيحين: «عن أبي أيوب، خرج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وجبت الشمس، فسمع صوتاً، فقال: يهود تعذب في قبورها» .
وفي صحيح البخاري ومسلم: «عن عائشة، قالت: دخلت على عجوز من يهود المدينة، فقالت: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم، قالت فكذبتها ولم أنعم أن أصدقها، فخرجت، ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله إن عجوز من عجائز يهود أهل المدينة، دخلت فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم! فقال: صدقت، إنهم يعذبون عذاباً يسمعه البهائم كلها قالت: فما رأيته بعد في صلاته إلا أن يتعوذ من عذاب القبر» .
قال بعض أهل العلم: ولهذا السبب، يذهب الناس بالخيل إذا مغلت إلى قبور اليهود والنصارى، فإذا سمعت الخيل عذاب القبر، أحدث لها ذلك فزعاً وحرارة تذهب بالمغل
.
والأحاديث كثيرة جداً في هذا الباب، وقد تقدم في أحاديث المسألة، ما هو أبلغ من ذلك، «في قوله: فلا يزال معذباً، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك» ، وهذا صريح في أن البدن يعذب في القبر.
وروى النسائي، «من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفاً من الملائكة، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه» قال النسائي: ـ يعني سعد بن معاذ ـ.
«وفي حديث عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للقبر ضغطة، لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ» .
قال نافع: بلغني أنه شهد جنازته سبعون ألف ملك، لم ينزلوا إلى الأرض قط.
«وفي لفظ: منديل من مناديل سعد، خير من الدنيا وما فيها» .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:00 pm

فصل: في عذاب القبر حق
قال المروزي: قال الإمام أحمد: عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.
وقال حنبل: قلت لأبي عبد الله في عذاب القبر! فقال: هذه أحاديث صحاح، نؤمن بها ونقر بها، كلما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناد جيد أقررنا به، إذا لم نقر بما جاء به الرسول ودفعناه ورددناه، رددنا على الله أمره، قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه} قلت له: وعذاب القبر حق؟ ! قال: حق، يعذبون في القبور، قل: وسمعت أبا عبد الله يقول: نؤمن بعذاب القبر وبمنكر ونكير، وأن العبد يسأل في قبره، {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} في القبر.
وقال أحمد بن القاسم: قلت يا أبا عبد الله: نقر بمنكر ونكير، وربما يروى من عذاب القبر؟ ! فقال: سبحان الله! نعم، نقر بذلك ونقول به.
قال العلامة ابن القيم: ومما ينبغي أن يعلم، أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ،فكل من مات وهو مستحق العذاب، ناله نصيبه منه، قبر أو لم يقبر، فلو أكلته السباع، أو أحرق حتى صار رماداً ونسف في الهواء، أو صلب، أو غرق في البحر، وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى القبور.انتهى
كلامه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:01 pm

فصل ـ في أن البلي يختص البدن
ومما ينبغي أن يعلم أن البلي يختص هذا البدن المشاهد المركب، فإن هذا البدن ليس بشيء إنما هو آلة، والنظر إلى ما يؤذي الروح وينفعها.
وقد روى أبو الفرج بن الجوزي ـ رحمه الله ـ بإسناده، قال: دخل عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ المسجد، وقد قتل عبد الله بن الزبير، فمال إلى أسماء أم ابن الزبير، فقال لها: اصبري، فإن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله تعالى، ثم قال: وروينا عن ابن الزبير، أنه قال لأمه أسماء قبل قتله: يا أماه، إن قتلت فإنما [أنا] لحم لا يضر ما صنع بي.
وروى خالد بن معدان، قال: لما قتل هشام بن العاص يوم أجنادين، وقع على ثلمة فسدها، ولم يكن ثم طريق غيره، فلما انتهى المسلمون إليه، هابوا أن يوطئوه الخيل، فقال عمرو بن العاص: أيها الناس، إن الله قد استشهده ورفع روحه، وإنما هو جثة، فأوطئوه الخيل، ثم أوطأه هو، وتبعه الناس حتى قطعوه.
وإذا ثبت هذا، فإن الله تعالى إذا أتلف هذا البدن الترابي وأبلاه، المعرض للآفات، فإنه سيعيده بدناً لا يبلى، في حياة لا تنفد أبداً، وتبدل صعوبات التكليف بحسن الجزاء، ويعطيهم أجوراً باقية عن أعمال منقطعة، كما لا يبقى لمرارات الشعث والتكليف في أيام الإحرام، طعم عند أيام التشريق، والله تعالى الموفق.

الباب السابع والعشرون: في عد الشهداء وفضلهم وأنهم أرفع درجات من الصالحين
قال تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} قال قتادة: قال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يكون الحال في الجنة، وأنت في الدرجات العلى، ونحن أسفل منك؟ فكيف نراك؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية: {ومن يطع الله} في أداء الفرائض {والرسول} في السنن: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين} ، أي لا تفوتهم رؤية الأنبياء ومجالسهم.
فأعلى درجات بني آدم الأنبياء، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ثم الصالحون، وهذا ترتيب لا شك فيه، لأن الله تعالى رتبهم في الذكر، قدم الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل في المراتب والمنازل.
«وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من نفس تموت، لها عند الله خير، يسرها أنها ترجع إلى الدنيا، ولا أن لها الدنيا وما فيها، إلا الشهيد» الحديث.
هذا من صرائح الأدلة في عظم فضل الشهادة.
«وعن سهل بن حنيف ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه» .
رواه مسلم في صحيحه.
وفي صحيح مسلم أيضاً، «من حديث أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من طلب الشهادة صادقاً أعطيها، ولو لم تصبه» .

ورواه الترمذي وصححه، «من حديث معاذ مرفوعاً، ولفظه: من سأل القتل في سبيله صادقاً في قلبه، أعطاه الله أجر الشهيد» .ورواه الإمام أحمد بهذا اللفظ.
«وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل! قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد ـ وفي رواية ـ وصاحب الهدم شهيد» .
«وعن جابر بن عتيك ـ رضي الله عنه ـ أن النبي قال: الشهداء سبع، سوى القتل في سبيل الله عز وجل: المطعون شهيد، والغريق شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، وصاحب الحريق شهيد والمرأة تموت بجمع شهيد» .
رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وروى ابن ماجة بعضه.
قوله بجمع بضم الجيم وإسكان الميم ـ: وهي التي تموت حاملاً أو نفساء، كذا ذكره غير واحد من أهل العلم، والله أعلم.
وروى الإمام أحمد، والنسائي، «من حديث صفوان ين أمية، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الطاعون شهادة، والغرق شهادة، والبطن شهادة» .
وروى النسائي أيضاً، «من حديث عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خمس، من قبض على شيء منهن فهو شهيد: المقتول في سبيل الله شهيد، والغريق في سبيل الله شهيد، والمطعون في سبيل الله شهيد والفناء في سبيل الله شهيد» .
وروى مالك في الموطأ، «عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ في قصة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون الشهادة فيكم؟ قالوا: القتل في سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله» .
ثم ذكر نحو ما تقدم في السنن من حديث جابر بن عتيك.

وروى البخاري ومسلم «من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمس: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» .
قال العلامة اسماعيل التيمي الأصبهاني ـ مفسراً الحديث ـ قال: المطعون: الذي أصابه الطاعون، والمبطون الذي أصابه علة البطن. انتهى.
وقال غيره من العلماء: للناس في تفسير علة البطن ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه الذي يموت بالاستسقاء.
والثاني: الذي يموت بالمغص الشديد ـ وهو الذي يسمونه القولنج ـ وهو مرض معروف.
والثالث: الذي يموت بالاسهال. انتهى كلامه.
قلت: والقول الثالث هو الراجح عند أكثر أهل العلم، وبعضهم لم يحك غيره، ويحتمل ـ والله أعلم ـ أن الشهادة تعم الثلاثة أصناف المذكورة، وهو أبلغ في الكرم وسعة الفضل، والله أعلم.
ومما يؤيد هذا الاحتمال ما روى ابن حبان في صحيحه.
«من حديث سليمان بن مراد وخالد بن عرفطة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتله بطنه لم يعذب في قبره» .
«وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد» .
رواه البخاري
وروى أبو داود، والترمذي، والنسائي واللفظ له، «من حديث سعيد ابن زيد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قيل دون أهله فهو شهيد» .
وروى النسائي مفرداً، «من حديث سويد بن مقرن ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون مظلمته فهو شهيد» .
وروى الإمام أحمد، «من حديث ابن لهيعة، عن خالد بن أبي زيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن إبراهيم بن عبد الله بن رفاعة، أن أبا محمد أخبره ـ وكان من أصحاب ابن مسعود ـ حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر عنده الشهداء، قال: إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته» .
«وروينا في خبر ابن عرفة مرفوعاً: أن الموت كفارة لكل مسلم» .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:01 pm

فصل: في تسلية المصاب


ومما ينبغي أن يعلم أن العبد، إذا نظر أو سمع ما تقدم في هذا الباب من تنوع الشهادة، وذكر تعدادها، حصل له تسلية بموت محبوبه، فإنه في الغالب لا بد أن يكون ناله نصيب منها، مع أني لم أحط بكل ما «ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية الشهداء، وقد روي مرفوعاً: موت الغريب شهادة» .
وقد استقصينا في عد الشهداء في كتاب أحكام الطاعون.
ويكفي في البشارة ما تقدم قريباً، «من رواية الإمام أحمد مرفوعاً: إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش» ، وتقدم ما أعد الله للشهداء من حين الموت، وما لهم عند الله، وأن أرواحهم في حواصل طير خضر تأكل وتشرب في الجنة، وتسرح حيث شاءت، وكل هذا في دار البرزخ، فإذا دخلوا الجنة يوم القيامة بأجسادهم انتقلوا إلى نعيم أعلى من ذلك وأكثر منه.
قال أبو بكر القطيعي: «حدثنا بشر بن موسى، حدثنا ابن خليفة، حدثنا عوف، عن خنساء، قالت: حدثتني عمتي، قالت: قلت يا رسول الله، من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموؤودة في الجنة» وكذلك رواه بندار، عن غندر، عن عوف، فذكر مثله.
فانتقال العبد إلى الله وما عند الله، هو خير لعباده من هذه الدنيا التي خلقهم فيها، فينظر كيف يعملون، ويبتليهم بالمحن والمصائب، والشهادات، حتى يعلم الصابر منهم والجازع، ليجازي كل شخص بحسبه، فمنهم من يجازيه بالحنان، ومنهم من يجازيه بالنيران، وكل ذلك عدل منه سبحانه وتعالى، لا يظلم مثقال ذرة، بل إن أدخل العبد الجنة فبرحمته وفضله، وإن أدخله النار، فبعدله وسلطانه: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}
فله الحمد دائماً على كل حال.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:01 pm

فصل: في الشهادة المطلوبة: شهادة المعركة
والشهادة المطلوبة، شهادة المعركة على ما تقدم وكذلك شهادة الطاعون، فإنه قد رود في أحاديث وآثار في تمني الطاعون، ما وقع في قصة المغيرة ين شعبة أنه قال: اللهم ارفع عنا الرجز ـ يعني الطاعون ـ، فقال أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ: أما أنا، فلا أقول هذا، ولكن أقول كما قال العبد الصالح أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ اللهم طعناً وطاعوناً في مرضاتك.
وقام أبو عبيدة خطيباً فقال: يا أيها الناس، إن هذا الوجع رحمة بكم: ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله العظيم أن يقسم له من حظه.
قال: فطعن، فمات.
وثبت في مسند الإمام أحمد، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون» .
وغير ذلك من الأحاديث والآثار، التي لا تحضرني، وقد قررت ذلك في كتابنا المعروف ب أحكام الطاعون.
ولكنه لم يكن عندي حين ألفت هذا الكتاب، فإن قيل: الشهادة المطلوبة شهادة المعركة، وكذلك شهادة الطاعون، كما تقدم.
وقد ورد في بعض الأحاديث، «أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من بعض ما عده شهادة، ففي مسند الإمام أحمد مرفوعاً: استعاذ من سبع موتات: من موت الفجأة، ومن لدغ الحية ومن السبع، ومن الغرق، ومن الحرق، ومن أن يخر على شيء، أو يخر عليه شيء، ومن الفرار من الزحف» .
«وفي المسند أيضاً مرفوعاً: اللهم إني أعوذ بك أن أموت هماً أو غماً، وأن أموت غرقاً، وأن يتخبطني الشيطان عند الموت» .
و «رواه النسائي، ولفظه: اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي، والهم، والغم، والغرق، والحرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت بك لديغاً» .
وغير ذلك من الأحاديث.
يقال: لم يقل أحد من العلماء: إن كل شهادة مطلوبة، بل من وقع له أو لمحبوبه أو لغيره شيء، مما عده النبي صلى الله عليه وسلم شهادة،، والشهيد ثلاثة أقسام:
أحدها: شهيد في الدنيا والآخرة، وهو المنقول في المعركة مخلصاً.
والثاني: شهيد في الدنيا والآخرة فقط، وهو المقتول في المعركة مرائياً.
والثالث: الشهيد في الآخرة فقط، وهو من أثبت له الشارع الشهادة، ولم يجر عليها أحكامها في الدنيا، كالغريق والحريق ومن به ذات الجنب، ونحوه، كما تقدم.
فإن قيل: لم سمي الشهيد شهيداً؟
قيل: قد اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

أحدها: لأنه حي كما فصل تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون} .
الثاني: لأن الله تعالى وملائكته شهدوا له بالجنة.
الثالث: لأن الملائكة تشهده.
الرابع: لقيامه بشهادة الحق حتى قتل.
الخامس: لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة بالقتل.
السادس: لأنه شهد لله بالوجود والإلهية بالفعل لما شهد غيره بالقول.
السابع: لسقوطه بالأرض وهي الشاهد له.
الثامن: لأنه شهد له بوجوب الجنة.
التاسع: من أجل شاهده وهو دمه.
العاشر: لأنه شهد له بالإيمان وحسن الخاتمة.
فهذه عشر أقوال، من أماكن متفرقة، جمعت إليك رخيصة الأثمان، فهذه الأقوال في المخلص الذي قصد بجهاده وجه الله تعالى، والدار الآخرة، فإنه سبحانه وتعالى، إذا علم قصد العبد وإخلاصه، أعانه وأغاثه، قال تعالى: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي، في جزء الثبات عند الممات، في هذا المعنى، عن علي بن الموفق، قال: سمعت حاتم الأصم يقول: لقينا الترك وكان بيننا جولة، فرماني تركي بسهم فقلبني عن فرسي، فنزل عن دابته، فقعدعلى صدري، وأخذ بلحيتي، وأخرج من خفه سكيناً ليذبحني، فوحق سيدي، ما كان قلبي عنده، ولا عند سكينه، وإنما كان قلبي عند سيدي، أنظر ماذا ينزل القضاء منه، فقلت: سيدي، قضيت علي أن يذبحني هذا؟ فعلى الرأس والعين، إنما أنا لك وملكك، فبينما أنا كذلك، وهو قاعد على صدري، إذا رماه بعض المسلمين بسهم،فما أخطأ حلقه، فسقط عني، فقمت إليه، وأخذت السكين من يده، فذبحته بها.
فما هو إلا أن تكون قلوبكم عند مليككم، حتى تروا عجائب لطفه.ما لا ترون من الآباء والأمهات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:02 pm

الباب الثامن والعشرون: في ذكر الصراط ودرجات الناس في المرور عليه
أما الصراط فهو جسر منصوب على متن جهنم، وهو أحد من السيف، وأدق من الشعرة، ثبتنا الله وإياكم على المرور عليه.
وقد روى مسلم في صحيحه، «من حديث أبي هريرة وحذيفة ـ رضي الله عنهما ـ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون، تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم؟ لست بصاحب ذلك: اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله، قال: فيأتون إبراهيم، فيقول إبراهيم عليه السلام: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى، كلمه الله تكليماً، فيأتون موسى، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى، كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى محمد، قال: فيأتون محمداً صلى الله عليه وسلم ويؤذن له، ويرسل الأمانة والرحم، فيقومان جنبي الصراط، يميناً وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق، يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرحال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم صلى الله عليه وسلم قائم على الصراط، يقول: رب سلم، رب سلم: حتى تعجز أعمال العباد، وحتى يجيء الرجال فلا يستطع السير إلا زحفاً، قال: وفي حافة الصراط كلاليب معلقة، مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده، إن قعر جهنم لسبعون خريفاً» .
«وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الصراط ومرور الناس عليه، قال: فيمر المؤمنين، كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم» .رواه مسلم.
«وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر حديث الشفاعة: ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم، اللهم سلم، وفي جهنم كلاليب، مثل شوك السعدان ـ هل رأيتم شوك السعدان؟ ـ ثم قال: وإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تعالى، تخطف الناس بأعمالهم» الحديث.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:02 pm

فصل ـ في المرور على الصراط
قد سمعت ـ رحمك الله ـ فانظر إلى هذه الطريق الحرج، والمسلك الشاق، والقنطرة المضطربة، والعقبة الكؤود، التي لا تثبت عليها الأقدام، ولا تجوزها الأوهام، ولا يثبت عليه إلا من ثبته الله بالقول الثابت، وثبت قدماه يوم تزل الأقدام، ولعل من عنده تساهل وعدم توفيق، يسمع بالصراط، فيظن أن طريقه يشبه طريق الدنيا التي هي صعبة المسلك، وعرة ذات صعود ونزول، هيهات وما علم، والله إنه أحد من السيف، وأدق من الشعرة، وعلى يمينه وشماله كلاليب وخطاطيف، فإذا كلفت المرور عليه وهو بهذه المثابة ـ وأعظم من ذلك أن جهنم تحتك، وقد أرعب قلبك من هول منظرها، وملأت أذنيك زفيرها ـ فهل تستطيع المرورأو النهوص أو الزحف؟ ! فإنه إذا اضطرب بك الصراط، والتهب السعير من تحتك التهاباً، ولم تجد إلى النجاة سبيلاً، ولا إلى الخلاص مقيلاً، فلا ينفعك في تلك الحال إلا سعي صالح مشكور، أو توبة نصوح من ذنب مغفور، فتخير الآن أي الأعمال أنجى لك؟ وأي الطرق معينة لك على سعيك لما ينفعك؟
وقالد روى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن وهب بن منبه، قال: وجدت في زبور داود ـ عليه السلام ـ: يا داود، هل تدري من أسرع الناس ممرا على الصراط؟ الذين يرضون بحكمي، وألسنتهم رطبة من ذكري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:02 pm

الباب التاسع والعشرون: في ذكر سعة رحمة الله ومن مات على التوحيد
قال الله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} وفي الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجيءيوم القيامة ناس من المسلمين، بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى» .
وقد تقدم «في حديث أبي هريرة: لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار، فالمؤمن إذا دخل الجنة، خلفه الكافر في النار، لاستحقاقه ذلك بكفره» ، كما «ورد في الصحيح: هذا فكاكك من النار» .
وهذه بشارة عظيمة للمسلمين أجمعين، حتى قال الشافعي وعمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنهما ـ هذا الحديث أرجى حديث المسلمين، لما فيه من التصريح بفداء كل مسلم.
وفي الصحيحين «من حديث أبي سعيد مرفوعاً، إلى أن قال فيه: فيقال أخرجوا من عرفتم.
يعني من النار ـ فتحرم صورهم عن النار، فيخرجون خلقاً كثيراً، وقد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، فيقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً إلى أن قال: ثم يقال ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً» وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث، فاقرؤوا إن شئتم: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها} الآية.
«فيقول الله: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، قال: فيخرجون كاللؤلؤ
في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهل الجنة، هؤلاء عتقاء الله؟ الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، ثم يقال: ادخلوا الجنة، فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربنا، أعطيتنا ما لم تعط لأحد من العالمين، فيقول: لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: ربنا، وأي شيء أفضل من هذا؟ فيقول رضائي، فلا أسخط عليكم بعده أبداً» .
«وفي حديث أنس بن مالك وذكر فيه الشفاعة، مرة بعد مرة، وأنه صلى الله عليه وسلم قال: في الآخرة، فأقول: رب، أي رب، أئذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، فيقول: الله: وعزتي وجلالي، وعظمتي وكبريائي، لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله» .
و«في رواية مسلم: ليس ذلك لك أو إليك» الحديث.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:03 pm

فصل ـ في رحمته وسعت كل شيء
«وقد أخبر الله تعالى: أن رحمته وسعت كل شيء، وأنه كتب على نفسه الرحمة، وقال: سبقت رحمتي غضبي، وغلبت رحمتي غضبي» ، فالجنة دار رحمته، والنار دار غضبه، فثبت أن الجنة ينشأ لها خلقاً في الآخرة، ويدخلها أيضاً من دخل النار أولاً، ويدخلها الأولاد بعمل الآباء، فثبت أن الجنة يدخلها من لم يعمل خيراً قط، وثبت أن النار لا يعذب أحد فيها بغير ذنب، فرحمته واسعة.
حتى إن جماعة من المفسرين، ذكروا قصة فرعون: قال جبريل: يا محمد، لو رأيتني، وأنا أدس الطين في في فرعون، مخافة أن يقول فرعون كلمة يرحمه الله بها، فهذا جبريل من أعظم رسل الملائكة، قد علم سعة رحمة الله، ففعل ذلك مخافة إدراك الرحمة له، مع أنه قال: {أنا ربكم الأعلى} .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:03 pm

فصل ـ في أن من مات موحداً داخل الجنة
ومما ينبغي أن يعلم، أن مذهب أهل السنة والجماعة من السلف والخلف، أن من مات موحداً أدخل الجنة قطعاً على كل حال، فإن كان سالماً من المعاصي، كالصغير، والمجنون الذي اتصل جنونه بالبلوغ، والتائب توبة نصوحاً صحيحة من الشرك أو غيره من المعاصي إذا لم يحدث معصية بعد توبته، ومن نشأ في عبادة الله ولم يقارف معصية أصلاً، كل هؤلاء يدخلون الجنة ولا يدخلون النار لكنهم يردونها على الخلاف المعروف في الورود.
والصحيح إن شاء الله تعالى على ما ذكره جماعة من العلماء، أن المراد بالورود، المرور على الصراط وهو منصوب على ظهر جهنم، أجارنا الله من حرها وبردها.
وأما من مات من أهل المعاصي، أو له معصية كبيرة ولم يتب منها، فهو داخل تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه بمقدار ذنبه، أو القدر الذي يريده ثم يدخله الجنة، وإن شاء عفا عنه مطلقاً، فلا يخلد أحد في النار مات على التوحيد، ولو عمل من المعاصي ما عمل، وهذا من أحسن ما يتسلى به من مات له قريب أو صاحب من أهل المعاصي، ومات وما يعلم هل تاب من المعاصي أم لا؟
قال أبو ذكريا النووي ـ رحمه الله ـ: وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به، على هذه القاعدة، وتواترت بهذه نصوص تحصل العلم القطعي بذلك.انتهى كلامه.
ويؤكد ذلك ما ثبت في الصحيح، «من حديث عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة» .
قال القاضي عياض: اختلف الناس فيمن عصى الله تعالى من أهل الشهادتين، فقالت المرجئة: لا تضره المعصية مع الإيمان.
وقالت الخوارج: تضره ويكفر بها.
وقالت المعتزلة: يخلد في النار إذا كانت كبيرة، ولا يوصف بأنه مؤمن ولا كافر، لكنه فاسق.
وقالت جماعة من العلماء: بل هو مؤمن، وإن لم يغفر له، وإن عذب، فلا بد من إخراجه من النار، وإدخاله الجنة.
قال: وهذا الحديث حجة على الخوارج والمعتزلة، وأما المرجئة، فإن احتجت بظاهره، قلنا: نحمله على أنه غفر له وخرج من النار بالشفاعة، ثم أدخل الجنة ويكون معنى قوله عليه السلام: دخل الجنة: أي دخلها بعد مجازاته بالعذاب.
وهذا لا بد من تأويله، لما جاء في ظواهر كثيرة، من عذاب بعض العصاة.
انتهى كلامه.
ومن هذا الباب، ما ثبت في الصحيح، أن أبا الأسود الديلي، «حدثه أبو ذر،

قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو نائم على قميص أبيض، ثم أتيته فإذا هو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فجلست إليه، فقال: ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة.
قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق.
ثلاث مرات.
ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر.
قال: فخرج أبو ذر، وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر» .
وفيه رد على الخوارج.
وعلى المعتزلة بتخليد أهل الكبائر في النار.
«وفي رواية ل البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل، فقال: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
قلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق» .وهو حديث أبي ذر.
وفي الصحيح «من حديث جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار» و «في لفظ: من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة» .
و «في رواية: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة» و «في لفظ: من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله دخل الجنة» .
«وفي حديث معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» .
«وعنه أيضاً مرفوعاً: من لقي الله، لا يشرك به شيئاً دخل الجنة» .
و «في رواية: ما من عبد، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إلا حرمه الله على النار» .
وزاد في صحيح البخاري ومسلم، «من حديث عبادة بن الصامت: على ما كان من عمل» .
وفي صحيح البخاري ومسلم، «من حديث أنس، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل، قال: يا معاذ، قال: لبيك وسعديك يا رسول الله، قال: يا معاذ قال: لبيك وسعديك يا رسول الله، قال: يا معاذ قال: لبيك وسعديك يا رسول الله، قال: ما من عبد، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، إلا حرمه الله على النار.
قال: أو لا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: إذاً يتكلوا» ، فأخبر بها عند موته تأثماً ـ يعني مخافة الإثم ـ.
وفي لفظ مسلم «من حديث عبادة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا إله إلا الله، وان محمداً رسول الله، حرم الله عليه النار» .
«وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك؟ فذكره، قال: أسعد الناس بشفاعتي، من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه» .رواه البخاري.
«وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً» .رواه مسلم.
«وفي لفظ له: حرم الله على النار من قال لا إله إلا الله» .
وقد ورد في ذلك عدة أحاديث، وغالب هذه الأحاديث سردها مسلم في صحيحه في باب واحد، في باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت.
لكن قال سعيد بن المسيب، عند سماعه هذه الأحاديث: إن هذا قبل نزول الفرائض والأمر والنهي.
وهذا القول عن سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ ليس بشيء.
وقال بعض العلماء: هو خطأ، لأن راوي أحد هذه الألفاظ أبو هريرة، وهو متأخر الإسلام، اسلم عام خيبر، سنة سبع بالاتفاق، وكانت أحكام الشريعة مستقرة، كالصلاة والزكاة والصيام ونحوها، فعلم ضعف هذا القول، والله تعالى أعلم.
وقال بعض العلماء: هي مجملة تحتاج إلى شرح، ومعناه: من قال الكلمة وأدى حقها وفريضتها.
وهذا قول الحسن البصري.
وقيل: إن ذلك لمن قالها عند الندم والتوبة ومات على ذلك، وهذا قول البخاري.
وقد تقدم في أول الباب حملها على ظاهرها، وأن مذهب السلف والخلف من الفقهاء وأهل الحديث، على أن من مات موحداً دخل الجنة، وإن كان من أهل المعاصي، وأنه داخل تحت المشيئة.
والله تعالى أعلم.
وعن أبي جعفر، قال: لما حضر أبا زرعة الموت، وعنده أبو حاتم، ومحمد بن مسلم، والمنذر بن شاذان، وجماعة من العلماء، هابوا أن يلقنوه الشهادة، فقال بعضهم لبعض: تعالوا نذكر الحديث، فقال محمد بن مسلم: حدثنا الضحاك، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، ولم يجاوز، وقال أبو حاتم: حدثنا بندار، عن أبي عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، ولم يجاوز.
والباقون سكوت، فقال أبو زرعة: «ثنا بندار، عن أبي عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» .
ثم توفي في ساعته رحمة الله عليه.
وعن عبيد بن عياش، قال: لما مات النوار امراة الفرزدق، شهدها الحسن البصري، فلما سوي عليها التراب: وثب الفرزدق لينصرف، فقال للحسن: يا أبا سعيد، أما تسمع ما يقول الناس؟ قال: وما يقول الناس؟ قال: يقولون: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، يعنونك ويعنونني، فقال الحسن: ما أنا بخيرهم، وما أنت بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ فقال: يا أبا سعيد، شهادة أن لا إله إلا الله، فبكى الحسن، ثم التزم الفرزدق فقال: لقد كنت من أبغض الناس إلي، وإنك اليوم من أحب الناس إلي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:03 pm

الباب الثلاثون: في فضل الزهد في الدنيا والتسلية عنها والرغبة في الآخرة
قال الله تعالى: {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً} فالاستمتاع بالدنيا قليل، ومتعتك بها قليل من قليل، وثواب الآخرة خير وأفضل لمن اتقى المعاصي وأقبل على الطاعات.
ومما ينبغي أن يعلم: أن هذا الباب من أنفع الأبواب لمن تدبره، فإن الدنيا دار قلعة وزوال، ومنزل نقلةو ارتحال، ومحل نائبه وامتحان، ومتاع غرور وافتتان، فلا ييأس على ما فات منها، ولا يفرح على ما وجد منها، ولا يجزع على ولد أو نفس تموت، ولا يحزن على أمر يفوت.
«عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» .
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت، فلا تنظر السماء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
رواه البخاري.
قال جماعة من العلماء في تفسير هذا الحديث: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تغتر بها، فإنها غرارة خداعة، ولا تتعلق إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها إلا بما يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله فاستعن.
«وعن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دلني على عمل، إذا عملته أحبني الله، وأحبني الناس، فقال: ازهد في الدنيا،

يحبك الله، وازهد فيما عند الناس، يحبك الناس» .
رواه ابن ماجة وغيره بإسناد جيد.
ولوائح الصحة ظاهرة عليه.
«وعنه أيضاً، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافر منها شربة ماء» .رواه الترمذي، وقال حديث صحيح.
«وعن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً ومتعلماً» .رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وروى الترمذي أيضاً، «عن كعب بن عياض، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال» .قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروى الترمذي، وحسنه وصححه، «عن عثمان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجلف الخبز والماء» ـ قال ابن فارس في مجمله: وعاء الشيء جلفه ـ قال الترمذي: سمعت أبا داود يقول: سمعت النضر بن شميل يقول: الجلفة: الخبز ليس معه إدام.
وقال غيره: هو غليظ الخبز، وقال الهروي: والمراد به هنا وعاء الخبز، كالجوالق والخرج ونحوه، والله أعلم.
وفي صحيح مسلم، «عن عبد الله بن الشخير، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {ألهاكم التكاثر} قال: يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأ فنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟» .
وفي صحيح البخاري ومسلم، من حديث أبي سعيد، قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وجلسنا حوله، فقال: «إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها» .
وفي صحيح مسلم، «عنه أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة،وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعلمون؟ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء» .
وفي مسلم أيضاً، «عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم، هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط» .
وفي مسلم أيضاً، «من حديث جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق، والناس كنفتية، فمر بجدي أسك ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه، فقال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: تحبون أنه لكم؟ قالوا: والله، لو كان حياً كان عيباً أنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم» .
قوله: كنفتيه أي من جانبيه.
والأسك الصغير الأذن.
«وعن شهر بن حوشب، عن عبادة بن الصامت، قال: أراه رفعه النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجاء بالدنيا يوم القيامة، فيقال: ميزوا ما كان منها لله عز وجل، وألقوا سائرها في النار » .رواه ابن أبي الدنيا.
وروي أيضاً، «عن عبادة بن العوام، عن هشام أو عوف، عن الحسن مرسلاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة» .
واعلم، أنه من أحب دنياه، أضر بآخرته، ومن أحب آخرته، أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى.
«وعن الحسن مرسلاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله، من خيرنا؟ قال: أزهدكم في الدنيا، وأرغبكم في الآخرة» و «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زهد في الدنيا، أسكن الله الحكمة قلبه، وأطلق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه منها سالماً مسلماً إلى دار السلام» .
رواه ابن أبي الدنيا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:03 pm

فصل ـ في العجب ممن يسعى لدار الغرور
ومن العجب كل العجب، يصدق بدار الخلود، وهو يسعى لدار الغرور، فمن أحبه الله حماه عن الدنيا، كما يحمي أحدكم مريضه عن الماء.
«وقد ورد في الحديث مرفوعاً: إن الله لم يخلق خلقاً أبغض إليه من الدنيا، وإنه منذ خلقها، لم ينظر إليها» .
وروى ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا: قال مالك بن دينار: قالوا لعلي ـ رضي الله عنه ـ: يا أبا الحسن، صف لنا الدنيا؟ قال: أطيل أم اقصر؟ قالوا: بل أقصر، قال: حلالها حساب، وحرامها النار.
وعنه أيضاً: قالوا: يا أمير المؤمنين، صف لنا الدنيا؟ قال: وما أصف لكم من دار؟ من صح فيها أمن، ومن سقم فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها فتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها النار.
وروي عن يونس بن عبيد، قال: ما شبهت الدنيا إلا كرجل نائم، فرأى في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك إذ انتبه.
وقال الحسن بن علي: الدنيا ظل زائل.
وقال أبو سليمان الداراني: إذا كانت الآخرة في القلب: جاءت الدنيا تزحمها، وإذا كانت الدنيا في القلب، لم تزحمها الآخرة، لأن الآخرة كريمة، والدنيا لئيمة.
وقال الأوزاعي: سمعت بلالاً بن سعيد يقول: والله لكفى به ذنباً، أن الله عز وجل يزهد في الدنيا ونحن نرغب فيها، فزاهدكم راغب، ومجتهدكم مقصر، وعالمكم جاهل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:04 pm

فصل ـ في أن شرور الدنيا كأحلام نوم
واعلم أن شرور الدنيا كأحلام نوم، أو كظل زائل، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سررت يوماً أو أياماً ساءت أشهراً وأعواماً، وإن متعت
قليلاً منعت طويلاً، وما حصلت للعبد فيها سروراً إلا خبأت له أضعاف ذلك شروراً.
قال ابن مسعود: لكل فرحة ترحة وما ملىء بيت فر حاً إلا ملىء ترحاً.
قال ابن سيرين: ما من ضحك إلا يكون بعده بكاء.
وقالت هند بنت النعمان: لقد رأيتنا، ونحن من أعز الناس، وأشدهم ملكاً، ثم لم تغب الشمس، حتى رأيتنا ونحن أذل الناس، وإنه حق على الله عز وجل، أن لا يملأ داراً حبرة، إلا ملأه عبرة.
وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها، فقالت أصبحنا ذات صباح، وما في العرب أحد إلا يرجونا، ثم أمسينا، وما في العرب أحد إلا يرحمنا.
وبكت أختها حرقة بنت النعمان يوماً وهي في عزها، فقيل لها: ما يبكيك؟ فذكر أنها قالت: رأيت كثرة أهلي وسرورهم، وقلما املأت دار سروراً إلا املأت حزناً.
قال إسحاق بن طلحة: دخلت عليها يوماً فقلت لها: كيف رأيت عبرات الملوك؟ فقالت: ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه بالأمس، إنا نجد في الكتب: أنه ليس من أهل بيت يعيشون في حبرة إلا سيعقبون بعدها عبرة، وإن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه، ثم قالت:
فبينا نسوس الناس، والمر أمرنا ...إذ نحن فيهم سوقة نتنصف
فأف لدنيا، لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنا أو تصرف
«وفي الحديث مرفوعاً: ما مثلي ومثل الدنيا، إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها» .رواه ابن أبي الدنيا
وروى أيضاً: قال عيسى عليه السلام: ويل لصاحب الدنيا، كيف يموت ويتركها؟ يأمنها وتغره، ويثق بها وتخذله، ويل للمغترين، كيف أرقهم ما يكرهون، وفارقهم ما يحبون، وجاءهم ما يوعدون، ويل لمن الدنيا همته، والخطايه عمله، كيف يفتضح غدا بذنبه؟ !
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن وهب بن منبه، قال عيسى عليه السلام: بحق أقول لكم، كما ينظر المريض إلى طيب الطعام ولا يلتذ من شدة الوجع، كذلك
صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة، ولا يجد حلاوتها، مع ما يجد من حب الدنيا، إن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعبت وتغير خلقها، كذلك القلوب، إذا لم ترق بذكر الموت، ودأب العبادة، تقسو وتغلظ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:04 pm

فصل ـ في اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً
«وثبت في الصحيح مرفوعاً: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً» .
قال أهل اللغة: القوت: ما يسد الرمق، وفيه دلالة على فضيلة التقليل من الدنيا، والاقتصار على القوت منها، والدعاء بذلك، والله أعلم، فإن الدخول في الدنيا، والميل إليها على خطر عظيم، «كما تقدم في الصحيح مرفوعاً: إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا» قال العلماء: في التحذير من الاغترار بالدنيا، والنظر إليها، والمفاخرة بها، فالدنيا، وإن أقبلت على الشخص من وجه حل، يخاف عليه الفتنة، والاشتغال بها عن كمال الإقبال على الآخرة، فإن وفق لإعطاء المسكين واليتيم وابن السبيل، وصرفه في وجوه البر، كان من الفائزين، وإلا كان من الهالكين.
وقد ثبت في صحيح مسلم «عن المستورد بن شداد الفهري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما الدنيا في الآخرة، إلا مثل مايجعل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بما ترجع إليه» .
«وقال معاوية: سمعت ـ على هذا المنبر ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما بقي من الدنيا بلاء وفتنة، وإنما مثل عمل أحدكم، كمثل الوعاء، إذا طاب أعلاه طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه خبث أسفله» .
وقال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: من زهد في الدنيا، هانت عليه المصائب، ومن ارتقب الموت، سارع في الخيرات.
وقال الحسن البصري: والذي نفسي بيده، لقد أدركت أقواماً، كانت الدنيا عليهم أهون عليهم من التراب الذي تمشون عليه.
ثم علامة الشقاء قسوة القلب، وجمود العين، وطول الأمل، والحرص على
الدنيا.
وقال الفضيل بن عياش: علامة السعادة اليقين في القلب، والورع في الدنيا، والزهد في الدنيا، والحياء والعلم.
وقال الفضيل أيضاً: لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي حلالاً لا أحاسب بها في الآخرة، لكنت أتجنبها كما يتجنب أحدكم الجيفة ـ إذا مر بها ـ أن تصيب ثوبه.
وقال أبو الهاشم الزاهد: خلق الله الداء والدواء، فالداء الدنيا، والدواء تركها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:04 pm

فصل ـ في أن الدنيا دار ممر
حضر بعض الرؤساء صلاة الجمعة، وبه مرض لا يحتمل معه تطويل الخطبة، فصعد الخطيب المنبر، فقال: الحمد لله رب العالمين، وصلواته على أشرف النبياء والمرسلين، أما بعد: فإن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر، فخذوا لمقركم من ممركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا الدنيا من قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
فما أبلغ هذه الخطبة وأفصحها، وأوجزها! فعمر الدنيا والله قصير، وأغنى غني فيها فقير، وكأني بك في عرصة الموت وقد استنشقت ريح الغربة قبل الرحيل، ورأيت أثر اليتم في الولد قبل الفراق، فتيقظ إذن من رقدة الغفلة، وانتبه من السكرة، واقلع حب الدنيا من قلبك، فإن العبد إذا أغمض عينه وتولى، تمنى الإقالة فقيل كلا.
قال أبو عمران الجوني: مر سليمان بن داود عليهما السلام في موكبه، والطير تظله، والجن والإنس عن يمينه وشماله، قال: فمر عابد من عباد بني إسرائيل، فقال: والله يا ابن داود لقد آتاك الله ملكاً عظيماً! ! قال: فسمع سليمان كلمته فقال: تسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أعطي ابن داود، وما أعطي ابن داود يذهب، والتسبيحة تبقى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الهوارى
مراقب عام المنتدى
الهوارى



تسلية أهل المصائب - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلية أهل المصائب   تسلية أهل المصائب - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 8:05 pm

فصل ـ في أن هذه الدار رحلة
من بذل وسعه في التفكير التام، علم أن هذه الدار رحلة، فجمع للسفر رحلة ويعلم أن مبدأ السفر من ظهور الآباء إلى بطن الأمهات، ثم إلى الدنيا، ثم إلى القبر، ثم إلى الحشر، ثم إلى دار الإقامة الأبدية، فدار الإقامة هي دار السلام من جميع الآفات، وهي دار الخلود، والعدو سبانا إلى دار الدنيا، فنجتهد في فكاك أسرنا، ثم في حث السير إلى الوصول إلى دارنا الأولى، وفي مثل هذا قيل:

فحي على جنات عدن فإنها ...منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وليعلم أن مقدار السير في الدنيا يسير ويقطع بالأنفاس، ويسير بالإنسان سير السفينة لا يحس بسيرها وهو جالس فيها، كما قيل:
إنما هذه الحياة متاع ... فالغوي الشقي من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
ولا بد له في سفره من زاد، ولا زاد إلى الآخرة إلا التقوى، فلا بد من تعب الشخص والتصبر على مرارة التقوى، لئلا يقول وقت السير: ارجعون، فيقال: كلا.
فليتنبه الغافل من كسل مسيره، فإن الله تعالى يريه في قطع مسافة سفره آيات يرسلها تخويفاً لعباده، لئلا يميلوا عن طريقهم المستقيم، ونهجهم القويم، فمن مالت به راحلته عن طريق الاستقامة، فرأى ما يخاف منه، فليرغب إلى الله بالرجوع إليه عما ارتكبه من السبل فيتوب من معصيته، ويبكي من قسوته، فإذا انتبه من رقدة كسله، علم أن الدنيا دار غرور طبعت على كدر.
كما روى ابن أبي الدنيا قال: أنشدني الحسن بن السكن:
حياتك بالهم مقرونة ... فما تقطع العيش إلا بهم

لذاذات دنياك مسمومة ... فما تأكل الشهد إلا بسم
إذا تم أمر بدا نقصه ... توقع زلولاً إذا قيل تم
وكما قيل في المعنى:
حكم المنية في البرية جار ... ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً ... حتى يرى خبراً من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها ...صفواً من الأقذاء والأكدار
وقال بعض السلف: احذروا دار الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت، فإنهما يفرقان بين المرء وزوجه، والدنيا تفرق بين العبد وربه.
وذكر ابن أبي الدنيا هذا الأثر مرفوعاً، قال جعفر بن سليمان: سمعت مالكاً يقول: اتقوا السحارة فإنها تسحر قلوب العلماء ـ يعني الدنيا ـ.
وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده إلى الحسن البصري أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار إقامة، وإنما أنزل إليها آدم عقوبة، فاحذرها يا أمير المؤمنين، فإن الزاد منها تركها، والغنى منها فقرها، لها في كل حين قتيل، تذل من أعزها، وتفقر من جمعها، هي كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه فكن كالمداوي جراحته، يحتمي قليلاً، مخافة ما يكره طويلاً، ويصبر على شدة الدواء، مخافة طول البلاء، فاحذر هذه الدار الغرارة الحيالة الخداعة، التي ازينت بخدعها وفتنت بغرورها، وختلت بآمالها، وتشرفت لخطابها، فأصبحت كالعروس المجلية، فالعيون إليها ناظرة، والقلوب عليها والهة، والنفوس لها عاشقة، وهي لأزواجها كلهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي معتبر، ولا الآخر على الأول مزدجر، ولا العارف بالله عز وجل حين أخبر عنها مدكر، فعاشق لها قد ظفر منها بحاجته فاغتر وطغى ونسي المعاد، فشغل فيها لبه حتى زالت عنها قدمه، فعظمت ندامته، وكثرت حسرته، فخرج بغير زاد، وقدم على غير مهاد، فاحذرها يا أمير المؤمنين، وكن أسر ما تكون فيها أحذر ما تكون لها، فإن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور، أشخصه إلى مكروه، قد وصل الرخاء منها بالبلاء، وجعل البقاء فيها إلى فناء، فسرورها مشوب بالحزن، لا يرجع منها ما ولى فأدبر، ولا يدرى ما هو آت فينتظر أما نيها كاذبة، وآمالها باطلة، وصفوها كدر، وعيشها نكد، وابن آدم فيها على خطر، ولقد عرضت على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم بمفاتيحها وخزائنها، فأبى أن يقبلها، كره أن يحب ما أبغض خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه، فزواها عن الصالحين اختياراً، وبسطها لأعدائه اغتراراً.
جاءت الرواية أنه تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام: إذا رأيت الغني مقبلاً فقل: ذنب عجلت عقوبته، وإذا رأيت الفقر مقبلاً فقل: مرحباً بشعار الصالحين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وفي آخر المخطوط التي تمت الطباعة وفقاً له ما يأتي بخط المؤلف:
علقها مؤلفاً محمد بن محمد بن محمد المنبجي الحنبلي كان الله له وسامحه بمنه وكرمه من نسخة أصله في رجب الفرد سنة سبع وسبعين وسبعمائة أحسن الله عاقبتها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تسلية أهل المصائب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
 مواضيع مماثلة
-
» تسلية ابن العربى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إسلامنا نور الهدى :: المنتديات العامة والثقافية :: المنتدى الاسلامى-
انتقل الى: